القطاع الزراعي في اليمن .. ما بين تأثير الصراع والتغييرات المناخية وقلة الوعي بأهميته
صوت الأمل – منال أمين
المزارع ( علي قائد ـ من مديرية شرعب في تعز) يقول : أنه كان يعمل قبل 2015 في أحدى الشركات الخاصة في مدينة الحديدة ، إلا أن الصراع أدى إلى توقف الكثير من الشركات الخاصة ، ولم يكن هناك أي فرصة جديدة لعمل أخر .
أضطر علي العودة مع عائلته المكونة من أربع أولاد وزوجته إلى قريته في مديرية شرعب ، والبدء من جديد في إصلاح الأراضي الزراعية التي كان يمتلكها عن أجداده ، ولكن خلال الخمس سنوات الماضية واجه الكثير من الصعوبات المتمثلة في ارتفاع أسعار المعدات الزراعية والأعلاف والبذور والمبيدات والمشتقات النفطية ، وصعوبة الوصول إلى الأسواق المركزية التي دمرت جراء الصراع في عدد من مديريات تعز، وانقطع الطرقات .
لم يكن المزارع علي هو الوحيد الذي تضرر من جراء الأوضاع الراهنة في البلد ، بل هناك الكثير من المزارعين في مختلف المحافظات اليمنية واجهوا الكثير من التحديات لمواصلة عملهم في أراضيهم الزراعية بعدما فرضت عليهم الظروف الصعبة العودة إلى المهن الزراعية نتيجة انقطاع رواتبهم وتوقف الكثير من المصانع والشركات .
تأثير الصراع والتغييرات المناخية
وفقاً للبيانات الواردة في تقرير (مراقبة السوق التابع لبرنامج الاغذية العالمي فبراير 2018 ) أكد أن الصراع الراهن أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير بالنسبة لغالبية الناس في البلد مما دفع بعض السكان الذين لديهم مستوى هامشي معين من الأمن الغذائي إلى انعدام الأمن الغذائي مقارنة بالفترة التي سبقت اندلاع الازمة ، حيث ارتفع المتوسط الوطني للتكلفة الشهرية للفرد الواحد من الحد الأدنى للسلة الغذائية بنسبة 60% .
كما اوضحت (منظمة الفاو ـ اليمن خطة العمل لتعزيز سبل المعيشة المستدامة والقدرة على الصمود في الزراعة والامن الغذائي والتغذوي 2014 ـ 2018) أهم التحديات التي تواجه الزراعة في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وذلك من الناحية البيئية وقلة الموارد الطبيعية والسياسية التي أذا استمرار وتركت من دون معالجة ستؤدي إلى إضعاف الطاقات الإنتاجية للبلاد .
كما أوضح ذات التقرير ، أن تعرض اليمن لتأثيرات الأحوال الجوية القاسية ، مثل الجفاف، والفيضانات، وتغيير أنماط هطول الأمطار، وزيادة تكرار وشدة العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر ، و ظهور الآفات والأمراض النباتية، و الأمراض الحيوانية العابرة للحدود والأمراض الحيوانية المنشأ، أثرت على الطاقة الإنتاجية (النباتية والحيوانية) لأصحاب الحيازات الصغيرة.
نقص المياه
يؤكد تقرير «منظمة الفاو ـ 2014 ـ 2018»، أن استمرار نقص المياه في ظل غياب سياسات أفضل لإدارة المياه سيؤدي إلى استنزاف الموارد المائية الذي بدوره سيؤدي إلى تعجيل التدهور الشديد للأراضي الزراعية وزيادة تعرض السكان للكوارث الطبيعية وانعدام الأمن الغذائي .
فيما اشارت نشرة المناخ الزراعي التي اصدرتها «منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة ـ يونيو 2021 « أنه تم رصد هطول أمطار غزيرة تجاوزت كميتها الـ 70 ملم على الأجزاء الغربية لليمن بينما بقية مناطق البلاد ظلت نسبيا جافة.
وأوضحت النشرة ، أن بالرغم من الظروف المناخية الغير مستقرة، فقد بدأ معظم المزارعين في مناطق المرتفعات الوسطى والجنوبية في إعداد أراضيهم للموسم الزراعي القادم وذلك لزراعة الحبوب والبقوليات، وبغض النظر عن إعداد الأرض، فإن الكثير من الأنشطة الزراعية حالياً مرتبطة بإنتاج محاصيل الخضروات والفاكهة والتي تعتمد بشكل أساسي على المياه الجوفية وضخ مياه الري من الآبار.
(وكيل وزارة الزراعة والري والثروة السمكية لقطاع الري المهندس احمد الزامكي )، يقول: أن القطاع الزراعي كان يدر على البلد ما يقارب 17% من الدخل الوطني وكانت أهميته تأتي بعد قطاع النفط ، ولكن في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد منذ سنوات عدة أدت إلى تدهور وضعه، ومؤخراً ـ كسائر دول العالم الذي تأثر بسبب جائحة كورونا ـ أصبح عملية البحث عن توفر الأمن الغذائي صعباً للغاية، والذي كان سيساهم في تحقيق اهداف التنمية المستدامة المتمثلة في القضاء على الفقر والجوع .
كما قال: أن هناك اضرار على القطاع الزراعي تركزت على الجانب النفسي للمزارع الذي تضرر اراضيه نتيجة ارتفاع الأسعار وتأثير السيول الجارفة، الذي نتج عنه ترك العمل في مهن الزراعة وبيع الأرض والهجرة إلى مناطق أخرى لخلق ازمة جديدة .
