4,5 مليون معاق في اليمن يعانون التهميش ذوو الإعاقة في مواجهة مع المستحيل من أجل التعليم
صوت الأمل – منال أمين
“تردَّت أوضاع ذوي الإعاقة في اليمن، بسبب ما يتعرضون له من خذلان وتهميش مستمر في ظل الصراعات والنزاعات الدائرة في البلد. بيانات منظمة الصحة العالمية أشارت إلى وجود أربعة ملايين ونصف المليون شخص من ذوي الإعاقة في اليمن، ومع استمرار النزاع المسلح يرجح أن يكون العدد الفعلي أكبر من ذلك، وقد بيَّنت الإحصائيات الصادرة عن المنظمات الإنسانية أن 50 – 100 شخص ينضمون يومياً إلى فئة ذوي الإعاقة في اليمن؛ بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من 6 سنوات”.
صندوق المعاقين.. لا توجد إحصائيات دقيقة
“50 ــــ100 شخص يصابون بإعاقات يوميّاً في اليمن بسبب الصراع“
وقال المدير التنفيذي لرعاية وتأهيل المعاقين في عدن محمد الشاعري لـ “صوت الأمل” إنها لا توجد إحصائية دقيقة لعدد ذوي الإعاقة في محافظات عدن، ولحج، وأبين، والضالع، وشبوة، وأن العدد الفعلي يتجاوز عشرة آلاف شخص من ذوي الإعاقة في هذه المحافظات، وهم مُسجلون في 30 مؤسسة واتحاد وجمعيَّة، ومعهد خاص بهم.
وأضاف الشاعري أن هناك نزولا ميدانيا من قبل الصندوق في فترة التعليم والتدريب والتأهيل إلى الجمعيات والمؤسسات والمراكز الخاصة بذوي الإعاقة لتقييمها وتقيم العاملين مع هذه الفئة، وذلك من خلال الخطط التي يتم تقديمها للصندوق سنوياً عبر استمارة التقييم التي يعدها الصندوق، وتعبئتها من قبل الفريق المكلف بالنزول الميداني للجمعيات.
وقال الشاعري: “يتم فحص السجلات ودفاتر الحضور والغياب، والنزول إلى الصفوف الدراسية والورش التدريبية، ومراقبه كيفية أداء الحصص الدراسية والتدريبية ومدى توفر الوسائل التعليمية، ومستوى حضور المعاقين لهذه الدورات، والعمل على تذليل أي صعوبات إن وجدت في الجمعيات ورفعها إلى قيادة الصندوق من قبل اللجنة المكلفة بالنزول للنظر فيها”.
وأكد الشاعري أن الصندوق يقدم الخدمات التعليمية والتدريبية والصحية للمعاقين، من خلال توفير النفقات التشغيلية للجمعيات والمراكز والمؤسسات التي توجد فيها فصول دراسية ابتدائية، بالإضافة إلى توفير وسائل النقل والمستلزمات التعليمية، والعمل على المساعدة في دمج الطلاب في المدارس الحكومية، من خلال توفير فصول دراسية خاصة للمعاقين، والعمل على إجراء الفحوصات التشخيصية والفحوصات الدورية للمعاقين.
كما أشار إلى أن الصندوق يوفر معلمين مؤهلين حسب فئات الإعاقة ووسائل مواصلات للمعلمين، ويدفع مرتبات المعلمين في جميع المدارس الحكومية والجمعيات لعدد 333 معلما بشكل شهرياً.
مخالفات قانونية من قبل السلطات المحلية
أوجد الصراع في اليمن الكثير من الصعوبات التي تواجه المرافق الخدمية التي تساعد ذوي الإعاقة في اليمن، حيث ترفض بعض الجهات الحكوميَّة صرف المبالغ المُخصصة لصندوق رعاية المعاقين.
وبحسب الشاعري فإن بعض الجهات الحكومية كالجمارك والطيران والمرور والشركات في محافظات حضرموت وعدن وشبوة والمهرة وسقطرى وغيرها من المحافظات، تقوم بتوريد الأموال المُخصصة للصندوق إلى حساباتها، وهو ما يعد مخالفا للقانون الذي ينص على توريد كل إيرادات الصندوق لحسابه بالمركز الرئيسي في عدن.
