الإعلام اليمني الأضعف تأثيرًا على المواطنين
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًا في تشكيل القضايا المجتمعية، وبناء السجل التاريخي، وتعزيز السرديات، لكن مع الانقسامات وتجزئة وسائل الإعلام، أصبح المجتمع اليمني شديد الاستقطاب، ينجذب نحو مصادر تعكس وجهات نظرهم في الصراع والأزمة السياسية، وباتت غالبيتهم ترى أنه لا توجد مصادر إخبارية موثوقة على الإطلاق.
أفاد مواطنون أنَّ تجاربهم الشخصية في الوقوع في حبل قصص إخبارية تبين فيما بعد أنَّها غير صحيحة، تسببت في تقليل ثقتهم بوسائل الإعلام.
قالت منار الحسني -موظفة حكومية- لـ «صوت الأمل»: في اليمن، يجد المواطن نفسه تحت النار من جانبين: من الصراع من جهة والأخبار -الكاذبة – من جهة أخرى»، متسائلة: «أين المصدر الذي يمكنني الوثوق به؟.. الحقيقة ضائعة بين مئات وآلاف الأكاذيب».
يميل اليمنيون إلى اعتبار الوسائل الإعلامية مسؤولة عن الأخبار المضللة حتى لو لم تكن الوسائل الإعلامية نفسها قد اختلقت هذه الأخبار، ويحمّلونها المسؤولية عن الأخبار التي لم تتحقق.
تحدث مواطنون في محافظتي عدن وتعز لـ «صوت الأمل» عن الأوقات التي وعد فيها المسؤولون بتحسين الوصول إلى الكهرباء وإعادة فتح المطارات، ودفع رواتب المعلمين، ثم فشلوا في القيام بذلك، قائلين: «لم تتم استعادة الكهرباء، ولم يتم إعادة فتح المطار، ولم يحصل المعلمون على رواتبهم».
فيما أظهرت دراسة تقييمية لمستوى أداء وسائل الإعلام المرئية اليمنية مستويات متفاوتة في الأداء حيث غلب على معظم برامجها وجهات نظر واحدة في حين أنَّ ما يقارب الـ21 % من البرامج المرصودة لم تقدم أي مصادر أو مراجع للمعلومات المقدمة للجمهور.
وكشفت الدراسة التي نفذها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي هيمنة اللغة التحريضية التعبوية بشكل كلي أو جزئي على ما يقارب 51% من إجمالي البرامج المرصودة في ظل انحدار مستوى الحيادية في البرامج والأخبار التلفزيونية.
تؤدي وسائل الإعلام في الأنظمة الديمقراطية بشكل أساسي دور الرقيب على السلطات بغية تعزيز الشفافية المالية والاقتصادية. ووفقاً لمنظمة الشفافية الدولية، تحتل اليمن المرتبة 177 من بين 180 دولة في مؤشر التصورات بخصوص الفساد.
أكد تقرير صادر في 2016 عن مرصد الأثر المدني (أنَّ هناك قدراً هائلاً من المعلومات والدعاية والصحافة المضللة، مما جعل من الصعب على عامة الناس فك رموز الحقائق الأساسية، أو تكوين مجموعة آراء شاملة حول الصراع الذي طال أمده والمربك بشكل متزايد).
وقال تقرير “دور الإعلام في 500 يوم من أحداث اليمن»: “إن وسائل الإعلام التقليدية تتبنى وجهات نظر أحادية الجانب لصالح أحزابها، وتنشر تقارير منحازة».
وأكّد التقرير «أنَّ وسائل الإعلام فشلت في صنع المواقف وتشكيل الرأي العام، ودمرت مصداقية المنافذ الفردية لأهل اليمن وغيرهم ممن لهم اهتمام كبير بمتابعة مستجدات الأحداث».
مضيفًا «زاد عدد التقارير التي فحصها الجمهور، وقام بتشريح كل جزء من القصة والتحقق منها بأنفسهم، «قل إيمانهم بوسائل الإعلام التقليدية والتصريحات الرسمية».
ولفت التقرير إلى أنّ الطلب على المصادر البديلة كان مرتفعًا، مما دفع الكثير إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتحقق من الحقائق والعثور على الأشخاص عبر الإنترنت الذين قد يكونون قادرين على التثبت منهم، أو توفير المزيد من البيانات حول أي قصة أو تقرير معين.
ويعد الحديث عن الفساد أو اقتصاد الصراع في وسائل الإعلام خطًا أحمرًا يعرض العاملين في المجال الإعلامي للخطر في اليمن، لكن في المقابل، كان لبعض تقارير وسائل الإعلام عن الفساد بعض التأثير.
قاد تقرير في سبتمبر 2019 عن قيام أحد سفراء اليمن لدى دولة عربية _ بالاستيلاء على المنح الدراسية الممنوحة لأوائل خريجي المدارس الثانوية_ إلى إحداث تغيير، حيث بادرت وزارة التعليم العالي على الفور بتشكيل لجنة تحقيق وإعادة تقديم المنح الدراسية للمرشحين الأصليين.
إلى ذلك، ساهم تقرير استقصائي، في مارس 2020، في إطلاق سراح 1600 سجين في أربع مدن يمنية، حيث تطرق التقرير الذي حمل عنوان «رهائن أبديون» إلى حالة المعتقلين المتورطين في إجراءات التقاضي المطولة للمحاكم اليمنية حيث إنَّهم يقضون سنوات منسية في زنزانات السجن، في انتظار العدالة.
احتُجز بعضهم لارتكابهم جرائم صغيرة، والبعض الآخر لارتكابهم جرائم أكثر خطورة، تم حبسهم جميعًا بعد مرور وقت طويل على تواريخ الإفراج عنهم، بينما تجادل المدعون العامون ومديرو السجون حول المسؤول عن الوضع.
تمت مشاركة التقرير مع وسيلة إعلامية إقليمية للنشر، وقد التقطت التقرير صحيفة «الثورة» الرسمية بعد أربعة أسابيع من نشر التقرير الصحفي _من بين 23 سجناً مركزياً واحتياطياً في 14 محافظة شمال اليمن_ أفرج عن 1600 منهم أنهوا مدة عقوبتهم.
وقد راعى مجلس القضاء الأعلى اليمني التحقيق الصحفي، وأقر رفع دعوى تأديبية ضد قاضيين وإحالتهما إلى مجلس المحاسبة بناءً على التهم الموجهة إليهما من قبل هيئة التفتيش القضائي.
من جهة أخرى، تعتمد المنظمات الدولية العاملة في اليمن على المحتوى الذي تنشره وسائل الإعلام اليمنية؛ لتقييم الاحتياجات، وحسم فعالية تدخلاتها الإنسانية والتنموية، وفي ذلك، تؤكد المنظمات أنَّها تعتمد على تقييمات وتحليلات يُنتجها فريق شركة التنمية الدولية «دي تي جلوبال».
تؤكد شركة التنمية الدولية «دي تي جلوبال» في تقريرها « اليمن: توفير منتجات البحث والرصد والتقييم لدفع التأثير والابتكار» أنَّ منتجاتها البحثية هي نتيجة مراقبة وتحليل فريقها لـ 60 وسيلة إعلامية يمنية.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…