نظرة المجتمع المدني لأهمية دور القبيلة في إرساء السلام باليمن
صوت الأمل – منال أمين
إن منظمات المجتمع المدني في أي مكان من العالم تعدُّ ضمانة لحقوق الأفراد والمجتمعات على مختلف انتماءاتهم وأعراقهم، لما لها من دور مهم في التأثير في نمط حياة المواطنين بمختلف المجالات والقطاعات، وهي تسهم ـ حسب الأنشطة والبرامج ـ في التخفيف من الضغوطات التي تمر بها البلاد.
«إن النظرة الشمولية لتركيب المجتمع اليمني تبيِّن أنه مجتمع قبلي بنسبة تصل إلى أكثر من 80%, وتنحدر جذور أغلب سكان اليمن إلى القبيلة؛ وعند تقييم تجربة القبيلة اليمنية في نشر قيم التعايش وتعزيز السلم المجتمعي نجد أن التعامل معها يكون على نطاق القبيلة نفسها أو على مستوى باقي القبائل. في المقابل هناك قبائل أسهمت في نشر التفرقة والكراهية بين أبناء المجتمع المحلي, ولم تسهم في تحقيق المصالحة الوطنية عبر مراحل عديدة مرَّ بها اليمن». ذلك حسب ما قالته المديرة التنفيذية لمؤسسة «ألف باء مدنية وتعايش» بهية السقاف.
الاستفادة من تجارب الدول القبلية
وتحدثت بهية لـ»صوت الأمل» فقالت: لا ننكر أنه أصبح للقبيلة دورٌ بارز ومؤثر في صنع القرار، وحضور قوي داخل مؤسسات الدولة, بخاصة بعد الأحداث المتعاقبة التي تمر بها البلاد في الآونة الأخيرة.
حيث أكدت أهمية الاستفادة من تجارب الدول القبلية العربية مثل الأردن في فرض سلطة القانون على الجميع من دون استثناء ومن ضمنها القبيلة التي يجب الاحتكام إليها في الأول والأخير.
وحول دور منظمات المجتمع المدني تقول بهية: «هناك بعض من المنظمات المحلية تنفِّذ عن طريق أنشطتها وبرامجها فعاليات للتعريف بالأحكام العرفية وأهميتها وأنواعها ومدى مواءمتها مع القانون, وحدودها على المجتمع ؛ كما أن هناك منظمات محلية يديرها شيوخ قبائل تهتم بجانب تعزيز السلام والوساطات، مازالت قائمة إلى اليوم.
وبيَّنت, أن القبيلة تعدُّ جزءًا من المكون السكاني في المجتمع اليمني, ولها بعض الأدوار في مجال السلام بخاصة في ملفات السجناء والمعتقلين, حيث قامت القبيلة عدة مرات بالدخول في وساطات مختلفة استهدفت كل أطراف الصراع للإفراج عن الكثير من المعتقلين, والعمل على فتح معابر وطرق كانت قد أُغلقت بسبب نزاعات قبلية وسياسية, الأمر الذي عزز من دورها في خدمة المجتمع.
القبيلة ودورها في إرساء السلام
«إن المنظمات غير الحكومية العاملة في تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين أو المستهدفين في بعض المناطق اليمنية تسعى بدورها ــ في بعض المناطق ــ إلى الحصول على موافقة الشيوخ المحليين قبل العمل في المجتمعات المحلية». هذا ما أكدته الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الكريم قاسم بعنوان «نظرة تحليلية لواقع المسـاءلة المجتمعية» ـ 2019م .
الاستشاري في التدريب والإعلامي خالد الفضول، يقول: «مما لاشك فيه أن القبيلة مكون مهم وأقوى مكونات المجتمع اليمني, كما أن تأثيرها القوي يصل إلى كل مكونات الحياة السياسية في اليمن, حيث إن بعض القبائل اليمنية لها دور في استمرار الصراعات المشتعلة منذ ما يقارب السبع سنوات».
ومن جهة أخرى بيَّن أيضًا أن القبيلة يمكنها القيام بدور فاعل في إرساء السلام, في حال التعامل معها بوعي كامل وبأنها مكون ذات جذور تاريخية واجتماعية مؤثرة تستند على ثقافة مجتمعية وشعبية, والعمل على توعية أفرادها بأهمية تحقيق السلام في اليمن.
وفيما يتعلق بنظرة المجتمع المدني إلى دور القبيلة في حل القضايا، يقول الفضول لـ»صوت الأمل»: إن المجتمع المدني يرى أن غياب سلطة القانون الذي تفرضه قوة الدولة أفضى إلى بروز دور القبيلة في اليمن, بخاصة في حل المشكلات بين أبنائها داخل إطار القبيلة نفسها، وما بينها وبين القبائل الأخرى.
« وتنفذ المنظمات المجتمعية المحلية برامج كثيرة تتعلق بعملية تدريب الشباب حول المفاهيم المتعلقة بالسلام وحل النزاعات في العديد من المناطق, حيث كان للقبيلة دورٌ مؤثرٌ في عملية نجاح أو فشل تلك البرامج على الواقع». وفقًا لما قاله الفضول.
