الآثار النفسية: البطالة إحباط مجتمعي يصيب الشباب
صوت الأمل – حنين الوحش
يؤدي الشباب دورًا فعالًا وحيويًّا في الحياة العامة في أي مجتمع من المجتمعات، فهم قوة فاعلة في صناعة التغيير والابتكار. وقد باتت ظاهرة البطالة تسبب قلقًا لدى الشباب المتخرجين من الجامعات، وتنمي مشاعر الإحباط والاستياء لديهم بل وتترتب عليها مشكلات عديدة للفرد والمجتمع.
تأثير البطالة في الناحية النفسية:
غيداء منصور (اخصائية في علم النفس في صنعاء) تقول: “للبطالة أثرها النفسي الكبير في الشباب، فمن الممكن أن يدخل الشاب في اضطرابات نفسية، كالدخول في حالة اكتئاب وقلق بسبب وضع المستقبل المجهول بالنسبة إليه، وما يولَّد الفراغ فيه من شعور بعدم النفع أو بالضياع، والبطالة تجعل الشاب منعزلًا ومنطويًا ويشعر بعدم الرغبة في العيش بسبب إحساسه بالنقص في تقديره لذاته، وهذه التأثيرات قد تنعكس سلبًا على سلوكياته، فيتجه الى الانتقام من مجتمعه عبر ممارسة العنف وبعض السلوكيات المنحرفة، وفي بعض الحالات قد يضطر الشاب إلى اللجوء إلى طرق أخرى كالإدمان الذي أصبح عادة لدى بعضهم؛ لنسيان الضغوطات المتراكمة عليهم”.
أما بالنسبة إلى الحلول توضح قائلة: “من المهم توفير مشاريع للشباب تتوافق وقدراتهم، وتسهيل الأمور لهم عن طريق تدريبهم في العمل ليكسب الشاب خبرة في عمله، كما ينبغي ان تقدم لهم برامج تدعم وترفع من مستوى تقديرهم لذاتهم ومساعدتهم ككادر جديد يحتاج إلى من يمسك بيده ويرفعه ليستطيع أن يَشغل وقت فراغه في شيء يعود بالنفع على الجميع”.
تأثير البطالة في الناحية الاجتماعية:
داؤود الجبيري (اخصائي اجتماعي من محافظة صنعاء) يوضِّح مفهوم البطالة وتأثيرها في الشباب، قائلاً:” إن لها تأثيرات كبيرة فقد تؤدي إلى خلل في المجتمع، فهي تسبب فراغًا لدى الشباب، وهذا الفراغ يتسبب في مشكلات متعددة، فقد تكثر الانحرافات والعادات غير الصحيحة لدى بعضهم”.
وقد قدَّم الجبيري بعض المقترحات التي من الممكن أن تعمل على حلِّ هذه المشكلة وهي المطالبة بالاهتمام بالتعليم أولا لتنشئة الشباب تنشئة صحيحة، وتدريبهم بعد التعليم لاكتسابهم الخبرات اللازمة واستقطاب الشباب للعمل واستغلال طاقاتهم بأشياء قد تعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع.
وتوافقه الرأي تيسير الذهباني (أخصائية الخدمة المجتمعية من صنعاء) فتقول: “إن البطالة تتسبب في ضغوطات وانحرافات لدى الشباب وقد يترتب عليها أيضًا مشكلات كثيرة مثل السرقات والإدمان والتعاطي وغيرها”.
وأضافت: “من وجهة نظري الشخصية أقترح أن تقوم الدولة والمنظمات المحلية والدولية ذات الصلة بدعم المشاريع الشبابية الصغيرة وتوفِّير فرص عمل جديدة للشباب، وكذلك عمل منح دراسية لهم وتشجيعهم وتدريبهم على العمل والنهوض بالمجتمع لإيقاظ شعور المسؤولية بداخلهم، فالفرد أو الشاب مسؤول عن مجتمع كامل وليس مسؤول عن نفسه فقط”.