انعدام الاهتمام بذوي الإعاقة
وعن انعدام الاهتمام بذوي الإعاقة قال رئيس الاتحاد الوطني للمعاقين بعدن صالح النادري لـ “صوت الأمل” إنه لا يوجد اهتمام كبير بشريحة ذوي الإعاقة في اليمن؛ بسبب الصراع المستمر منذ أعوام، وما رافقه من مشاكل أمنية واقتصادية واجتماعية، الأمر الذي انعكس سلبا على فئة ذوي الإعاقة وأدى إلى مضاعفة معاناتهم، وعزلتهم.
وأضاف النادري أنه تم إغلاق معظم الجمعيات الخاصة بذوي الاحتياجات والإعاقة، كما تقليل الدعم المقدم من رجال الأعمال والخيرين والجهات الرسمية لنشاط بعض الجمعيات والمراكز التي لا تزال تعمل بإمكانيات ضعيفة لا تواكب الاحتياجات الضرورية التي يتطلبها ذوو الاحتياجات الخاصة هذه الفترة”.
ماجد عبد السلام (32) عاما، شاب من فئة الصم والبكم، منتسب لجمعية الصم والبكم بعدن وخريج تقنية المعلومات، يعاني ماجد الكثير من الصعوبات في حياته لا سيما منذ بدء الصراع في اليمن عام 2015.
يعيل ماجد أُسرة وهو المسؤول عن توفير احتياجاتها، ورغم هذه المعاناة التي يمر بها، كان يحدوه الأمل في أن يكون موظفاً حكومياً يحصل على راتب شهري ثابت يساعده في إعالة أُسرته، وهي الوظيفة التي كان من المقرر أن يحصل عليها ضمن خطة تبنتها جمعية الصم والبكم في إدماج هذه الفئة بالمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وذلك عبر تنسيقات متواصلة مع الجهات ذات العلاقة، ولكن وبسبب الصراع المستمر منذ أعوام في اليمن توقفت مثل هذه الجهود.
ومع ذلك ما زال ماجد يأمل أن يجد عملًا يناسب إمكانياته، ويساعده على إعالة عائلته الصغيرة التي كلما رآها يحس بكم الوجع والألم والحسرة، كونه عاجزاً عن الإيفاء بمتطلباتها الأساسية.
جهود جبارة في مواصلة الحياة
مترجمة لغة الإشارة ومنسقة شؤون جمعية الصم والبكم بعدن أشجان حسن، قالت لـ “صوت الأمل” إن الجمعية واجهت الكثير من الصعوبات منذ نشأتها 1997، والمتمثلة في إيجاد مقر دائم للجمعية وفتح ورش مهنية وتأهيلية للصم من الأولاد والبنات، بالإضافة إلى عدم وجود دعم مادي أو حتى معنوي من أي جهة كانت.
وأضافت أشجان: “نحن في الجمعية نجد صعوبة في فتح فصول دراسية تعليمية للصم والبكم، إلا أننا استطعنا وعبر الإمكانيات المتاحة والقدرات الجبارة أن نواجه تلك التحديات والعمل من أجل تطوير قدرات فئة الصم والبكم في مختلف المجالات المهنية والعلمية”.
عرفات هاشم، شاب من ذوي الإعاقة “أصم” مكث سنوات طويلة في الصفوف الدراسية العادية التي لا تخاطب فئة الصم والبكم.
فشل عرفات في حياته العلمية التي لم تستهدف في مناهجها في مختلف المراحل التعليمية فئة الصم والبكم، إلَّا أنه استطاع تحويل هذا الفشل الذي مني به إلى قصة نجاح وذلك عندما قرر تأسيس أول فصل مسائي لتعليم الصم والبكم، كما ساهم في فتح جمعية رعاية وتأهيل الصم.
وبالإضافة إلى دوره في فتح فصول دراسية تستهدف فئة الصم في كل مدرسة بمديريات عدن.
أسس عرفات “روضة المنارة للصم والبكم”، كما كان أحد مؤسسي “نادي المنارة الرياضي للصم”، بالإضافة إلى أنه شارك في إنشاء أول قاموس يمني للغة الإشارة عام 1999، وقد استطاع في النهاية، أن يحقق حلمه في إنهاء تعليمة الجامعي، وقد حصل على المرتبة الأولى في قسم التربية الخاصة.
أشجان حسن توضح أن “عدد الطلاب الصم والبكم المنتسبين للجمعية يصل تقريبا إلى 300 طالب وطالبة، حسب إحصائية العام الحالي 2020، وأن العدد يختلف من عام لآخر حسب الإقبال، خاصة فئة الصم والبكم من النازحين من تعز والحديدة، ومن محافظتي أبين وشبوة التي لا توجد فيها جمعيات تهتم بهذه الفئة من الناحية التعليمية بالشكل المطلوب “.
وقالت أشجان: “بعد خمس سنوات من المعاناة في إعادة تأهيل المبنى الخاص بجمعية الصم والبكم، الذي تضرر جراء الحرب، وانتقالنا مؤقتاً إلى روضة المنارة الدمجية التابعة للجمعية في المنصورة، والبحث المستمر في كل الجهات الرسمية والداعمة لإعادة تشغيل المبنى، تم إعادة الحياة فيه، وفُتحت الورش التدريبية والتأهيلية رغم الإمكانيات الضعيفة وقلة المواد والمستلزمات التعليمية الضرورية للطلاب، والمتمثلة في وسائل تعليمية حديثة، والحاجة لسماعات الأذن، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة للطلاب، والسعي المُستمر في تطوير مدارك هذه الفئة، من خلال العمل على فتح مساق البكالوريوس لقسم الحاسوب الآلي، والذي مازلنا نسعى إلى تحقيقه منذ ما يقارب أكثر من 4 سنوات”.
جمعية أطفال عدن للتوحد.. نموذجٌ في موجهة التحدي
تُعد جمعية أطفال عدن للتوحد نموذجاً للعمل الذي يستهدف أطفال التوحد في عدن، وباقي المحافظات المجاورة، حيث أُنشئت الجمعية منذ ما يقارب التسع سنوات، بإمكانيات متواضعة، من أولياء أمور الأطفال المصابين بالتوحد، ودون ميزانية تشغيلية، وقد استطاعت هذه الجمعية أن تتحدى كل المعوقات والصعوبات من أجل تقديم الخدمات الأساسية لإعادة تأهيل الأطفال وتوعية المجتمع في كيفية التعامل مع هذه الفئة.
وتقول رئيسة جمعية أطفال عدن للتوحد، المهندسة عبير اليوسفي، لـ “صوت الأمل”، إن عدد المنتسبين للجمعية بلغ ٢٣٠ طفلا وطفلة، ويوجد عدد كبير بالانتظار لا يمكننا استيعابهم، نظرا لضيق المكان، والذي لا يسمح لنا إلَّا باستقبال عدد محدود من الأطفال، من عدن ومن باقي المحافظات المجاورة “.
وأضافت اليوسفي: “من أهم المشاكل التي تواجه عمل الجمعية حاليا عدم توفر باصات للأطفال، الأمر الذي يعرضهم في أغلب الأوقات إلى الانقطاع عن الجلسات، وأيضا تأخر صرف الميزانية التشغيلية رغم الوعود الكثيرة بصرفها، الأمر الذي سبب ضغطا كبيرا على الجمعية من ناحية الرواتب، والمشتريات والوسائل التعليمية، وعدم وجود الداعم لتكييف المنهج الدراسي الخاص بأطفال التوحد، الذي من شأنه أن يخدم تنمية مهاراتهم في مختلف المجالات، حيث أنه يعتمد على الصورة البصرية بشكل كبير”.
وتؤكد اليوسفي أن هناك خططا تطويرية تسعى الجمعية إلى تحقيقها بتكاتف الجميع، وتتمثل هذه الخطط في إضافة فصول دراسية لزيادة استيعاب الطلاب، بالإضافة إلى السعي لتطوير برنامج التكامل الحسي وصعوبات التعلم، وفتح قسم خاص بالاستشارات التربوية والنفسية”.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه فئة ذوي الاحتياجات الخاصَّة، إلَّا أن أحلامهم في غد أفضل، ومبادراتهم الفردية التي هدفت إلى إحداث تغيير ملموس تحتاج إلى الدعم المجتمعي، وهو ما قد يبدو صعباً تحقيقه في مجتمع انهكته الصراعات المُستمرة.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …