وضع اليمن في المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الفساد والحلول المقترحة
صوت الأمل – أحمد عُمر
التاسع من ديسمبر من كل عام هو اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي اعتمدته الجمعية العامة بالأمم المتحدة؛ لأهمية هذه القضية الحيوية في تحديد مسار نمو الدول وازدهارها، إذ أنَّه ما من بلد في العالم محمي من الفساد، إذ يؤدي استخدام الوظيفة العامة لأغراض شخصية إلى إنهاء ثقة الشعوب بحكوماتها ومسؤوليها، ولعل اليمن واحدة من تلك الدول التي تعاني من الفساد بشكل كبير.
اليمن في تقرير مدركات الفساد
يُشير المعهد الملكي للشؤون الدولية “CHATHAM HOUSE” في تقرير، نشره في ديسمبر العام 2017م، إلى أنَّ اللاعبين السياسيين الرئيسين والفاعلين المسلحين قد استفادوا بشكل كبير من “اقتصاد الحرب”، وأنَّ مصالحهم الاقتصادية قد حُوفظ عليها من خلال الصراع المستمر، والذي ساعد على انتشار الفساد المالي والاقتصادي في جميع أنحاء البلد؛ ونتيجة لذلك فإنهم يفتقرون إلى الحوافز للموافقة على عملية سلام قد تهدد الوضع الاقتصادي الراهن لهم والذي تناما؛ بسبب النزاع وحولهم من مسؤولين بسطاء إلى تجار حرب وعنصر رئيس في الأزمة الحالية بحسب تقرير المعهد.
وقالت المحامية سحر محمد الزهيري (مديرة إدارة الشؤون القانونية باللجنة الوطنية للمرأة) أنَّه يمكن تجاوز معضلة الفساد عن طريق تقوية أجهزة مكافحة الفساد الحالية في اليمن بما في ذلك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، وغيرها من الأجهزة الرقابية.
وأشارت الزهيري وهي من المشاركين في الورشة الأولى لإعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في تصريح صحفي خاص لـ “صوت الأمل” أنَّ العمل على نشر ثقافة النزاهة وتنمية المنظومة القيمية والدينية في المجتمع، وزيادة الوعي بمخاطر الفساد، وايجاد آليات للإبلاغ عن جرائم الفساد، وتشجيع المبلغين، وتوفير فرص للعمل والحد من ظاهرة البطالة، ومحاربة الفقر يعد أمرًا حتميًا في سبيل مجابهة الفساد.
في تحليل لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي CARNEGIE ENDOWMENT FOR” INTERNATIONAL PEACE” للفيلم الوثائقي لمركز المشاريع الدولية الخاصة “الوحش المدمر”،والذي نشرته في 30 من سبتمبر 2010م، كشف التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للفساد في اليمن، إذ يصور الفيلم الذي تبلغ مدته 40 دقيقة حجم الانتهاكات، بما في ذلك الإهمال والرشوة وإهدار الموارد العامة والمحسوبية التي عصفت بتنمية البلاد واستقرارها لسنوات؛ مسبباً عواقب كثيرة منها البطالة وتعثر أعمال المشاريع الصغيرة والناشئة وغيرها؛ وهذا جعل الحتمية متجذرة في شعور الكثير من اليمنيين.
يؤكد مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته “منظمة الشفافية الدولية” أنَّ الفساد السياسي المُمنهَج يُعيق التقدم عبر المنطقة، ويزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان، فقد فشلت الوعود الطامحة في التجديد، إذ يشير المؤشر إلى تزايد معدلات الفساد في اليمن فقد بدأ المؤشر بالانخفاض من 24 في العام 2012م إلى 18 في العام الذي يليه والانخفاض يأتي بمعنى زيادات معدلات الفساد.
أين اليمن في قائمة الدول الأكثر هشاشة
بحسب مؤشر الدول الهشة(والذي يصدر عن صندوق السلام) ومجلة فورين بوليسي، فإنَّ اليمن احتلت المركز الثالث في العام 2018م في قائمة الدول الأكثر ضعفًا بعد جنوب السودان والصومال؛ حيث سجلت 112.7 نقطة، وعلى مدى أربعة أعوام على التوالي تتقلد اليمن المركز الأول في قائمة الدول الأكثر هشاشة، حيث سجلت 113.5 نقطة في العام 2022م.
