‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النقل في اليمن خدمات النقل في اليمن.. مواجهة عنيفة مع تحديات الصراع

خدمات النقل في اليمن.. مواجهة عنيفة مع تحديات الصراع

صوت الأمل – هبة محمد

يواجه قطاع النقل في اليمن معارك كثيرة أفقدته أهم مكون في أساسياته وبنيته التحتية على مدى عقود طويلة وأثرت تأثيراً مباشراً على جميع قطاعات النقل المختلفة، فكانت النتيجة ضعفًا كبيرًا في أداء خدمات النقل، بسبب الضغط المضاعف عليها وعدم وجود اهتمام في المنشآت المتبقية أثناء الصراع؛ لذا من الضروري والواجب إيجاد الكثير من البدائل والحلول الحقيقية لمواجهة ذلك الدمار الذي لحق بها منذ سنوات.

قطاع النقل في اليمن وعنف التحديات

 على مدى سنوات طويلة مر قطاع النقل في اليمن بتغييرات كثيرة انعكست سلبا على بقية القطاعات الأخرى، ومن ثم وجدت العديد من التحديات والصعوبات التي عانى منها قطاع النقل البري والجوي والبحري، سواء قبل الصراع أو بعده.

ويرى القبطان عبد السلام العريفي (مدير عام مكتب سياسات واقتصاديات الموانئ والنقل البحري) أنه قبل الصراع الدائر في اليمن حدث بعض النمو والتطور والتنمية بشكل غير متسارع، لكن ذلك لم يكن يلبي الاحتياجات ولا يواكب التطورات وثورات النقل البحري واقتصاد الموانئ حتى بدأ الصراع وأعاد كل شيء إلى مربع الصفرية.

 ويقول: “منذ بدأت الصراعات المسلحة وإلى اليوم، أعيد للموانئ والمرافق التابعة الجاهزية الفنية بشكل مقبول وبجهود ذاتية وتمويل ذاتي من مؤسسة موانئ البحر الأحمر، رغم شحة الإمكانيات ورغم الحصار المطبق وعدم السماح بإدخال أي معدات أو قطع غيار للمعدات والآليات المتهالكة التي اُستهدفت أو تلك التي خرجت عن الجاهزية الفنية والتشغيلية نتيجة انتهاء أعمارها الافتراضية وعدم إحلال بدائل عنها”.

ويشير العريفي أيضًا إلى أن النقل البحري يواجه تحديات تتمثل في عدم اكتمال التشريعات والقوانين المتعلقة بالعمل البحري أو تحديثها بشكل عام، وإهمال متعمد لقطاع النقل البحري والاقتصاد البحري من قبل أطراف الصراع، إلى جانب عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة ومبنية بشكل منهجي واستراتيجي يستغل موقع اليمن جغرافيا رغم توفر جميع المتطلبات والشروط الدولية لعمل بنية تحتية بحرية اقتصادية تنافس جميع اقتصاديات دول المنطقة بحرياً، وبالتالي حرمان اليمن من موارد اقتصادية هامة تنهض بها إلى أن تصبح من أوائل اقتصاديات المنطقة.

يقول جمال حاتم -موظف في قطاع النقل الجوي-: “نتيجة الصراع الدائر في اليمن فإن قطاع النقل يواجه تحديات وظروف استثنائية منها: محدودية صيانة شبكات النقل الدائمة والنوعية بأنماطها المختلفة، قلة الأيدي العاملة ذوي الكفاءة والمؤهل والخبرة، قلة تقديم البرامج التدرٌيبية المواكبة للتحديث والتطور، وضآلة الإنجاز والأداء في الخدمات”.

ويتحدث الدكتور محمد العصري (مدير عام المؤسسة المحلية لقطاع النقل البري صنعاء) عن أهم التحديات التي تواجه المؤسسة حاليا قائلا: “عدم تمكن المؤسسة من تنفيذ مشروع شراء وتوريد عشرين باصًا لتعزيز أسطولها في النقل البري بالرغم من متابعتنا المستمرة، وكذا عدم الحصول على قرض أو تمويل حكومي بضمان أصول المؤسسة من وزارة المالية”.

ويتابع العصري في عرض أهم التحديات التي تواجه المؤسسة: “لم نستطع الحصول على ضمانة الحكومة نقدمها إلى البنوك التجارية والحكومية المستعدة لتقديم التمويل حيث طلبت جميعها تقديم ضمان حكومي، وأُلغي بيع الأراضي الزائدة لتمويل شراء باصات بقرار مجلس الوزراء رقم 16 لسنة 2009”.

وينهي حديثة بالتأكيد على أن المؤسسة قامت بكل المحاولات للحصول على التمويل لكنها لم تتلقَ أي تجاوب من الجهات المسؤولة عن تنفيذ قرارات الحكومة بمنع بيع الأراضي الزائدة عن حاجة النشاط، وبتلك القرارات تعطلت مصادر التمويل للمؤسسة وأنشطتها التي يبلغ إجمالي عدد موظفيها الأساسيين والمساعدين 79 شخصًا.

إحصائيات أضرار وزارة النقل في الوضع الراهن

 تعرضت خدمات النقل في اليمن بوسائلها المتعددة خلال فترة الصراع الدائرة منذ أكثر من ثمان سنوات إلى أضرار لحقت ببنيته التحتية. ووفقًا لتصريح العصري “فقد دمرت الكثير من شبكات الطرق الرئيسة والجسور الرابطة بين عدة محافظات منها: عدن، صنعاء، الحديدة، تعز، وتعرضت لأضرار بالغة تتضمن حفرًا عميقة في الطرقات. وكل هذا الدمار يحتاج إلى عملية إصلاحات كبيرة وطويلة المدى” .

 ويفيد العصري أن التقرير الصادر عن صندوق صيانة الطرق يبين أن هناك 1,241 كم من الطرق قد تضررت بشكل هائل في محافظات صنعاء وصعدة وأبين، وعدة محافظات أخرى. وأدى الصراع إلى دمار أكثر من 60 جسراً بين أضرار جزئية وكلية، وتأثرت إمكانية التنقل والوصول بشكل خطير جدًا بسبب الأضرار المادية التي أصابت البنية التحتية.

ووفقاً لتصريحات رسمية عن وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها في صنعاء على الموقع الرسمي للوزارة للعام 2023؛ فقد بلغ حجم الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بوزارة النقل منذ مارس 2015 وحتى مارس 2023 نتيجة الصراع 13,442,851,000 دولار توزعت على قطاعات الطيران بنسبة 51%، والقطاع البحري بنسبة 42%، والنقل البري ومرافقه بنسبة 7%.

أضرار قطاع النقل البري والجوي

أشار رئيس هيئة تنظيم شؤون النقل البري وليد الوادعي إلى أن الأضرار والخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاع النقل البري خلال ثمان سنوات بلغت 890,276,000 دولار، ودمرت أثناء النزاعات 1,040 شاحنة كانت تقوم بنقل المواد الغذائية، و390 ناقلة و10,290 وسيلة نقل متعددة و7,293 جسراً وطريقًا، مؤكدًا أن هيئة النقل البري تعمل بجهود جماعية ذاتية واستطاعت توسيع فروعها بمختلف محافظات الجمهورية لتصل إلى 14 فرعًا.

وفي المؤتمر الصحفي الذي أقامته وزارة النقل في مارس 2023 استعرض وكيل هيئة الطيران المدني والأرصاد رائد جبل إجمالي الأضرار التي أصابت قطاع النقل الجوي منذ بدء الصراع حتى الآن، حيث بلغت ستة مليارات 870 مليونا و27 ألف دولار.

مؤكداً أن استمرار إغلاق مطار صنعاء تسبب في مأساة إنسانية كبيرة حسب ما أشارت إليه وزارة الصحة، مثل وفاة 120 ألف حالة مرضية، وأكثر من 450 ألف حالة مستعصية بحاجة للسفر لتلقي العلاج.

خسائر قطاع النقل البحري

في المؤتمر الصحفي أوضح مدير فرع هيئة الشؤون البحرية صلاح الوزير أن خسائر قطاع النقل البحري المباشرة أو غير المباشرة ، بلغت مليارين و427 مليونًا و577 ألف دولار، وأن الأضرار التي لحقت بمؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية خلال ثمان سنوات من الصراعات قد بلغت ثلاثة مليارات و254 مليونا و970 ألف دولار. مؤكداً أن المؤسسة عملت على تعزيز أداء القطاعات الخدمية والفنية والقدرات التشغيلية الخاصة بمهام استقبال السفن المحملة بالبضائع والوقود والسلع الواردة إلى ميناء الحديدة.

مشاريع متعثرة

عن مشاريع المؤسسة المحلية لقطاع النقل البري المتعثرة تحدث الدكتور محمد العصري لصوت الأمل قائلا: “تسعى المؤسسة اليوم إلى إعادة نشاطها من خلال مشروع شراء عشرين باصًا سياحياً لنقل المواطنين بوسائل نقل حديثة ومتطورة توفر لهم الراحة وتضمن سلامة النقل. ويهدف المشروع إلى دعم خطوط التشغيل المجدية والمربحة بوسائل النقل الجديدة من الباصات السياحية لتغطية طلب المواطنين على خدمات النقل بين مدن ومحافظات اليمن بمستوى جودة عالية وأجور نقل منافسة”.

ويوضح العصري أن مشروع شراء وتوريد الباصات وغيرها من المشاريع النقلية توقفت عن التنفيذ لأسباب عديدة، منها: القيود التي فرضها الصراع على المنافذ البرية والبحرية والجوية مما أوقف مشروع الباصات المطلوب شراؤها لإعادة نشاط المؤسسة تماما، وعدم تمكن الحكومة ممثلة بوزارة المالية والنقل من دعم المشروع. مضيفًا أن أسباب توقف المشروع هو عدم التمكن من تنفيذ قرارات مجلس الوزراء بشأن إعادة نشاط المؤسسة، وكذا تدهور وضعها المالي نتيجة توقف نشاطها.

لا يخفى على أحد أن وزارة النقل وجميع المؤسسات التابعة لها تعتبر مكونًا أساسيًا من مكونات البنية التحتية للبلد، ولها تأثير كبير في تنمية الاقتصاد الوطني. والنقل شريان الحياة وعصب التنمية، ومن ثم هو بحاجة ضرورية اليوم إلى إحلال السلام وإيقاف الصراع في اليمن حتى تنهض وتعود من جديد؛ رحمةً بالشعب اليمني والمرضى الذين ينتظرهم مصيرًا مجهولا وسيكون الموت حتمًا إذا لم تتدارك الأطراف الداخلية والخارجية في الصراع حجم الكارثة التي ستصيب الجميع.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

63.6% من المشاركين في الاستطلاع قيَّموا خدمات قطاع النقل في اليمن بالضعيفة

صوت الأمل – يُمنى أحمد يعد النقل أحد العوامل الحيوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي …