الإعاقات الحركية في اليمن: تزايد مستمر بسبب إستمرار الصراع
صوت الأمل – حنين الوحش
توسعت شرائح المعاقين حركيًّا في اليمن خلال الآونة الأخيرة؛ مع استمرار الصراع الذي أثرت مخلفاته في زيادة نسبة أعداد الإصابات والإعاقات الحركية الدائمة في العديد من المحافظات اليمنية.
أطفال ورجال ونساء اشتدَّت عليهم الحياة، وتعرضوا لفقدان أطرافهم على غفلة منهم، وبيأس شديد يحاولون استبدالها بأخرى صناعية ليستطيعوا الاستمرار ومتابعة الحياة الطبيعية التي حُرموا منها في وقت مبكر.
صلاح حسان (ابن 17 عامًا من تعز) يقول: “بينما كنت ألعب بجوار منزلي الواقع في شرعب محافظة تعز، تعرضت للإصابة في قدمي ويدي إثر انفجار قذيفة بالجوار منا، مما أدَّى إلى بترهما، الأمر الذي أوجعني كثيرًا”.
عانى صلاح من أضرار جسمية ونفسية بالغة، فهو في مقتبل العمر فقد إحدى يديه ورجليه، وشعر بالعجز فجاة، وتبدلت أحلامه بكابوس اسمه الإعاقة.
لم يكن حال شعيب شاهر طفل في الخامسة من العمر أفضل من صلاح، حيث فقد شعيب قدمَه إثر تعرض منزلة الكائن في منطقة حيس في محافظة الحديدة للقصف في العام 2017م، فعانى من حالة نفسية شديدة، وألم قوي.
محاولات لإعادة الأمل
لم يستسلم صلاح للإعاقة، بل ظل يحاول البحث عن بديل يخفف عنه وجعه، فسافر إلى مدينة عدن لزيارة مركز الأطراف الصناعية والبدء في المعالجات اللازمة له وتركيب الأطراف له، وتقديم الدعم النفسي من المختصين في المركز.
من جانبها تحكي أم شعيب، أنها عملت المستحيل للتخفيف من معاناته في الحديدة، ولكن ظروف الصراع هناك حالت دون استمرار علاجه أو انتظامه، الأمر الذي اضطرهم إلى النزوح إلى مدينة عدن.
وتضيف: “في أثناء سؤالنا عمَّا سيخفف من وجع شعيب لم نجد إلا الذهاب به إلى مركز الأطراف الصناعية لمتابعة حالته النفسية والجسدية”.
رُكِّب طرفٌ صناعي لقدم شعيب، وأصبحت العائلة تعود كلَّ سنة تقريبًا لمتابعة حالته مع الطرف الصناعي، الذي تُقدر مدته الافتراضية ثلاث سنوات، ومن بعدها يتغير.
وحول الصعوبات التي تواجهها، تقول أم شعيب: “الظروف المادية الصعبة هي أكبر عائق نمر به، فبعد عملية المتابعة لنا ولحالتنا تكفل المركز بعلاج شعيب وبقيمة المواصلات من المركز إلى مكان الإقامة في عدن طوال فترة المتابعة والعلاج.
في تقريرٍ للجنة الدولية للصليب الأحمر للعام 2020م، الذي استعرضت فيه المساعدات التي قدمتها لضحايا الصراع في اليمن، أوضحت أن 3.426 شخصًا من جرحى الصراع استفادوا من الدعم الذي قدمته للهلال الأحمر اليمني.
ومن ضمن البرامج المقدمة لدعم ذوي التأهيل الحركي، قدمت ما يقارب 35.728جهاز تأهيل حركي بما في ذلك الأجهزة الصناعية، و31.049 جهازًا تقويميًّا ، و3.627جهازًا مساندًا و121 كرسيًّا متحركًا و14.063 جلسة علاج طبيعي.
مركز الأطراف الصناعية
ولمعرفة دور مركز الأطراف الصناعية في التخفيف من معاناة الأشخاص المعاقين حركيًّا، يقول رأفت الدرويش (نائب مدير مركز الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي بعدن): “نحن نستقبل المرضى من محافظات يمنية عديدة مثل شبوة، وأبين، والضالع، ولحج، والساحل الغربي، وعدن، من فاقدي الأطراف (المبتورين) من مختلف الأعمار”.
واستعرض لـ»صوت الأمل” كيفية عمل المركز، قائلًا: “نقوم بعمل أطراف صناعية للمستفيدين، والقيام بأجهزة مساندة وأجهزة تعويضية، وعمل جلسات طبيعية وكهربائية لأصحاب الجلطات والشلل، وهناك أجهزة تصحيح لأصحاب التشوهات الخلقية”.
