تعليم المرأة أولوية للتنمية في اليمن
صوت الأمل – علياء محمد
تُعرف التنمية بأنَّها مجموعة من الوسائل التي تُستخدم؛ لتحسين مستوى الحياة في المجالات المختلفة بالمشاركة الإيجابية، ولا تكتمل هذه المشاركة إلا بوجود المرأة، كونها عنصراً فعّالاً في المجتمع، وجزءاً لا يتجزأ منه ولها دور كبير في تحقيق التنمية، والمشاركة والمساهمة في عدد من المشاريع التنافسية.
وفي ظل الاهتمام بالتنمية المستدامة، بات للمرأة دور كبير وهام، وأصبحت رسالتُها التنموية تنميةَ وتطوير المجتمع في مختلف المجالات، ولن تستطيع المرأة تحقيق رسالتها وإيصال هدفها، إلا عن طريق التعليم والذي يعد الأداة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
يؤثر التعليم تأثيراً كبيراً على شخصية المرأة، ويجعلها قادرة على تقييم ما تتلقاه من معارف؛ حتى تواكب التطور العالمي المستمر، ولا يجعلها أكثر استقلالًا فحسب، بل يعد تعليم الفتاة استثماراً لمستقبلها، واستثماراً للمجتمع بأكمله.
هذا وقد أكدت دراسة بعنوان “المرأة والتنمية في الجمهورية اليمنية” أنَّ التحاق الفتاة اليمنية بالتعليم، قد أحدث تغييرات هامة في حياتها، فقد تمكنت من الحصول على قدر جيد من المهارات والمعارف، كما أنَّ التعليم جعلها تشارك في مختلف التحولات اليمنية، ومكَّنها من الوصول إلى العديد من المواقع الاجتماعية والقيادية التي لم تكن متاحة لها من قبل.
وأوضحت الدراسة أنَّ المجتمع أصبح يضم اليوم بين جنباته المتعلمة، والعاملة، والمدرسة والمديرة والمهندسة، والممرضة والطبيبة، والإعلامية، والمحامية، واستطاعت المرأة أن تصل إلى بعض المناصب المتميزة والقيادية، ومن ناحية أخرى شكل التعليم مكسباً مادياً لها ولأسرتها، وربما حقق لها درجة جيدة من الاستقلال الاقتصادي.
تعليم الفتيات أولويات التنمية العالمية
أشار التقرير الصادر عن مجموعة البنك الدولي أخيرًا إلى أنَّ ضمان حصول جميع البنات والشابات على تعليم جيد حقٌّ من حقوقهن الإنسانية، وإحدى أولويات التنمية العالمية .
وأشار التقرير إلى أنَّ التعليم يضمن للفتيات، التمتع بالمهارات والقدرات اللازمة للمنافسة في سوق العمل، وتعلم المهارات الاجتماعية والعاطفية والحياتية الضرورية للتعامل مع عالم آخذ في التغيّر والقدرة على التكيف معه، واتخاذ القرارات بشأن حياتهن، والإسهام في مجتمعاتهن المحلية وفي العالم كله.
وأكد التقرير أنَّ النساء الحاصلات على تعليم أفضل، عادة ما يكن أكثر تبصرًا بمبادئ التغذية والرعاية الصحية، وينجبن عددًا أقل من الأطفال، ولا يتزوجن في سن مبكرة، وغالبًا ما يتمتع أطفالهن بصحة أفضل، إذا اخترن أن يصبحن أمهات، وتزيد احتمالية أن يشاركن في سوق العمل الرسمية ويجنين دخلًا ماديًا أعلى.
لا تنمية دون المساواة بين الجنسين
“لا تنمية دون المساواة بين الجنسين”، هذا ما أكدته ناهد عمر(مدير عام الادارة العامة للتعليم الإلكتروني) في حديثها لـ “صوت الأمل” عن انعكاسات تعليم الفتاة على التنمية.
مواصلة حديثها أنَّ تحقيق التنمية المستدامة، لن يتم إلا بالمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص والقضاء على كافة أنواع التمييز، مؤكدة أنَّ المرأة قادرة على إحداث تحولات في المجتمع، ولها تأثير قوي على الأسرة والمجتمع، ولديها القدرة على تغيير عدد من الثقافات الاستهلاكية عن طريق تعزيز دورها، ودعمها وإكسابها عدد من المهارات والقدرات التي تجعلها أكثر تلقائية، وأكثر مرونة في التعامل مع العوامل المساهمة في تحقيق التنمية .
تعليم الفتاة نمو اقتصادي
يضمن التعليم الجيد الوصول إلى نمو اقتصادي طويل المدى؛ إذ يعد التعليم أساسًا لنجاح أعمال التنمية. وكثير من الدراسات التطبيقية تشير إلى أنَّ دخل الفرد يتحسن نتيجة التعليم، وأنَّ المجتمعات التي ترتفع فيها مستويات التعليم بشكل مستمر، ترتفع فيها معدلات تطور الدخل بنسب تفوق بكثير المجتمعات التي لا تتطور فيها مستويات التعليم.
ووفقًا لإحصائية أجرتها منظمة العمل الدولية في العام 2013-2014م، وتم فيها ربط مستويات التعليم العالي بزيادة مشاركة النساء في القوى العاملة، حيث شكلت النساء الحاصلات على تعليم جامعي نسبة 62.1% من القوى العاملة في اليمن، مقارنة بـ 4.5% فقط من الحاصلات على تعليم ابتدائي أو أقل.
