جهود الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي في تنمية الإنتاج الزراعي وتطويره
صوت الأمل – منال أمين
منذ أقدم العصور وقطاع الزراعة في اليمن يعد مصدرًا قويًّا لحضارة المجتمع اليمني ورخائه وتقدمه، حيث يمثل القطاع ركنًا مهمًّا من أركان الاقتصاد القومي، وواحدًا من أهم القطاعات الإنتاجية الرئيسة المكونة للناتج المحلي الإجمالي للبلد.
وللتركيز على أهمية القطاع الزراعي في اليمن كان لابد من مضاعفة حجم الاستثمار الزراعي خصوصًا في مجال العلوم والتكنولوجيا والبحث الزراعي والتنمية، لرفع كفاءة الموارد الزراعية المتاحة وزيادة إنتاجها، عن طريق «هيئة البحوث الزراعية” التي تعد مؤسسة وطنية منوط بها تنمية الإنتاج الزراعي وتطويره بشقيه (النباتي والحيواني)، وذلك عن طريق القيام بالبحوث والدراسات العلمية والتطبيقية في المجالات الزراعية المختلفة.
مراحل ظهور الهيئة
ولمعرفة بدايات ظهور هيئة البحوث الزراعية في اليمن كان لـ»صوت الأمل» لقاء خاص مع الدكتور عبدالله سالم علوان (رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي) حيث قال: إن البحوث الزراعية في اليمن بدأت في أواخر الأربعينيات ومطلع الخمسينيات من القرن الماضي، عندما قام البريطانيون بإجراء تجارب سهلة لإدخال زراعة محصول القطن بمنطقة دلتا أبين، حيث تأسس على إثرها ما عُرف في حينه بـ «محطة تجارب قطن أبين» التي تطورت لاحقًا إلى «قسم أبحاث الكود» الذي افتتح مقرّه رسميًّا في سبتمبر1955، كما تحول إلى “محطة البحوث الزراعية بالكود” مع حلول عام 1965م، وتغيّر اسم المحطة لاحقًا إلى «مركز البحوث الزراعية بالكود» في سبعينيات القرن الماضي.
وأضاف: « في عام 1972م أُسِّس مركز أبحاث سيئون بمحافظة حضرموت، ودُمِج عدد من أقسام البحوث الزراعية التي ظهرت ضمن بعض المشروعات في كلٍّ من تهامة وتعز لتأسيس محطة البحوث الزراعية في تعز عام 1970م التي تطوّرت لاحقًا إلى (هيئة البحوث الزراعية) بموجب قانون منشأها الصادر بقرار جمهوري رقم (23) لعام 1983م، وانضوت هذه المكونات المختلفة للبحوث الزراعية عام 1990م في إطار جهود الدمج والبناء المؤسسي إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها في إطار واحد أطلق عليه (الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي) التي صدر قانون إعادة تنظيمها بقرار جمهوري رقم 156 للعام 1998م،وأخيرًا اتُّخِذ قرار نقل الهيئة في بداية عام 2021م إلى الكود في محافظة أبين .
كما أوضح الدكتور عبدالله أن مجلس إدارة الهيئة يضم في عضويته عددًا من الجهات ذات العلاقة كـ(وزارات الزراعة والري، والتخطيط والتعاون الدولي، والمالية، الخدمة المدنية، والمياه والبيئة، والتعليم العالي والبحث العلمي)، بالإضافة إلى جانب من ممثلي الجامعات اليمنية وخبراء وطنيين؛ كما بلغ إجمالي القوى الوظيفية قرابة 787 موظفًا منهم 194 باحثًا يمثلون نحوًا من 25% من إجمالي القوى الوظيفية في الهيئة، في حين بلغ عدد الفنيين121 موظفًا يمثلون نحوًا من 15%، في حين بلغ عدد الإداريين والحرفين الذين يخدمون أعضاء هيئة البحث العلمي ما يقارب 472 موظفًا يمثلون نحوًا من 60%.