وأضاف لـ»صوت الأمل»، أن السعي على تهيئة الأرض للزراعة وتوفير المياه للإنتاج الزراعي لا يتم الا عبر يتم الاعتماد على المصادر الرئيسية لتوفير المياه للأراضي الزراعية والمتمثلة بمياه الأمطار التي تعتمد عليها الاراضي بنسبة تتراوح ما بين 47 ـ 48% ، و على المياه الجوفية مابين 35 ـ 38% ، ومن ثم الاعتماد على الينابيع والمياه المتاحة والتي تعتبر 10% .
“و للنظر من جانب أخر نرى أن التغييرات المناخية التي طرت على مستوى العالم وبلادنا على وجه الخصوص كان لها تأثير من تلك التغييرات ولكن بشكل ايجابي من حيث هطول الأمطار خاصة في المناطق الساحلية والجبلية ، حيث اصبح هطول الامطار سنوياً، واصبحت بعض المناطق رعوية تفيد الثروة الحيوانية التي بدروه تسهم في تحسين المنتج الحيواني.” . وفقاً للزامكي .
و يتابع الزامكي ، أنه خلال المراحل الماضية تم الاستفادة من السيول وتأثير الأعاصير ، عندما كانت منظومة ومنشآت المائية متكاملة على مجاري السيول ، ولكن نظراً لتأثير الصراع والتغييرات المناخية لم يتم صيانتها بالصورة المطلوبة والذي بدروه أثر على عدم عملها بالحد الاعلى المصمم لها، بل حالياً تعمل بالحد الادنى .
و أوضح، أن المنظومة عبارة عن سد تحويلي تستقبل الماء في الوادي و توزيعها على القنوات الجانبية البالغ طولها عشرات الكيلو مترات، وبالتالي يروي على جوانب الوادي ، كما يعمل تلك السدود على تخفيف الجريان في الوادي والتي تسمى بسدود الاعاقة التي للأسف ايضاً انهارت بسبب عدم صيانتها.
وقال الزامكي : لمعالجة الوضع في قطاع الري وجب إدخال التقنيات الحديثة للمساهمة في زيادة الانتاج الزراعي وترشيد استخدام المياه وإعادة صيانة منظومة ومنشآت المياه المتكاملة .
من جانبه قال وكيل وزارة الزراعة والري والثروة السمكية لقطاع الخدمات الزراعية المهندس أمين باقادر لـ»صوت الأمل» : أن من أثار الصراع والتغييرات المناخية في بعض المناطق اليمنية حدوث عبث في بعض الأراضي الزراعية والمنشآت والأصول الخاصة بالقطاع الزراعي، وتعرضت الكثير من الاودية والأراضي الزراعية للانجراف بسبب السيول والفيضانات التي شهدتها اليمن خلال الفترات القليلة الماضية .
و أضاف ، ان الكثير من المستلزمات والمعدات الخاصة بشبكات الري تعرضت أيضاً للكثير من الاضرار بسبب عدم الصيانة المستمرة وعوامل التعرية والتقلب المناخي .
كما اكد ، على أن الجهات الرسمية بالتنسيق مع المنظمات الداعمة تسعى إلى التخفيف من أضرار تلك العوامل على الأراضي الزراعية وتحسينها للاستفادة من المحاصيل الهامة لرفد السوق المحلي بمحاصيل متنوعة تقلل من انعدام الأمن الغذائي .
الزراعة في سقطرى
(المهندس سعد السقطري ـ استشاري مع منظمة اليونيسيف في قطاع (الوتش)) يقول : أن القطاع الزراعي في اليمن يعد رافداً اقتصادياً هاماً في البلد، ولكن للأسف بسبب الأوضاع الأمنية الغير مستقرة ، والتغييرات المناخية ، والعشوائية في عملية الاستفادة من الأراضي الزراعي وبيعها، ساهمت في خلق تحديات كثيرة للقطاع وجب وضع حلول لمعالجتها .
وأشار ، أن في مثل هذه الظروف وجب الاستفادة من القطاع الزراعي لعملية الاكتفاء الذاتي الذي يسهم في رفع دخل المواطن بدرجة رئيسية ورفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة .
واستعرض السقطري لصحيفة «صوت الأمل» التحديات الذي يمر به القطاع الزراعي في جزيرة سقطرى قائلاً: أن هناك صعوبات تمثلت في قلة توفير الإمكانيات لدى المزارعين في الجزيرة والتي تتألف من وسائل الحراثة وشبكات الري التي توفر المياه بطرق سليمة وغيرها .
مضيفاً، أن المحاصيل الزراعية التي تزرع في الجزيرة تمثلت في ( الطماط الأخضر، والبصل ، والبسباس الأخضر ، والبطيخ ، والموز، والجوافة) والذي انتاجها يعد قليل لعدم توفر الامكانيات، حيث ان هناك دعم مقدم لقطاع الزراعة في الجزيرة من قبل بعض المنظمات ولكن لم يكن بالمستوى المطلوب لتركيزه على عملية التشجيع على الزراعة من أجل إجاد مصدر دخل بسيط .
وفي تقرير للبنك الدولي 2021، أكد ان البنك سيوفر مبلغ 127 مليون دولار لمشروع مشترك يهدف لمحاربة انتشار الجوع المدقع في اليمن، و تعزيز الإنتاج الزراعي على المدى القصير، مع تعزيز مساهمات الزراعة في الأمن الغذائي والنشاط الاقتصادي على المدى الطويل وبناء قدرات لإدارة الأمن الغذائي ، بالشراكة ما بين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأغذية العالمي.
37.5% الصراع سبب ضعف الاستثمار الزراعي في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ديس…