‫الرئيسية‬ الاقتصادية مبادرات دعم التعليم: فتح أبواب الأمل لجيل واعٍ

مبادرات دعم التعليم: فتح أبواب الأمل لجيل واعٍ

صوت الأمل – رجاء مكرد وياسمين يوسف

“تساعد العديد من المبادرات الشبابية والمجتمعية على استمرار التعليم في وساط الفئات والأسر التي تعاني من أوضاع معيشية متردية، وغير القادرة على تعليم أبنائها وإلحاقهم في المدارس، وخاصة الأطفال الذين اضطروا لترك المدارس بسبب الأوضاع التي تعيشها البلاد، والتي أدت إلى تدهور العملية التعليمية.”

في صنعاء، بدأ نزار السقاف وأربعه من أصدقائه العمل على مبادرة من أجل تعليم الأطفال المهمشين في شوارع صنعاء، حيث وجدوا في بداية تشكيل المبادرة الشبابية لتعليم الأطفال المهمشين صعوبة في إقناع الأطفال وأهاليهم، إذ أن أغلب الأطفال كانوا يجوبون الشوارع إما للتسول أو غيره من الأعمال التي يحصلون منها على مقابل مادي لإعانة أسرهم على توفير الاحتياجات الأساسية.

تعليم المهمشين مبادرة بصنعاء

بعد جهود كبيرة، تمكن فريق المبادرة من جمع الطلاب، وتخصيص ساعتين في اليوم لتدريسهم.. لم يكن لدى المبادرة أي إمكانيات، ولكنهم أتخذوا من حيز في إحدى الجولات بشارع حدة صنعاء مكاناً لتدريسهم.

يقول عبدالرحمن شملان- عضو في المبادرة، إن الطلاب المهمشين كانوا يستطيعون عد الأرقام لكنهم لا يعرفون أيَّا منها هو الرقم 1 وأيها 2 أو 3، كذلك لا يعرفون شيئاً عن الألوان، يقولون “أحمر وأبيض وأسود”، ولكن بدون دراية إن كان فعلاً أحمر أو لونا آخر مثلاً: “زهري أو برتقالي”.

ويضيف شملان، بلغ عدد الطلاب بين 17 – 23 ممن هم ملتزمون بالحضور كل يوم، واجهنا صعوبة في كيفية تعويدهم على ترك الألفاظ البذيئة والسب، وتمكنَّا من ذلك، وبالنسبة لقرطاسية التعليم، اشترينا لهم دفاتر وأقلاما ومستلزمات، وكان كثير من المواطنين المارين يتفاعلون مع عملنا، وكل مواطن يبادر بشيء، بعضهم يشتري لهم الشيبس، وآخر يدعم بقرطاسية التعليم؛ وهذا ساهم في إقبال الطلاب المهمشين على التعليم.

بعد مرور ثلاثة أشهر بدأ الطلاب التعود على حصص التعليم، كما أن أحد المبادرة وهو أبو بكر الخولاني، تبرع بباصه ليكون فصلًا للدراسة لمدة ساعتين في اليوم، وفي الأسبوع يومي الاثنين والخميس، وأسموها “مدرسة متحركة Mobile School”.

استمر تعليم الأطفال المهمشين لمدة سنتين، إذ بدأوا بتعليمهم عام 2013م، وجرى تكريم أبطال المبادرة الشبابية بالمركز الثالث لمسابقة المبادرات الطوعية الشبابية لعام 2013م، كما تم تكريمهم من حكومة الشباب ضمن تكريم المعلمين عام 2014م، وتوقفت هذه المبادرة بسبب الصراع.