ثم قال: تتألف الهيئة من مركز رئيس في عدن، وشبكة من المحطات والمراكز البحثية التابعة للهيئة تنتشر في مختلف أقاليم البلاد الزراعية والبيئية وعددها خمس محطات إقليمية للبحوث هي (محطة بحوث المرتفعات الجنوبية – تعز، محطة بحوث الساحل الجنوبي- الكود، أبين، محطة بحوث الساحل الشرقي – المكلا، محطة بحوث وادي حضرموت والصحراء – سيئون، حضرموت، محطة بحوث المناطق الشرقية – مأرب)، ومركزين وطنيين بحثيين هما(مركز بحوث تطوير الثروة الحيوانية- لحج، ومركز بحوث الأغذية وتقنيات ما بعد الحصاد -عدن) .
نشاط الهيئة
وحول الاتجاهات العامة للبحوث الزراعية والخطط (متوسطة المدى) فأن الهيئة تقوم على نظام الإنتاج الزراعي في اليمن، كونه العنصر المحدّد للعمل البحثي في الهيئة وفروعها، عبر التركيز على نظامي الإنتاج الزراعي الرئيسين في البلاد (المروي، والمطري)، عن طريق تطوير مجالات بحثية تركز على التحسين الوراثي والموارد الطبيعية وإدارة المحصول، والثروة الحيوانية، وتحسين الأغذية وتقنيات ما بعد الحصاد، والجوانب الاقتصادية والاجتماعية ذات الصلة بالنظم المزروعة، ودراسات نقل التقنيات، والأصول الوراثية.
ولمعرفة نشاط الجانب الفني في الموسم الزراعي 2020 ـ 2021م يقول الدكتور عبدالله: إن الجانب الفني تضمن قرابة 64 نشاطًا اندرجت فيه خمسة برامج بحثية تخصصية تضمنت :»البرنامج البحثي للمحاصيل الحقلية (الحبوب)، وللمحاصيل البستانية، وللموارد الطبيعية والغابات ونحل العسل، وبرنامج بحوث نخيل التمر، وبرنامج بحوث الثروة الحيوانية” نُفِّذ منها 50 نشاطًا في المزارع التجريبية للمحطات والمراكز البحثية، في حين نفذ 14 نشاطًا في حقول المزارعين، حيث موِّلت أغلبها ذاتيًّا، فيما نفذ 13 نشاطًا من مشروع الجزيرة العربية (ايكاردا).
المحاصيل الحقلية ( الحبوب)
ويتابع الدكتور تصريحه لـ»صوت الأمل» قائلًا: إن الهيئة نفذت البرنامج البحثي للمحاصيل الحقلية (الحبوب) وتضمن ثلاثة مشروعات لتحسين إنتاجية الحبوب ونوعيتها في ثلاث محطات بحثية (سيئون، والكود، ومأرب)، واشملت على 19 نشاطًا بحثيًّا تخدم 10 محاصيل من الحبوب (القمح، والذرة الرفيعة، والذرة الشامية، والسمسم الأحمر والأبيض، والحمص، والفاصوليا، والفول السوداني، وقطن طويلة التيلة، وقطن متوسط التيلة)، كما نُفِّذ 14 نشاطًا بحثيًّا منها في حقول المزارع التجريبية، و 5 أنشطة في حقول المزارعين.
وواصل الدكتور تصريحه أن أهم مخرجات البرنامج كانت صيانة أصناف القمح المطلقة التي تنفذ سنويًّا، حيث يعمل هذا البرنامج على إنتاج بذرة المربي وتجديدها، والمحافظة عليها من التدهور، وتوفير متطلبات العمل البحثي من البذور النقية، والعمل على مشروع الحفظ والاستخدام المستدام بالمشاركة للأصناف المحلية لتحسين المستوى المعيشي للمزارعين ومجابهة التغيرات المناخية، وصيانة بذور القطن طويل التيلة وإكثارها (معلم 2000) ومتوسط التيلة (أكالا أس جي2) المزروعة في دلتا الجمهورية وسهولها، ونشر صنف السمسم (مأرب1)، وصيانة محصول سمسم الكود وإكثاره الذي يعد أحد محاصيل الزيوت النباتية، وبلغت مساحته الزراعية في البلاد نحوًا من 22.8 ألف هكتار عام 2014م وإجمالي إنتاجه خلال العام نفسه قرابة 24.7 ألف طن، ولم يتجاوز الاكتفاء الذاتي من الزيت في اليمن نحوًا من 7.6%، مما دفع الهيئة إلى الاهتمام بتحسين إنتاجه.
