‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الثروة الزراعـيـة في اليمن دور البطولة ..المرأة الريفية والزراعة في اليمن

دور البطولة ..المرأة الريفية والزراعة في اليمن

صوت الأمل – سماح عملاق

 تؤدي المرأة اليمنية دورًا محوريًّا في تنمية القطاع الزراعي واستمراريته، فمن بين جملة الأسباب التي دفعت المرأة الريفية إلى استثمار الأرض كان تزايد أعداد المغتربين اليمنيين من الرجال دافعًا لها في أن تصبح الراعية الأم للأرض الزراعية المهجورة، على الرغم من  افتقارها  إلى راعيها الرجل الذي  هجرها واغترب بحثًا عن لقمة العيش.

  بعد اغتراب زوج راوية محسن ( 26 عامًا وادي بنا – إب)، وأبيها وإخوتها أيضًا، وجدت راوية نفسها الوحيدة المخوّلة برعاية ما يقرب من 200هكتار من الأراضي، وهي أراضي العائلة التي كانت تصدّر الذرة والشام إلى أسواق المدينة كل عام.

 تقول راوية لـ “صوت الأمل”: “لم يهن عليّ أنا وعائلتي أن نرى أراضينا مهملة، لذلك قررنا أن نهتم بها لتستمر في الإنتاج».

مهام مختلفة وعادات ثابتة

 تتجمع في منطقة العنابي بمديرية «ذي السفال» جنوب محافظة إب مجموعة من النساء كل صباح، النساء يذهبن إلى هناك لمزاولة مهنتهن في الزراعة التي تبدأ من مرحلة الحرث وتنتهي إلى مرحلة الحصاد، ومن المتعارف عليه اعتيادهنّ على مساعدة بعضهنّ وقت الحاجة.

  تحكي سمية شائف(22 عامًا، من ذي السفال) بعض العادات المتبعة للمرأة الريفية هناك، من بينها النهوض قبل بزوغ الضوء لتستعد للنزول إلى المزرعة لحرثها بمساعدة بعض الحيوانات -البقر والحمير- ومن ثم تأتي مرحلة وضع البذور وسقي الأرض عبر فتح بعض القنوات المائية من الآبار أو انتظار هطول الأمطار، وتختلف المهام بين امرأة وأخرى حسب اختلاف الظروف والحاجة.

تعمل أم سمية على تجميع الحشائش لمواشيها، وتأخذ ابنتها في تنقية مزرعتها من الحشائش الضارة، وهناك في الجهة الأخرى يشرفن جاراتها على عملية الحراثة برفقة رجل يقود ثورين، حيث يجر كلّ ثورٍ أداة حديدية حادّة (الحرَّاثة) تعمل على تقليب التربة.

 وبينما تنهمك بعض النساء في رعاية الأرض وسقيها وإمدادها بالأسمدة الطبيعية من روث الأبقار، تأتي نساء أخريات من المنازل محمّلة بالزاد والماء ليتناولن الفطور تحت ظلال الأشجار.

 تقول سمية: “لسنا على اتِّفاق بتوزيعنا للأدوار لكن التوزيع يأتي تلقائيًّا، سيدتان في المنزل يقمن بالطبخ وأمور منزلية أخرى، والبقية يخرجن للعمل في الزراعة ورعي المواشي من أبقارٍ وأغنام وما إلى ذلك».

قصة مُزارعة

  وجدت حكمة محمد (60 عامًا، من صبر المسراخ) نفسها مُزارعة، فهي البنت الكبرى لوالدها المسنّ، إذ إن إخوتها الأربعة تفرقوا بين عواصم المدن اليمنية.

تقول حكمة: “لم تتح لي فرصة التعليم في حياتي مع الأسف، ولأنني فتاة أمّية فضّل والدي تعليمي زراعة القات، والذرة، والطماطم، والبطاط، كنت أعمل بتفانٍ طوال عمري، وبعد وفاة والدي أُشرفت على ثلاث مزارع لعائلتنا في ظل غياب الورثة”.

 مع اعتياد حكمة على الزراعة نسمعها تقول: هذه المهنة هي الأسمى للمرأة الريفية في اليمن، فهي تقوم بكل أمور مزارعها، وتبدي معرفةً فائقة بالمواسم الزراعية بحكم الخبرة.

تسرد حكمة أبرز التحديات التي تواجهها في عملها، حيث تجد نفسها عاجزةً عن سقي المزارع بمفردها؛ بسبب ثقل وزن المعابر البلاستيكية للمياه وتسمى محليًّا بـ”اللفّات”، بالإضافة إلى عدم وجود إمكانات وأدوات زراعية تخفف من معاناة المرأة الريفية العاملة في القطاع الزراعي.

 وتقول حكمة: إنها تواجه صعوباتٍ أخرى تتعلق بأمور التسويق، حيث إنها لا تتمكن من زيارة الأسواق العامة في مدينة تعز، وتكتفي بانتظار التاجر الذي تتعاقد معه لشراء بضاعتها بثمنٍ بخسٍ.

