الطاقات المتجددة في اليمن.. تحديات كبيرة أمام مستقبلٍ من الطاقة المستدامة
صوت الأمل – حنين الوحش
لدى حلول الطاقة المتجددةِ القدرةُ على أداء دور مهم في معالجة أزمة الطاقة في اليمن، ودعم التنمية المستدامة. ومن خلال تسخير طاقة الشمس والرياح، وغيرها من الموارد المتجددة، تستطيع اليمن تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري، والإسهام في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.
إن الطريق إلى مستقبل الطاقة المستدامة في اليمن سيتطلب استثمارات كبيرة وإرادة سياسية ودعمًا دوليًا إذا ما تم تخطي التحديات ومعالجتها. وأهم هذ التحديات في نقص الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، الذي تعثّر نتيجة الصراع المستمر وعدم الاستقرار السياسي، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. ومن أجل جذب الاستثمار وتعزيز تطوير مشروعات الطاقة المتجددة في اليمن، من الضروري أن تعمل الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي معًا لخلق بيئة مستقرة وداعمة للمستثمرين.
أما التحدي الآخر فيتمثل في الحاجة إلى تطوير البنية التحتية للطاقة في البلاد، التي تضررت بشدة بسبب الصراع. ويشمل ذلك البنية التحتية المادية، مثل خطوط الكهرباء والمحطات الفرعية، والبنية التحتية المؤسسية، مثل الأطر التنظيمية والموارد البشرية اللازمة لإدارة مشروعات الطاقة المتجددة وتشغيلها.
بداية القصة
مطلع العام 2015م، دخلت اليمن في صراع مسلح واسع، ما تسبب في توقف أبرز القطاعات الخدمية، إن لم يكن غالبيتها. وكان لقطاع الكهرباء نصيبه الأكبر من هذا الضرر، وإن لم يكن أحسن حالاً عما كان عليه؛ إذ تعد أزمة الكهرباء قديمة ومستمرة بالنسبة لليمنيين.
ومع اشتداد الصراع وتوقف واردات النفط وصادراته، فقد أدى هذا إلى تعطل محطات بيع الوقود، واحتكار بعضها للمشتقات النفطية بأسعار خيالية. وكان لأزمة المشتقات النفطية تأثيرها المباشر على حركة المدن، وألقى بظلال وخيمة على الأرياف، لا سيما أن أغلبها تعتمد على الزراعة. وقد شهدت أسعار المواد ارتفاعًا سريعًا ومهولًا، كأسعار (خزانات المياه) المستخدمة في سقي المزارع بعد توقف المضخات العاملة بالكهرباء.
لقيت أسواق الطاقة الشمسية في اليمن حينها رواجًا كبيرًا، بوصفها حلًا طارئًا ومناسبًا لأزمة الكهرباء، وانصرف 50٪ من السكان إلى استخدام الطاقة الشمسية في الإنارة، بحسب ما تؤكده دراسات إحصائية للعام 2016.
مع حلول العام 2017 كان 80% من السكان يعتمدون اعتمادًا أساسيًّا على الطاقة البديلة، بحسب بعض التقديرات، مع الإشارة إلى صعوبة الحصول على إحصائيات رسمية لأسباب متعلقة بالصراع؛ إذ تعمل المكاتب الرسمية بإمكانياتها الدنيا، مع عدم استكمال تفعيل بعض الأقسام، كقسم الإحصاء والمعلومات، بحسب تصريح نائب مدير جمارك ميناء المخا عبد الرحمن المعبقي.
ويؤكد المعبقي أن ما نسبته 30% إلى 40% من واردات البلاد في الأعوام الماضية كانت عبارة عن ألواح شمسية ومواد كهربائية تعمل بالطاقة النظيفة.
انفراجة كبيرة
يؤكد المزارع عيسى سلطان إن الطاقة الشمسية شكلت انفراجة كبيرة بالنسبة له؛ لأنها خففت تكاليف الإنفاق عما كانت عليه سابقًا، ويقول: “كان ما نبيعه من محصول البصل لا يتعدى قيمة ما ننفقه على الوقود اللازم لتشغيل محطات الضخ والري. ومع استخدامنا لمنظومات الطاقة الشمسية أصبحنا نشعر بنوع من الرضا فيما نكسبه مقارنة بما ننفقه أثناء الإنتاج”.
وبشيء من الاستدراك يتابع: “مع ذلك، فقد أنفقت لشراء هذه المنظومة الشمسية ما يساوي مجموع ما أنتجه لثلاثة مواسم وأكثر، وما زلت منذ عامين وإلى اليوم أسدد أقساط الشراء”.
ارتفاع الأسعار ورداءة المنتج
الخبير الاقتصادي الدكتور هشام السامعي، يقول: “إن أسعار مواد الطاقة النظيفة في اليمن مرتفعة كثيرًا مقارنة بالأسعار في دول الجوار والدول المُصنعة”.
وأكد أن كثيرًا من المستوردين يعتمدون على استيراد منتجات ذات جودة رديئة جدًا، مشيرًا إلى ضعف الرقابة الحكومية، وأن ذلك يؤثر على الاقتصاد في المدى القريب والبعيد.
وأشار السامعي إلى أن هامش ربح مستوردي الطاقات الشمسية -بحسب تقديراته- لا يقل عن 60% بالنسبة لكبار المستوردين، وأن هذا الارتفاع العشوائي في أسعار منظومات الطاقة الشمسية جعل اقتناءَها صعبًا على شريحة واسعة من المواطنين. وأكد أن استخدامها في اليمن لا يتعدى وظيفة الإضاءة، وهي خدمة كبيرة بالنسبة للمواطنين العاديين، فيما اقتناء منظومة لتشغيل أدوات كهربائية في المنزل -كالثلاجة والغسالة أو المكيف في المناطق الحارة- يتطلب توفير منظومة لا تقل تكلفتها عن 1500$ بحسب أسعار السوق.
صعوبات الاستيراد
عبد الله عبده حميد الشرعبي، أحد مستوردي الطاقات الشمسية يقول إن استيرادها أصبح أمرًا صعبًا في ظل الصراع الدائر، ومشيرًا إلى تعدد المنافذ الجمركية والمبالغ المالية الطائلة التي يتوجب عليه دفعها في مركزين جمركيين يتبعان حكومتي الصراع في اليمن.
ويضيف أن التاجر يدفع تكاليف باهظة في النقل إلى جانب ما يدفعه من مبالغ لعبور بعض النقاط العسكرية، وهي تحصيلات غير قانونية في نظره.
ويؤكد على أن كميات من منظومات الطاقة الشمسية حين تصل تكون قد تعرضت للتلف؛ بسبب الصعوبات التي يواجهها في أعمال النقل، أبرزها وعورة الطرق ونقاط التفتيش المتكررة.
حل مستدام
في حديثنا مع خبير الهندسة الكهربائية، منير الحميدي، يقول: “تمتلك اليمن مناخًا وتضاريسَ مختلفة قادرة على بسطها بعدد من الألواح الشمسية تمدُّ المدن بالطاقة النظيفة. واليمن مناسبة أكثر من غيرها في تنفيذ مشاريع كبيرة كمحطات توليد الكهرباء بالطاقة البديلة بما يوفر حلاً مستدامًا لمشكلة الكهرباء”. منوهًا إلى أهمية امتلاك اليمن لخبراء جيدين في هذا المجال الحيوي، وإلى أهمية تنفيذ ورش تدريبية في المعاهد المختصة لتحديث الدروس وتدريب العاملين في قطاع الكهرباء على مناهج الطاقة البديلة.
91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…