محاولات عديدة لإنعاش قطاع النقل في اليمن وسط جملة من التحديات
صوت الأمل – حنين الوحش
أثر الصراع على قطاع النقل والخدمات اللوجستية فانعكست النتائج على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في اليمن. وتشير البيانات الواردة في تقرير “مؤشر الأداء اللوجستي للبنك الدولي LPI” إلى تدهور وضع اليمن في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية بشكل كبير في العام 2023 محتلة بذلك المرتبة (132) مقارنة بـالمرتبة (63) من أصل 155 دولة تم تقييمها في عام 2012.
التحديات البرية
تعرضت الخدمات اللوجستية للطرق البرية والنقل البري للتدهور والدمار، وشهدت شبكة طرق التجارة الداخلية تحولاً يرجع إلى حد كبير إلى إغلاق بعض الطرق والأضرار واسعة النطاق التي لحقت بها، في حين أجبرت الحواجز المدنيين على استخدام طرق بديلة للاستمرار في الحياة بشكل أو بآخر.
وعن الصعوبات المؤسسية، أوضح الباحثون الاقتصاديون أنه لطول فترة الصراع تدهورت البنية المؤسسية للنقل البري، ومن أبرز تلك التحديات التي تواجهه تهالكُ الجوانب التشغيلية، وأزمة الموارد المالية، وغياب الموارد البشرية وعدم توفر المعدات وقدِمها.
وأظهر التقييم المستمر للاحتياجات في اليمن، في مرحلته الثالثة الصادر عن البنك الدولي في 2020، أن البنية التحتية لقطاع النقل البري (الأساسية واللوجستية) تعرضت لأضرار وتدمير بالغين نتيجة الصراع، وهذا أدى إلى مزيد من العوائق والقيود على حركة المسافرين والتجارة الداخلية والخارجية.
وأوضح التقييم أن اليمن سيحتاج إلى إعادة إعمار خطوط النقل البرية؛ حيث إن هناك حاجة إلى صيانة وتأهيل لما لا يقل عن 5,000 إلى 6,000 كيلو متر من الطرق ذات الأولوية العالية.
التحديات الجوية والبحرية
في إطار التحديات والوضع العام لحركة النقل البحرية والجوية، يقول دكتور الاقتصاد علي قائد: “تعرضت البنية التحتية لقطاع النقل الجوي والبحري لأضرار كبيرة نتيجة التدمير الذي أصاب مكوناته وأجزاءه الأساسية”. مضيفًا أن قطاع النقل في اليمن -باختلاف أنواعه- يواجه جملة من القضايا الرئيسة التي برزت في عدم وجود استراتيجية واضحة وشاملة لتطوير البنية التحتية للمطارات، ووجود درجة عالية من المنافسة من قبل شركات الطيران الإقليمية، إضافة إلى محدودية القدرات المؤسسية في إدارة سياسات النقل الجوي.
ويؤكد الدكتور قائد على ارتباط النقل الجوي والبحري ارتباطًا وثيقًا بقطاعات عديدة تتعلق بحركة النقل الجوي والعمليات الإنسانية والأمن الغذائي والتجارة، الأمر الذي تسبب بأثر شديد الوضوح على قدرة قطاع النقل الجوي في العمل بشكل طبيعي نتيجة الأضرار التي تعرضت لها البنية التحتية.
كما أوضحت دراسة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي للعام 2021 رصدت فيها حجم الضرر في المنشآت والطرق والمنشآت البحرية والجوية أثرَ الصراع على قطاع النقل والخدمات اللوجستية، وتضرر مطار عدن الدولي وبرج المراقبة وممرات النقل والمدرج ومرافق الدعم الأخرى، وتعرض مطار صنعاء الدولي للتدمير الجزئي في المدرجات والهناجر والطائرات.
وبينت الدراسة تعرُّض مطار الحديدة ومطار تعز لتدمير في المباني ومرافق الدعم والبنية التحتية فأصبحت غير جاهزة وغير صالحة، وليس هناك تقديرات عن تكلفة هذا الدمار حتى الآن؛ وهذا يتطلب تقييمًا دقيقًا لحجم الأضرار وتحديد الاحتياجات وإعادة إعمار هذه المنشآت التي تعتبر خط تواصل في الداخل والخارج.
