قطاع الاتصالات في اليمن.. مسؤولية تقع على عاتق الحكومة والمجتمع المدني بصورة تكاملية
أفراح بورجي – صوت الأمل
يعد قطاع الاتصالات ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني اليمني. وعلى الرغم من أهميته الاقتصادية والاجتماعية، فإن أداءه في اليمن يتراجع بشكل حاد، مقارنة بالاتجاهات الإقليمية والعالمية، من حيث النفاذ والجودة والتكاليف. هذا ما أوضحه تقرير إصلاح قطاع الاتصالات في اليمن للعام 2023.
وبيَّن التقرير أن كثيرًا من المواطنين يقومون بمسؤولية المشاركة من خلال استخدام الخدمات اليمنية ودعمها وتطويرها حتى يعزز من استدامتها، وبناء الوعي بقيمة هذا القطاع وفاعليته بتشجيع المجتمع على الاستخدام الأمثل. كما تتمثل الأدوار المجتمعية اليمنية تجاه قطاع الاتصالات من خلال الانضمام إلى المبادرات، وتسليط الضوء على أهمية هذا القطاع في رفع الاقتصاد الوطني في البلاد.
بهذا الخصوص يقول المحامي خالد الناصر: “تتمثل المسؤولية المجتمعية تجاه قطاع الاتصالات في اليمن في العمل مع الجهات الحكومية من أجل تطويرها وحمايتها من أي اعتداء أو تخريب؛ كون قطاع الاتصالات هو الشريان الخدمي في جميع دول العالم لجميع المجالات. ولأهمية قطاع الاتصالات فإن تعريضه لأي أعمال تخريبية سيؤثر على الحياة العامة ككل”.
إن المساهمة المجتمعية تهدف إلى تعزيز قدرة السلطات المحلية والمجتمعات الأخرى في المشاركة وتقديم الرؤية حول التحديات التي تمر بها القطاعات الخدمية في البلد، ومنها قطاع الاتصالات، والعمل على تحديد الأولويات التي تهدف إلى تعافي الوضع الاقتصادي والاجتماعية والأمني من جميع الجوانب، وتعزير عملية بناء السلام الشاملة.
دورٌ ضعيف
تهدف المشاركة المجتمعية إلى تحسين وضع الخدمات الضرورية للمجتمع، والعمل على تعزيز منهجية السلامة والأمن المحلي، وذلك عبر مناقشات محلية مع ذوي الاختصاص في المجالات الخدمية المهمة التي تفيد المجتمع لمعرفة نقاط القوة والضعف في تلك الخدمات، والوصول بالشراكة مع جميع الجهات إلى تحسين الخدمات على المستوى المحلي.
ويرى مراقبون أن مهمة المجتمع في تعزيز دور الاتصالات في اليمن تعد شبه منعدمة؛ فكل الجهات الرسمية تتحكم بالقرارات المتعلقة بتطوير القطاع، ومن ثَمَّ يجب العمل المشترك من جميع الجهات المعنية والمجتمعية في تطوير قطاع الاتصالات الذي يلبي أولاً حاجة المجتمع من الاتصال والتواصل ومعرفة العالم وما يدور حوله، وثانيًا حاجة الشركات والمؤسسات والجهات الخاصة التي تهدف إلى تنمية المجتمع اقتصاديًا في ظل هذه الظروف الصعبة.
وحول الدور الضعيف الذي يقدمه قطاع الاتصالات في اليمن، يضيف شاهر سعد -كاتب وناشط حقوقي، ومستشار في منظمات المجتمع المدني- قائلًا: “نكاد نجزم أن قطاع الاتصالات يحتاج إلى صيانة وتطوير أكثر بكثير مما هو عليه الآن، نتيجة الأضرار وعدم الاهتمام بالصيانة الدورية، وهذا جعل من الخدمة تعاني تحديات جمَّة في تلبية احتياجات المواطن، وتصل إلى قائمة الخدمة الأسوأ على مستوى العالم. ومع ذلك، فإننا لا نملك غيرها لأجل التواصل مع الناس”.
كما يوضح سعد أن المجتمع اليمني معزول ومهمش من أي دور أو مشاركة في التكنولوجيا والمعلومات وقطاع الاتصالات إلا فيما ندَر؛ إذ تحولت خدمة الاتصالات والمعلومات في اليمن من خدمية وبأسعار رمزية وزهيدة إلى استثمارية واحتكارية بصورة وأساليب مختلفة، مستغلين الوضع العام للبلد.
وفي مقارنة بين الدول عامة واليمن خاصة، يبين سعد أن لدى كل بلدان العالم دورًا تشاركيًا بين الجهات الرسمية، ورأس المال الوطني والمجتمع المدني الذي يمثله الناس في خدمة المجتمع وتطوير خدماته الهامة؛ كونها حلقات تكاملية وضرورية. وفي اليمن هناك إقصاء وتهميش لحقوق المواطنين في قطاع الاتصالات كأقصى إذ يتم استغلاله أبشع استغلال من قبل بعض شركات الاتصالات اليمنية.