كما أوضح: أن هناك برامج نُفِّذت خلال الفترات الماضية هدفت إلى التعريف بالنظام القبلي, فهناك الكثير من الدراسات والندوات نظمتها منظمات محلية ومراكز دراسات وبحوث تناولت تأثير القبيلة في الحياة السياسية في اليمن, من أبرزها كتاب القصر والديوان الذي كتبه الدكتور عادل الشرجبي, وتناول تأثير القبيلة في القرار السياسي في اليمن. وهناك دراسة أخرى للدكتور محمد الظاهري (أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء) حول القبيلة والقرار السياسي في اليمن, وعدد من الدراسات.
تعريف مصطلحات قبيلة
في دراسة نفذتها مؤسسة تنمية القيادات الشابة (مؤسس أوام التنموية الثقافية ـ أوكسفام ـ القيادات الشابة) ضمن برنامج قيادات نسوية من أجل السلام, بعنوان «الأدوات التقليدية اليمنية لحل النزاعات ودور النساء والرجال ـ 2018م». أشارت إلى أن النظام القبلي يتخذ بمختلف مكوناته إجراءات فورية لحل أي نزاع حال حدوثة, سواء أكان فرديًّا أم جماعيًّا؛ لأن القبيلة تدرك مدى خطورة النتائج التي قد تترتب على عدم القيام بالتدخل السريع وترك الأطراف المتنازعة تحل مشكلاتها بالاعتماد على قوتها ووسائلها الذاتية».
وأوضحت الدراسة: أن هناك الكثير من أنواع النزاعات التي تنشب بين أفراد القبيلة الواحدة أو بين قبيلة وأخرى للعديد من الأسباب, وأكثر النزاعات شيوعًا تحدث بسبب الأرض والممتلكات. وأن هناك ثلاثة أنواع من العقوبات والجزاءات في المجتمع القبلي قُسِّمت بناءً على نوع الاعتداء وتتمثل بالعقوبات والجزاءات التي يحكم بها العرف بسبب الاعتداء على النفس, والعرض, والمال .
كما عرَّفت الدراسة بعض المصطلحات القبيلة التي تُستَخدم في أثناء حل النزاعات, وهي:
الوقفات القبلية: وتعني وسيلة للضغط على قبيلة أخرى تُخفي قاتلًا أو قاطع طريق, وذلك بقطع طريق حيوي واحتجاز كل السيارات والأشخاص المارين من هذا الطريق والمنتميين إلى القبيلة الأخرى حتى تسلم القاتل.
الوساطة: وهـو شـيخ أو عدد من المشايخ يقومون بتأدية دور الوسيط لحل المشكلة من غير القبليتين المتنازعتين.
التحكيم: وهو أن يختار أطرافُ النزاع شخصًا حكمًا أو أشخاصًا محكمين في النزاع القائم بينهم وبرضاهم، ويُلزم الأطراف بهـذا التحكيم عن طريق المرقوم.
والمرقوم: هــو تحريـر مرقـوم على أنفســهم يوقعون عليه بحضور شهود. والتعديل: وهو تقديم عدال عيني إما بنادق وإما جنابي وإما مبلغ مالي. والضمناء: وهو كف أي نزاع وتثقيل العدال في حال عدم رضا المتنازعين بالحكم يقـوم بتثقيل العدال بمبلغ مالي يدفع للمحكم أو المحكمين.
والمنهي: وهو الاستعانة بشيخ آخر من أهل العرف في حالة عدم الرضا بالحكم.
والأرش: وهـو إحداث ضرر بالأخرين نتيجة لضرب، مثل كسر يد، أو ما شابه ذلك الفعل المؤذي، ويقوم المعتدي بدفع ما يساوي قيمة الضرر.
والهجر أو العقر: وهو أن يقوم الطرف المعتدي في حال اعترافه بالخطأ بالاعتذار إلى الطرف الأخر برأس غنم وبقر أو ثور, بحسب حجم الخطأ والقدرة المالية للشخص المراد إرضائه.
والطرح: وهــو أن يقوم الشخص المغلوط عليه برفع الجنبية أو وضع الشال، أو قص المرأة لشعرها أمام صاحب الغلط وهذا يعدُّ حدثًا كبيرًا عند صاحب الغلط.
ومن المتعارف عليه أن منظمات المجتمع المدني لها دورٌ بارزٌ في دعم أهمية استراتيجية الدولة بمختلف المجالات (الإنسانية, والاغاثية, والتنموية والخدمية التطويرية), ومحاولة التخفيف من معاناة المواطنين في مختلف القضايا, عبر برامج التوعية التنموية الشاملة, لذا وجب تفعيل دورها عن طريق تعزيز شراكة مؤثرة مع النظام القبلي لتحقيق السلام الشامل والمصالحة الوطنية.
81% من المواطنين يؤكدون: تأثير النظام القبلي على الحياة السياسية في اليمن قوياً ومؤثراً
أكد ما يقارب 60% من المواطنين اليمنيين، أن تأثير النظام القبلي على الحياة العامة في البلد …