إنَّ لهذه الأرقام مؤشرات وعوامل عن طريقها تُصنَّف الدولة بالهشة أو القوية وتشمل هذه العوامل حقوق الإنسان، والخدمات العامة، والضغوط الديموغرافية واللاجئين والمشردين داخليًا والأمن، فكلما ضعفت هذه المؤشرات كانت الدولة أكثر هشاشة وارتفع تصنيفها في القائمة، كما أنَّ الصراع القائم له الدور الأبرز في ضعف الدولة أكثر.
أدى الصراع الذي اندلع منذ ثمان سنوات إلى تدمير الاقتصاد اليمني شيء فشيء؛ مما أدى إلى انعدام الأمن الغذائي وتدمير البنية التحتية الحيوية، إذ تقدر الأمم المتحدة أنَّ 24.1 مليون شخص في عام 2021م معرضون لخطر الجوع والمرض، وحوالي 14 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة يحتاجون إلى مساعدة طارئة عاجلة؛ بسبب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.
مضيفًا أنَّ اليمن تعاني من تفشي متكرر لأمراض يمكن الوقاية منها، مثل: الكوليرا والحصبة وحمى الضنك، كما أنَّ موجات انخفاض قيمة العملة اليمنية في عامي 2018 و2019م تسببت في خلق ضغوط تضخمية دائمة على الريال اليمني؛ أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
اليمن السعيد أضحى تعيسًا
غياب الفساد، ومستوى الحرية التي يتمتع بها الأفراد تعدُّ من المعايير والعوامل لحساب مقدار سعادة الأشخاص في البلدان، إذ تختلف هذه المعايير من بلد لآخر وبحسب “التقرير السنوي لمؤشر السعادة العالمي” المُرصد سنوياً والصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة ” SDSN”، أُدرج اليمن عام 2021م في ذيل الترتيب العربي وبترتيب عالمي 141 عالميًا.
وهذا عكس ما أظهرته نتائج عام 2019م، إذ احتلت اليمن المركز الـ 151، بتحسن طفيف، أرجعت بعض المواقع الدولية ذلك التحسن إلى تعود الشعب اليمني على الصراع المستمر، وكذلك فرحتهم الكبيرة بفوز منتخبهم للناشئين ببطولة غرب آسيا، لكن مجمل التقارير وبشكل عام توضح أنَّ اليمن يبقى في المراتب الدنيا للترتيب في مؤشر السعادة؛ بسبب الفساد الذي طال كل أرجاء أجهزة الدولة؛ مما تسبب بضعف اقتصادها وقلة قيمة عملتها، وارتفاع أسعار السلع.
اليمن في الترتيب العالمي للجوع 2022م
أما بالنسبة لـ مؤشر الجوع العالمي فقد أخذت اليمن ذيل الترتيب للعام 2022م -كما هي عادتها في كل التقارير العالمية- إذ حصلت على الترتيب 121 من أصل 121 دولة في التقرير السنوي للجوع، والذي تصدره الأمم المتحدة.
وبحسب تفاصيل التقرير فانَّ ما نسبتهم 41.4% من السكان يعانون من سوء تغذية، فيما يعاني 16.1% من الأطفال دون سن الخامسة من نقص الوزن مقارنة بطولهم؛ مما يعكس نقص التغذية الحاد لديهم، ويعاني 55.5% من التقزم وهو انخفاض طولهم بالنسبة لأعمارهم، كما أنَّ 6% من الأطفال يموتون قبل بلوغهم سن الخامسة؛ مما يعكس جزئيًا المزيج القاتل من التغذية غير الكافية والبيئات غير الصحية، فكلما زادت نسبة الفساد في البلاد وطال أمد الصراع زادت هذه النسب بشكل مخيف بمؤشرات متسارعة.
إنَّ استشراء الفساد لا يزال يعيق عجلة التنمية بالبلاد، وبحسب ما أشارت إليه التقارير الدولية والمنظمات البحثية، فإنَّ اليمن تعيش أسوأ حالة إنسانية في العالم؛ لذا وجب مكافحة الفساد وإرساء الشفافية والنزاهة.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …