الاقتصاد السينمائي في اليمن.. صناعة لم تحظَ بالاهتمام
صوت الأمل – علياء محمد
تعد صناعة الأفلام من أهم الصناعات الاقتصادية في الوقت الحالي؛ إذ تكمن أهميتها في كونها صناعة تجارية قابلة للانتشار والتسويق، وتخضع قوانينها لقواعد السوق والعرض والطلب والمنافسة.
وتلعب السينما دورًا مهمًا في اقتصاديات الدول المهتمة بصناعة الأفلام كأحد مصادر دخلها القومي، وأبرز الصناعات الداعمة لها من حيث توفير فرص العمل، وجذب استثمارات أجنبية، وسداد الضرائب للدول، وخلق أنشطة اقتصادية أخرى تسهم في رفد الخزينة العامة بموارد مالية كبيرة.
ويرى الكثيرون أن صناعة الأفلام تجارة رابحة أكثر من كونها رسالة تهدف إلى التوعية والتثقيف والتعليم؛ نظرًا لما تدره من أرباح. يقول الكاتب والأديب منير طلال: “تعد صناعة الأفلام أحد أهم الركائز الاقتصادية في العديد من دول العالم؛ لأن لها تأثيرًا دِعائيًّا وثقافيًّا وفكريًّا، ولهذا فإن دول العالم تهتم بهذه الصناعة وتوليها اهتمامًا كبيرًا”.
مضيفا: “استطاعت دولة الهند مثلاً -التي تعد من الدول النامية- أن تنهض باقتصادها بسبب صناعة الأفلام، وأصبحت من أهم مداخيل الهند الاقتصادية بسبب ما تدره من إيرادات. وكذلك الحال في دول عربية، مثل مصر. أما في سوريا، فقد تعرضت هذه الصناعة لهزات عنيفة بسبب النزاعات المسلحة واتجاه المنتجين إلى بلدان أخرى، رغم أن الإنتاج في سوريا أقل كلفة عن بقية البلدان العربية”.
مؤكدًا في حديثه أن للأفلام الدرامية سوقها الخاص والضخم، بمختلف أنواعها من كوميديا وغيرها، وكذلك الأفلام الوثائقية.
صناعة الأفلام مجال تجاري بامتياز
تشكل صناعة الأفلام مصدرًا من مصادر التمويل الاقتصادي للدول، وتعد المهرجانات السينمائية والفعاليات السينمائية مجالات تنافسية وتسويقية. ويرى مازن رفعت (قاص وروائي وكاتب سيناريو) أن مجال السينما من المجالات التجارية؛ فهي تسهم بامتياز في الدخل المحلي للبلد وتوفر آلاف الوظائف للشباب.
ويقول: “أسهمت السينما بشكل كبير في تحسين السياحة للبلد، كما في الهند وتركيا ، بل إن نصف الإيرادات المحلية في الهند تأتي من السينما الهندية. وهذا يدل بما لا يدعو للشك أن صناعة السينما في أي بلد تسهم في تنشيط اقتصادها وتحسين دخل صانعيها”.
مضيفا: “لنا في صناعة السينما الأمريكية مثالٌ واضح؛ إذ تُدِرُّ صناعة السينما ملايين الدولارات سنويًّا. ففي عام 2017م بلغت إيرادات عشرة أفلام فقط حدود 39,699 مليار دولار، وهي ميزانية تتفوق على الناتج المحلي لبعض الدول العربية والإفريقية”.
مشيرا إلى أن صناعة السينما تبدأ بصالات العرض التي تحتوي على مئات الموظفين في كل صالة، من عاملي النظافة إلى عاملي الاستقبال، مروراً بموظفي العلاقات العامة الذين يتعاملون مع شركات الإنتاج الخارجية لتنفيذ اتفاقيات شراء أفلام وعرضها، إلى موظفي المشتريات. هذا بالنسبة لصالة سينما واحدة فقط، أما بالنسبة لصناعة السينما فهي توفر كذلك آلاف الوظائف صانعيها، من كُتَّابٍ، إلى مصورين، ومسؤولي الديكور، والتصوير، والصوت، والمكساج، والمونتاج، والتحسينات، إلى الممثلين، والمخرجين، والمنسقين، والمنتجين المنفذين”.
ومن جانب آخر، أكد أيمن زكي (مخرج وصانع أفلام) أن صناعة الأفلام من الصناعات المقاوِمة للركود، والمُساهِمة بشكل كبير في رفد الاقتصاد وتعزيز السياحة والثقافة. وأشار في حديثه إلى أن الكثير من الدول استطاعت أن تنمي الاقتصاد عن طريق صناعة الأفلام والسينما من خلال الاهتمام بالعروض السينمائية وجذب السياح والاستثمارات؛ الأمر الذي زاد من نسبة إقبال الناس على الحضور والمشاركة، فانعكس إيجابًا على زيادة نسبة الإيرادات في الدولة نتيجة الزيادة في استخدام الإنترنت، وبيع المواد الغذائية، وتأجير الفنادق والمنازل وغيرها.