مسؤولية
حسب تقارير اقتصادية، فإن على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات -بعد تحقيق عملية السلام- إشراك الجميع في عملية تطوير البنية التحتية في مختلف المحافظات، وتعزيز دور القطاع الخاص في ذلك، وتشجيع المنافسة في السوق المحلي، وكسر الاحتكار والسماح بدخول شركات منافسة لتقديم خدمات متنوعة عبر شركات الهاتف النقال والإنترنت، وإعداد دراسات وخطط تطويرية تسهم في خدمة المجتمع.
وأشارت الإعلامية صفاء السداوي إلى أن المجتمع اليمني يتحمل مسؤولية تحفيز الجهات المعنية على اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين البنية التحتية للاتصالات، وتقديم خدمات عالية الجودة للمواطنين، والحفاظ على الخصوصية المطلوبة للمستفيدين والمستخدمين، وعدم الزج بهم في “مهاترات” أو مشكلات لا حدود لها. كما يجب على المجتمع اليمني دعم رواد الأعمال والشركات المحلية في هذا القطاع عبر تقديم الدعم المادي والفني والتقني المطلوب؛ لتسهيل مهامه في تقديم أفكار تطويرية تسهم في سرعة الخدمات الاتصالية.
وفي ذات السياق، تقول الصحفية مروى العريقي: “المجتمع شريك أساسي مع الدولة في الحفاظ على الممتلكات العامة، وأهمها بالطبع قطاع الاتصالات الذي يشكل اليوم حجر الزاوية في حياة المواطن؛ إذ لا يوجد شخص لا يستخدم أي من وسائل الاتصال، سواء هاتفًا أرضيًّا أو هاتفًا نقَّالًا أو خدمة الإنترنت”.
كما توضح العريقي أنه لكي تستمر هذه الخدمات -وبجودة عالية- يتوجب على المواطنين سداد الفواتير بانتظام، واستخدام هذه الوسائل بالطرق المشروعة، وفقا لما يحدده القانون. وفي المقابل، على الدولة السعي الحثيث لتقديم خدمات ذات جودة عالية وأسعار مناسبة، أو فتح المجال للقطاع الخاص ليقدمَ عروضًا تنافسية تكون عونًا للمواطن المغلوب على أمره”.
جهود مجتمعية
هناك جهود مجتمعية كبيرة أشارت إليها الصحفية أمة الرزاق القزحي. تلك الجهود التي تأخذها مؤسسات الاتصالات بعين الاهتمام في تطوير قطاع الاتصالات اليمنية، وهذا يعد دورًا مهمًا في التطوير، ولكن إذا وُجد التعاون بين أفراد المجتمع والمؤسسات وألّا يقتصر ذلك على التحديات فقط، وإنما تحقيق الاستفادة من الخدمة التي تقدمها مؤسسات الاتصالات”.
وتضيف القزحي: “يجب على المؤسسات التي تعمل في قطاع الاتصالات أن تخلق الوعي والمراقبة والتشييد والتثقيف للمجتمع حول كيفية استخدام الإنترنت واستغلاله في الأشياء التي تعم بالفائدة، مثل تصفح مواقع التعليم والدراسات العليا عن بعد، وحضور دورات تعليمية وغيرها. والجانب الآخر، أنه يجب على الأسرة أن تعمل على مراقبة أبنائها وإرشادهم وتوجيههم توجيهًا سليمًا في استخدام الإنترنت”.
كما توضح أن الإنترنت في اليمن قد لا يكون كما في باقي دول العالم فيعمل بشكل ممتاز؛ وهذا يعود إلى المعوقات والتحديات التي تمر بها البلاد من وضع غير مستقر، مما جعل من الإنترنت يعمل بشكل سيئ، بالإضافة إلى عدم استخدام التكنولوجيا الحديثة في تحسين خدمة الاتصالات بشكل أفضل، واستمرار الصراعات التي أدت إلى تدمير البنية التحتية لقطاع الاتصالات بشكل كلي أو جزئي، وعدم وجود شركات منافسة تخلق تنافسًا في تحسين خدمة الاتصالات في اليمن.
يعاني المجتمع اليمني من فجوة كبيرة في مجال المشاركة المجتمعية؛ إذ يفتقر إلى آليات فعالة تُتيح للأفراد التعبير عن آرائهم والمشاركة في معالجة القضايا التي تهمهم. وكذلك تعد وسائل الاتصال -خصوصًا الإنترنت- من أهم الأدوات التي يمكن للمجتمع استخدامها للتعبير عن الآراء، والتواصل مع مختلف الفاعلين.
ومع ذلك، فإن سوء خدمة الإنترنت في اليمن، وخصوصا في المناطق الريفية، تعوِّق بشكل كبير قدرة المجتمع على المشاركة الفاعلة. ومع ازدياد صعوبة التواصل، بسبب ضعف خدمة الاتصالات والإنترنت في بعض المناطق، تقل فرص الشباب في المساهمة في مجتمعهم وتحقيق أحلامهم. ويقع على عاتق الحكومة والمجتمعات المدنية والقطاع الخاص مسؤوليةٌ جماعية لمعالجة هذه الظاهرة وتحسين خدمات الإنترنت في اليمن، والعمل توعية أفراد المجتمع بأهمية المشاركة المجتمعية في مختلف القضايا المجتمعية.
74.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن ضعف البنية التحتية من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن
صوت الأمل – يُمنى الزبيري يعد قطاع الاتصالات واحدًا من أهم القطاعات الحيوية التي تسه…