‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة تعليم الفتيات في اليمن كيف أثرت العولمة على تعليم النساء في اليمن؟

كيف أثرت العولمة على تعليم النساء في اليمن؟

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

وسط تعدد مفاهيم العولمة، وارتباطها بعدة مجالات اقتصادية وسياسية وثقافية وتكنولوجية، يتفق بعض المثقفين أنَّ لها تأثيرًا سلبيًا على المرأة، خاصة مع الانفتاح الحاصل على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، في المقابل ينفي آخرون ذلك .

يرى المؤيدون لدور “العولمة” الإيجابي على تعليم المرأة أنَّها فتحت للمرأة -عن طريق الإنترنت- حرية الاستهلاك المادي والثقافي، وأنَّ بإمكان المرأة أن ترفع مستواها العلمي، وأن تثقف نفسها وتُسمع صوتها للعالم، وأنَّ المرأة في المجتمع العولمي معتمدة على نفسها في توفير كل احتياجاتها؛ فهي بعد سن الثامنة عشرة مسؤولة مسؤولية كاملة عن نفسها،  تحديد نوع دراستها ونوع عملها وغيرها من القرارات الخاصة بها بحرية.

آخرون يرون أنَّ العولمة -بدل الاستفادة منها إيجابيًا في حصول المرأة على التعليم وفرص العمل- تعد بتأثيراتها التكنولوجية انفتاحاً على ثقافات مغايرة للأعراف المجتمعية والدين، فعوضًا عن إفادة المرأة علميًا غزتها ثقافيًا وفكريًا بما يخالف المبادئ الدينية.

العولمة وتعليم المراة اليمنية

في هذا الشأن تقول الدكتورة سامية الأغبري (أستاذة الصحافة في كلية الإعلام جامعة صنعاء): “العولمة التكنولوجية خدمت المرأة اليمنية في الوصول للتعليم، خاصة أنَّ  الكثير من النساء في اليمن يُزوَّجن في سن مبكر؛ مما يحول دون استمرارهن في مواصلة تعليمهن”.

وتضيف الأغبري لـ “صوت الأمل” أنَّ الكثير من النساء تُجبرهن الظروف على البحث عن عمل مهنيّ وحرفيّ لكسب الرزق؛ فيواجهن صعوبة تتمثل في أنَّ  سوق العمل، يحتاج إلى تدريب وتأهيل وتعليم، فتلجأ الكثير منهن إلى التعلم عن طريق الإنترنت، وأخذ الدروس منه؛ لذا فإنَّ التكنولوجيا الحديثة أصبحت وسيلة من وسائل تعليم المرأة، بإمكانها –عبرها- أن تتعلم أشياء كثيرة من الإنترنت في أي مكان وتحت أي ظرف.

تأثير العولمة على المرأة اليمنية

ويرى الدكتور أمين  العلياني (أستاذ الأدب الحديث والنقد المشارك كلية التربية صبر جامعة لحج) أنَّ العولمة ساهمت في رفع المستوى العلمي للمرأة، قائلًا: “قد نُتهم بالمبالغة إذا قلنا أنَّ ما حققته المرأة اليمنية من مكاسب في مجال التعلم والتعليم، -في هذا العصر- هي غنيمة من غنائم العولمة”.

ويرى العلياني أنَّ أعظم ما جنته المرأة اليمنية في عصر العولمة  هو تمتعها بحرية التواصل مع المعرفة، وهو ما سمحت به تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية ممثلة بشكل بارز في شبكة الإنترنت والهاتف المحمول، وأنَّه صار بإمكان المرأة التواصل المعرفي مع جميع أنحاء العالم.

مضيفًا أنَّه بفضل العولمة لم يعد الحيز المكاني عاملًا مهمًا في معادلة تواصل المرأة الخارجي، بل غدت المرأة –اليوم- طرفًا فاعلاً في معادلة التواصل العالمي الرقمي، دون الحاجة إلى خروجها وارتباطها بالبشر والذي كان يعد أحد أهم أسباب منعها من المعرفة ومن التوصل إليها.

فيما تقول سحر خلدون ( ناشطة حقوقية)، عن تأثير العولمة على تعليم المرأة اليمنية، أنَّ  العولمة ساعدت في مجال التعليم بشكل أكثر فعالية، وذلك من خلال ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي من خلالها تحصل المرأة على المعلومات بشكل أسرع، وتكتسب المعرفة وتتعلم المهارات بأسعار منخفضة، وتواكب كل جديد في مجال المعرفة العلمية.

 وترى أنَّه أصبح من السهل على المرأة التي حُرمت من التعليم بحجة بعد مسافة الجامعات، إيجاد المعلومات والاستفادة منها والتطوير من خلال التعلم والاطلاع، فبأقل جهد ودون عناء يمكن البحث عن المعلومات، فمن خلال الشبكة العنكبوتية تستطيع المرأة الوصول لأكبر كم من المعلومات.

 وتشير  سحر إلى أنَّه من الناحية السلبية، تعمل العولمة على إحداث تغيير اجتماعي في أوساط النساء بالغزو الفكري والثقافي للمجتمعات العربية ككل، إذ أنَّها عملت على تنميط ثقافات دخيلة عن المجتمع الإسلامي، وكذلك غيرت الخصوصية المجتمعية، وأدخلت مفاهيم مختلفة تؤثر على التنشئة، وتضيِّع هوية الفرد وانتمائه، وترسخ أفكاراً ورؤى غير مقبولة مجتمعياً، وبعيدة عن الواقع الذي تعيشه الفتيات، ومناهضة للمجتمعات العربية.

