عضو مجلس النواب الزنم: الدولة أتت من رحم القبيلة وبدعم منها
صوت الأمل –سماح عملاق
“القبيلة هي المخزون الاستراتيجي للدولة في مختلف المجالات”. هذا ما وكَّده الدكتور علي محمد الزنم (عضو مجلس النواب، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في البرلمان) في الحوار الصحفي الخاص لصحيفة “صوت الأمل” لمعرفة أبعاد علاقة القبيلة بالدولة من منظور عضو في مجلس النواب.
صف لنا علاقة النظام القبلي بالدولة، من المنظور الذي يعنيكم سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا؟
علاقة القبيلة بالدولة حقيقةً علاقة متينة وتعد جزءًا لا يتجزأ من تكوين المجتمع اليمني، إذا لم تكن هي أساس المجتمع أصلا، والقبيلة هي المخزون الاستراتيجي للدولة في مختلف المجالات، وفي كل الظروف والأحداث التي تمر بها الدولة، وعليه نستطيع القول: إن الدولة لا يمكن أن تستغني عن القبيلة أو تتجاهلها، وكذلك لاتستطيع القبيلة الاستغناء عن الدولة أو تجاهل وجودها، وعندما حاولت القبيلة تاريخيًّا أن تستغني وتتجاوز الدولة سقطت ودخلت في صراعات وأُضعف دورها وقُلِّص نفوذها، وكذلك حال الدولة عندما تتجاوز القبيلة تعاني الكثير من المشكلات.
وقد أنشأت الدولة مصلحة لشؤون القبائل إيمانًا منها بأهمية دورها في مختلف الجوانب، فهي حاضرة بقوة في الحياة السياسية التي شهدها الوطن منذ ثوره ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م، بل في معظم القبائل هي من كانت ومازالت تحسم نتائج انتخابات معظم دوائر الجمهورية ، وكل قيادات الأحزاب، فقد أتت الدولة من رحم القبيلة وبدعم منها.
ماذا عن الدور الاجتماعي للقبيلة؟
القبيلة بأسلافها وأعرافها الحميدة وتطبيقها لقواعد السبعين القبلية العرفية، تحمل قيم المجتمع وآلية التعامل مع كل عيب يرتكب وكيف تنزه القبيلة من الأفعال التي تنتقص من مروءة وشرف وسمعة القبيلة. كما تعد رافدًا وعاملًا من عوامل دعم الدولة في الجانب الاجتماعي التي تتصدره القبيلة بامتياز وبإشراف ودعم الدولة.
هل من علاقة اقتصادية بينهما؟
اقتصاديًّا، هي كباقي الشعب لها نشاطات فردية، وليس باسم القبيلة إلا ما نظم عبر جمعيات زراعية واقتصادية وتنموية بإشراف الدولة ولها إسهامات كبيرة في هذا الجانب .
ينظر بعضهم إلى النظام القبلي كندٍّ وعائق أمام نظام القانون في الدولة ويراه آخرون كمؤازر للحكومة في تحقيق الأمن، ما رأيكم حول الأمر؟
القبيلة اليوم طوعت بدرجة كبيرة لتكون من عوامل ضبط الأمن والاستقرار في البلد و تمثل مرجعية مهمة للدولة في مختلف الظروف والأحداث، ونتحدث بوضوح عن دور القبيلة اليوم المستنير الذي أنخرط معظم أبنائها في التعليم وأصبحوا مسؤولين في مختلف مفاصل الدولة ولغتهم جميعًا احترام سيادة القانون، وهم أثروا كثيرًا في سلوك القبيلة التي كانت تعرف باختلاق الصراعات والأزمات والخروج عن الدولة ولها عاداتها وتقاليدها التي تبتعد عن لغة الدولة والمدنية.
ومن ثمَّ فاليوم يختلف كثيرًا عن الأمس، نتكلم عن القبيلة التي استطاعت أن تخلق تواؤمًا بينها وبين الدولة ولم تكن يومًا عائقًا أمام تطبيق القوانين، ولم تحاول أن تكون ندٍّا للدولة. وقد تحدث حالات شاذة لايقاس عليها في الصراعات لكنها دومًا تحسم لصالح الدولة والنظام والقانون؛ لأن القبيلة اليمنية ذات تاريخ وحضارة وتمتلك قيمًا وعادات حميدة أسهمت إسهامًا فاعلًا في بناء الدولة على مختلف العصور، وعندما كانت الدولة تضعف تجد القبيلة يعلو دورها الإيجابي في حفظ الأمن, و نقول: إننا نقف مع القبيلة لتكون رديفة للدولة. وعن طريق القوانين وسيطرة الدولة تهذب القبيلة وتضبط إيقاع أدائها الذي يصب في مصلحة الوطن أولًا وأخيرًا .
الثأر ومشكلاته، ما الذي قامت به القبيلة لإطفاء هذا الفتيل؟
المتابع للأخبار سيجد أنه لا يخلو يومٌ من خبر قيام رموز القبائل بحل كثير من المشكلات كالقتل والشجار وقضايا ثأر عمرها عقود من الزمن، فأصبحت القبيلة تؤازر الدولة، وشجعت الدولةُ القبيلةَ على حلِّ الكثير من هذه القضايا بهدف تفرغ القبيلة والدولة لمواجهة المشكلات المستعصية وقضايا الأمن القومي الوجودية للوطن. إن دور القبيلة في حل قضايا الثأر مميز ومحل تقدير لدى الدولة، بل وتدعم هذا التوجه بقوة.
أين تقع المرأة في خريطة القبيلة؟
بالعودة إلى إرث اليمنيين تاريخيًّا لنتصفح دور المرأة فيه نجدها سبقت الكثير من الأمم قبل الإسلام والملكة بلقيس مثال, وبعد الإسلام السيدة أروى الصليحي وغيرهما، لهذا فأي انتكاسة أو انتقاص من دور المرأة اليمنية غير مقبول سواء من الدولة أم القبيلة. إن واقع الحال يشير بجلاء إلى الدور الريادي للمرأة اليمنية التي تصدرت المشهد بجداره وما دورها في مواجهة أي خطر على أرضها إلَّا صورة من صور عديدة لا يتسع المجال لذكرها.
ونعود لنقول: إن المرأة مدعومة من القبيلة كما هي من الدولة، تجدها في التعليم والطب وفي مختلف الوزارات، نجدها وزيرة ووكيلة ومدير عام وموظفة. لايوجد اعتراض على طموح المرأة التي أصبحت اليوم تزاحم الرجل في الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية، واليوم نراها تشق طريقها ومكانتها في المجتمع بصورة طبيعية, وقد نجد حالات تشدد في المناطق النائية التي يقل فيها الوعي والتعليم وبعض الخدمات وصعوبة وصول كل جديد في عالم مليء بالتطورات المتسارعة في مجال العلم والمعرفة، و مازال في تلك المناطق يُقيَّد دور المرأة وهي حالات محدودة لاترتقي إلَّا أن تصنف كظاهرة ودور سلبي للقبيلة تجاه طموحات المرأة اليمنية.
هل تقبل الأعراف القبلية أن تحكم المرأةُ القبيلة؟ ولماذا؟
هنالك نماذج نفاخر بها، بلقيس وأروى من ملوك اليمن تاريخيًّا، واليوم نتحدث عن وجود وزيرة وسفيرة ولا يوجد نص دستوري أو قانوني يمنع من تعيين المرأة رئيسة وزراء أو أبعد من ذلك، وقد تحكم القبيلة اليمنية بأعراف وتقاليد تقيد صعود المرأة للمشيخة على القبيلة، ومع كل هذا هناك حالات نسمع بها عن بروز دور المرأة في حل القضايا في إطار القبيلة وإن لم يطلق عليها لقب شيخة ولها أدوار تفوق بكثير دور الرجل، فالمرأة اليمنية بتربيتها وإرثها الحضاري والتاريخي تجعل مسألة العودة إلى إمكانية تطبيق سؤالكم مسألة وقت وبكيفية مناسبة في إطار القبيلة اليمنية التي يرمز إليها بـ “أصل العرب”.
كيف تقيمون نظرة المجتمع المدني ومنظماته إلى القبيلة بأعرافها الوطيدة منذ قديم الزمن؟
النظرة في مجملها كانت ومازالت تتطلع إلى تحقيق الشراكة والمواءمة بين القبيلة بأعرافها، والمدنية ومنظماتها التي بالطبع لاتنتقص من دور القبلية وإلا لحدث صدام وصراعات مستمرة بين القبيلة بعاداتها والدولة والمدنية بمجتمعها المتحضر، ومن ثمَّ لو أننا نعود إلى التاريخ لوجدنا أن الدول اليمنية القديمة لم يستقر لها حال إلا بمهادنة القبيلة وتطويعها؛ لتكون شريكة في إدارة الحكم بطريقة أو بأخرى ولتقريبها من الحياة المدنية.
بصفتك عضو في مجلس النواب، ما نسبة تأثير الطبيعة القبلية للمجتمع اليمني على سن التشريعات الدستورية في القانون اليمني؟
من ينظر إلى المجلس يعتقد أن القبيلة هي من تدير مجلس النواب وهذا غير صحيح، بالطبع كل أعضاء مجلس النواب ينتمون إلى قبائل عريقة، بل ومعظمهم مشايخ وكبار قوم، لكن عضو مجلس النواب يضع كل هذه المسميات والإرتباط بالقبيلة قبل دخوله قبة البرلمان وينسى الدوافع القبيلية والأسرية والمناطقية وكل الاعتبارات التي تقيد رأيه في سن القوانين، وتكون نظرة عضو مجلس النواب بصدق وطني ويراعي مصالح الشعب اليمني ويخدم مختلف تكوينات المجتمع اليمني بمافيها القبيلة.
ما درجة حضور القبيلة المؤثر و دورها اللافت للنظر في أثناء اعتماد أو تعديل مادة من مواد الدستور؟
عندما تُعدَّل موادٌ دستورية، ينزل ذلك التعديل على الشعب اليمني للاستفتاء والقبيلة تشارك بفاعلية كباقي شرائح وأبناء اليمن، فلها حق دستوري في المشاركة بالاستفتاءات والانتخابات والإنخراط في منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية هذا حق لكل يمني. وللعلم تعديل الدستور يقدَّم بطلب من رئيس الجمهورية أو من مجلس النواب، ويوقع من ثلث أعضائه، وينزل للاستفتاء فقط مواد البابين الأول والثاني وماعداها يعدل مواد الدستور بموافقة ثلاثة أرباع المجلس. وفقًا لنص المادة ١٥٨ الباب الخامس من الدستور اليمني فالقبيلة تشارك ضمن فئات الشعب.
كلمة أخيرة ؟
للدولة أقول لها: “أحسنوا التعامل مع القبيلة، فدورها مشرف في مقارعة أي عدو وأدواته، وفي حل مشكلات الثأر وتعاونهم مع أجهزة الدولة في حفظ الأمن والاستقرار والسكينة العامة”.
وللقبيلة: ” لن تكونوا شيئًا إلا بالدولة، وتمسككم بالدستور والقانون يجب أن يكون أكثر من تمسككم بالأعراف والأسلاف والقواعد القبلية التي لاتنتقص منها، ولغة القانون قاسم مشترك بين جميع اليمنيين عكس القبيلة وعاداتها التي تجد بعضهم لا يؤمن بدور القبيلة وينتقص من دورها، ويحاول تصويرها بأنها تقف عائقًا أمام بناء الدولة اليمنية الحديثة التي ننشدها جميعًا”.
81% من المواطنين يؤكدون: تأثير النظام القبلي على الحياة السياسية في اليمن قوياً ومؤثراً
أكد ما يقارب 60% من المواطنين اليمنيين، أن تأثير النظام القبلي على الحياة العامة في البلد …