التنمية المستدامة والشباب.. تعزيز الطاقة النظيفة في اليمن من خلال المبادرات والمشاريع الشبابية
صوت الأمل – هبة محمد
تعد الطاقة النظيفة المستدامة تحديًّا عالميًّا يواجهه العالم بأسره. واليمن واحدة من الدول التي تبذل جهودًا مستمرة لتعزيز استخدام الطاقة النظيفة وتحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا السياق تلعب المبادرات والمشاريع الشبابية دورًا حيويًا في تحقيق هذه الأهداف؛ فالشباب يعد قوة دافعة للتغيير والابتكار، وهم الأكثر تأثيرًا في تشكيل المستقبل.
دور الشباب في تعزيز الطاقة النظيفة
يلعب الشباب دورًا حاسمًا في تعزيز الطاقة النظيفة في اليمن، ويتمتعون بالإبداع والحماس والقدرة على التكيف مع التحديات البيئية، ومن ثمَّ يمكنهم تقديم حلول مبتكرة للتحديات المتعلقة بالطاقة.
يقول المهندس يحيى عبد الله الوزير، مدير إدارة البحوث والتطوير والذكاء الصناعي في المؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة: “يعد دور الشباب في تعزيز الطاقة النظيفة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة. وأحد الأدوار الرئيسية التي يلعبها الشباب اليمني هو توعية المجتمع بأهمية الطاقة النظيفة والتحول إليها، من خلال تنظيم حملات توعوية وإعلامية لنشر المعرفة حول فوائد الطاقة النظيفة وتأثيراتها الإيجابية على البيئة والصحة العامة. ويمكنهم أيضًا توجيه الانتباه إلى التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في اليمن وضرورة اتخاذ إجراءات للتحول إلى الطاقة المتجددة”.
ويواصل: “بالرغم من الإمكانيات البسيطة وقلة التمويل المطلوب لدعم المشاريع والمبادرات الشبابية؛ فقد برز عدد من الشباب المبدعين في تطوير المشاريع الشبابية الخاصة بالطاقة النظيفة وتنفيذها، واستخدموا في ذلك المهارات التكنولوجية والابتكارية لتطوير أنظمة الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحرارية، وأسهموا في تنفيذ مشاريع توفير الطاقة وتحسين كفاءة استخدامها في مجتمعاتهم”.
وأشار إلى أن هناك عددًا من المشاريع الشبابية -التي إذا حصلت على الدعم والتمويل المناسب- ستكون محطة تحول جديدة لليمن في التغيير نحو التنمية المستدامة في مجال الطاقة النظيفة، منها صناعة توربينات رياح تعمل بقدرة 17 كيلووات، قام بدراستها وتصميمها المهندس يحيى ومجموعة من زملائه من الشباب.
وذكر الوزير أن أهم المبادرات التي قام بها مجموعة من الشباب اليمنيين هي مبادرة “الطاقة الشمسية من أجل اليمن” التي تركز على توفير حلول الطاقة الشمسية للمناطق الريفية والفقيرة، وتهدف إلى تحسين الوصول إلى الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. ومن خلال تركيب الألواح الشمسية في القرى وتدريب الفنيين المحليين، تعمل المبادرة على تمكين المجتمعات من توليد الطاقة النظيفة وخلق سبل عيش مستدامة.
هناك نماذج كثيرة لمشاريع شبابية في مجال الطاقة المتجددة كانت بدايتها موفقة لكن النهايات لم تستمر بسبب ظروف صعبة خارجة عن إرادة الشباب اليمني، أبرز أسبابها غياب الدعم والتمويل.
ومن هذه النماذج، الشاب عوض سالم مرعي بن طالب، من أبناء محافظة حضرموت، مهندس كهربائي وممارس للطب البديل (الشعبي الصيني). اكتشف وطوَّر الخلايا الهيدروجينية التي تعد محط اهتمام الشركات والدول المهتمة بالطاقة البديلة.
يعد الهيدروجين من أصدقاء البيئة حسب كلام عوض الذي يقول: “استهوتني فكرة الخلايا الهيدروجينية، وعملت على صنعها وإنتاجها بالموارد المتوفرة لدينا، وقمت بالعديد بالتجارب، فكانت النتائج مُرضِيةً. وشاركت في معرض الاختراع الأول بالمكلا الذي أقامته مؤسسة حضرموت للاختراع بين عامي 2018-2019، لكني لم أستطع إكمال التعليم الجامعي بسبب الظروف المعيشية”.
وأضاف: “تم تطوير محركات وسيارات تعمل بالهيدروجين من قبل العديد من الشركات الرائدة في مجال السيارات. وعلى الرغم من خطورة الهيدروجين وسرعة اشتعاله، فإن هناك مصادر وطرق عديدة تم اكتشافها وتصنيعها لضمان الأمان والسلامة في استخدامه. لقد قمت بإجراء عدة تجارب على محرك دراجة نارية خاصة بي، وظهرت النتائج الأولية جيدة في توفير الوقود بنسبة تصل إلى 40%”.