المرأة في عصر العولمة

 وعن معرفة واقع المرأة اليمنية في عصر العولمة، يقول الأكاديمي أمين العلياني: “لقد شكلت العولمة صدمة حضارية، تركت بصمتها في تاريخ الإنسانية، بأفكار مثيرة للجدل بنيت على أطروحات فلسفية توجزها نظرية نهاية التاريخ بحتمية النموذج الرأسمالي، والتي تجسدت في أفكار الفيلسوف الأمريكي فرنسيس فوكوياما، وما احتواه بشكل واضح كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر”.

ويضيف العلياني: “المرأة اليمنية ما زالت في حيرة من أمرها في التعاطي المستمر مع العولمة من حيث الانفتاح على معارفها، أو التعامل المحدود الذي يضمن لها خصوصيتها وبقاءها على هويتها اليمنية الأصيلة وانتماءها إلى تاريخ بلدها وتراثه العريق”.

فيما تطرق الباحث والأكاديمي محمد الطويل، في حديثه لـ “صوت الأمل”، إلى أنَّ العولمة فرضت سمات وخصائص جديدة، حيث وفرت وظائف وأعمالاً، بإمكان المرأة أن تزاولها وهو ما يستدعي ضرورة أن تكون المرأة في هذا العصر متعلمة، حتى تستطيع أن تمارس عملاً أو وظيفة تعيش منها.

العولمة بين مؤيد ومعارض

ويرى الأكاديمي أمين العلياني أنَّ مواقف المفكرين اليمنيين من العولمة تباينت، فقد انقسموا إلى فريقين بين مؤيد ومعارض، ويقول “الفريق الأول، منهم من أيد أفكارها اقتناعًا بفلسفتها ومنهم من أيدها مكرها تحت تأثير سطوتها”.

يواصل حديثه قائلا: “الفريق الثاني رفضها وسعى لصد هجماتها الثقافية والاقتصادية، ناظرًا إليها بعين الريبة، خاصة فيما يتعلق بأثرها على الهويات الثقافية للشعوب المغلوبة على أمرها اقتصاديًا وسياسيًا”.

مضيفًا “والحقيقة -من وجهة نظري- أن نترفع عن الأحكام الجاهزة، سواءً أكان في التأييد أم في الرفض، فما كل ما يُذم فيها طالح، وما كل ما يُمدح فيها صالح، ولكي نقيس دقة أراء المؤيدين أو الرافضين للعولمة علينا أن نستدل بواقع المرأة اليمنية وتأثير العولمة على تعليمها وثقافتها، وفي الأخير نوضح وجهة نظرنا في الحكم على العولمة وتأثيرها على تعليم المرأة اليمنية”.

  سبل مواجهة تحديات العولمة

سبل مواجهة تحديات العولمة بالنسبة للأكاديمية سحر خلدون، تتمثل في اعتزاز الفتيات بالذات، والهوية الثقافية، والخصوصية، وإدراك معنى الانتماء والمواطنة وأنَّ التفاعل الحضاري يُبنى على أساس التفاعل مع الحضارات الأخرى بشكل يحدث الفائدة.

وتؤكد خلدون أنَّه لا بد من تغيير المناهج وطرق التدريس للطلاب، وذلك من خلال عمل استراتيجيات تقوم على تطوير محتوى التعليم بحيث تُحدَّث المناهج الدراسية، فلا تكون تقليدية، حرصاً على الاستفادة، وتأهيلاً لسوق العمل، ومتابعة للأبحاث والدراسات الجديدة.

من جهته يقول الباحث والأكاديمي محمد الطويل “بالنسبة لتحديات العولمة وسبل مواجهتها، فمن المعروف أنَّ العولمة تحمل قيماً وعادات وصفات تختلف عن القيم والعادات المتعارف عليها في المجتمع اليمني”.

ويرى أنَّه يتحتم على القائمين برسم سياسات واستراتيجيات التربية والتعليم في المجتمعات اليمنية أن يركزوا على الجوانب الإيجابية في العولمة والتي تتوافق مع القيم والمبادئ الدينية، خصوصًا الأخلاقية والتي تعد صمام أمان للمجتمعات الإسلامية.

ويواصل الطويل حديثه بالقول: “يجب فلترة كل ما يأتي إلينا من وسائل العولمة، خصوصًا وسائل  الإعلام،  ومواقع التواصل الاجتماعي -بعدِّها خطوة أولى- ثم توفير أدوات وآليات تربوية، وتعليمية، تواكب التطور التكنولوجي المصاحب للعولمة، مع مراعاة خصوصية المجتمع”.

مستشهداً: “نلاحظ مثلاً الصين الدولة العملاقة التي استفادت من كل وسائل التكنولوجيا الحديثة، لكنَّها في المقابل حافظت على هويتها وتراثها القومي، وثقافتها الخاصة التي توارثتها من الأجيال السابقة”.

وكما تبين الناشطة سحر خلدون أنَّ مصطلح العولمة انتشر على نطاق كبير منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وعملت العولمة على كسر الحدود الجغرافية؛ لتفرض نفسها على فضاء العالم في مختلف المجالات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.

 مردفة “أحدثت العولمة ثورة معلوماتية في الاتصالات، وجعلت العالم قرية صغيرة، ولا يمكننا أن نكون معزولين عن العولمة، وجب علينا الاستفادة من إيجابياتها والالتحاق بركب الدول المتحضرة والابتعاد عن سلبياتها”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. 90%: يوجد تمييز نوعي في نيل فرص التعليم باليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد توصلت نتائج استبيان إلكتروني نفذته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في…