لماذا تخزِّن؟ إجابات متباينة وتبريرات واهية!
صوت الأمل – علياء محمد ورجاء مكرد
يقبل العديد من الشباب باختلاف فئاتهم وأعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية على ممارسة عادة مضغ القات. فيقضون ساعات طويلة لمضغه. وتتكرر هذه العادة يوميًا، والبعض منهم قد يخصص لها أيامًا محدّدة في الأسبوع. نشهد في الآونة الأخيرة ازديادًا كبيرًا في نسبة المخزنين بين الشباب. فلماذا يخزنون؟ هل هروبًا من الواقع الذي يعيشونه؟ أم أنها عادة اعتادوا على ممارستها؟
للإجابة عن هذا السؤال استطلعت “صوت الأمل” الآراء لمعرفة الأسباب التي تدفعهم لمضغ القات.
كانت البداية مع مصطفى السامعي، الذي يقول: “أخزِّن من أجل الالتقاء بأصدقائي والجلوس معهم ومناقشتهم في قضايانا والتوصّل إلى الحلول لكل مشكلة”. ويضيف: “أخزِّن عند أهلي وعند جيراني، أشاركهم أفراحهم وأتراحهم، أخزِّن لأقوم بعملي على أكمل وجه”.
أما فردوس الفقيه فتكتفي بقولها: “تعودت أن أخزِّن إلى أن أدمنت عليه وأصبحت عادة يومية بالنسبة لي”.
هروب من الواقع
باعتقاد كفاح محمد أن “لا مفر من الواقع السّيء الذي نعيشه والملل والفراغ إلا بجلسات القات التي نضيّع فيها وقتنا وننسى بها هموم الدنيا”.
أما وسام أحمد- معلم اللغة الإنجليزية، فيقول: “أخزن يومين في الأسبوع، وأشعر براحة نفسية، لكن إذا خزنت يوميًا أشعر بالضيق، لذلك لا أحبّذ الإسراف في عادة مضغ القات”.
عادة اجتماعية
يقول الصّحفي صالح اليافعي: “حينما تعاطيت القات، لم يكن نتيجةً لرغبة، ولكن كانت مرحلة طيش، كون المجتمع يرغب به، وكذلك بسبب تأثير الأصحاب، لكنِّي وجدت نفسي محاطًا بأسلاك شائكة، فيها الكثير من الأسقام نتيجةً للسموم والمبديات- ومنها المحرمة دوليًا- التي تستخدم في زراعة القات”. ويضيف: “بعد ذلك أقلعت عن القات نهائيًا، بعد أن اقتنعت بأن لا جدوى من تعاطيه بقدر ما يسببه من أمراض كثيرة”.
من جهته يقول الشاب فؤاد الكحلاني- موظف في القطاع الخاص: “تناولي للقات كان في سنّ مبكرٍ في المناسبات التي كنا “نخزن” فيها، ومن بعدها أدمنت عليه. وبسبب الأعمال التي أحصل عليها أضطر إلى تعاطي القات، إذ أنني عملت في النجارة، وبعدها حارساً في بنك، وجميع هذه الأعمال كانت تتطلّب مني تناول القات للحصول على النشاط لإنجاز العمل”. ويضيف:” في اليوم الذي لا أتعاطى فيه القات “أخزِّن” أصرف أكثر من قيمة القات أو ألجأ إلى النوم، وفي حالة قررت الخروج لا أجد إلى أين أتّجه بسبب انعدام المتنزهات والحدائق.
بيئة العمل
يتعاطى عبادي أحمد – بائع في محل معسل، القات لأنه يعمل في المحل لفترة طويلة ويشعر بالملل إذا لم “يخزن”، كما أنه لا يستطيع إنجاز عمله، خصوصاً أن الأخير يتطلّب منه أن يبقى يقظًا. لذا فهو لن يستطيع الوقوف في المحلّ وإنجاز العمل والتواصل مع الزبائن بالشكل المطلوب.
في السياق نفسه، يؤكّد الشاب شهاب المليكي “أن العمل يحتاج إلى تعاطي القات”. ويضيف قائلاً: “أنا أعمل على سيارة أجرة، تتطلب مني الجلوس فترات طويلة تستمر حتى الـ10 ساعات. لذا أنا أحتاج لمضغ القات للتركيز أثناء قيادة السيارة في الشوارع وتوصيل الزبائن.
من جهة أخرى يروي أمين عُمر، شاب في تعز: “أتعاطى القات لكي أرتاح بعد الدوام الذي يصل لعشر ساعات يومياً، وأحيانا يضاف له ساعة أو ساعتين. ويضيف: “تعاطيَّ القات ليس إدمانًا، ولكن أجد نفسي بعد الانتهاء من الدوام، أنني بذلت جهدًا، وأرى أن الأربع الساعات أو الخمس التي أخزن فيها، جمالة لنفسي! طبعًا نشعر بقليل من السلطنة!”.
استقرار في المنزل
يقول وسيم العبسي: “أخزن حتى أستقر في بيتي، ولا أصيع في الشوارع، كما أخزِّن حتى لا يأتي ما يسمى بــ” الرازم”، وأنام وأقوم الصباح للدوام”.
أما هناء علي، فلا توافقه الرأي، فهي تعتبر “الرازم” عذر لا أكثر وهذا الاعتقاد غير صحيح.
وتضيف: “مرّ شهر وأنا لا أخزِن، والأمر عادي، ولا يوجد له تأثير، لكن الذي ألاحظه من خلال النساء اللّواتي يمضغن القات، هو أن الموضوع لأجل (الجو)، والشعور بالراحة لا أكثر ولا أقل. يتعاطين القات والشيشة ويستمعن إلى الأغاني.
وتتابع هناء: “بالرغم من طول المدة التي بدأت فيها بتعاطي القات، إلا أنه إلى الآن لم أعرف ماذا تعني مقولة “عاد القات ما قرح؟” (لم أصل إلى فترة النشوة في القات)، أو طعم القات ما طلع، ولا أجد أن القات يسهرني لوقت متأخر، فعندما أسهر يكون ذلك بإرادتي وليس بسبب القات”.
وتختم حديثها بالقول: “ربما أنا لا أعرف معنى القات، كون الأعراض لا تؤثر فيَّ، ولكن كل الذي أعرفه أنه مضيعة للوقت والفلوس فقط لا غير”.
ويتباهى الكثير من اليمنيين بمختلف فئاتهم بمضغ القات، اعتقاداً منهم بأنه يمدّهم بالنشاط والحيوية، ويساعدهم على إنجاز الأعمال التي يقومون بها، متناسين الآثار السلبية جراء القات، والأمراض التي تنتشر بسبب المبيدات المستخدمة في زراعته.
وتظل ظاهرة مضغ القات مشكلة شائكة تحتاج إلى الكثير من الحلول لمعالجتها اجتماعيًا واقتصاديًا وصحيًا ونفسيًا، والأمل قائم بأن يأتي اليوم الذي لا نرى فيه مخزنين في اليمن، ولو بعد زمن طويل.
تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه
صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم) يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…