ويتابع لصوت الأمل: “تضاعف أعداد فاقدي الأطراف من رجال ونساء وأطفال بسبب الألغام والعبوات الناسفة وغيرها من الوسائل المستخدمة في الصراع القائم في البلاد”.
مضيفًا: “أن المركز يقوم بتقديم الأطراف بصورة مساهمة مجتمعية حسب دراسة اجتماعية للظروف المادية التي يعاني منها المرضى، والعمل على تقديم المساعدة لهم أو إعفائهم، كل حسب قدرته واحتياجه”.
حيث بيَّن أن عدد الأطراف المصنعة في الورشة التابعة للمركز بلغ منذ بداية العام 2021م أكثر من 235 طرفًا.
وحول المساعدات التي تقدمها الجهات الداعمة للمركز، يوضح الدرويش أن منظمة الصليب الأحمر الدولي قدمت بعض المواد الخارجية (المكونات) التي تدخل في صناعة الأطراف.
كما تكفلت منظمة اليونيسف بتركيب الأطراف الصناعية المتطورة للأطفال دون سن 16 عامًا ، بالإضافة إلى التكفل بمصاريف المواصلات والإقامة والتغذية للوافدين من غير محافظة عدن، ومنظمة الهانديكاب تكفلت هي الأخرى بتركيب الأطراف الصناعية للعديد من المستفيدين.
وفي السياق نفسه أوضحت إلهام فضل (مديرة قسم العلاج الطبيعي في مركز الأطراف والعلاج الطبيعي في عدن) “أن هناك ازديادًا واضحًا في أعداد المعاقين حركيًّا ــ جراء الصراع ــ الذين يحتاجون إلى تدخلات سريعة سواء في مرحلة تركيب الأطراف أم العلاج الطبيعي والدعم النفسي، وتُستقبل الكثير من الحالات، وتُمدّد ساعات العمل للقيام بالتدخلات اللازمة”.
بارقة أمل
تنفِّذ جمعية ذوي الاحتياجات الخاصة عددًا من الأنشطة تستقطب بها المعاقين ذهنيًّا وحركيًّا وأصحاب العاهات الدائمة المتضررين من الصراع لتدريبهم وتأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع، واستثمارهم في سوق العمل.
حيث تستعرض ليلى باشميلة (رئيسة جمعية ذوي الاحتياجات الخاصة في عدن) لصوت الأمل الآلية التي تتبعها الجمعية في تنظيم أنشطتها عبر ثلاثة مراكز: الأول مركز التدخل البكر: ويعمل على تقديم الخدمات اللازمة من التدريب والتأهيل للطفل في وقت مبكر لتكون الاستجابة سريعة، ومن ثم تدريب الأم على كيفية ممارسة دورها بطريقة إيجابية تنعكس على الطفل المعاق.
والمركز الثاني: يتمثل في عملية التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة، ويهدف بصورة رئيسة إلى استثمار الإمكانات الشخصية والمهنية لدى أصحاب الاحتياجات الخاصة لجعلهم قادرين على الإسهام والمشاركة في المجتمع بما يتناسب مع قدراتهم.
مضيفة، أن مدة مراحل التدريب قد تستمر سنتين، مقسمة إلى ثلاث مراحل ( التعرف على المعدات، والتدريب، ومرحلة الإنتاج ).
موضحة، أنه بعد الانتهاء من مرحلة التدريب يأتي دور المركز الذي يقوم على مشروع كسب العيش، ويهدف إلى افتتاح مشغل إنتاجي للفتيات للحياكة، والخياطة، والكوافير، والأشغال اليدوية، ومشروعات شبابية كالصيانة للكمبيوترات، وورش النجارة، والألمنيوم.
خدمة الكراسي
وفيما يخص المشروعات الحديثة، تقول باشميلة: “هناك مشروع خدمة الكراسي المتحركة، والإدماج الاجتماعي وهو قيد التنفيذ حاليًّا، حيث وُقِّع عليه في شهر يونيو للعام 2021م بموجب اتفاقية بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن، يهدف بصورة أساسية إلى تلبية احتياجات المصابين من ضحايا الصراع وعملية الدمج النفسي والاجتماعي لهم في كيفية التعايش مع المجتمع من جديد والتخفيف من وطأة المشكلة.
استطلاع.. انخفاض دور ذوي الإعاقة في النشاط الاقتصادي إلى 25%
صوت الأمل – رجاء مكرد وجد استطلاع الرأي العام الذي أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر سبتم…