قطاع الاتصالات في اليمن.. خدمات متنوعة ومراحلُ تطوُّرٍ ملحوظة
علياء محمد – صوت الأمل
برز قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كأحد أهم القطاعات الحديثة التي تشهد تطورًا سريعًا في العالم، وهو أكثر حيوية وأحد أهم الجوانب التي تسهم في بناء وتطوير البنية التحتية للبلد، وله دور كبير في المجتمع؛ كونه وسيلة أساسية لتبادل الأفكار والمعلومات والمعرفة. إضافة إلى ذلك يساعد القطاع في إيصال الأصوات والفرص للمجتمعات المنعزلة ويحقق بذلك التقدم والنمو الاقتصادي.
نشأة نظام الاتصال في اليمن
شهد قطاع الاتصالات في اليمن تطورًا ملحوظًا منذ القدم؛ إذ بدأت الانطلاقة آنذاك في جنوب اليمن في العام 1870، وكانت محافظة عدن هي نقطة عبور الكابلات إلى دول شرق جنوب آسيا وأستراليا ونيوزيلندا وجزر المحيط الهندي وشرق أفريقيا، فربطت هذه الدول مع أوروبا عن طريق مدينة عدن، المدينة الاستراتيجية من موقعها المتميز، وفقًا لدراسة بعنوان “أجيال الاتصالات وتقنية المعلومات في اليمن: الواقع والطموح” للكاتب عبد السلام غالب حسان الخليدي، الأستاذ المشارك في قسم الهندسة الكهربائية.
وأشارت الدراسة إلى أن المحافظات الجنوبية والشرقية في اليمن استخدمت أحدث المعدات البريطانية في حينها، وبعد الاستقلال تم تركيب بعض أنظمة الاتصالات من بعض دول أوروبا الشرقية، وكانت السعة الهاتفية محدودة. وفي العام 1989 تم تركيب سنترال دولي من شركة (الكاتل) الفرنسية بمدينة المعلا في عدن، لكنها كانت قديمة ولا تنتمي إلى تقنيات تلك الفترة.
وأوضح الخليدي أن المحافظات الشمالية في اليمن، في الستينيات وحتى منتصف السبعينيات، كانت تستخدم “نظمًا راديَويِّة” المعتمدة على طبقة (الترابوسفير سكاتر) للربط بين المحافظات الكبيرة في عملية إرسال المعلومات. وكانت مدينة صنعاء تمتلك سنترالًا من شركة (سيمينس الألمانية) في مديرية التحرير، وظل يعمل حتى بداية التسعينيات.
وفي عام 1990 توحَّد اليمن الشمالي والجنوبي، وزاد الاهتمام بقطاع الاتصالات، وتحقيق تقدم ملحوظ؛ فقد تأسست في العام 1996 المؤسسة العامة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأصبحت الجهةَ المسؤولة عن تنظيم القطاع وتطويره. وخلال تلك الفترة دخلت أنظمة رقمية من أجيال الاتصالات وتقنية المعلومات، ورُبِطتْ جميع المحافظات بشبكة تراسلية تابعة لشركة (الكاتل) الفرنسية، أما تقنية الألياف البصرية (الضوئية) فدخلت الخدمة في عام 1992، استعانةً بتقنية عالية الجودة من شركة نوكيا العالمية.
وفي العام 2001 أُدخلت خدمة الهاتف النقال إلى اليمن، وبدأت الكثافة الهاتفية تتصاعد. ووفقًا لما ذكر في دراسة بحثية بعنوان “آثار الصراع على قطاع الاتصالات في اليمن”، فقد شهدت خدمة الهاتف النقال وأعداد المشتركين أداءً متباينًا خلال الأعوام ما بين 2015 و2019؛ الأمر الذي حقق نموًّا إيجابيَّا في القطاع، بالإضافة إلى ارتفاع عدد خطوط الهاتف النقال من 15,7 مليون خط في 2014 إلى 18,6 مليون خط نهاية 2019. وقد بلغ معدل انتشار الهاتف النقال غير المكرر في اليمن ما يقارب 40% حتى نهاية العام 2018.
خدمات الاتصالات
تُعدّ وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الجهة الحكومية المنظِّمة لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في اليمن بمكوناته المختلفة، كما تُعدّ المؤسسة العامة للاتصالات المُشغِّل الوحيد لخدمة الهاتف الثابت، وأحد أهم مقدمي خدمة الإنترنت إلى جانب شركة الاتصالات (تيليمن).
ولا شك أن الهاتف الثابت والهاتف المحمول والإنترنت من بين أبرز وسائل الاتصال الحديثة التي وفرت اتصالًا سريعًا وفعالًا بين الأفراد والشركات التي انتشرت بشكل سريع في أوساط المجتمع؛ نظرًا للخدمات المتميزة والسهلة التي تقدمها في عملية الاتصال والتواصل.
يقول أحمد شوقي -مهندس اتصالات-: “قطاع الاتصالات يقدم خدمات متعددة ومختلفة تناسب كل الاحتياجات المطلوبة في المجتمع؛ إذ تنقسم هذه الخدمات إلى خدمة الاتصالات اللاسلكية والهاتف الثابت وخدمة الإنترنت. إضافة إلى ذلك، فإن خدمات الاتصالات اللاسلكية، التي تستخدم ذاكرة الهاتف السيار، قد وصل عددها إلى خمس شركات في اليمن. كما أن هناك خدمات أخرى للقطاع تستخدم إرسال المعطيات وتقوم على ربط إرسال البيانات بين البنوك والشركات والجامعات والجهات المختلفة، وتضمن هذه الخدمة الأمان في عملية إرسال البيانات والمعلومات.
خدمة الانترنت
تعد خدمة الإنترنت ضمن خدمات تقنية المعلومات في قطاع الاتصالات، ومن أكثر المصادر أهمية للأفراد والمجتمع؛ فهي تتيح فرصة للوصول إلى المعلومات والمعرفة والخدمات المختلفة. ومنذ منتصف تسعينيات القرن الماضي أصبح الإنترنت متاحًا في اليمن بشكل محدود، ومُقدَّمًا بشكل أساسي لأغراض العمل والمؤسسات الحكومية والتعليمية.
ومع تزايد الطلب على الإنترنت وظهور تقنيات جديدة، بدأت الشركات الخاصة في اليمن بتقديم خدمة الإنترنت للجمهور العام، وأصبحت متاحة للجميع. وفي عام 1999 أطلقت شركة (يمن نت) أول خدمة إنترنت في البلاد، وفي العام 2006 بدأت سرعة الإنترنت تتحسن تدريجيًا في اليمن.
أُطلقت خدمةُ الجيل الثاني (G2) التي تتيح الاتصال بالإنترنت عبر الهواتف المحمولة. وفي عام 2010، صارت خدمة الجيل الثالث (G3) متاحة، وقد حققت زيادة كبيرة في سرعة الإنترنت بصورة مؤثرة على مستوى الأفراد والشركات وأصحاب الأعمال.
من جانبه قدَّم يَسْلم وضاح -مهندس اتصالات متخصص في خدمات الإنترنت- نظرة عامة عن خدمات الإنترنت ومكوناتها، بدءًا من البوابة الدولية للإنترنت التي تسهل التواصل مع الشبكة العالمية، ومرورًا بمقدم الخدمات الذي يوفر توجيه المرور والاتصال عبر الشبكات، ونظام (BRAS) الذي يمكِّن العملاء من الوصول إلى الإنترنت العام، والجدار الناري، وانتهاءً بنظام (AAA) الذي يحمي الشبكة ويدير الأمان والوصول. إن فهم هذه المكونات أمرٌ مهامٌ؛ لتوفير خدمات الإنترنت ذات الجودة والأمان للعملاء.