تمكن الشاب عوض سالم من اكتشاف مادة تعمل على حجب الأكسجين وتحرير غاز الهيدروجين النقي بدون الحاجة إلى خلايا الفصل الهيدروجيني التقليدية المكلفة، وهذا الاكتشاف يمثل تقدمًا مهمًا في تطوير تكنولوجيا توليد الطاقة الهيدروجينية، ويمكن أن يسهم في جعلها أكثر كفاءة وميسرة، ويعكس دور الشباب في تعزيز استخدام الطاقة النظيفة.
حصل الشاب عوض على الميدالية البرونزية ودرع التفوق من مؤسسة آل كثير للتنمية مما يدل على تفوقه واستثماره لجهوده في مجال الطاقة النظيفة.
تحديات تواجه المشاريع والمبادرات الشبابية
هناك عدة تحديات مهمة تواجه المشاريع والمبادرات الشبابية التي تعزز أهمية الطاقة النظيفة، يقول المهندس يحيى: “تكافح العديد من المشاريع الشبابية لتأمين الموارد المالية الكافية لتنفيذ مبادراتها واستدامتها؛ فاستمرار هذه المشاريع يتأثر مباشر بالتمويل والدعم. ونحن نشهد توقف العديد من الاختراعات والمشاريع الشبابية في اليمن عند مرحلة معينة بسبب انعدام التمويل اللازم مع قلة وجود جهات داعمة، سواء كانت خاصة أو حكومية”.
وعلى سبيل المثال، واجه الشاب عوض سالم في رحلته في مجال الطاقة المتجددة تحديات كثيرة، تمثلت في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها. يوضح قائلا: “نظراً لمشاغل الحياة في البحث عن لقمة العيش، وعدم توفر الآلات والمواد اللازمة لإنتاج الخلايا وتطويرها، ابتعدت عن أبحاثي في مجال الخلايا الهيدروجينية منذ ثلاث إلى أربع سنوات تقريباً”.
المخترع اليمني ورحلة الابتكار المحبَطة
من السهل أن تجد الكثير من الشباب اليمنيين ذوي الاختراعات المتعددة في المجال العلمي وخاصة مجال الطاقة المتجددة، ولكن من الصعب أن تجد واحدًا منهم في اليمن وصل إلى تحقيق أهدافه ونفذَّ اختراعه محليًا ودوليًا وحصل على براءة الاختراع، ليس لعدم استطاعتهم؛ بل لأنهم وُجِدوا في ظروف قاسية لا تساعدهم على الوصول.
مالك البخيتي، عالم فيزياء ومخترع يمني، استغرق خمس سنوات من حياته في تطوير محرك “هيدرونيوماتيكي ثوري”، الذي اعتقد أنه سيكون نقلة نوعية في صناعة الطاقة. مع ذلك واجه العديد من التحديات التي أثرت على قدرته على استكمال تجاربه وتصنيع النماذج الأولية؛ فقد تضاعفت ديونه ووصلت إلى أكثر من 30 مليون ريال يمني، وهو ما زاد من حمله المالي وعجزه عن تمويل الأبحاث وتكاليف تسجيل براءة الاختراع.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني مالك من نقص الدعم والإمكانيات في اليمن؛ إذ لا يوجد فريق عمل متخصص في المحاكاة الثلاثية الأبعاد وتكنولوجيا المحاكاة، ولا توجد تمويلات كافية من الحكومة اليمنية لدعم المشاريع الابتكارية، وهذا يشعره بالإحباط والعجز عن تقديم ابتكاره إلى العالم.
وكذلك تأثير الصعوبات الشخصية والمالية على حياته الشخصية أيضًا لم يكن قليلًا، فقد تأجلت خططه للزواج بسبب الديون المتراكمة وعدم قدرته على تأمين التكاليف اللازمة، وهذا الوضع المالي المتردي يجبره على اتخاذ قرارين قاسيين: تأجيل أعماله في المشروع لمدة عشر سنوات، ومحاولة الهجرة إلى السعودية للعمل وتوفير الأموال اللازمة للزواج.
في محاولته الأخيرة لتحقيق رغباته، قدم مالك طلبًا لصديقه للحصول على قرض بقيمة مليوني ريال يمني؛ بهدف شراء تأشيرة والهجرة إلى السعودية للعمل، وهو يأمل أن يتمكن من تجميع تكاليف الزواج وتحقيق أحلامه الشخصية والمهنية. في الأخير، يجب أن يكون هناك دعم مستمر للمشاريع الشبابية في الطاقة المتجددة من أجل تحقيق النجاح، فهؤلاء الشباب يمتلكون العزيمة والشغف والقدرة على التغيير. ونأمل أن تدرك الجهات المختصة في اليمن، والعالم أيضًا، بقيمة ابتكارات المخترعين وتقديم الدعم المناسب لتطويرها وتسهيل انتشارها، وقد يكون لدينا الكثير من النتائج المثمرة إذا أعطينا الشباب المبتكرين فرصة حقيقية للتألق والتطور.
91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…