غصون حمود إحدى الفتيات اللاتي أتممن تعليمهن الجامعي، فهي حاصلة على (بكالوريوس أخصائي علاج فيزيائي ودبلوم صيدلة)، وحاليًا تدرس ماجستير إدارة صحية ومستشفيات.
استطاعت غصون -على الرغم من إعاقتها السمعية- إكمال دراستها، وتحقيق أهدافها، تقول غصون لـ”صوت الأمل”: “لقد ساعدني التعليم في تحقيق حلمي، واستطعت أن أقدم للمرضى التأهيل الحركي، وقدمت نصائح لهم للتعايش مع مرضهم وتقبله”.
وترى غصون أنَّ السماح للفتيات بالتعليم، يعني إتاحة الفرص لهن بالانخراط في سوق العمل؛ الأمر الذي ينعكس تأثيره إيجابيًا على المجتمع، فالتعليم يؤهّل المرأة لتحمل مسؤولية شغر مناصب قيادية في المجتمع، بالإضافة إلى زيادة قدرتهن على إثبات أنفسهن في الحياة الاجتماعية.
مؤكدة على أنَّ تعليم الفتاة، يحقق أعلى مستويات الأداء والكفاءة والفعالية التي تساهم في تطوير مجالات التنمية المختلفة، وتعزيز الصورة الإيجابية عن عمل المرأة.
مشددة على أهمية إيجاد بيئة عمل داعمة وشمولية للمرأة؛ لتسهيل دخولها إلى سوق العمل، والتحرر من التحديات الثقافية المتوارثة، والتي تمنع المرأة من الالتحاق بالتعليم والعمل فالمرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع الإنساني، وهي أساس التطوير.
التعليم استقلالية للفتاة
“تعليمي جعلني أكثر استقرارًا واستقلالية” هذا ما أكدته عالية محمد(صاحبة مشروع مركز تجميل) قائلة: “لم أصل إلى ما وصلت إليه -اليوم- بدون التعليم، أكملت دراستي الجامعية في مجال المحاسبة، صحيح أنني لم أعمل في مجال تخصصي، ولكن تعلُّمي وإكمال دراستي الجامعية، ساعدني في كيفية إعداد مشروعي الخاص، والذي استفدت منه الكثير على الصعيد الشخصي والأسري” .
وأضافت محمد أنَّ التعليم يكسب الفتاة المهارات العالية، والتي تجعلها قادرة على القيام بالعديد من الأنشطة التي تؤمّن استقلالها المادي، وعدم الحاجة لغيرها؛ الأمر الذي يجعل للمرأة مكانة اجتماعية كبيرة في المجتمع.
مشيرة إلى أنَّ تعليم الفتاة، يحد من الفكرة النمطية المجتمعية عن عمل المرأة وحصره في الاعتناء بشؤون المنزل -فقط- فالتعليم وسع آفاق المرأة وأهدافها وجعلها أكثر استقلالية.
بثينة المختاري أنموذجًا آخر للفتيات اللاتي حققن مشاريعهن الخاصة بفضل التعليم، فقد استطاعت تجسيد مشروعها على الواقع بمشاركة صديقات لها، أطلقت بثينة مشروعها (صالون نون الثقافي) لتبادل الخبرات والمعارف، ونشر ثقافة القراءة في أوساط المجتمع.
وهدف المشروع إلى تعزيز قيمة القراءة، وتوسيع دائرة القراء للقضاء على الجهل، كون نسبة الأمية في اليمن كبيرة جدًا، -خصوصًا- في أوساط النساء، بالإضافة إلى تعزيز التوجه الثقافي المعرفي في الأوساط الاجتماعية النسوية.
وترى بثينة المختاري أنَّ للتعليم أثراً كبيراً وهو الأساس للتنمية، فلا تستطيع إلغاء دور التعليم مهما كان، حتى وإن تعددت المهارات وطرق التعليم الذاتية.
مؤكدة في حديثها لـ “صوت الأمل” أنَّ للتعليم فائدة عظيمة تنعكس على شخصيّة الفتاة، وطريقة تفكيرها فالتعليم يبني منطقية العقل السليم، ومنهجية التفكير، وهو مهم لسد فجوة الحوار وتعزيز منطقية الحديث.
مضيفة أنَّ التعليم يكسب الفتاة العديد من المهارات والقدرات والمعارف المختلفة، وهذا ما أثبتته عدد من الدراسات، بأنَّ الأشخاص المتعلمين أكثر قدرة على التعامل مع المشكلات، حيث يمنح التعليم المرأة المتعلّمة وعيًا وفهمًا أكبر يجعلها قادرة على اتخاذ القرارات بشكل منطقي وموضوعي بعيدًا عن سيطرة الآخرين . ويبقى التعليم الوجه الآخر للتنمية وتعد المرأة العنصر الأساسي والفعال؛ لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تعليمها وتوظيفها وتمكينها في المجتمع.
استطلاع.. 90%: يوجد تمييز نوعي في نيل فرص التعليم باليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد توصلت نتائج استبيان إلكتروني نفذته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في…