التعليم الفني.. طريق مختصر للتنمية الاقتصادية
صوت الأمل – عبد الوهاب العاقل
لكل بلاد موارد طبيعية تختلف من دولة إلى أخرى، ومعرفة هذه المواد واختيار أفضل الوسائل واتباعها للاستفادة من هذه الموارد قرار مفصلي يتم اتخاذه مِن مَن لهم السلطة؛ فهناك دول تمتلك الموارد النفطية أو المعدنية، وهناك من يمتلك الموروث الحضاري والتاريخي، وأخرى لا تملك أياً مما سبق لكنها تجيء في مقدمة قائمة الدول المتقدمة مثل اليابان وألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أو كوريا الجنوبية التي تشترك معها في أهم العوامل التي أسهمت في تسريع عجلة إلحاقها بالدول التي سبقتها بالرغم من أسوإ الظروف التي كانت تمر بها هذه البلدان.
وعندما نتعمق في دراسة وفهم ما مرت به هذه الدول وكيف استطاعت أن تحقق ما كان يعتقد أنه مستحيل، نجد عاملاً مشتركاً رئيساً بين هذه البلدان ألا وهو تنمية المورد الأهم من النفط والذهب ونقصد به الانسان.
الإنسان ببساطة كان ولا يزال وسيظل المحور الأساسي في تطور وتنمية أي مجتمع. إنما قبل أن يكون هذا الإنسان المحور الرئيس يجب علينا اتخاذ القرار الصحيح وتمكين الفرد للإسهام الفعال والناجح؛ ومن هنا نبدأ خطواتنا لخلق واقع جديد قادر على الاستجابة لمختلف احتياجات مجتمعنا.
تتباين مستويات التطور والثراء والرفاه بين دولة وأخرى بالرغم من تساوي أو تقارب موارد هذه الدول. والسؤال الذي يخطر في ذهن أي شخص: لماذا هذا التباين بين دولتين تتطابق مواردهما ولماذا هذا التباين الواضح في مستوى معيشة المواطنين في كلا الدولتين.
أحد أبرز الأسباب هو الكفاءة وحسن الإدارة في هذا البلد أو ذاك، وهناك عوامل أخرى لها تأثير بارز وناتجة عن عدم اختيار الأكثر كفاءة لإدارة موارد البلد المتاحة، ومن هذه النتائج تفشي ظاهرة الفساد المالي والثراء غير المشروع، وبروز جماعات يتفق استمرار مصالحها مع بقاء الوضع على ما هو عليه، وأحياناً افتعال صراعات بين هذه المجموعات تحت مسميات الديموقراطيات والحريات، وغيرها من صانعات الأوهام.
إن الدول التي لديها الأدوات والأساليب السليمة لتشخيص الموارد المتاحة، ومعرفة أفضل الأساليب الصحيحة للاستفادة القصوى من هذه الموارد وتحقيق أفضل العوائد للبلاد، تكون في مصاف الدول الصناعية مثل اليابان وإندونيسيا وألمانيا …إلخ.
هناك بلدان لديها موارد طبيعية مثل الغاز والنفط والذهب، لكن عند مقارنتها ببلدان أخرى لا تمتلك هذه المقومات نجدها متأخرة تنموياً، لماذا؟
إن العنصر البشري أهم وأغلى مورد طبيعي إذا تم إعداده الأعداد الجيد بدءاً من المراحل الأولى لنموه ومراحل تعليمه إلى أن يستطيع أن يكون شخصاً فاعلا نافعاً ومشاركا في تطوير بلاده، أو يكون مجرد رقم إحصائي وجزءاً من تعقيدات المجتمع ومشاكله.
وغالبية أفراد المجتمع اليمني في تركيبته السكانية هم من الفئة العمرية الشابة والفتية والاستفادة المثلى من هذه الشريحة الواسعة والشابة لن يتأتى إلا إذا تم تعليمها وتأهيلها وتمكينها من العلوم والمعارف الحديثة والتطبيقية.
سوف تشكل هذه الشريحة مصدر ضغط على الأسرة والمجتمع ومنبعاً للتذمر وعدم الرضا وانتشار التفكك المجتمعي والأسري وزيادة الجريمة وظواهر أخرى لا يسعنا المجال هنا لتعدادها.
نتيجة لموقع اليمن الجغرافي وعلاقته مع دول الجوار والإقليم وتركيبته الاجتماعية ونتاج الأنظمة السياسية المتعاقبة ، وتحقيقا لرغبات الدول المحورية على مر التاريخ.
لن يستطيع اليمن تجاوز مختلف التحديات إلا من خلال توفر الإرادة الصادقة لتحسين وضع اليمن أولاً، الذي سينتج عنه اختيار الكفاءات المؤهلة لتسيير شؤون المورد الأهم والأغلى وهو الإنسان؛ ومن هنا تبرز أهمية وحتمية إعطاء الأولوية لتنمية هذا المورد البشري من خلال نظام التعليم بكل مستوياته (أساسي، ثانوي، جامعي) وكذلك أنواعه (أكاديمي، مهني، تقني، تطبيقي).
إن التعليم الفني والتدريب المهني يعد الأساس للانطلاق نحو مجتمع منتج وفعال في مختلف المجالات زراعية صناعية سياحية وخدماتية. هذا من منطلق تحديد مجالات المناطق اليمنية وأنشطتها مع اختلاف مناخها وجغرافيتها ومواردها؛ فطبيعة اليمن وأنشطة مجتمعها المختلفة تشكل سوق عمل يتطلب عمالة مدربة ومؤهلة بمستويات تتماشى مع طبيعة النشاط، ومن هنا تبرز أهمية نوع المناهج وطبيعتها التي لا بد أن تكون مواكبة للتطورات الحاصلة وكذلك متطابقة مع الاحتياجات.
الظروف الحالية معروفة للجميع، ومن المؤكد أن نتجاوزها، ومن المؤكد أيضا انتهاء الصراع الدائر، وفي تلك اللحظة يجب أن تضع السلطة نصب عينيها انتشال التعليم الفني والتدريب المهني من الوضع الحالي من خلال إنهاء التضارب في التشريعات المسيرة لهذا النوع من التعليم فيما يتعلق بجانب التمويل والإدارة.
ويكون ذلك من خلال رسم الهدف والخطوات والإجراءات التي يجب اتباعها من الجميع لضمان تناغم وتوحيد رؤية السلطة ورؤية الأطراف الأخرى ذات العلاقة، مثل القطاعين الخاص والعام اللذين لهما تأثير ودور مباشر في تنمية هذا النوع من التعليم وتطويره، وإشراكهم في خطوات وإجراءات تطوير المناهج، وتبني التعليم الفني الملائم لظروف اليمن وطبيعتها، وكذا الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في أنظمة التعليم الفني التي أثبتت نجاحها في أمور كثيرة، منها على سبيل المثال التدريب المشترك و التعاوني.
58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…