التربية الفنية في المدارس بحاجـــة إلى اهتمــام ووعـي مجتمعــي
صوت الأمل – فاطمة رشاد
التربية الفنية من أهم المواد الدراسية التي يجب أن تهتم بها إدارات التربية والتعليم في جميع المدارس الحكومية والخاصة، ففي الآونة الأخيرة أبدت بعض المدارس الخاصة اهتمامًا ملحوظًا بها، ورغم المعوقات التي تجعل لمادة التربية الفنية أهمية، إلا أنه لا أحد يستطيع نكران دورها الملموس في بعض الفعاليات التي يُستعان بمعلميها واستغلال مواهب الطلاب الفنية والإبداعية في الفعاليات المدرسية ومن هنا لابد من المطالبة بإدراجها ضمن المناهج الدراسية.
التربية الفنية
“تم تسمية حصة الفنون بــ “التربية الفنية” ويندرج تحت إطارها الفنون الأخرى، كالرسم والمسرح والأشغال اليدوية الفنية والغناء التي تُعمل في مدارسنا”، بحسب (مياسة أحمد: معلمة التربية الفنية (أشغال يدوية) في إحدى مدارس مدينة عدن) مضيفة أنّ التربية الفنية تعد من أهم المواد التعليمية للطلاب، ولكنها لا زالت لا تلقى أي اهتمام _خاصة_ في الوقت الحاضر.
وتُشير أحمد المتخصصة بمجال الفنون التشكيلية، أنّها وجدت اهتماماً كبيراً من طلاب المدرسة التي التحقت بالعمل بها _خاصة_ في مجال الرسم وهذا الذي جعلها تعطيهم كل ما لديها وتحفزهم على الإقبال على الرسم وتفريغ طاقاتهم السلبية في كراسة الرسم.
تواصل مياسة حديثها لـ «صوت الأمل»، بأنّها عندما نقلت إلى مدرسة البنات فرضت الإدارة عليها إدخال الأشغال اليدوية على مادة التربية الفنية؛ لكي تستفيد الطالبات منها في المستقبل لكنها وجدت إحباطاً لقلة إقبالهن على تعلم الأشغال، فكانت تعطيهن مجال الرسم، ووجدت ميلهن إلى الرسم أكثر من الأشغال.
مردفة: “لدي طالبة متميزة _اليوم_ أصبحت فنانة تشكيلية، كلما ألتقي معها تقول لي لولا تحفيزك لنا على الرسم لما كنت اليوم فنانة تشكيلية، كما استفدت منك بكل معلومة شرحتيها لنا”.
لا … أهمية
البعض يقول: «ليس للتربية الفنية أهمية»، بينما آخرون يرون أنّها تعمل على تربية النفس وتهذيب السلوك، هذا ما تقوم به مادة التربية الفنية التي تواجه الإهمال والتهميش من قبل إدارات التربية والتعليم، ومع أنّها تعتبر من أهم المواد الدراسية التي تدعم المواد التعليمية، إلا أن البعض لا يقدرون أهمية وجودها في المناهج الدراسية.
تدريس التربية الفنية
تقول (ملكي علي: معلمة في ثانوية خاصة للبنات)، هناك مساعٍ من قبل وزارة التربية والتعليم إلى تطبيق الطرق التدريسية الحديثة في كافة المدارس التابعة لها، وذلك لما لها من أهمية كبيرة في تسهيل وتسريع عملية زرع المعلومة في ذهن الطالب، إلا أنّ بعض المواد التدريسية مثل: مادة التربية الفنية لا زالت تواجه الكثير من الصعوبات المتعلقة بكيفية تدريسها، وزيادة اهتمام الطلبة بها، خاصة مع غياب المنهجية التي تقوم عليها وتعدد تفرعاتها بين الرسم بأنواعه، والزخرفة، والأعمال اليدوية، والتصميم.
