التغيرات المناخية تزيد من نسبة جفاف الأراضي اليمنية ما بين 50-60٪
صوت الأمل – علياء محمد
ذكر التقرير الخاص بالهيئة العالمية للمناخ الصادر في 28 فبراير 2022 أن الأشخاص والنظم الإيكولوجية هي الأقل قدرة على التكيف والأكثر تضرراً من التغيرات المناخية. وأضاف التقرير أن موجات الحر والجفاف والفيضانات تجاوزت حاليا قوة تحمل النباتات والحيوانات، وأدت إلى موت أعداد مهولة منها، الأمر الذي عرض الكثير من الاشخاص لانعدام الأمن الغذائي والشح المائي الحاد.
وأشارت التقارير إلى أن العام 2022 هو من أكثر الأعوام تأثرا بالتغيرات المناخية وارتفاع درجــات الحــرارة. وقد شهدت اليمن تغيرات مناخية أثرت على سبل العيش وعدد من القطاعات، كان أبرزها القطاع الزراعي، وفقد الكثير من المزارعين الموســــــم الأول من الزراعة، وانخفضت المساحة المزروعة؛ بسبب الجفاف وهطول الأمطار في غير وقتها وتذبذب درجات الحرارة مما أدى الى انخفاض خصوبة التربة والمدرجات الزراعية ونتيجة لذلك انخفضت قيمة الانتاج الزراعي وتدهورت المراعي.
ارتفاع درجة الحرارة وندرة المياه
ناصر احمد احد المزارعين في احد المحافظات اليمنية يشكو من التغيرات المناخية التي تأثر على مزارعهم ومحاصيلهم الزراعية ويقول تأتي علينا مواسم عدة ننتظر هطول الامطار لنزرع اراضينا ولكننا للأسف نمر بمواسم لا تتوفر فيها الامطار وتندر هطولها الامر الذي تؤثر على نمو النبات ورطوبة التربة، مما يودي الى فساد محاصيلنا الزراعية نتيجة عدم قدرتنا على توفير المياه للزراعة.
مضيفا تتعرض محاصيلنا الزراعية لعدد من الآفات والحشرات مما يتسبب لنا في خسارة كبيرة في إنتاج المحاصيل.
أكد الدكتور عدنان الصنوي (كلية الزراعة – جامعة صنعاء) ان اليمن تواجه أكبر تحديين هما الصراع القائم بين الأطراف والتغير المناخي الذي أدى الى معاناة ما يقارب ثمانية مليون شخص من نقص حاد في الأمن الغذائي ومليوني شخص يعانون من سوء التغذية في غياب تام لدى الجهات المختصة من خطر تلك الظاهرة.
مشيرًا إلى أن آخر الدراسات أثبتت أن منطقة الشرق الأوسط -التي تقع اليمن ضمنها- هي واحدة من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات الضارة لتغير المناخ في العالم، وبالفعل سيتأثر القطاع الزراعي بفعل الحرارة المفرطة وندرة المياه. وأضاف: “إن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار أربع درجات مئوية في المنطقة خلال الصيف بما يصل إلى ثمان درجات مئوية، سيؤدي إلى انخفاض تدفق المياه بنسبة 75٪، ويمكن أن يزداد جفاف الأراضي اليمنية ما بين 50% إلى 60٪ في بعض المناطق؛ نتيجة اعتماد معظم المساحات الزراعية في اليمن على سقوط الأمطار بنسبة تزيد على 56% وهذا سبب رئيسٌ لانخفاض الإنتاج الزراعي”.
وأوضح الصنوي في حديثه أن التحدي الأكبر الذي يهدد حياة المزارعين الفقراء هو أنهم معرضون بشكل خاص للآثار السلبية لتغير المناخ، وهي تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والاعتماد الأكبر على الواردات الغذائية وهذا يزيد من ارتفاع تكاليف الغذاء. بينما في المناطق الريفية يتعرض المزارعون بشكل خاص للجوع وسوء التغذية نتيجةً لانخفاض إنتاجية المحاصيل المختلفة.
