التمكين الاقتصادي حل للمساواة بين الجنسين وطريق للتنمية المستدامة
صوت الأمل – رجاء مكرد
155 هي مرتبة اليمن –قبل الأخيرة- في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين للعام 2021م مقارنة بـمرتبتها في العام 2006م حيث كانت في المرتبة 115، وفقًا لـتقرير “Global Gender Gab” الصادر عام 2021م.
تزداد الحدة في عدم المساواة بين الرجل والمرأة في اليمن تبعًا لاستمرار الصراع مما سبَّبَ للنساء خسائرَ اقتصادية كثيرة، لا سيما مع ازدياد الوفيات بين الرجال.
تُعد المرأة اليمنية أكثر الفئات تضررًا على الصعيد الاقتصادي بسبب النزاع؛ فالتغيرات السلبية في الحياة الاجتماعية والصحية قد أجبرتها على الخروج إلى سوق العمل، وتحمل أعباء مسؤولية الدخل المعيشي، وبالذات بعد هجرة عائل الأسرة أو وفاته.
هُناك محاولات جدية للتوعية بالنوع الاجتماعي، وضرورة المساواة والتمكين الاقتصادي على الرغم من استمرار ديناميكية عدم المساواة بين الجنسين في اليمن.
النساءُ الحلقةُ الأضعف
تُشير الأبحاث إلى أن النزاع قد أثَّر على القوى العاملة من النساء أكثر من تأثيره على الرجال؛ فمنذُ العام 2015م انخفضت عمالة الذكور بنسبة 11%، في حين انخفضت عمالة النساء بنسبة 28%، بحسب ما وضَّحه بحث “اليمن: تداعيات الحرب على القوى العاملة من النساء، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية” المعد في يوليو 2019م.
يبين البحث أن الشركات المملوكة للنساء أكثر تضررًا من الشركات المملوكة للرجال؛ فقد أُغلقت 26% من الشركات في قطاعات التجارة والخدمات والصناعة منذ عام 2015م، وارتفع هذا المعدل إلى %42 من الشركات المملوكة للنساء بسبب الأضرار المادية وفقدان رأس المال والكهرباء والوقود. كذلك وجدت مالكات المشاريع الصغيرة صعوبة أكثر من الرجال فيما يتعلق بالوصول إلى الحسابات المصرفية.
وفي ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعيشه اليمن، تواجه النساء مخاطر ومواطن ضعف كبيرة في العمل؛ فغالبًا ما تكون خبرتهن محدودة أو معدومة حول الأنشطة المدرَّة للدخل مقارنة بالرجال.
وبشكل عام، يوضح برهان يحيى محمد (بكالوريوس إدارة- إحصاء ونظم معلومات في قطاع الصحة) أهم المشاكل الاقتصادية المتعلقة بالنوع الاجتماعي من آثار الصراع؛ حيث يقول إن هناك العديد من القضايا في الجانب الاقتصادي التي تأثرت جراء الصراع، منها عدم القدرة على شراء المواد الغذائية والمواد الأساسية للحياة بسبب الغلاء وزيادة تكلفة المواد المنعكس عن الوضع القائم، ونتيجة لعدم حصول الرجال على مرتبات، وارتفاع البطالة في العمل لعدم وجود فرص وظيفية.
ويضيف: هُناك أضرار أخرى على المرأة والطفل، منها عدم القدرة على تغطية الجانب الصحي والأمراض – لا سيما بين النساء الحوامل والأطفال وكبار السن-، وزيادة تسول الأطفال والنساء بين كثير من الأسر التي تعاني عدم وجود ضمان اجتماعي.
ويؤكد يحيى أن من الأضرار الاقتصادية على الجنسين عدم القدرة على إنشاء المشاريع الصغيرة والحرفية؛ بسبب انعدام الأمن والاستقرار اللذين يؤثران على استقرار الاقتصاد، مشيرًا إلى أن ضعف الإنتاج يؤدي إلى قلة الدخل والإيرادات على مستوى الفرد والدولة؛ وهذا ينعكس سلبًا على الاقتصاد ككل.