صناعة الأفلام في اليمن ونتائجها الاقتصادية
وعن وضع السينما اليمنية ومساهمتها في الجانب الاقتصادي، يقول المخرج أيمن زكي: “لو جئنا إلى المقارنة، فإن اليمن وضعها مختلف عن بقية الدول؛ فقد شهدت اليمن تراجعً كبيرًا في صناعة الأفلام. هذا التراجع أثر سلبًا على الاقتصاد؛ فاليمن لا تمتلك دور عرض تستطيع من خلالها عرض الأفلام. ولو امتلكتها، فالفرد في المجتمع لن يستطيع شراء تذكرة العروض نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة”.
وأفاد زكي أن هناك فائدة واحدة قد تعود على الاقتصاد اليمني بسبب صناعة الأفلام تكمن في شراء المعدات والأجهزة التي يتم طلبها من الخارج، الأمر الذي تستفيد منه الدولة اقتصاديًّا من جانب الجمارك والنقل والمواصلات.
أما بالنسبة للفئة الاقتصادية التي تستفيد من صناعة الأفلام، فيقول أيمن زكي: “توفر صناعة الأفلام فرص عمل للكثير من العاملين في مختلف المجالات، وتنمي وتطور مهارات الكثير من الشباب الطموح بالإضافة إلى تعزيز ثقافة صناعة الأفلام في المجتمع، وتحفيز الاستثمار في البلاد كأحد فرص الفائدة الثقافية والسياحية في اقتصاد البلاد”.
تحديات صناعة الأفلام في اليمن
يرتبط مفهوم الاقتصاد السينمائي بعنصر الإنتاج، ابتداءً بفكرة الفيلم ومرورًا بعناصر التكاليف الإنتاجية المباشرة وغير المباشرة، كالأجور والخامات وعناصر التكاليف التسويقية مثل تكاليف الإعلانات وغيرها.
وتوجد علاقة تربط بين مستوى التطور الاقتصادي وصناعة الأفلام؛ ففي البلدان ذات البنى التحتية المتطورة نجد أن قطاع صناعة السينما متطور نتيجة خصوصية صناعة الأفلام.
يؤكد زكي أن موضوع الاقتصاد السينمائي في اليمن لم يأخذ الاهتمام المطلوب كما في غيرها من الدول، وموضوع كهذا يحتاج إلى رؤية وخطة إستراتيجيتين تنفذان على أرض الواقع. وفي ظل وجود بنية تحتية تحت الصفر لصناعة الأفلام، تبقى الاستفادة من صناعة الأفلام اقتصاديًّا هدفًا يحتاج إلى سنين طويلة لتحقيقه.
“يواجه العاملون في صناعة الأفلام في اليمن تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة والاضطرابات السياسية والأمنية”، هذا ما أكد عليه المخرج أيمن زكي في حديثه. وأوضح أن الاضطرابات الأمنية التي شهدتها البلاد، والأوضاع الاقتصادية الصعبة، وقلة الدعم الحكومي والخاص، ونقص التمويل والمعدات، قد لعبوا جميعهم دورًا كبيرًا في تراجع صناعة الأفلام.
وفي سياق متصل، يقول الكاتب منير طلال: “مما لا شك فيه أن نمو صناعة الأفلام أو تراجعها يؤثران تأثيرًا كبير على جميع المبدعين المرتبطين بهذه الصناعة، من كتاب وفنانين وممثلين وموسيقيين ومخرجين وغيرهم، بالإضافة إلى دور العرض والقنوات، وصولاً
إلى المنتجين.
مضيفا: “وبسبب النزاعات المسلحة اهتزت صناعة السينما والدراما؛ فحدث تراجع كبير انعكس ذلك على هذه الصناعة المهمة. ولنا في ما حدث لسوريا خير مثال؛ فقد تدنت الأجور نتيجة شحة الأفلام التي يجري إنتاجها سنويًّا، عكس العقود السابقة، وهو الأمر الذي وصل تأثيره إلى الجمهور؛ إذ غابت هيمنة السينما السورية على المشهد العربي بشكل عام، فما بالنا بدولة نامية مثل اليمن تحتاج لسنين طويلة من العمل الدؤوب لإعادة صناعة الأفلام إلى الساحة، والاهتمام بها كصناعة تجارية تدر على الاقتصاد الوطني إيرادات تسهم في عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي؟!”.
72.2% من المستطلَعين يرون أنَّ السينما اليمنية ستكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد عالمياً، ما تزال السينما -منذ بدايتها في نهاية تسعينيات القرن التاس…