وقد عرَّف يسلم اتصالات البوابة الدولية للإنترنت بأنها “واجهة التواصل بين شبكة الإنترنت الدولية وبنية الشبكة المحلية لمزود الخدمات التقنية”. تسمح الخدمة بتبادل حركة المرور والبيانات بين الشبكات المحلية والشبكة العالمية، وتقوم البوابة بتوجيه حركة المرور والبيانات الواردة والصادرة بين شبكة الإنترنت الدولية وشبكة مزود الخدمة المحلية، وتعمل على تحويل عناوين الإنترنت وتطبيق قواعد الأمان والمراقبة اللازمة.
موضحًا أن مقدم الخدمات (Service Router) يعد جهازَ توجيهٍ عالي الأداء، يستخدم في شبكات مزودي الخدمات لتوجيه حركة المرور وتوصيل البيانات بين العديد من الشبكات والعملاء، تقوم وظيفته على توجيه حركة المرور وتحويل البيانات بين عملاء الشبكة والمراكز الرئيسية لمزود الخدمات، إضافة إلى أنه يساعد في تحقيق أداء عالٍ، وتوفير اتصال مستقر وسريع للعملاء.
وحول نقطة الوصول البعيدة لشبكة الوصول العريض (BRAS)، يبيِّن يسلم أنه جهاز يستخدم لتأمين اتصال العملاء بشبكة الإنترنت العامة عبر خدمة الوصول العريض، ويقوم بتحقيق توصيل آمن ومراقبة الوصول وإدارة الحسابات للعملاء الذين يستخدمونه، بالإضافة إلى توفير عنوان IP وتنفيذ سياسات الشبكة وإدارة التدفق لتحسين أداء الخدمة، وأن نظام الجدار الناري ونظام (AAA) يعدان من الأجزاء الأساسية للأمن في خدمات الإنترنت، حسب تعبيره.
ويضيف: “يقوم الجدار الناري بفحص حركة المرور الواردة والصادرة وتطبيق سياسات الأمان المحددة لمنع الوصول غير المصرح به، وحماية الشبكة من الهجمات الخارجية. في حين يتولى نظام (AAA) مهام المصادقة وإدارة حسابات المستخدمين وتنفيذ السياسات، والتحقق من هوياتهم ومنحهم الصلاحيات المناسبة للوصول إلى الخدمات وإدارة حساباتهم.
صعوبات وتحديات
لقد شهدت اليمن في الآونة الأخيرة أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية صعبة في مختلف المحافظات اليمنية؛ الأمر الذي أدى إلى إحداث كثيرٍ من التغييرات على قطاع الاتصالات، من حيث الخدمات المقدمة للمجتمع؛ نتيجةَ الأضرار التي تسبب بها الصراع، فقد تضررت البنية التحتية للقطاع في العديد من المحافظات اليمنية، وانعدم التمويل والاستثمار. وهذا، بطبيعة الحال، أدى إلى تدني مستوى القطاع في فترات مختلفة، وتدهورت جودة الخدمة نتيجة الانقطاعات المتكررة للإنترنت، وضعفت التغطية وانعدمت أحيانًا في معظم المناطق النائية.
يجدر الإشارة إلى أن قطاع الاتصالات في اليمن، رغم استمرار عمله، ما يزال بحاجة إلى كثير من التطوير؛ للإسهام في توفير أفضل الخدمات للمجتمع على نطاق واسع وبدقة عالية وبأقل تكلفة، ولن يتم ذلك إلا من خلال تكاتف الجهود وتعاون الجهات المختصة والقطاع الخاص؛ لعمل خطط واستراتيجيات وطنية، وتنفيذ استثمارات تطويرية توفر خدمات اتصال حديثة ومبتكرة تواكب التطور التكنولوجي السريع لتحسين خدمات قطاع الاتصالات وسرعة الإنترنت في اليمن.
74.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن ضعف البنية التحتية من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن
صوت الأمل – يُمنى الزبيري يعد قطاع الاتصالات واحدًا من أهم القطاعات الحيوية التي تسه…