الجميل في المبادرة الشبابية، استمرار أثرها على المهمشين، إذ أن من نتائجها التحاق بعض الأطفال المهمشين إلى المدارس لمواصلة تعليمهم، ويقوم أعضاء المبادرة حتى اللحظة بمتابعتهم. يقول نزار السقاف- القائم على المبادرة: “التحق بالمدارس كُلٌ من نوف ونوفي، وعبده علي، وراكان، وسُعدة، وجميلة.. وجميعهم أعمارهم فوق الخمس سنوات، وينتمون إلى محافظات تعز والحديدة وحجة”.

يطمح رواد المبادرة الشبابية إلى مواصلة تعليم المهمشين، ومدّ هذه الحلقات التعليمية إلى كلٍ من حجة وتعز والحديدة، ولكنهم لم يتمكنوا، إذ أنه لا يوجد دعم، كما أن اعتمادهم يحتاج إلى حساب في البنك بمقدار مليون ريال يمني، وهو المبلغ الذي لم يتوفر لديهم في الوقت الحالي.

تدهور العملية التعليمية

الصراع في اليمن أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية، وتسبب في انهيار المنظومة التعليمية مما أدى إلى تسرب عدد كبير من الطلاب والطالبات، وعدم مواصلتهم لمسيرتهم الدراسية والتعليمية، لعدم القدرة على توفير المستلزمات الدراسية، واضطر العديد منهم للبقاء طيلة الوقت في الشارع للَّعب إن لم يكن لممارسة عمل ما.

بدأت أحلام أحمد (34 عاما) بالاهتمام بالتعليم في المدارس، إذ لاحظت أن التعليم منذ بداية الصراع بدأ بالتراجع والتدهور، وتسرب كثير من الطلاب من المدارس، فقامت بعمل مبادرات توعوية لمختلف المستويات التعليمية، وأنشأت صفحات اجتماعية تديرها هي وفريق ضمته مؤخرا.

فيما يخص التعليم في المدارس، تدير أحلام صفحة بالفيس بوك باللّغتين الإنجليزية والعربية اسمها “دعم التعليم في اليمن”، متخصصة بالتوعية ومناصرة الأطفال، وبيان أهمية التعليم، وإعادة فتح المدارس، وحشد موارد ومبالغ مالية لدعم التعليم؛ إذ تمكنت من توفير حقائب مدرسية، ودفاتر وألوان، وتقوم بتوزيعها على الطلاب المحتاجين في المدارس.

مبادرة سكولي

كما أطلقت على موقع التواصل الاجتماعي مبادرة أُخرى اسمها “سكولي”، تقوم من خلالها بتنزيل منح دراسية للخريجين “بكالوريوس وماستر”، بعد ترجمتها من اللّغة الإنجليزية إلى العربية، وبعضها باللّغة الإنجليزية، وتقول أحلام بأنها ترسلها لكثير من الطلاب إلى الجامعات.

حيث تقوم أحلام بإدارة مبادراتها، ولديها مجموعتان متخصصتان بتعليم اللّغة والترجمة وتقديم دروس “أونلاين” وكتب خاصة بالاختبارات الدولية مثل توفل وآيلتس، بالإضافة إلى مجموعة أخرى مختلفة قليلا، وهي عن التعليم الإنساني الذي يهتم بمراعاة بعض الأُسر المحتاجة؛ إذ لاحظت من خلال توزيعها للقرطاسية على بعض طلاب المدارس، أن أسرهم عاجزة وبعضها معدمة أو شحيحة الدخل، ومن خلال هذه المجموعة رعت بعض المشاريع الصغيرة للأسر، كتوفير ماكينة خياطة لأسرة، ودعم أسرة أخرى عبر إنشاء مشروع بيع البطاطس، أما في بعض المدارس والأماكن العامة.

وتطمح أحلام، وهي خريجة جامعة صنعاء كلية التربية تخصص لغة إنجليزية وطالبة ماجستير في الترجمة الفورية، إلى مواصلة تعليمها العالي والحصول على الدكتوراه في التنمية الدولية والنوع الاجتماعي، وإنشاء منظمة متخصصة بالتعليم، بحيث توفر الدعم للتعليم بمصداقية، وتغير مجرى الحياة، وتغير نظام التعليم. وتقول أحلام: “التعليم أداة التغيير وتعتبر الأساس في نهضة الشعوب”.