البطالة والشباب:
عمر خالد (32 عامًا من محافظة تعز خريج قسم المحاسبة) يقول: “بدأت أرسم خططي المستقبلية في العمل، حيث ذهبت عند تخرجي مباشرة إلى مكتب الخدمة المدنية متفائلًا، وقدمت ملفي ففوجئت بطابور طويل قد سبقني بسنين، هذه كانت أول صدمة لي، فكَّرت بعدها أن أقدِّم في عمل خاص كوني خريج محاسبة وأمتلك اللغة ومهارات الحاسوب، وكنت واثقًا بأني سأحصل على عمل، ولكن مع الأسف منذ ثمانية أعوام وإلى الآن وأنا أبحث عن عمل ولم أجد، والطابور مستمر.
يواصل عمر: “اضطررت حينها إلى العمل سائقًا لباص لأوفِّر لقمة العيش. والأمل الذي كان بداخلي قد قُتل، هذه ليست مشكلتي فحسب بل مشكلة موجود في كل بيت تقريبًا، فكل بيت لديه شاب أو اثنين على الأقل عاطلين عن العمل”.
ويرى “أن هناك حلولًا كالاهتمام بالتعليم في المقام الأول بما يتناسب مع سوق العمل وإنشاء مشاريع جديدة تتوافق مع الأعداد الكبيرة التي تتخرج في كل عام، وكذلك القضاء على الوساطة والمحسوبية لينال كل ذي حقٍّ حقه وتوفير مجالات عمل جديدة ليستطيع الشباب الإبداع في مجالاتهم “.
أما بالنسبة إلى سلام العماري البالغة من العمر 25 عامًا (خريجة قسم الصيدلة) فتقول: ” لم يحالفني الحظ أن أعمل في مجال تخصصي، ففي كل مرَّة كنت أقدِّم فيها للعمل إما أن أقابل بالرفض بسبب عدم الخبرة أو عدم الرد، وأحيانا الاكتفاء وأسباب أخرى مختلفة. حاليًّا أنا أعمل في تصميم الثيمات والدعوات كعمل حر أكسب منه مصروفي اليومي”.
حول موضوع البطالة والحدِّ منها كظاهرة منتشرة في مجتمعنا وفي كثير من المجتمعات أيضًا، ترى سلام “ضرورة أن تكون هناك مكاتب متخصصة تعمل على توفير فرص العمل للشباب بما يتناسب مع مجال دراستهم، أيضا لابد من وجود دورات تأهيلية للشباب تنمِّي قدراتهم وتصقل مواهبهم وتعرَّفهم بسوق العمل وتكسبهم الخبرة اللازمة”.
وافقتهم الرأي ربا أكرم (ذات ال24 عامًا من عدن خريجة هندسة الديكور) بقولها: “أنا خريجة جامعية عاطلة عن العمل لأسباب مختلفة كالمحسوبية والوساطة التي تعطي الأحقية لناس محددة و أقابل بالرفض ــ على حسب قولهم ــ لعدم وجود الخبرة الكافية، بالنسبة إلى البطالة فهي أكبر محبط لنا نحن الشباب.
من الناحية النفسية والعملية هناك مقترحات عديدة يجب تطبيقها للحدِّ أو للتخفيف من ظاهرة البطالة أولها – وفقا لربا – لابد من خلق فرص جديدة للشباب الخريجين الذين يبحثون عن فرص لإثبات ذاتهم في المجتمع، كذلك لابد من القيام بدورات تدريبية وتأهيلية ليقْدُم الشاب على عمل وهو على علم وخبرة بسوق العمل ومتطلباته”.
يقول مالك أمين (27عامًا من محافظة صنعاء خريج كلية العلوم الادارية): “كل شخص لديه ميوله وهواياته الخاصة به التي يحاول أن ينميها ويكبرها وتكبر أحلامه معها، أنا أردت أن أجد عملا يتناسب مع مجال تخصصي لأستطيع عن طريقه أن أعول نفسي وأسرتي ولكن مع الأسف تجري الرياح بما لا تشهي السفن. قدمت في أكثر من مؤسسة حكومية وخاصة، ولكن من دون جدوى، حاليًّا أعمل في محل لبيع العطور واوفر المصروفات الأساسية التي تمكنني من العيش أنا وأسرتي.
بخصوص الحلول التي من الممكن أن تُقدَّم في موضوع البطالة يقول مالك: “لابد من عمل مكاتب توظيف وتدريب لخريجي الجامعات، وبناء مشاريع جديدة ودعم المشاريع الصغيرة الخاصة بالشباب”.
في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…