المحاصيل البستانية
في الفترة من 2020 إلى2021م نفَّذ البرنامج البحثي للمحاصيل البستانية الذي تضمن قيام ثلاث مشروعات لتحسين إنتاج الخضراوات والفواكه ونوعيتها في ثلاث محطات بحثية (سيئون، والكود، ومأرب)، اشملت على 11 نشاطًا بحثيًّا يخدم 11 محصولًا منها 6 محاصيل في الخضراوات (البصل، والفلفل، والخيار، والباميا، والباذنجان، والقرعيات)، و5 محاصيل في الفاكهة (الليمون الحامض، والمانجو، والباباي، والجوافة، والرومان)، نفذ 10 أنشطة منها في حقول المزارع التجريبية للمحطات البحثية، ونشاطًا واحدًا في حقول المزارعين، بالإضافة إلى الاهتمام والصيانة للمدخرات الوراثية في الفاكهة بمختلف المحطات.
هنا يوضح الدكتور عبدالله أهم مخرجات البرنامج التي شملت على المدخرات الوراثية لمحاصيل الفاكهة المحلية، التي تسهم في الحفاظ على المجموع الجيني للأصول الوراثية المحلية من الانقراض، وزيادة عدد الأصناف الممتازة عن طريق إدخال أصناف أجنبية، وصيانة أصناف البصل عبر المحافظة على النقاوة الوراثية لأصناف البصل وحمايتها من التدهور، عن طريق(تجديد إنتاج بذرة المربي، وإنتاج أبصال أساس، وإنتاج بذرة أساس)، بالإضافة إلى التحسين الوراثي لاستنباط أصناف بصل تتحمل الحرارة وتلائم العروة الصيفية عالية الإنتاجية والصفات النوعية والمقدرة التخزينية تحت الظروف البيئية لوادي حضرموت، وتجديد إكثار بذور عينات من الأصول الوراثية (محصول الباذنـجان، ومحصول الباميا، والبطيخ البلدي، والدباء البلدي)، والقيام بمسح ميداني لمرض التقرح البكتيري على الليمون البلدي في المشاتل وحقول الليمون بوادي حضرموت، وإنشاء قاعدة بياناته عن زراعة الخضراوات في البيوت المحمية بمحافظتي مأرب، ووادي حضرموت.
الصعوبات والمعالجات
وفيما يتعلق بأهم الصعوبات التي تواجه الهيئة العامة للبحوث الزراعية يوضح الدكتور عبدالله أن تأثير الصراع في اليمن أدى إلى تعرض معظم المحطات والمراكز البحثية التابعة للهيئة في معظم الأقاليم الزراعية لأضرار بالغة نتيجة التعطل والتوقف عن أداء مهامها، لا سيما في سنة 2015، كما تعرضت بعض المحطات والمراكز البحثية إلى عمليات سطو وسرقة لبعض المعدات والآلات الثقيلة والمختبرية والمكتبية و سلالات الثروة الحيوانية والهجن بمركز بحوث الثروة الحيوانية، وتدمير بعض المباني بمركزي تقنيات ما بعد الحصاد بعدن، وبحوث الثروة الحيوانية بلحج .
وحول المعالجات يؤكد الدكتور ضرورة اعتماد موازنة تشغيلية وبحثية للهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، وتوفير الاحتياجات من المعدات والآلات والمواد الكيميائية الضرورية، وتوفير موازنة لشراء سلالات من الثروة الحيوانية بديلة عن المنهوبة لمركز بحوث الثروة الحيوانية.
37.5% الصراع سبب ضعف الاستثمار الزراعي في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ديس…