أما في إطار النقل البحري، فقد استعرضت الدراسة تحديات ترتيب الشحنات بأسعار تنافسية والتدهور الكبير في مؤشر التتبع والتعقب؛ حيث تراجعت مرتبة اليمن إلى المرتبة 146 في تقرير عام 2018 مقارنة بالمرتبة 51 في تقرير 2012، أي بالتراجع 95 مرتبةً، وذلك يظهر ضعف القدرة على تتبع الشحنات وتعقبها.
ومن جانب آخر، تعرضت موانئ عدن ومرافق مصفاة عدن في البريقة ورصيف الحاويات ورصيف السياح لأضرار جسيمة، كما تعرض ميناء المعلا والمنطقة الحرة في عدن لأضرار لحقت منشآت التخزين ومرافقه من المستودعات ومباني الدعم.
معالجات مدروسة
وحول المعالجات المقترحة لتسهيل حركة انسياب البضائع وإيجاد حلول للمشاكل أو الصعوبات التي تعوق قطاع النقل بصورة عامة، يقول الدكتور قائد: “للوصول إلى سلام مستدام لا بد من تدفق وتسريع حركة النشاط الاقتصادي وحركة التبادل ونقل السلع والبضائع والوقود، والسماح بدخول الواردات الإنسانية والتجارية التي تخدم الاحتياجات الأساسية، وتقليل أوقات انتظار السفن بما في ذلك سفن البضائع التجارية والوقود والغذاء”.
مضيفًا إلى ذلك ضرورة إصلاح البنية التحتية للموانئ وتحسينها بحيث يكون لذلك تأثيرٌ كبير في التخفيف من الأزمة الإنسانية، ووضع تدابير تعمل على خفض تكاليف النقل، والعمل على خفض تكاليف التأمين ضد مخاطر الصراع بالنسبة لمستوردي الأغذية من خلال التنسيق مع الدول المانحة لتقليل متطلبات مخاطر مسؤولية شركات التأمين الخاصة.
وفي جانب التسهيلات والمعالجات، بيَّن الدكتور قائد ضرورةَ التركيز على تسريع إجراءات الحصول على التصاريح الأمنية الخاصة بالواردات وأطر التفتيش من أجل تقليل التأخير وما يرتبط بها من تكاليف على المستوردين، وتشجيع المانحين لدعم وتمويل الاستثمار في الموانئ وصيانتها وتأهيل بنيتها التحتية، وتحييد الخدمات اللوجستية للنقل البري بما يسهم في تسهيل نقل الركاب وانتقال البضائع والمساعدات الإنسانية، وسرعة إعادة تقييم الخسائر والأضرار التي أصابت الخدمات اللوجستية في النقل البري والطرق.
سياسات على المدى المتوسط والبعيد
وحول السياسات العامة على المستويين المتوسط والبعيد، طرحت الدراسة المذكورة أعلاه وخبراء الاقتصاد أن من أهم شروط تحقيق السلام وإعادة إعمار قطاع النقل التوسعَ في تنفيذ مشاريع الخدمات اللوجستية للنقل البري والطرق الريفية للمساهمة في تحقيق التنمية للمناطق الريفية مع مراعاة تحقيق أكبر فائدة، ووضع خطة شاملة لتطوير ميناء عدن كمنطقة حرة وميناء دولي يقع على أهم المضايق والممرات الدولية. وبينت الدراسة أهمية تطوير البنية التحتية للمطارات الرئيسة التي تربط اليمن بالعالم والأسواق الدولية، خاصة مطار صنعاء، بالإضافة إلى إعداد خطط استراتيجية شاملة لتحسين ورفع كفاءة الخدمات اللوجستية للنقل الجوي والبحري وزيادة الاستثمار في التدريب، وكذلك بناء القدرات التي تمكن الموانئ اليمنية من استقبال عدد أكبر من السفن، وبشكل أفضل، مما يسهم في خفض التكاليف وزيادة وصول السلع الأساسية إلى جميع اليمنيين.
63.6% من المشاركين في الاستطلاع قيَّموا خدمات قطاع النقل في اليمن بالضعيفة
صوت الأمل – يُمنى أحمد يعد النقل أحد العوامل الحيوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي …