الوعي العام والمشاركة المجتمعية.. خطوة أولى نحو طاقة نظيفة مستدامة
صوت الأمل – أفراح بورجي
في الآونة الأخيرة انتشرت الطاقة النظيفة في اليمن كجزء من التحديثات الإيجابية التي تطلبتها المرحلة؛ نتيجة الآثار السلبية التي خلفها الصراع المسلح على الشبكة الكهربائية في عموم أرجاء البلد، وأدّت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن شريحة واسعة من المواطنين.
لذلك اضطرت المجتمعات المحلية إلى العمل على البحث عن بدائل مناسبة، وزيادة الوعي بأهميتها، وبذل جهود لجذب أكبر عدد من الأفراد للمشاركة في محاولات تسليط الضوء على الفوائد المرتبطة بالطاقة النظيفة.
وعي شعبي
حول مدى الوعي الشعبي بأهمية الطاقة المتجددة يقول الصحفي وعضو هيئة التدريس المساعدة بقسم الإعلام بجامعة الحديدة؛ نبيل العامري: “من الصعب تحديد مدى الوعي الشعبي بأهمية الطاقة المتجددة في المحافظة على البيئة، والتقليل من استخدام الوقود الأحفوري، فضلًا عن أهميتها الاقتصادية في تقليص نفقات توليد الكهرباء، وغيرها من الفوائد الكبيرة لهذا النوع من مصادر الطاقة”.
ويرى أنّ صعوبة تحديد مدى هذا الوعي يأتي لعدة أسباب، أبرزها التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة في اليمن، لا سيّما في استخدام ألواح الطاقة الشمسية، كذلك الصراع الدائرة منذ مطلع العام 2015م، وحملت تبعاته انقطاع التيار الكهربائي عن معظم مدن اليمن، وانعدام المشتقات النفطية وارتفاع أسعار الكهرباء في بعض المدن اليمانية.
مضيفا: “تحديد ما إذا كان التوجه الشعبي لاقتناء مصادر الطاقة النظيفة جاء نتيجة وعي المجتمع بأهمية الطاقة النظيفة، أم أنّه أمر فرضه الواقع المعاش في ظل انقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية”.
ويردف العامري قائلًا: “من الناحية الرسمية، نجد أنّ هناك اهتمامًا كبيرًا في إنشاء محطات الطاقة المتجددة، فبالإضافة إلى نمو سوق الطاقة الشمسية بشكل غير مسبوق في البلاد، نجد أنّ الجانب الحكومي سواء في عدن أو صنعاء شجّع الاستثمار في هذا المجال، فسُنّت قوانين خاصة بها، وقُدِّمت المزيد من التسهيلات والإعفاءات الجمركية وضرائب المبيعات”.
جهود رسمية
ويتابع العامري حديثه حول جهود الجانب الرسمي: “بالإضافة إلى ما قدمه الجانب الحكومي في اليمن من دعم وإعفاءات لسوق الطاقة الشمسية؛ من خلال الاتجاه لإنشاء مجموعة من محطات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية. في أواخر عام 2020م افتتحت محطة كهرباء (ثلة) للطاقة الشمسية بحضرموت بقدرة نصف ميغا وات، وذلك لضخ مياه الشرب التابعة للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي”.
ويضيف: “أُنشئت محطة للطاقة الشمسية في عدن بقدرة 120 ميجا وات، بالإضافة إلى إعلان السلطات السياسية في الحديدة قرب انتهاء المرحلة الأولى لبناء محطة الطاقة الشمسية في مدينة الحديدة بقدرة 20 ميجا وات، من أصل السعة الإجمالية المقدرة بـ 40 ميجا وات، بالإضافة إلى إعلان السلطات في مدينة المخا عن قرب انتهاء تشييد محطة للطاقة الشمسية بقدرة 20 ميجا وات”.
ويرى العامري أنّ الاهتمام الرسمي بمجال الطاقة النظيفة يعدُّ عاملًا إيجابيًّا يدلّ على الوعي بأهميتها ودورها الفعّال على الأصعدة كافة.
وأشار العامري إلى ضرورة نشر الوعي بأهمية الطاقة المتجددة بيئيًّا واقتصاديًّا، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال. مؤكدًا ضرورة ألَّا تسلك الحكومة اليمانية نفس المنحنى الذي سلكته بعض الدول العربية؛ إذ اتجهت لاستخدام الطرق التقليدية لإنتاج الطاقة حتى تصل إلى الاكتفاء الذاتي، ثم تحولت إلى الطرق المتجددة والنظيفة.