مواجهة مستمرة للتحديات

تذكر عصماء أحمد(24 عامًا من وادي الضباب – تعز) الكثير من العقبات التي تواجه المرأة المُزارعة في منطقتها، فتقول: إن ارتفاع أسعار الأسمدة الكيميائية قد جعلت النساء يتجهن إلى تجميع روث المواشي، حتى إذا جفّ وتخمّر أصبح سمادًا طبيعيًّا يعمل على تخصيب الأرض. ولأن التجّار يهضمون حق النساء ولا ينصفونهن  فهذا دفعهن إلى الإسهام في الأسواق الرئيسة ومشاركة الرجل.

 تقصّ هنادي محمد (26 عامًا من الحجرية – تعز) تجربتها في الزراعة، وتقول: إن دراستها الجامعية قد شغلتها عن العمل، لكنها تهتم بالأرض فترة العطل الدراسية، وتترك المهام لوالدتها فترة الدراسة، كما تتحدث باعتزاز عن فضل المزرعة في إعانتها على إكمال تعليمها، وهي تعمل اليوم مساعدة طبيب في أحد مستشفيات مدينة تعز.

إن الجفاف الحاصل بسبب ندرة الأمطار يعدُّ تحدِّيًا حقيقيًّا أمام المرأة اليمنية، لكن فخرية هايل ( 70عامًا – محافظة الحديدة) قامت ببناء خزانات أرضية واسعة في منزلها ومزرعتها، وهي مثل مزارعاتٍ كثيرات تسقي مزارعها طوال فصل الشتاء من مياه الأمطار المخزنة في باطن الأرض.

  وكثرة المهام الزراعية لفخرية جعلتها تستعين بمجموعة من العمال والعاملات بالأجرِ اليومي، عوضًا عن تقاعدها واعتزال الزراعة.

صندوق التمويل الإنساني في اليمن

   في تقرير صندوق التمويل الإنساني في اليمن الصادر عام 2019م، بيَّن  أن ما يقرب من 15% من إجمالي مستحقات صندوق التمويل الإنساني في اليمن ذهب إلى مجموعة قطاع الأمن الغذائي والزراعة لعام 2019م، حيث دعمت استراتيجية التخصيص الأساسي الأولى توسيع البرامج المتكاملة في المديرية المصنفة ضمن المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وذكر التقرير أن الأنشطة ركزت على توزيع المواد الغذائية أو المساعدات النقدية أو القسائم، وعلى الأسر التي تعاني انعدام الأمن الغذائي الشديد، وعلى استراتيجية التخصيص الأساسية الثانية، وعلى تدخلات سبل العيش كأولوية قصوى في المجتمعات الزراعية.

 وجاء في التقرير ذاته أن عدد المستهدفين لعام 2019م بلغ 2.3 مليون مستهدف، كما تم الوصول إلى 3.0 مليون نسمة، وشكلت النساء نسبة 0.5 % مستهدفة.

 وأوضح التقرير أن عدد المشروعات النسائية في مجال الزراعة 30 مشروعًا خلال العام 2019م، وبهذا استفاد ما يزيد على 176 امرأة يمنية من مخصصات الصندوق التي قدّرها التقرير بـ 35.2 مليون دولار أمريكي.

أدوار حكومية

«تعدُّ المرأة الريفية اليمنية العنصر الأساس الفاعل في القطاع الزراعي حيث تبلغ نسبة النساء العاملات في الزراعة أكثر من 75% وفي الثروة الحيوانية أكثر من 90%، إلا أنها لاتلقى الاهتمام اللّازم والضروري لتحسين وضعها لمواكبة التطور الإنتاجي من حيث التدريب والإرشاد وحصولها على الوسائل والمعدّات التي تخفف من الأعباء العملية الملقاة على عاتقها»، وفقًا للمديرة العامة لمكتب تنمية المرأة الريفية بوزارة الزراعة والري والثروة السمكية في عدن المهندسة نادية حميد سلطان.

وتشير نادية سلطان إلى أن الوزارة تسعى جاهدةً إلى توفير الفرص المختلفة في التدريب والتأهيل والدعم المادي والمعنوي؛ للتخفيف من تلك الأعباء التي تعاني منها المرأة الريفية عبر البحث والتنسيق مع المنظمات الدولية والمحلية، لإيجاد المشروعات والبرامج التي تدعم المرأة الريفية بالتدريب في مختلف المجالات الحياتية بالقطاع الزراعي والحيواني والنباتي.

 مضيفة، أنه إلى جانب التدريب في الصناعات الغذائية ومشتقات الألبان والدعم لإحياء الصناعات التقليدية والحرف اليدوية المختلفة، هناك بعض المنظمات التي تعمل على توفير وسائل إنتاج مساعِدة للمرأة في تحسين أوضاعها الاقتصادية مثل: توفير الآلات لطحن الحناء لبيعه في السوق، إلى جانب العمل على تجهيز الألبان ومشتقاتها، وإيجاد فرص عمل للمرأة الريفية عن طريق دعمها  بالمعدات.

 وتؤكد نادية سلطان أن هناك نساء كثيرات استفدن من تلك الفرص وشاركن في المعارض المختلفة لعرض منتجاتهن، إلا أنهن ما زلنَ بحاجة إلى الدعم وتوفير الفرص للمنافسة في السوق المحلية والخارجية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

37.5% الصراع سبب ضعف الاستثمار الزراعي في اليمن

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ديس…