منظمات المجتمع المدني وقطاع الاتصالات.. شراكة للتغيير والتنمية المستدامة
هبة محمد – صوت الأمل
تعد منظمات المجتمع المدني في اليمن أحد العوامل الرئيسة في تعزيز التنمية المستدامة وبناء مجتمعات قوية ومشارِكة في تحقيق أهدافها في مختلف المجالات التنموية والخدمية في المجتمع. وتحتاج تلك المنظمات إلى دعم مختلف القطاعات وتعاونها؛ للمساهمة في تحسين الخدمات المقدمة للمجتمع، بما في ذلك قطاع الاتصالات.
ويعد قطاع الاتصالات -اليوم- ليس فقط وسيلة للتواصل ونقل المعلومات، بل وشريكًا مهمًا في تعزيز التعاون المشترك بينه وبين منظمات المجتمع المدني المحلية؛ إذ يلعب دورًا حيويًا في توفير البنية التحتية اللازمة للاتصالات والتكنولوجيا، ويمكنه أن يقدم الدعم الفني والموارد اللازمة لتعزيز قدرات المنظمات المدنية.
يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على دور قطاع الاتصالات في دعم منظمات المجتمع المدني المحلية، والتعاون المشترك بينهما، وسيناقش في هذا التقرير أنشطة قطاع الاتصالات التي يقدمها للمنظمات المدنية، وكيف يتم تعزيز التعاون والشراكة بين الجانبين لتحقيق الأهداف المشتركة.
قطاع الاتصالات والمنظمات المحلية شراكة مجتمعية
أكدت منظمات المجتمع المدني في اليمن أهمية دور قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في مختلف الأعمال المرتبطة بها، سواء الحقوقية أو الإنسانية أو الإغاثية. مع العلم أن ضعف الخدمة وعمليات الحظر والرقابة المستمرة في مواقع الإنترنت في اليمن تصعِّبُ من مهام المنظمات في عملية التواصل والاتصال ورفع التقارير التي تسهم في تقديم الخدمات الإنسانية التي تلبي احتياجات المواطنين.
وللمنظمات دور بارز في تحسين خدمة الاتصالات وتقنية المعلومات عبر المشاركة المجتمعية في تقديم مقترحات علمية وحلول لكل التحديات، وتعزيز دور قطاع الاتصالات في الحياة العامة، وتطوير استراتيجية رقمية شاملة تدعم النمو الاقتصادي مع القطاع الخاص؛ فعندما تتعاون منظمات المجتمع المدني مع قطاع الاتصالات، يمكن أن تحدثَ تغييرات إيجابية ملموسة في المجتمع، وتعزز هذه الشراكة المجتمعية القدرة على الوصول إلى الخدمات التكنولوجية ونقل المعلومات بفعالية، وهذا بدوره يعزز الوعي والتواصل بين المجتمع والمنظمات المدنية. ومن خلال دعم قطاع الاتصالات يمكن للمنظمات المدنية تعزيز قدراتها وتوسيع نطاق عملها وتنفيذ المشاريع بطرق فعالة. كما يتمثل دور المنظمات المجتمعية في تعزيز التماسك الاجتماعي عبر مشاركة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في الأنشطة المجتمعية التي تعزز من الثقة بين القطاع والمجتمع.
من هذا المنطلق، أوضح صادق مشرف -مدير مؤسسة الترابط التنموية- أن “قطاع الاتصالات في اليمن يقدم دعمًا في مجال الأعمال الخيرية، كدعم الكسوة العيدية والأضاحي ورعاية الفعاليات الشبابية (حفلات التخرج)، ويسهم أيضًا في مجال الأنشطة والبرامج، مثل مشاريع التدريب والتأهيل للشباب في مجال التعليم والدورات التأهيلية، ومشاريع التمكين الاقتصادي لمحدودي الدخل”.
وأشار إلى أن هناك تعاونًا مشتركًا من خلال الشراكة مع المنظمات التي لها تدخل في جانب تنمية المجتمع والمهتمة بالمرأة والطفل والطلاب المحتاجين، مثل تنفيذ مبادرات الحقيبة المدرسية ودعم الأسر الفقيرة من خلال التمكين الاقتصادي وتوفير مكائن خياطة وغيرها. ويرى أيضًا أن هناك خيارات محتملة يمكن أن تلعبها قطاع الاتصالات، عبر إيجاد دعم مستدام للمنظمات المحلية، مع الإشراف المباشر لتحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل للجميع.
من جانبها تشير بشرى الغرباني -رئيسة مؤسسة التعاون الإنساني لذوي الاحتياجات الخاصة- إلى أن مساهمة قطاع الاتصالات في اليمن في جانب التمويل لمنظمات المجتمع المدني المحلية قليلة جدًا ونادرة، ومحدودة في أنشطة ومشاريع معينة؛ فقد دعمت المؤسسة العامة للاتصالات “فعالية 22” المتعلقة باليوم العالمي لذوي الإعاقة، إلى جانب شركة يمن موبايل، في جانب توفير المستلزمات الأساسية للمؤسسة.