وفي سياق متصل،يرى عبد المؤمن شجاع الدين -أستاذ الزراعة المستدامة- “أن هناك تأثيرًا مباشرًا على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي نتيجة تغير مواسم الأمطار على غير عادة المواسم المعروفة، وهطولها بغزارة في فترة زمنية قصيرة مما يؤدي إلى حدوث الفيضانات في أراضي المراعي والأراضي الزراعية مما يسبب انجرافها. ويتابع القول: “حينما يتدمر النظام البيئي الزراعي تموت الحشرات والكائنات ذات الأثر الإيجابي على الموارد الزراعية والإنتاج الزراعي. التأثير السيء الذي قد يحصل بسبب تغير المناخ على الموارد الوراثية، مثل بذور المحاصيل الزراعية وبذور المراعي، قد يؤدي إلى تدمير الموارد الزراعية ويتسبب بقلة الإنتاج الزراعي فيتدهور الإنتاج وينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني”.
التكيف مع التغيرات المناخية
الزراعة المناخية المتنوعة من أجل المحافظة على التربة وتثبيت النتروجين
أكد عدنان الصنوي أن التأثيرات المحتملة لتغير المناخ على الإنتاج الزراعي لن تعتمد على المناخ في حد ذاته فقط، وإنما ستعتمد على قدرة قطاع الزراعة على التكيف مع التغيرات المناخية، الأمر الذى يهدد الأمن الغذائي في اليمن بدرجة كبيرة. كما أن تناقص كميات المياه العذبة سيكون له آثار جسيمة على الإنتاج الغذائي ويزيد من مخاطر سوء التغذية.
وأوضح قائلاً: “إننا اليوم أمام فرصة تاريخية للتكيف مع تلك التغيرات باتباع أنماط غذائية تتلاءم مع المنتجات الزراعية اليمنية. وأهم ما يجب فعله في الفترة القصيرة هو اتباع طريقة التكيف واستخدام الزراعة المناخية الذكية والزراعة المتنوعة التي تحافظ على التربة وتثبت النتروجين الذي يتدهور في الأراضي الزراعية اليمنية بسبب الزراعة التقليدية؛ بالإضافة إلى استخدام الطاقة الصديقة للبيئة والسعي للتحول إلى الطاقة التي تخفِّض من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.
مضيفا: “بعد الاستقرار وتوفر الأغذية والحصول عليها بأسعار مستقرة في كل الأوقات على مستوى المجتمع والأسر، تأتي فترة استقرار الغذاء Food Stabilized في الأبعاد الثلاثة (القصيرة – المتوسطة – الطويلة الأجل)؛ فالتغيرات المناخية هي ظاهرة عابرة للحدود، ومن الضروري أن يكون تحليل مخاطرها في إطار معايير محددة كاتباع أساليب تخطيط متكاملة تستند إلى تفهم واضح المنشأ للمخاطر المتوقعة للاحتباس الحراري لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
مؤكدًا على أهمية رفع مستوى الوعي لتخفيض نسبة زيادة السكان في اليمن التي تتميز بأعلى المعدلات عالميًا بما يقارب 3.5%، وهذه نسبة خطيرة تؤدي إلى توسع الفجوة الغذائية والاعتماد على المساعدات الخارجية، بالإضافة إلى زيادة حجم الغطاء النباتي، وزراعة المزيد من الأشجار التي تساهم بشكل كبير من التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتلطف الجو وتبرده.
اقتراحات وحلول لإدارة القطاع الزراعي
يرى الدكتور عبد المؤمن شجاع الدين أن القطاع الزراعي من القطاعات المهمة التي تشكل جزء كبيرًا من الدخل القومي للبلاد؛ لذلك يجب أن يتم وضع مقترحات وحلول لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية على القطاع، أهمها: إعداد استراتيجية وطنية لإدارة القطاع الزراعي تأخذ في الاعتبار ظاهرة التغيرات المناخية وآثارها، إنشاء المزيد من منشآت حصاد المياه مثل الحواجز والسدود والبرك؛ لأن قطاع المياه من القطاعات التي تتأثر بصورة مباشرة.
ويضيف: “لا بد من إعادة التخطيط لتنفيذ أنظمة زراعية خارجية تساهم في تخفيف آثار تغيرات المناخ، وتطبيق الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا ولتي تخفف من آثار التغيرات المناخية مثل زراعة المحاصيل التي تتحمل الجفاف، وتنويع الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى إنشاء بنوك لبذور المحاصيل الزراعية ومحاصيل المراعي”.
من جانبه، أكد عدنان الصنوي على وجود حلول فردية يجب أن يقوم بها الفرد للحد من التغيرات المناخية، أبرزها: ترشيد استهلاك الطاقة، تشجيع النقل العام بدلاً من زيادة عدد السيارات، توجيه المواطنين إلى بناء منازل معزولة جيداً، بحيث لا تكون تحتاج إلى التدفئة شتاءً والتبريد صيفاً.
مضيفا: “تساهم الممارسات الزراعية المحسنة في التقليل بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة، من خلال تطوير سبل إدارة السماد والأسمدة، والرعي التناوبي؛ للحفاظ على تربة صحية لتخزين الكربون، وكذلك إعادة إصلاح الأراضي المتدهورة. في الوقت نفسه، يعد الحد من هدر الطعام أمرًا أساسيًا”.
وحول أهم الحلول والمعالجات التي من المفترض أن تقوم بها الجهات الحكومية المختصة والمعنية للتخفيف من مخاطر وآثار التغيرات المناخية المدمرة على القطاع الزراعي في اليمن، أشار الصنوي إلى أهمية إعطاء الحكومة اهتمامًا أكبر لخطورة التغيرات المناخية ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع. موضحا أن هناك قصورًا واضحًا في إعطاء هذه الظاهرة اهتمامًا في وسائل الإعلام المختلفة والعمل على إعداد استراتيجيات لمواجهة تلك المخاطر. وشدد على عدم الاعتماد على استراتيجيات التنمية التي وُضعت خلال الثمانينيات؛ حيث اتسمت هذه الاستراتيجيات بتجاهل بُعْدِ الاستدامة، وعدم استكشاف آليات محددة لقياس معدلات التدهور في نوعية الموارد المائية وطرق مواجهة هذا التدهور مستقبلاً.
حول هذا الموضوع يتحدث أمين ناصر -ناشط في المجال الزراعي- عن التأثيرات المناخية على القطاع الزراعي بقوله: “مرت بلادنا بسنوات عجاف من الجفاف الذي كاد أن يقضي على الزراعة تماما؛ لأن سنوات الجفاف استمرت كثيرا، وقد أثر ذلك على المياه الجوفية؛ حيث جفت الكثير من الآبار وتوقفت الكثير من المزارع نظراً لقلة سقوط الأمطار وعدم تدفق السيول”.
ويضيف: “لقد اقتصرت الزراعة على بعض المحاصيل المقاومة لشحة المياه، مثل الحبوب وعلف المواشي والسمسم. قلة المياه جعلت الزراعة في كثير من المناطق شبه منعدمة، وبقي من يزرعون في رؤوس الوديان ومن يستخدمون بعض الآبار التي لم يلحق الجفاف بها”.
ويؤكد على أنه يجب مراعاة بعض الأمور المهمة حتى يتم الاستفادة من هذه التغيرات الإيجابية للمناخ، وهي -حسب أمين ناصر-: توفير الخدمات الزراعية والبذور المحسنة السليمة التي تخضع للحجر الصحي وتكون خالية من أي فيروسات أو فطريات، وفتح أسواق خارجية للمحاصيل الزراعية ومنافذ لتصدير المنتجات الزراعية.
84.2% يعتقدون أن التغيرات المناخية ستؤثر سلبًا على الحياة في اليمن
صوت الأمل – يمنى أحمد التغير المناخي هو التغير طويل الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس في…