العلم خط أحمر في عدن

هناك الكثير من المبادرات التي تحتاج لدعم الجهات الحكومية والخاصة لمواصلة أهدافها واستمرارية مجهوداتها التي تبذلها للوصول إلى تحقيق ما أنشئت لأجله، ولذا فإن العمل لتسليط الضوء عليها يرفع من فرص نهوضها واستمراريتها.

وخلقت الأوضاع التي تعيشها اليمن العديد من التحديات أمام المبادرات الشبابية التي تعمل جاهدة لخلق تغير مجتمعي مهما كانت بساطة الإمكانيات، ولكنها مستمرة بكل حماس لتتغلب على الصعوبات التي ضاعفها النزاع، إحدى هذه المبادرات هي حملة “إغاثة الطلاب حتى لا يحرمون من الدراسة”، أقيمت في محافظة عدن  بعد أن قام بعض الآباء بسحب أولادهم من المدارس، بسبب عدم قدرتهم على توفير المستلزمات، وكانت تحت شعار “لن ينهض مجتمع دون النهوض بعقول أبنائه وعززوه بعبارة “العلم خط أحمر”، وتحتوي الحملة على عدة مستويات للدعم، ففي المرحلة الأساسية من الصف الأول إلى الصف الخامس تحديدا، يتم التبرع لهم بمبلغ زهيد لا يتجاوز أربعة آلاف ريال، أي ما يعادل خمسة دولار أو أقل، لتزداد بمقدار ألف ريال فقط لدعم المرحلة الإعدادية أو المتوسطة، ويضاف مبلغ ألف آخر للمرحلة الثانوية، مع إتاحة الفرصة لبعض المقتدرين بكفالة طالب بشكل كامل،  بمبلغ عشرين ألف ريال فقط.

مبادرة “أمة اقرأ” في إب

مبادرة أخرى في محافظة إب، نظمها العديد من الشباب تحت مسمى “أمة اقرأ ستقرأ” عملت على تعليم طلاب الابتدائية القراءة والكتابة بطريقة سهلة ومبسطة، عن طريق القراءة المصورة.

مبادرة تعليم الأطفال في تعز

في مديرية المعافر بمحافظة تعز، حظي النازحون بنصيب من التعليم، إذ يرعى الوالد أحمد علي قائد مبادرة لتعليم الأطفال ممَن لم يتمكنوا من الانضمام للمدارس نتيجة ظروف النزوح وازدحام المدارس أو عدم توفر رسوم الدراسة لدى البعض منهم.

يصل عدد الأطفال الذين يقوم قائد بتدريسهم في مخيم جبل زيد 30 طفلاً “بنات وأولاد”، من عمر السابعة حتى العاشرة، ويقوم بتدريسهم القراءة والأعداد والحروف وغيرها من الأساسيات.

أيضاً في نفس المديرية “المعافر” تقود فاطمة مبادرة لتعليم النساء الأميات، القراءة والكتابة وكيفية أداء الصلاة وتحفيظ القرآن.

تقول فاطمة علي عبد الله، إنها بالإضافة لدوامها في الجامعة، تخصص السبت والجمعة لتعليم 20 امرأة أعمارهن بين 19 – 50 عاماً، في غرفة هناك بعزلة السواء قرية جبل زيد.

قليلةٌ هي النماذج ممَّن تحدوا الظروف، وما تمر به اليمن من صراع وأزمة اقتصادية وتدهور للتعليم، ووقفوا في صمود للدفع بحركة النهضة والتنمية، ويستحقون الدعم من المبادرات والأخذ بعجلة التنمية التي يقودونها.

‫شاهد أيضًا‬

تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه

صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم)  يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…