وتضيف منى رباط -رئيسة الجمعية الزراعية، محافظة إب- قائلة: “للأسف، لم تتلقَ الجمعية دعمًا من قطاع الاتصالات لتنفيذ أنشطة في الجانب الزراعي، فلا يوجد دعم من قطاع الاتصالات للأنشطة المجتمعية والمدنية بشكل مؤثر وكبير، والجهود المبذولة لتنفيذ الأنشطة في مختلف المجالات تعد ذاتية أو بدعم من بعض المنظمات الدولية”.
كما توضح رباط “أن هناك جهودًا مبذولة من قبل الجمعية على تحقيق الأهداف التنموية، وتطوير القطاع الزراعي وتمكين الفلاحين، كما ندرك أن هناك حاجة ملحة للدعم من مختلف القطاعات، ومنها الاتصالات الذي يعد من أهم القطاعات على مستوى البلاد من حيث الإيرادات، وتوجيه الاهتمام لتحقيق أهداف المنظمات المدنية، وأن يتم الإعلان عن الفرص التي توفرها شركات الاتصالات للمساهمة في تنمية المجتمع”.
مساهمة قطاع الاتصالات في التنمية المجتمعية
يسعى قطاع الاتصالات في اليمن إلى ترسيخ مفاهيم المسؤولية المجتمعية بشكل كبير، وذلك من واقع التزامها تجاه المجتمع اليمني وتوفير الخدمات المُرْضِية؛ إذ حرص قطاع الاتصالات في اليمن على تقديم الخدمات المعلوماتية بشكل مفيد، والمشاركة المجتمعية حسب أولوياتها، وإثراء حياة المجتمع عبر سعيها الدائم إلى تحقيق مساهمات ملموسة لنمو اجتماعي واقتصادي متميز ومستمر.
يقول المهندس رضوان الورافى -مدير إدارة المبيعات وخدمة العملاء في فرع إب- إن المؤسسة العامة للاتصالات اليمنية تحرص على دعم المبادرات المجتمعية، وتنفذ شراكات مجتمعية فعالة مع منظمات المجتمع المدني وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة. ومن أهم تلك المساهمات المجتمعية الدعمُ المستمر للتعليم العالي، وفعاليات التخرج لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد الحكومية المتخصصة في أغلب محافظات الجمهورية.
كما يضيف: “مساهمة المؤسسة لا تقتصر فقط في جوانب محددة، بل في دعم الجانب الصحي أيضًا من خلال دعم الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي، ودعم مراكز السرطان ومراكز الفشل الكلوي ومراكز الحروق، في محافظات الحديدة وأمانة العاصمة وعدة محافظات، والمساهمة في رعاية المؤتمرات الدولية التي تقيمها بعض الجامعات الحكومية والخاصة، مثل رعاية المؤتمر الدولي الثاني للتقنيات والتطبيقات الذكية الحديثة في جامعة إب”.
وأكد الورافي حِرْصَ وزارة الاتصالات وفروعها على دعم التعليم الأساسي والثانوي من خلال دعم مشروع التغذية المدرسية، ومشروع الحقيبة المدرسية في محافظات (الحديدة – أمانه العاصمة – حجة – المحويت). وأيضًا دعمها للبطولات الرياضية المختلفة في كرة القدم والشطرنج والطاولة، ودعم بعض الأندية الرياضية المشارِكة في مسابقات الدوري لعام 2023.
وأشار الورافي في سياق حديثه إلى أن الوزارة أسهمت في دعم مشاريع الطرقات من خلال التأهيل والصيانة لبعض الشوارع في معظم المحافظات، مثل تأهيل شارع الكبسي في مديرية المشنة في محافظة إب وصيانته، مع الرصف الخرساني بطول230 مترًا. وأيضًا تكريم رجال الأمن ورجال المرور وعمال النظافة ودعمهم تقديرًا لأدوارهم الكبيرة في تقديم خدماتهم خلال شهر رمضان المبارك والإجازات الرسمية.
تحديات ومعالجات
يبين صادق مشرف أن التحديات التي تواجه العمل التشاركي بين المنظمات المجتمعية وقطاع الاتصالات كثيرة، تكمن في غياب الوعي والإدراك بدور هذا القطاع المهم والحيوي في الإسهام في تنمية المجتمع، والاهتمام بالإيرادات فقط وعدم مراعاة الجانب الإنساني.
ويرى صادق أن هناك اتجاهات مستقبلية كثيرة يمكن أن يشارك فيها قطاع الاتصالات في دعم منظمات المجتمع المدني، لكنها تحتاج إلى تخطيط مسبق يهتم بمراعاة الدور الذي يلعبه هذا القطاع الحيوي، مع أنه -للأسف- لا يوجد تركيز أو اهتمام بدعم المنظمات التي تسعى أو تهدف إلى تنمية المجتمع.
وللتغلب على هذه التحديات ينصح صادق بضرورة التخطيط الدقيق لضمان قيام قطاع الاتصالات بدوره الحيوي، وأهمية دعم المنظمات التي تسعى إلى تعزيز تنمية المجتمع، ومد يد العون للمحتاجين. ومن خلال توجيه الجهود نحو هذه الأهداف، يمكن للقطاع أن يسهم في التنمية المستدامة، والدعم الشامل للمجتمعات المحرومة، وتعزيز العدالة الاجتماعية.
74.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن ضعف البنية التحتية من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن
صوت الأمل – يُمنى الزبيري يعد قطاع الاتصالات واحدًا من أهم القطاعات الحيوية التي تسه…