الطاقة النظيفة خطوة جادة نحو تخفيف أزمة الكهرباء في اليمن
صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ
عملت كثير من الدول على استغلال الطاقة النظيفة لخدمة الإنسان حتى تخفف من احتياجها للوقود، الذي تستخدمه في توليد التيار الكهربائي؛ إذ عملت على إنشاء محطات لتوليد الطاقة من مصادر طبيعية؛ كالرياح والشمس وأمواج البحر وغيرها.
يقول مهتمون في مجال الطاقة المتجددة: إنّ الاستثمار في هذا المجال أصبح ضروريًّا، ويجب على الدور الرسمي الالتفات والتوجه نحو هذا القطاع، الذي يعود بالنفع على الوطن والمواطن، لا سيّما أنّ اليمن من الدول التي تعدُّ مكانًا ملائمًا لاستثمارها.
كانت هناك محاولات لإقامة مشاريع في هذا الجانب إلّا أنّها تعثرت، ومشروع الرياح في مدينة المخا أحدها. وكانت الدولة قد عزمت على إنشائه بدعم دولي، بهدف تنويع مصادر الطاقة، والتخفيف من استهلاك الوقود من جهة، والحفاظ على نظافة البيئة وسلامتها من التلوث الذي يسببه الوقود الأحفوري من جهة أخرى.
الصحفي محمد الحكيمي (وهو صحفي مهتم بالشأن الاقتصادي) تحدث في وقت سابق لصحيفة (صوت الأمل) عن مشروع طاقة الرياح، والدور الذي كان سيحققه في التخفيف من الاعتماد على الطاقة الكهربائية؛ إذ قال: “بدأت فكرة إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في العام 2007م كمشروع حكومي تمَّ طرحه، من أجل تنويع مصادر الطاقة، والحفاظ على البيئة، وأعلنت الحكومة اليمانية آنذاك اعتزامها إنشاء أول مزرعة رياح في اليمن، بقدرة أولية حددتها الحكومة حينها بين ١٠- ١٥ ميجاوات، في منطقة (المخا) التابعة لمحافظة تعز جنوب غرب البلاد، إلّا أنّ هذا المشروع لم يرَ النور حتى الآن”.
وأضاف في حديثه: “أنّ هذا المشروع كان سيعمل على الإسهام في كفاءة الطاقة بنسبة 30% من إجمالي الطاقة حتى العام 2025م؛ بِعدِّ مزرعة الرياح أول مشروع وطني سيسهم في الحفاظ على البيئة، ويقلل نسبة الاحتباس الحراري، ويزيد حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري محليًّا”.
لا يتوقف الأمر عند هذا المشروع، فهناك مشاريع كثيرة في اليمن ظلت حبرًا على ورق، وكان بإمكانها أن تحلَّ جزءًا كبيرًا من المعاناة، التي يتكبدها المواطنون جراء أزمة الكهرباء، التي تشهدها البلاد منذ سنوات، خاصة في المناطق الحارّة.
تغطية حاجة المواطنين
ترى نجلاء حسن (مواطنة) أنّ الطاقة الشمسية ساعدت أُسرًا ليست بقليلة في مدينة الحديدة من تقليلِ استخدامِ التيارِ الكهربائي، بل وتعدُّ مصدرًا رئيسيًّا لدى هذه الأُسر للحصول على الكهرباء، لا سيّما مع ارتفاع سعر الكهرباء على ما كان عليه قبل الصراع.
وتؤكد نجلاء حسن، وهي أحد سكان محافظة الحديدة، أنّ كثيرًا من المواطنين في المدينة يعتمدون على الطاقة الشمسية في استخداماتهم اليومية، خاصة فيما يتعلق بالإنارة وتشغيل بعض الأجهزة، وأنّ العديد منهم يشتركون بالتيار الكهربائي كمصدر احتياطي للكهرباء في حال كانت أجواء المدينة غائمة، أو شهدت أمطارًا، ولم يستطيعوا الحصول على الكهرباء من الشمس.
وتضيف: “منذ زمن والمدينة تعاني من الانقطاعات المستمرة للكهرباء لساعات طويلة، بل كانت تمتدُّ لأيام في بعض الأحيان، ما يدفع كثيرًا من السكان لتشغيل مولدات كهربائية تعمل بمادة الديزل، وآخرون يلجئون لشحن بطاريات المحركات واستخدامها في تشغيل المراوح والإنارة والاستخدامات الأخرى”.
وتتابع: “بالنسبة للمواطنين الذين كانوا يستخدمون مولداتهم الكهربائية اضطروا إلى تشغيلها في أوقات محددة؛ بسبب ارتفاع أسعار الوقود أو انعدامها في الأسواق، أمّا عن السكان الذين كانوا يعتمدون على بطاريات المحركات في استخداماتهم اليومية، فكانوا يعانون من شحنها باستمرار؛ إمّا لعجزهم عن دفع المبلغ المطلوب، وإمّا لعدم قدرة المحلات المخصصة لشحنها؛ بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي، وعدم قدرتهم على توفير مشتقات لمولداتهم الكهربائية”.
وتواصل حديثها: “لا تكاد تخلو أسطح المنازل من وجود ألواح الطاقة الشمسية، ما يدل على اعتماد المواطنين على الشمس كمصدر رئيسي للكهرباء، وهو ما شجع تجارة منظومات الطاقة الشمسية والأجهزة التي تعمل بها في البلاد، حتى أنّ هناك الكثير من المحلات التجارية المتخصصة في بيعها ظهرت بشكل ملفت في الشوارع وأسواق المدينة”.
التخفيف من استهلاك الكهرباء
تعدُّ الطاقة النظيفة أو المتجددة مصدرًا مهمًّا للتخفيف من استهلاك الكهرباء، التي يتم توليدها من المشتقات النفطية، والتي تتسبب في إهدار مبالغ طائلة لتوفيرها أو احتكارها على حساب الاستخدامات الأخرى، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع سعرها، وبالتالي زيادة سعر الكهرباء من ناحية، وحدوث أزمة في الحصول عليها من ناحية أخرى.
هذا ما أثبته تقرير أممي حمل عنوان: “مشروع الطاقة الشمسية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن يخفض من تكلفة الطاقة بنسبة ٦٥% ويُمنح جائزة مرموقة” وقد نُشر بتاريخ 2 يونيو من العام 2022م؛ إذ ورد فيه أنّ 20 لترًا من الديزل يتطلب أكثر من 7 دولارات أمريكية مع بداية الصراع، وارتفع سعر الكمية نفسها إلى 40 دولارًا أمريكيًّا في السنوات الأخيرة.
وتأتي أهمية الطاقة المتجددة في اليمن نظرًا لعدم سدّ احتياجات المواطنين من التيار الكهربائي، فالكثير منهم يشكو من صعوبة الحصول على التيار، لا سيّما في المناطق الريفية والنائية، التي تحتاج إلى مشاريع كهرباء خاصة بها، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تدهورًا في الخدمات المختلفة.
إذ أوضحت وثيقة رسمية حملت عنوان: (أولويات تعافي وإصلاح قطاع الكهرباء في اليمن) التي نشرت في مايو من العام 2021م، أنّ نسبة حصول سكان الأرياف في اليمن من التيار الكهربائي لا يزيد عن 23٪، في حين يحصل سكان المناطق الحضرية على 85٪، وهذه الإحصائية تمثل نصيب اليمانيين من التيار في العام 2014م.
وأكدت الوثيقة أنّ النصيب السنوي للفرد من التيار الكهربائي لم يتجاوز 255 كيلو وات في الساعة، وهو أقل بكثير من حصول الفرد من الكهرباء في مناطق كثير من العالم، وأرجعت الوثيقة السبب إلى تضرر قطاع الكهرباء جراء الصراع.
ممّا يؤكده الواقع أنّ نسبة حصول اليمن من الكهرباء قد تراجع إلى أكثر من هذه الأرقام في السنوات الأخيرة، التي تعرّض فيها قطاع الكهرباء للتدمير والتخريب والإهمال في عموم مناطق البلاد.
أنواع الأجهزة
في هذا الشأن يقول محمد سعيد (تاجر أدوات كهربائية): “الأجهزة التي تدعم استخدام الطاقة البديلة كثيرة، مثلًا الطاقة الشمسية؛ وهي أكثر أنواع الطاقة النظيفة استخدامًا في البلاد، وتتمثل في اللوحة الشمسية، وتأتي بمقاسات كثيرة منها سعة ٥٠ وات، ١٠٠ وات، ٢٠٠ وات وغيرها، إضافة لجهاز المنظم، والبطارية”.
ويتابع: “عندما دخلت الطاقة الشمسية البلاد، كانت الأجهزة التي تدعمها محصورة في منظومات صغيرة (ألواح شمسية) يتم توصيلها مباشرة في بطاريات ذات سعة مختلفة، ثم دخلت بعدها أجهزة تسمى: انفرترات (محول): وهو عبارة عن جهاز يقوم بتحويل التيار القادم من اللوح الشمسي أو من البطارية إلى تيار متردد، هذه الأجهزة أتاحت لنا استخدام جميع الأجهزة التي كانت تعمل بالتيار الكهربائي”.
موضحًا: “في البداية كانت هذه الأجهزة ذات قدرات محددة مثل 12 فلت، ثم تنافست شركات كثيرة في إنتاجها وأنتجت لنا أجهزة تصل قدرتها إلى 150 كيلو وات، وتعمل الأجهزة بنظام يجعلها قابلة للتوسع مع أكبر قدر من الأجهزة، ويولد طاقة تعادل 20 ميجاوات وأكثر، وهو ما شجع توجه الدولة لتبني مشاريع توليد طاقة كبيرة”.
ومع توسع استخدام الطاقة الشمسية في البلاد من قبل المواطن، ظهرت العديد من الأجهزة التي تعمل عليها، منها شاشات التلفزيون وأجهزة التبريد، مثل المكيفات الهوائية والثلاجات، إضافة للسخّان الشمسي، والخلاطات والمراوح، وشواحن الهواتف، وبطاريات الطاقة الشمسية، والمصابيح، وأفران طهي الطعام، وغيرها.
جميع هذه الأجهزة كانت مغيّبة في الأسواق اليمانية، في حين الأجهزة التي كانت تعمل بالتيار الكهربائي هي من يستخدمها السكان قبل بدء استخدام الطاقة المتجددة، وقد بدأت تتوافد للبلاد مع بداية ظهور منظومات الطاقة الشمسية.
91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…