‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة البطالة في اليمن البطالة في أوساط الشباب.. آثار اجتماعية واقتصادية وأمنية متعددة

البطالة في أوساط الشباب.. آثار اجتماعية واقتصادية وأمنية متعددة

صوت الأمل – منال أمين

     مازال أحمد قائد (29عامًا) ينتظر كل يوم أن تأتيه رسالة أو اتصال من أحد الأماكن التي قدَّم فيها على وظيفة منذ أكثر من سبع سنوات في مدينة عدن من دون ملل أو إحباط.

    وبابتسامة متفائلة ممزوجة بحسرة وحزن يقول قائد: “منذ أن تخرجت من كلية التربية قسم إنجليزي في 2014م أحاول أن أطور من نفسي عبر المشاركة في دورات تدريبية مختلفة لترتفع فيها الفرصة في قبولي بإحدى المنظمات أو الشركات الخاصة في أي  مجال, وقد قدمت في أكثر من وظيفة، ولكن إلى الآن لم أجد تجاوبًا.

     لم يكن حال الشاب علي المرشد (32عامًا من لحج) أفضل من قائد الذي أصبح يبحث عن عمل في الشوارع من أجل توفير لقمة عيش لأسرته بعدما ضاقت عليه الأوضاع الاقتصادية بعد خروجه من عمله في مكتب خاص كان يتقاضى فيه 25 ألف ريال فقط منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة.

    هناك العديد من حاملي الشهادات الثانوية والجامعية والفنية والمهنية، يعانون من صعوبة العثور على عمل حتى إن كان منخفض الأجر، وذلك ليضمنوا حياتهم وحياة أسرهم في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد.

 الشباب من الفرصة إلى الكارثة

     يرى وديد ملطوف (ناشط حقوقي): “أن الأسباب الرئيسة التي أسهمت في انتشار نسبة البطالة في اليمن خلال هذه الفترة هي استمرار الصراعات المختلفة في العديد من المحافظات اليمنية وتأزم الوضع الاقتصادي بسبب الكثافة السكانية وقلة استثمار الموارد المتوفرة في البلد التي تدعم المشروعات الصغيرة للشباب”.

  ” استعصاء الوصول إلى حلول جذرية للخروج باليمن من عنق الزجاجة أدَّى إلى تحويل الشباب من يدٍ لبناء المجتمع إلى جزء كبير من الكارثة، وعمل على زعزعة الاستقرار في البلاد عبر انتشار الفوضى المسلحة والجريمة والانحرافات وزيادة الانتماءات التطرفية “. هذا ما وكَّده وديد ملطوف.

    ومن جهته يرى المهندس عادل العريقي (مدير العلاقات العامة في صندوق تنمية المهارات في عدن)  “أن ضعف التعليم الجامعي وانتشار الغش وعدم مواكبة المناهج التعليمية ـ خاصة الجامعية ـ للمعايير الحديثة والتكنولوجيا أسهم في عدم ثقة سوق العمل بالمخرجات التعليمية, ومن ثمَّ أدَّى إلى انتشار البطالة بين أوساط الشباب”.

     وحول دور الصندوق في تعزيز تنمية الشباب يقول العريقي لـ “صوت الأمل”: “صندوق تنمية المهارات يبذل جهودًا كبيرة في دمج الشباب العاطل عن العمل في المجتمع عن طريق البرامج التدريبية ــ المهنية والتقنيةــ وتعزيز كفاءتهم بمختلف التخصصات ليحصلوا على فرصة عمل مناسبة”.

تأخر التنمية البشرية في اليمن

     “بلغ عدد سكان اليمن 29.1 مليون نسمة في عام 2019م،  حيث وصلت نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا إلى نحو60 %  منخفضة من 69 % عام 2000م “. وذلك تبعًا لما ذكرته شعبة السكان التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمانة العامة للأمم المتحدة 2019م.

     وصنَّف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الأزمة المستمرة في اليمن على أنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهو ما تسبب في تأخير التنمية البشرية مدة 21 سنة. وإذا استمر النزاع حتى عام 2022م ستكون التنمية متأخرة مدة 26 سنة.

    الدكتورة إخلاص عبد الجبار الجبرا (مدير مكتب الأمين العام في جامعة عدن دكتورة علم الاجتماع) ترى “أن نسبة ازدياد البطالة تركت آثارًا سلبية على الفرد والمجتمع عمومًا, تمثلت في زيادة الإحباط والعجز المعنوي والسلوك السيِّئ واللجوء إلى تعاطي المخدرات والانتحار وارتكاب الجريمة وعدم رغبة الشاب في الزواج والتفكير بالهجرة والسفر والانضمام إلى جماعات متطرفة مستغلة حاجتهم إلى المال”.

     وفي دراسة للدكتورة إخلاص، باسم (البطالة في اليمن 2020م) أكَّدت ” أن هناك تفاوتًا في معدلات البطالة لفئات الشباب بين الحضر والريف, حيث بلغت نحو 74.1% في الحضر و81% في الريف, وتتفاقم بطالة الإناث الشابات بصورة صارخة في أوساط هذه الفئات العمرية إذ بلغت نحو 78.3% مقابل 74% للذكور”.

    واستعرضت الدكتورة إخلاص الأسباب التي أثرت في الشباب اليمني، موضِّحة لـ “صوت الأمل” :”أن الوضع الاقتصادي والأمني والصحي تدهور تدهورًا كبيرًا في الفترة الأخيرة بسبب تدهور البنية التحتية للمؤسسات والعملة المحلية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية ارتفاعًا جنونيًّا وغياب الدولة والرقابة على المؤسسات الأمنية, وعدم فرض القانون على الجميع وظهور جهات أمنية تحت مسميات مختلفة وانتشار الأوبئة بخاصة جائحة كورونا التي تسببت في إغلاق سوق العمل, وعدم توفير العلاجات والمستلزمات الطبية اللازمة،  كل هذا وأكثر أسهم في تفشي ظاهرة البطالة وضياع الشباب”.

   55%  من العاملين فقدوا وظائفهم

      وفي السياق نفسه يوكِّد الدكتور محمد سالم بخضر(المتخصص في الاقتصاد والمصرفية الإسلامية) :”أن اليمن مرَّ بأزمات سياسية واقتصادية انعكست سلبًا على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن اليمني على وجه العموم والشباب على وجه الخصوص, حيث جاءت جائحة كورونا (كوفيد ـ 19) لتلقي بظلالها السلبية على الوضع الاقتصادي والمعيشي للشباب, وأدَّى النزاع الذي يشهده اليمن إلى تقلص فرص العمل تقلصًا كبيرًا, حيث فقد  نحو 55% من العاملين في القطاع الخاص وظائفهم. وذلك تبعًا لتقارير الأمم المتحدة, كما انعكست هذه الأزمة على المشاريع الصغيرة والأصغر وفقدت 40% من الأسر مصدر دخلها الأساس”.

   وأشار بخضر لـ” صوت الأمل” إلى أن  هناك بعض التقارير التي تصدرها بعض المنظمات الدولية حول البطالة والتضخم والوضع الاقتصادي في اليمن بناءً على تقديرات معينة, تشير إلى تفاقم معدل البطالة منذ 2015م وإلى الآن , حيث بلغت نسبة البطالة 32% من القوى العاملة التي أغلبها من الشباب, كما تشير تقارير أخرى إلى أنها تتراوح ما بين 60 ـ 70% عام 2020م والنسبة مؤهلة إلى الارتفاع.

خارطة حلول

     وللسؤال عن وجود فرص لإصلاحات اقتصادية تسهم في تطوير قدرات الشباب وتخفف من نسبة البطالة، أجاب الدكتور بخضر: “أن العمل على إنهاء الأزمة الحالية التي تعاني منها اليمن وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وتشكيل حكومة كفاءات سيسهم في معالجة آثار الأزمة في شتى المجالات, في المقابل سيخفف من آثار البطالة المنتشرة بين الشباب ويسهم في إيجاد فرص عمل للشباب, عن طريق التركيز على المشاريع الخاصة والاستفادة من صيغ التمويل الإسلامية التي تساعد على التوفيق بين رؤوس الأموال وأصحاب الخبرة.

    في المقابل توكِّد الدكتورة إخلاص” ضرورة التنسيق بين جميع الجهات المشتركة ــ المرافق الحكومية والخاصة والمنظمات المحلية والدوليةــ لتوفير فرص عمل بحسب التخصصات واحتياج سوق العمل وضرورة إحالة كبار السن إلى التقاعد وإحلال عنهم الشباب لشغل وظيفتهم والتركيز على تحسين عملية التدريب والتأهيل في مختلف المجالات”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن

   أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…