ومشدّدًا بالقول: “على الدولة أن تبني إستراتيجيات فاعلة، وتعمل مشاريع حقيقية للطاقة المتجددة، لا سيما ونحنُ نمتلك مصادر قوة لا تملكها كثير من دول العالم؛ سواء الشريط الساحلي الطويل الذي يمكن استخدامه لإنشاء توربينات توليد الطاقة بالرياح، وحتى مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة المياه، وغيرها من البدائل والحلول”.
إيجابية المشاركة
يؤكد الإعلامي صلاح محمد على أنّ المجتمع اليماني لم يكن يعي أهمية الطاقة النظيفة بشكلٍ كافٍ قبل الصراع الذي مرَّ به، وأنّه اضطر إلى التعرف عليها وشرائها بدلًا من الكهرباء العمومية.
ويرى محمد أيضًا أنّ هناك زيادة في الاهتمام بالطاقة النظيفة وأنواعها بين أوساط المجتمع اليماني، ورغم أنه قد يمتلك فهمًا بسيطًا لها، فإنّ هناك الكثير من المؤشرات التي تشير إلى زيادة وعي الناس بها؛ ويرجع هذا إلى استخدام العديد من المنازل للطاقة الشمسية؛ بسبب غلاء أسعار الكهرباء العمومية والتجارية.
وفي ذات السياق تذكر سهير عبد الجبار: “أنّ استخدام الطاقة المتجددة كانت هي المنقذة في ظل الأوقات العصيبة التي مر بها اليمن بسبب الصراع”. وأوضحت أيضًا أنّ استخدام الطاقة المتجددة علَّمَ الناس مبادئ الاقتصاد والاعتماد على مصدر مستدام وصالح للبيئة في حياتهم وأعمالهم.
ويؤكد الأستاذ معتصم عبد السلام أنّ انقطاع الكهرباء المتكرر في اليمن خلال الصراع أدّى إلى لجوء الكثير من الناس إلى استخدام الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأصبحت الطاقة الشمسية منتشرة بشكل كبير سواء في الاستخدام المنزلي أو المشاريع أو في المزارع؛ حتى أصبح المزارعون يعتمدون على الطاقة الشمسية بشكل أساسي، بدلًا من الطاقة الكهربائية.
وكآراء مجتمعية يرى معتصم عبد السلام (أحد المستفيدين من خدمات الطاقة الشمسية): “أنّ الطاقة النظيفة أصبحت خيارًا أساسيًا لكثير من الناس في اليمن؛ لأنّها توفر الكهرباء بأسعار معقولة وبشكل مستدام”.
ويضيف: “الطاقة النظيفة ساعدت كثيرًا في تخفيف الأعباء المالية على الناس، كما أنّها أسهمت في حماية البيئة؛ لهذا أتوقع أن يستمرَّ ارتفاع الوعي بأهمية الطاقة النظيفة في اليمن، وذلك بسبب فوائدها العديدة”.
وعي المجتمع بالطاقة النظيفة
يقول المواطن رشيد سيف: “أنّ حالة الوعي والمشاركة المجتمعية في مجال الطاقة المتجددة في اليمن لا تزال في طور البداية، وتحتاج إلى دفع توعوي عبر المنظمات والمؤسسات الحكومية أولًا، وتعريف الناس بأهمية الطاقة المتجددة؛ لأنّ الأغلبية يجهلون أبسط التفاصيل عن أهم مشاغل العالم الخارجي المتمثل بالطاقة البديلة”.
ويؤكد سيف أنّ الوضع الاقتصادي المتأزم بين صنعاء وعدن شتت اهتمامات الناس وتوجهاتهم، وهذا الأمر أثر على عملية التفاعل مع مشاريع الطاقة المتجددة. ويعرب عن أمله في أن يأتي الوعي يومًا ما، وأن يكون قريبًا.
ويتابع: “غياب الوعي والمشاركة المجتمعية بشأن الطاقة المتجددة سببه إهمال الإعلام لقضايا الناس، وتوظيفه وفقًا لتوجهات وسياسات معينة، ويأتي حديث سيف في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الوعي المجتمعي بالطاقة المتجددة في اليمن، الذي يعدُّ أحد أهمّ التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي”.
ورغم كل هذه الجهود والمشاركة المجتمعية في الطاقة النظيفة، فإنّ الوعي المجتمعي ما زال في طور البداية، ويحتاج إلى المزيد من المحاولات التوعوية من قبل الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…