ويضيف أن الصراع يعرقل التنمية ويؤخر ثمارها في كل المجالات، وبالذات في قضايا النوع الاجتماعي من خلال عدم التمكين من المشاركة في العمل والإنتاج، والمساهمة في دخل الأسرة. أما الجانب التجاري والاستثماري فتأثرت إمكانيات الاستيراد والتصدير، وارتفعت العملة الأجنبية مقابل الريال اليمني وازدادت البطالة وانخفض الدخل؛ مما الذي تسبب في تقلص فرص عمل المرأة في المصانع والمعامل.
من جانبها توضح أمل معجم (مسؤولة في وزارة حقوق الإنسان) لـ”صوت الأمل” أن المرأة اليمنية أصبحت -في الوقت الراهن- تتحمل جزءًا من المسؤولية في الإنفاق على أسرتها؛ لذلك ساهم مشروع الاستجابة الطارئة في توفير فرص عمل، ودخل مادي للمرأة، وبذلك تحسن المستوى المعيشي للأسرة بشكل عام.
وتضيف معجم أنه إلى جانب الصراع، هناك عوائق تسبب تمييزًا في النوع الاجتماعي بإقصاء دور المرأة، منها التي تواجهها المرأة اليمنية من المجتمع، وكذلك العادات والتقاليد إذ يرى البعض أن عمل المرأة يدخل في مفهوم العيب الاجتماعي. أما العائق الآخر فهو قلة الموارد المالية؛ فأحيانًا تكون فكرة العمل موجودة لكن لا يوجد مالٌ كافٍ للتنفيذ.
توصيات
تؤكد أمل معجم، أن عمل المرأة اليوم ضرورة اقتصادية وأخلاقية نابعة من قيم العدالة، كما أن التمكين الاقتصادي يعطي المرأة قيمة لذاتها وللمجتمع، ويتيح لها ممارسة الاختيار الحر، واتخاذ القرارات التي تخص حياتها، ويجعلها عضوًا فعّالًا في المجتمع.
وتوضح معجم أن تمكين المرأة اقتصاديًا يعمل على زيادة مشاركتها في سوق العمل، وتحقيق تكافؤ الفرص وتحسين المستوى المعيشي للمرأة، واستفادتها من عائد المشاركة في التنمية، ويعمل على زيادة قدرتها واعتمادها على الذات، لتسهم في الحياة الاقتصادية وتشارك في صنع القرارات والسياسات إلى جانب الرجل. وتنوِّه معجم قائلةً: “الأكيد أن نجاح عملية التمكين الاقتصادي للمرأة اليمنية ستسهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وتتمثل إمكانية النمو الاقتصاديه الأقوى من خلال زيادة سيطرتها وتحكمها بالموارد الاقتصادية الأساسية.
وتضيف: “تمكين المرأة أقتصاديًا يؤثر في حياتها وأسرتها ومحيطها؛ فاجتماعيًا ستتمتع المرأة باستقلالية وثقة في النفس، وقدرة على اتخاد قراراتها دون أن يكون لغيرها تأثير مباشر، وأعني بالتأثير المباشر أن يجبرها أحدٌ ما على فعل شيء لا تريده”.
وتؤكد معجم أن من فوائد الجندر للمرأة، أنها تكون مصدر قوة، فتكسب احترام الآخرين ويكون لديها القدرة على تحمل مسؤولية نفسها وأطفالها في حال كان الزوج سببًا في تعنيفها، أو في حال وفاة الزوج أو حدوث الطلاق، فإن تمكينها اقتصاديًا سيجعلها تُدير مشروعها الخاص، وسهولة اتخاذ القرار على مستوى حياتها الشخصية وأمومتها.
وتضيف معجم، أن تمكين المرأة ومساواتها بالرجل اقتصاديًا، سيعطيها قوة الإصرار على إعالة أولادها؛ ففي حال حدوث طلاق لن ترفض أسرة المرأة حصانة الأم لأطفالها إذا كان لدى الأم القدرة إعالتهم.
التمكين الاقتصادي حل للمساواة
“أثبتت المرأة اليمنية ذاتها في زمن الصراع، إذ تواجه الظروف الصعبة بكل قوة، وأصبحت هي الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها دخل الأسرة بعد التدهور الاقتصادي في البلاد؛ فشقت الطريق بمشاريع صغيرة أو أعمالٍ تقوم بها من أجل إعالة أسرتها، وفقًا لأمل معجم -مسؤول في وزارة حقوق الإنسان.
مضيفة: كانت المرأة في ظل النزاع أكثر من تتولى تخفيف آثار النزاع ومعالجتها، رغم ضعفها البدني وثقافة العيب ضد صوتها وبدنها وألوان ملابسها وأنشطتها خارج المنزل، وكان للصراع دورٌ إيجابيٌ في زيادة نسبة مساهمة المرأة في خلق الحراك التنموي والمعيشي واتخاذ القرار داخل الأسرة والمجتمع.
مشيرة إلى أن هناك عوامل تعزز من تمكين المرأة أقتصاديًا، منها إيجاد دعم من القائمين على العمل في مجال مشاريع اقتصادية ناجحة للنساء، ودعم انتشار بضاعتها من المنتجات المحلية وتسويقها؛ فالمنتج الذي تقدمه المرأة منتج محلي ساعد القائمين على الاقتصاد داخل الجمهورية اليمنية في ازدهار وانتشار المنتج المحلي.
يعود برهان ليقدم معالجات للمساواة بين الجنسين اقتصاديًا، منها العمل على إحلال السلام من خلال المطالبة بإيقاف الصراع عن طريق نشر الوعي و عمل وقفات احتجاجية -حسب رأيه- أمام منظمات المجتمع المدني، وعبر قنوات وسائل الإعلام وبطريقة حديثة بجميع لغات العالم لتعريف العالم الخارجي والأجنبي، بالواقع الذي تعيشه المرأة والطفل والمجتمع اليمني.
مضيفًا، أن من ضمن المعالجات تمكين المرأة من المساهمة في اتخاذ القرار والمشاركة السياسية في الحكم وفي الأعمال الإنتاجية، وأن تعمل الدولة بمساعدة المنظمات الدولية على تأسيس أعمال حرفية ومشاريع صغيرة للمرأة تعينها على مواجهة الوضع المعيشي من أجل المساهمة ولو بجزء بسيط في التنمية والاقتصاد، والعمل على توفير الخدمات الطبية المناسبة للنوع الاجتماعي، وإشراك المرأة في وضع الخطط التنموية والاقتصادية من أجل الاهتمام بجانب النوع الاجتماعي، وعدم إهماله في تخطيط المشاريع التنموية والاقتصادية وتنفيذها.
رجاء يحيى الذماري (Protection Officer، عاملة في مجال الحماية الإنساني وباحثة في التنمية والنوع الاجتماعي) تقول لـ”صوت الأمل”: “إن تمكين المرأة يندرج تحت الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة وهو (المساواة بين الجنسين)، أيضًا ما يتوافق مع اتفاقية سيداو (القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) ومن ضمنها الحق في المشاركة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
وتضيف الذماري أنه لتكون النساء قادرات على المطالبة بتلك الحقوق، لا بد أن يتم تمكينهن في تلك المجالات، ومن ضمنها: المجال الاقتصادي من ناحية تدريبهن وتأهيلهن وإكسابهن القدرات والمهارات بالشكل السليم، ليصبحن قادرات على النجاح.
مردفةً: تكمن أهمية التمكين الاقتصادي في تحسين وضع المرأة على الصعيد النفسي من خلال تعزيز ثقتها بذاتها، وزيادة وعيها بحقوقها وضمان وصولها إلى الموارد المتاحة.
وتؤكد رجاء أن تمكين المرأة على الصعيد المادي، من خلال إخراجها من حالة العجز (الإعالة إلى المعيل)، أمر ضروري، بإكسابها مهارات وقدرات من شأنها أن تكفل لها ولأسرتها مصدر دخل لحياة كريمة.
وتعقِّبُ على ذلك بأن تمكين النساء يؤدي إلى نجاح مشارعيهن؛ وهو ما يسهم في خلق فرص عمل للآخرين، ويخفف من البطالة، متماشيًا مع الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة بشأن تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
استطلاع: العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن موجه نحو المرأة بنسبة %69.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ينا…