تنوع الطاقة النظيفة.. اقتصاد طبيعي ومستدام قد يعيد اليمن إلى عهدها السعيد
صوت الأمل – أحمد باجعيم
في ظل العجز القائم لتغطية المدن اليمنية من الطاقة وتلبية احتياجات السكان، تواجه الدولة صعوبات كثيرة في الحصول على مواد تسهم في استقرار الكهرباء، ومع ذلك فإنّ اليمن تمتلك مصادرَ وأنواعًا متعددةً للطاقة النظيفة، من خلالها تستطيع أن تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للكهرباء في البلاد.
الطاقة وفق الدراسات
حسب ما ذكرت (منصة الطاقة) في تقرير حديث لها في 3 سبتمبر 2023م، تحت عنوان: (الطاقة المتجددة في اليمن قد تنقذ البلاد من أزمة الكهرباء) أنّ اليمن تتمتع بتنوع الطاقة المتجددة أو النظيفة؛ وذلك لموقعها الجغرافي المتميز، ومنها طاقة الرياح، وتتوفر سرعات كبيرة للرياح في المناطق الساحلية.
وأشار التقرير أنّ اليمن تمتلك طاقة رياح تبلغ إنتاجيتها إلى نحو (40) جيجاوات، وهو ما عدَّتْه (منصة الطاقة) كافيًا في أن يغطي حاجة اليمن من الكهرباء، ويتوفر فائض للاستفادة من تصديره للخارج، ومع ذلك لم يتم استغلال هذه الثروة حتى اليوم بسبب الوضع الراهن التي تمرُّ به البلاد.
وأضاف التقرير الذي أعدته المنصة المهتمة بمجال الطاقة حول العالم ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، أنّ الطاقة الشمسية تعدُّ مصدرًا آخر للطاقة النظيفة في الجمهورية، الذي تنعم بوفرة أشعة الشمس، التي تجعل البلاد محط تطوير مثالي ومهم لمشروع الطاقة الشمسية الصديقة للبيئة.
كما أكدت (منصة الطاقة) أنّ متوسط سطوع الشمس يبلغ نحو (3) آلاف ساعة سنويًّا، وهي الأخرى ستوفر كهرباء نظيفة ومستدامة لليمن بشكل عام؛ إذ إنهّ خلال مدّة ما بعد الصراع توسع الطلب على الطاقة الشمسية من قبل المشاريع الخاصة والمناطق النائية؛ نتيجة الانقطاع المتواصل للكهرباء وارتفاع تكلفتها.
ونوه تقرير (منصة الطاقة) إلى مقدرة اليمن على تسخير مصادر أخرى للطاقة النظيفة، كالطاقة الحرارية الأرضية، وهي عبارة عن الحرارة المخزنة في جوف الأرض، وأيضًا الطاقة الحيوية في إمكانية الاستفادة من المواد العضوية للنفايات الزراعية والحيوانية المتوفرة بشكل واسع في اليمن التي تتمتع بمناطق زراعية شاسعة، لكنها استفادة محدودة في أغلب الأوقات، بعكس طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي يمكن الاستفادة منها في جميع الأوقات وبقدرة إنتاجية هائلة.
وفي هذا السياق قرر البنك الدولي الاستفادة من تنوع الطاقة النظيفة في اليمن؛ إذ اعتمد تمويل مشروع توليد الطاقة عبر الريح في مدينة المخا الساحلية بمحافظة تعز، بقدرة توليدية تصل إلى (60) ميجاوات، حسبما ذكر البنك في تقرير (منحة بقيمة 20 مليون دولار من البنك الدولي لتمويل مشروع توليد طاقة الرياح في اليمن) الصادر بتاريخ 7 مارس عام 2014م.
يهدف المشروع إلى استغلال مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة لرفع إنتاج الكهرباء، وكذا خفض اعتماد البلاد على الوقود الأحفوري، وتقليص احتياج البلاد إلى دعم الطاقة بصورة عامة.
مناطق استخدامها
عدد المهندس سالم حمدون أنواع الطاقة النظيفة والمتجددة في اليمن ومناطق استخدامها؛ منها الطاقة الشمسية الحرارية، والطاقة الشمسية الكهروضوئية، وطاقة الرياح، وطاقة المد والجزر، وهي طاقة توليد الكهرباء عبر حركة الأمواج في البحر، وكذا طاقة الجيوثيرمال الموجودة في باطن الأرض.
وفي هذا الإطار تعدُّ بلادنا من أفضل البلدان التي يمكن الاستفادة من الطاقة النظيفة؛ نظرًا لتوفرها في معظم المناطق اليمانية؛ وذلك لتنوع مناخها وتضاريسها، وحتى الآن لم يتم الاستفادة منها عدا جزء محدود جدًّا من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وهو نوع واحد فقط من الأنواع المتوفرة في اليمن؛ إذ بدا بشكل ملحوظ الاستفادة من هذا النوع من الطاقة.
وأشار المهندس حمدون، أنّ طاقة الرياح تعدُّ من أفضل الطاقات النظيفة في اليمن، وتستخدم في معظم المحافظات، ومن المناطق التي نجحت في استخدام طاقة الرياح مضمونًا (باب المندب وعدن والمخا وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة).
ويضيف “سرعة الرياح في تلك المناطق عالية، كما أنّ الاهتمام بهذه الطاقة ضعيف؛ كونها جانبًا رسميًّا يتطلب تدخل الدولة، ولا بُدَّ من إجراء دراسات واختبارات، وحتى الوقت الراهن لم تتم أيُّ دراسات في اليمن بهذا الجانب”. ويؤكد على أنّ استخدام طاقة الرياح بشكل صحيح سيغطي احتياجات البلاد من الكهرباء؛ لتعدد المناطق المتاحة لاستخدامها.
وعن المناطق التي تتوفر فيها طاقة الجيوثيرمال، ويمكن استخدامها والاستفادة منها، ذكر حمدون أنّ هذه الطاقة توجد بشكل كبير في محافظة ذمار شمال اليمن، كما أنها توجد في مناطق أخرى، ولكن لم تجرِ أيُّ دراسات تفيد وجودها بصورة مؤكدة.
أمّا بالنسبة لطاقة المد والجزر فبحسب طبيعة الحال في المناطق الساحلية لليمن، وعن الطاقة الشمسية فجميع المناطق اليمانية قابلة لاستخدامها، وفي مختلف الفصول.
موضحًا “أنّ المشاريع الصغيرة والخاصة تستخدم هذه الطاقة، ولكن ليس بشكل دائم؛ بل لتغطية الحاجة من الكهرباء، نتيجة الأزمة الحالية والعجز الحكومي في توفيرها”.
مميزات وجودها
قال المهندس أحمد بارعدي: “إنّ مميزات وجود أنواع الطاقة النظيفة في اليمن، من الناحية الاقتصادية، أنها تعدُّ مجانية فيما بعد؛ لأنها تستمد حركتها من الطبيعة (الرياح أو أشعة الشمس أو أمواج البحر أو غيرها)، على الرغم من كونها مكلفة -نوعًا ما- في مراحل الإنشاء والتأسيس”.
ويتابع: “إنشاء محطات كهربائية من هذه الأنواع سيوفر ميزانية ضخمة للدولة، ويعمل على التخلص من أعباء المولدات عبر الوقود الأحفوري، وهذه تعدُّ من مميزات وجود الطاقة النظيفة والمتجددة، كما أنّها ستدعم الاقتصاد الوطني، على عكس الكهرباء الحالية التي أنهكت الوضع المالي للبلاد”.
وحول مميزات وجود الطاقة النظيفة من الجانب البيئي وكوارث تقلبات المناخ، يضيف بارعدي: “مميزات وجود الطاقة النظيفة كثيرة؛ أبرزها: التقليل من الاحتباس الحراري نتيجة عدم استخدام المولدات الكهربائية، وتراجع مستوى عوادم المحركات الخاصة بالكهرباء الحالية، وكذا تبعات التلوث الجوي من كوراث مناخية نتيجة تزايد اعتماد الإنسان على النفط والغاز”.
ويستطرد: “هناك مميزات جمّة للطاقة المتجددة؛ منها التقليل من الضوضاء والضجيج، واستدامة المشاريع في هذا الجانب، واستقرار منظومة الكهرباء، والانتهاء من أزمة الكهرباء الخانقة التي تشهدها البلاد في الآونة الأخيرة”.
صعوبات في وجود الطاقة النظيفة
حول الصعوبات يوضح حمدون أنّ أبرز الصعوبات تتعلق بنوع الطاقة النظيفة، وتختلف الصعوبات من نوع إلى آخر، مثال على ذلك التكلفة المالية العالية للطاقة الشمسية، التي تقف عائقًا على الجانب الرسمي أو الشعبي، وأيضًا ضعف الدراسات للقطاع الحكومي في إنشاء محطات توليد عبر الطاقة المتجددة، وقلة الاهتمام الرسمي بهذا الخصوص يعدُّ أحد الصعوبات في وجود الطاقة النظيفة في اليمن حتى اليوم.
واستطرد حمدون في حديثة قائلًا: “بالإضافة إلى تلك الصعوبات، يعدُّ الصراع الدائر بين الفصائل المحلية منذ مطلع 2015م من أعظم الصعوبات التي تواجه اليمن في وجود الطاقة النظيفة؛ ممّا أدت النزاعات المسلحة إلى ضعف الاستقرار الأمني وانهيار الاقتصاد، وغيرها من التبعات التي فاقمت الأزمات، وجعلت الجهات المعنية غير قادرة على التفكير بالطاقة المتجددة، أو عمل دراسات تمهد الطريق للاستفادة من المخزون الوفير للطاقة النظيفة بالمستقبل القريب”.
ومن طرفه عبر المهندس بارعدي أنّ الصعوبات التي تقف عائقًا أمام وجود الطاقة النظيفة في اليمن كثيرة، وعدم الاستفادة منها وسط انهيار المنظومة الكهربائية لتلبية احتياجات البلاد، ومن هذه الصعوبات ارتفاع تكلفتها المالية، التي تعدُّ باهظة، في ظل العجز الاقتصادي الذي تمر به اليمن. مؤكدًا أنّ التكلفة المالية لإنشاء محطات من الطاقة النظيفة يمثل ثلاثة أضعاف من إنشاء محطة غير متجددة، وهذا بحدّ ذاته يلخص عدم مقدرة البلاد من الاستفادة من الطاقة الصديقة للبيئة.
تمتلك اليمن إمكانات هائلة ومتنوعة في مجال الطاقة النظيفة، ويمكن استغلال هذه المصادر الطبيعية لتغطية احتياجات السكان من الكهرباء بطريقة صديقة للبيئة ومستدامة، لذا فإنّ هذا التنوع للطاقة المتجددة يعطي بلادنا أكثر من خيار في كيفية الاستفادة، واستغلال هذه الموارد بالشكل الذي يتكيّف مع الوضع الراهن، وتحقيق نتائج ناجحة على صعيد استدامة التيار الكهربائي بتكاليف مبسطة، وفي الوقت نفسه تُعزِّز للاقتصاد الوطني، وتُخلِّص اليمن من المبالغ الطائلة التي تدفعها للحصول على محروقات للمولدات التقليدية.
91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…