نازحو مأرب بين مطرقة الخوف وسندان «كورونا»
صوت الأمل – علياء محمد
“أدى الصراع في اليمن إلى موجة نزوح عالية أجبرت العديد من الأسر على الانتقال إلى مخيمات النزوح منذ ستة أعوام، وكانت وجهة الكثير من النازحين إلى محافظة مارب، شرق اليمن.”
ووفقا لإحصائيات صادرة عن المنظمة الدولية للهجرة، استقبلت محافظة مأرب ما يقارب من ثلاثة ملايين نازح، توزعوا في أكثر من 130 مخيمًا في الضواحي الشمالية والجنوبية للمحافظة، ومديريات: “مدغل” و”الوادي” و”رحبة’ و”صرواح” و”رغوان”. وتصدرت المحافظة المرتبة الأولى في احتضانها عددًا أكبر من النازحين.
وقالت المنظمة في بيان لها، إن أعداد النازحين في محافظة مأرب، منذ يناير 2020م، وصل إلى نحو 70 ألف نازح، يعيش 75 % منهم في مخيمات تفتقد لمقومات العيش والخدمات الأساسية والمنقذة للحياة”.
تقول عايدة القباطي نازحة في محافظة مأرب منذ ثلاث سنين: “ الوضع هنا يزداد سوءًا، يومًا بعد يوم، وغلاء المعيشة من أهم المشاكل التي نواجهها، فإيجارات المنازل مرتفعة ولا تصلنا مساعدات المنظمات؛ لأننا غير متواجدين في مخيمات النزوح”.
“خيام متهالكة ومفتوحة لا تقينا من البرد الشديد”، هكذا وصف أحمد المجيدي، أحد النازحين منذ سنتين في مأرب، وضعه ووضع عدد من النازحين. ويقول: “ تأثرت خيامنا بسبب الامطار وتعرضت للضرر نتيجة ارتفاع منسوب السد، وانجراف السيول، لم نجد فرص عمل لتكن مصدر دخل لنا، وتفتقر مخيماتنا للعديد من الخدمات الأساسية”.
الأمطار والنازحون
شهدت محافظة مأرب، خلال الفترة بين يوليو وأغسطس أمطارًا غزيرة، تسببت بأضرار واسعة في أجزاء كبيرة من مخيمات النازحين؛ بسبب تدفق السيول وارتفاع منسوب مياه السد في حادثة لم تحدث منذ إعادة بناء السد في عام 1986، والذي تبلغ مساحته 30 كيلومترًا مربعًا تتسع لـ 400 مليون متر مكعب من الماء.
ولأول مرة في تاريخ سد مأرب تجاوز منسوب المياه في السد سعته الافتراضية، ووصل إلى 550 مليون متر مكعب، وفاضت المياه من ممرات سد مأرب باتجاه وادي عبيدة، وباتجاه منطقة “حدير جان” شرقًا، مما تسبب في أضرار بالغة في مساحات زراعية واسعة وطال الضرر العديد من المخيمات ومنازل المواطنون.
وأرجع عدد من المراقبين السبب إلى مشاكل وعيوب هيكلية في بناء السد، منها عدم وجود نظام ري ومشكلة الترسبات ومشاكل في تصريف المياه.
ووفقا لتقارير صادرة عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين تضررت 3066 أسرة أضرارًا كُليَّة و13219 أضرارًا جُزئية توزعت على عدد من المديريات، وتنوعت الأضرار ما بين تلف المواد الغذائية وغير الغذائية والمواد الإيوائية وتدمير المأوى من خيام وبيوت طينية، إلى جانب أضرار الصرف الصحي في المخيمات، وضياع وتلف بعض خزانات المياه.
وكان لمديرية صرواح الواقعة غرب محافظة مأرب الجزء الأكبر من هذه الأضرار حيث قدّر فيها عدد النازحين 4871، موزعين على 13 مخيمًا، ويقيم النازحون تجمعات لهم في حوض السد، وأبرز هذه التجمعات مخيمات: “الصوابين والروضة وذنة الهيال واراك”.
ويعانى النازحون في هذه المخيمات ظروفًا معيشية صعبة خلال فترة هطول الأمطار، وتضررت 1340 أسرة، وفقدت 430 أُسرة المأوى.
وقدّر حجم الاحتياج الكلي من المواد الغذائية بــ 1150 لــ 1430 أسرة تلفت موادهم الغذائية.
بينما تضررت 1023 أسرة بسبب فقدانها المواد الإيوائية وغير الغذائية وقيّمت الوحدة التنفيذية بمحافظة مأرب الأضرار والاحتياجات في المياه والاصحاح البيئي حجم الاحتياج بــ 750 خزانًا و1430صرفًا صحيًّا لـ 1430 اسرة.
مخاوف من انهيار السد
وتزداد مخاوف عدد كبير من النازحين، حول احتمالية انهيار سد مأرب التاريخي، بسبب الأمطار الغزيرة التي لم يشهدها اليمن منذ عقود طويلة.
في السياق، يقول عبد الله أحمد سالم، مؤسس صفحة “سد مأرب” والمهتم بشؤون السد: “ لا صحة لما ينشر ويثار من مخاوف انهيار السد، حيث أكد لنا المهندس والمسؤول الفني الذي رافق عملية الإنشاء والتشغيل منذ اللحظات الاولى أن السد آمن جدًّا من الناحية الفنية والاستيعابية؛ لأن جسم السد مؤمن بقاعدة ردمية ضخمة”.
ويؤكد في كلامه ان المشكلة لا تكمن في انفجار السد، وإنما في زيادة حجم المياه الخارجة منه، لأنه لم يتم عمل قنوات تصريف المياه الفائضة لتفادي كمية المياه التي تزيد عن القدرة الاستيعابية لعبارة منطقة الفلج، التي يشق السيل طريقه إليها. وبالمقابل شكَّل المجلس المحلي لجنة طوارئ بالإضافة إلى تعاون الأهالي لمحاولة الحفاظ على عبارة الفلج، وهناك دراسات لعمل حلول آنيَّة ومستقبلية لعمل مصدات في مناطق مرور السيول.
الدورالمجتمعي
حاولت الجهات المسئولة في المحافظة الحد من آثار ارتفاع منسوب المياه في السد، خاصة فيما يتعلق بمخيمات النازحين، عبر فتح البوابات الرئيسية لتخفيض منسوب السد المعتاد لتلافي تبعات تدفق السيول.
يقول الإعلامي رشيد المليكي “ نحن في محافظة مأرب نتحدث عن ثلاثة ملايين نازح، في محافظة كانت تفتقر سابقًا لعدد من الخدمات الأساسية في شتى القطاعات، وشكلت موجة النزوح ضغطًا كبيرًا، وتضاعفت معاناة النازحين بهطول الأمطار الغزيرة وتدفق السيول، وسببت خسائر كبيرة وأجلى المجلس المحلي عدد من المتضررين إلى الفنادق ولكن عندما عادوا لم يتبقّ لهم من بيوتهم الطينية إلَّا التراب”.
أعداد واسعة من النازحين، في محافظة مأرب، يفتقدون لأبسط مقومات الحياة الأساسية، مما دفع الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في المحافظة إلى الاسراع بتشكيل لجنة طوارئ مشتركة وإعداد تقارير عاجلة خاصة بالأضرار والاحتياجات بالتعاون مع شركائها في العمل الإنساني للقيام بالتدخلات الفورية والاستجابة الطارئة لإغاثة المتضررين وتغطية الاحتياج في كافة القطاعات وتوحيد كافة الجهود والقدرات المتاحة لمواجهة الأعداد المحتملة من المتضررين، جراء استمرار حالة المناخ، والطقس الماطر، وخرجت بعدد من التوصيات، توزعت على: كتلة المأوى والصحة والأمن الغذائي وكتلة المياه والإصحاح وادارة المواقع والحماية، التي اقترحت عمل “مشاريع نقد” مقابل العمل و”مشاريع مدرة” للدخل وأنشطة الدعم النفسي وتوفير الوثائق الشخصية.
يقول نجيب السعدي، رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: “ في محافظة مأرب نحن أمام مجتمع منهك من النازحين، نتيجة فقدانهم الاحتياجات التي تحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم، وما زالت أعداد النازحين في ازدياد. ونحن كجهة مسؤولة عن النازحين نقوم بدورنا، من خلال تشكيل فرق ميدانية، تقوم بتحديد نقاط التسجيل لتسهيل وصول المنظمات وتنسيق الأعمال الإنسانية، وتم تدريب هذه الفرق تدريبات خاصة، ادت إلى اكساب المشاركين مهارات: المسح والرصد والتوثيق وجمع البيانات الخاصة بالنازحين وتنظيم وتنسيق مخيمات النزوح وإعداد التقارير الخاصة باحتياجات النازحين”.
ووصف السعدي الوضع الصحي في المحافظة بـ”السيئ”؛ نتيجة انتشار فيروس كورونا، حيث أثبتت التقارير الصادرة عن الوحدة التنفيذية أن النازحين أكثر عرضة للإصابة بالمرض نتيجة للازدحام الشديد في المخيمات المفتوحة وعدم وجود أدوات النظافة المُعقمة والكافية لمحاربة ومواجهة المرض.
تحديات كبيرة تواجه النازحين والعمل الانساني في محافظة مأرب، بسبب: تدفق غير مسبوق لموجات النزوح، وشدة احتدام في الصراع في عدد من المناطق اليمنية. ويدعو الوضع المتردي للنازحين المنظمات الدولية والمحلية والجهات الحكومية إلى توحيد الجهود وتنسيقها لتقديم الدعم للنازحين للتخفيف من معاناتهم في مختلف القطاعات: الصحية، والغذائية والتعليمية والحماية والإيواء.
تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه
صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم) يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…