مشاكل تدريس التربية الفنية
وعن أبرز مشاكل تدريس مادة التربية الفنية تقول (عائدة أحمد: موظفة في مكتب التربية – عدن)، أن من أهم المعوقات التي تواجه التربية الفنية، قلة اهتمام الطلاب بالمادة، فلا يلتفت الطلبة كثيرًا إليها، ولا يعيروها أي أهمية؛ وذلك لغياب درجات التقدير فيها واقتصارها على الرسوب أو النجاح، بالإضافة إلى الاعتقاد الشائع بين أهالي الطلبة بانعدام أهميتها الأكاديمية، وتقديم العديد من المعلمين علامات النجاح للطالب دون اتباع المعايير اللّازمة وعدم اهتمامهم بالمادة وتحصيل الطلبة.
وتواصل عائدة، انعدام وجود منهج محدد لمادة التربية الفنية؛ بسبب أنّها من المواد الحرة، لكن يمكن لكلّ معلم أن يتبع الطريقة التي تتلاءم مع بيئة المدرسة، وإمكانياتها وقدرات واتجاهات الطلبة على أن تتوافق هذه الطريقة مع أهداف وغايات مادة التربية الفنية، ولحل هذه المشكلة تسعى وزارة التربية والتعليم إلى وضع منهج محدد لمادة التربية الفنية، إلا أن هناك تصرفات تصدر من قبل بعض أفراد الهيئة التدريسية، سلوكيات غير مناسبة باتجاه معلم التربية الفنية، مثلا أن يطلبوا منه إلغاء حصة التربية الفنية واستبدالها بإحدى المواد الأكاديمية، أو أن يطلبوا منه تنفيذ إحدى الوسائل العلمية اللازمة للمادة التي يدرسونها، وينتج هذا التصرف الخاطئ؛ بسبب الفكرة السائدة بين المعلمين بانعدام أهمية مادة التربية الفنية، وثقافتهم المحدودة حول أهدافها التربوية وطرقها وأساليبها.
وتعلل أحمد أسباب كثيرة جعلت المادة الفنية يعزف عنها الكثير من الطلاب؛ بسبب عدم اهتمام أهالي الطلبة بمادة التربية الفنية أو نتائج الطلبة فيها، ولا يلتزمون بإحضار المتطلبات والمواد اللازمة لها، كما لا يحفزون أولادهم من الطلبة على هذه القيم، مما يؤدي إلى انعدام التزام الطلبة بمادة التربية الفنية سواء من خلال التغيب عنها أم عدم إحضار متطلباتها أو التحجج بعبارة (لا أعرف) كي يتهرب من القيام بالمهام المطلوبة منه.
معقبة: «إلى جانب ذلك؛ فإن معظم أولياء الطلاب يقومون بمساعدة أبنائهم في إنجاز الواجبات الفنية أو القيام بها بدلًا عنهم، ويعود ذلك إلى قلة وعي الأهل بأهمية مادة التربية الفنية، والفاصل الزمني الكبير بين حصص التربية الفنية، وعدم اطلاع المعلم على قدرات الطلاب الفنية المختلفة”.
توافقها الرأي (إشراق عز الدين: مشرفة الأنشطة في مدرسة متخصصة)، وإنّ هناك عدة أسباب لإهمال مادة الفنية والأنشطة المدرسية والتي تهتم بالفنون وهي كالآتي: عدم إيجاد المعلمة ذات الكفاءة أو الخبرة في مجالها، عند إيجاد معلمة إما تكون للأشغال اليدوية فقط دون الأعمال الفنية الأخرى، عدم ميول أغلب الطالبات الكبار للأشغال الفنية _خاصة_ في مرحلة الثانوية، ميزانية بعض المدارس لا تسمح بشراء المتطلبات الفنية وتجهيزاتها، انعدام غرف للأنشطة أو الفنية لفتحها فصل دراسي في بعض المدارس وإلغاء غرف الأنشطة.
نماذج مدارس
وإلى مدارس الرشيد حيث تقول (إيمان أبو كحلا: أستاذة الأنشطة في المدارس) عن حصص الفنية : “يمكننا أن نجعل مادة التربية الفنية ذات قيمة، ومن المواد الأساسية من خلال وضع درجات ترفع، وتسجل في دفاتر الدرجات وكذلك اختبارات نصفية، وآخر العام ليشعر الطالب وولي الأمر بأهميتها لأن البعض يقلل من أهمية هذه المادة؛ بسبب قلة الوعي بدورها وأهميتها في إبراز الشخصية، وإظهار الدافعية لدى المتعلم، فكثير من الأنشطة أهمها المسابقات لانطلاق الإبداعات وهناك العديد من الأنشطة التي تقام ويظهر فيها الطالب على المسرح لتوصيل فكرة معينة “.
وتضيف إيمان، أنّ أبرز الصعوبات تتمثل في قلة وعي أولياء الأمور والمعلمين بأهمية التربية الفنية ودورها في الدعم النفسي، وتعزيز الثقة بالنفس وقولهم: (هي إلا فنية) أي لا فائدة منها.
أستاذة الأشغال اليدوية
في العاصمة صنعاء هناك مدارس بدأت تهتم بالجانب الفني وخاصة الجانب الذي يحتوي على لمسات إبداعية في عمل مجسمات ضمن حصص التربية الفنية تقول (الأستاذة نادية العبسي: المشرفة على مادة الفنية في منطقة مدارس شعوب): “ كان في السابق يوجد إهمال، لكن الآن لا يوجد بالنسبة إلى مدارس شعوب والمنطقة التي عملت بها السنتين الأخيرتين هناك اهتمام بقسم الفنية وأنشطه الفنية، لأنّه أخيرًا الأشغال اليدوية أصبحت مصدر دخل لأسر، وأصبح التركيز كبيرًا على قسم الفنية والأشغال بشكل كبير».
المسرح المدرسي
لغة الفن لغة سهلة في إيصال الرسالة التربوية، ومن خلال المسرح المدرسي فإن الرسالة ستكون قوية في الوصول عبر أبناءنا الطلاب، (نهلة السيد: كاتبة للمسرح المدرسي في مدرسة العلا) حيث قالت عن دور المسرح المدرسي بأن له دور كبير في العملية التربوية من خلال بناء قدرات الطلاب على الإبداع والاعتماد على أنفسهم والتعبير الحر.
وتؤكد مها على أهمية وجود المسرح في المدارس؛ لأنّه يعمل على نشر عدة قيم سلوكية لدى الطلاب، كذلك هناك كثير من الفنانين المسرحيين أول ظهور لهم كان عبر المسرح المدرسي الذي اكتشف إبداعات الكثير من الطلاب.
وتحث مها على ضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي؛ لأنه اللّبنة الأولى لمرحلة الإبداع والتعليم لدى الطلاب وربطهم بالفن ويساهم في كثير من الجوانب الإبداعية والمهارات الحرفية لدى الطلاب.
وعن الكتابة النصية للمسرح تقول السيد: “عند كتابة النصوص المسرحية لطلابي في المدرسة، أحاول اختيار النصوص والمواقف التي تحتوي على مضمون هادف ولغة سهلة تقوم على الحركة والحوار، وتبرز البيئة الاجتماعية في المقام الأول لذلك أحاول أن أجعل ما بين فقرات العرض المسرحي الإنشاد لغناء العمل المسرحي”.
وجاء في مجمل حديثها، إنّ مادة الفنون أو التربية الفنية كما يسميها البعض لابد من ربطها بالمواد الأخرى، والتي تشمل الفنون الأخرى التي لابد من الاهتمام بها _خاصة_ وأننا _اليوم_ بحاجة إلى وعي جمالي فني وحسي، رغم القصور إلا أننا نحاول أن نستغل كل الإمكانيات المتاحة لدينا، والاهتمام بالمسرح داخل المدرسة ليس بغرض قتل الوقت عند الطالب، ولكن لأجل تقريب الطلاب والمعلمين فقد تكون الكلمة جافة والفكرة مجردة، ولكن الحركة والتمثيل يقربها إلى ذهن الطالب بعد توظيفها على خشبة المسرح، ويُعتبر تقنية عالية لإيصال المحتوى الدراسي للطالب حيث نقوم على عمل آخر وهو حمل الطالب على التذوق الفني لديه.
استطلاع.. 67.3% للفن دور في دعم ثقافة السلام في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر فبرا…