وسائل النقل.. وخصوصية المرأة اليمنية
صوت الأمل – د.سوزان مفتاح
لطالما لعب النقل دورًا مهمًا في تسهيل التجارة والتبادل والتنقل، ففي البداية كانت الحاجة الرئيسية للنقل اقتصادية، وتشمل الأشخاص الباحثين عن الطعام أو العمل.
ومما لا شك فيه، أن توفر شبكات حديثة ومتكاملة للنقل بوسائطه المختلفة يمثل عاملًا مهمًا في تحديد مواقع واتجاهات الأنشطة الاقتصادية المختلفة، فهناك علاقة قوية بين التطور الاقتصادي والاجتماعي لبلد ما ومستوى نمو قطاع النقل، كون النمو الاقتصادي يتأثر وبصورة مباشرة بكفاءة قطاع النقل ومرونته، حيث يتم من خلال شبكات النقل المختلفة عمليات التبادل بين مراكز الإنتاج ومراكز الاستهلاك.
اليمن، كانت من أوائل الدول التي عرفت تطورًا عمرانيًا ومنذ قديم الأزل. شمل هذا التطور وسائل النقل والتي تمثلت في إنشاء أول سكًة حديدية، تربط اليمن بالشام والحجاز وتركيا، وذلك أيام الدولة العثمانية. ولكن الحرب العالمية الأولى أنهت هذا المشروع العمراني والحضاري في ذلك العهد مبكرًا، حيث أدت إلى انسحاب الدولة العثمانية من اليمن.
في العصر الحديث، يوجد ثلاث أنواع من وسائل النقل في اليمن هي: النقل البري والنقل البحري والنقل الجوي.
سنخصص هذا المقال لمناقشة بعض المشاكل التي نجدها في وسائل النقل البري، سواء العام أم الخاص، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة واستخدامها لها.
تنقسم وسائل المواصلات البرية في اليمن لقسمين: النقل العام والنقل الخاص. داخل المدن يتمثل النقل العام أو المواصلات العامة بالباصات الصغيرة والمتوسطة والدراجات النارية وسيارات الأجرة. أما النقل الخاص فهو ما نقصد به السيارات الخاصة أو (الخصوصي).
المرأة ووسائل النقل العام
كشفت دراسات أجراها البنك الدولي حول وسائل النقل في إطار خطة العمل المعنية بالمساواة بين الجنسين عامي 2008 و2010 في الدار البيضاء، والضفة الغربية، والمناطق الريفية والحضرية في اليمن، أن المرأة تتحمل تكاليف أعلى وتواجه عقبات أكبر في تنقلاتها مقارنة بالرجال.
وخلصت هذه الدراسات إلى أن شبكات النقل لا تلبي احتياجات النساء في هذه المناطق على نحو كافٍ، خاصة وأن تزايد مشاركة المرأة في سوق العمل له تأثير كبير في الطلب على وسائل النقل في المناطق الريفية والحضرية.
فالنساء يتنقلن يوميًا من خلال وسائل المواصلات العامة مثل الباصات (الدباب) والحافلات الأكبر حجمًا أو سيارات الأجر ة الخاصة. إلا أنهن يتعرضن للكثير من المضايقات بداخل هذه الوسائل من ضمنها التحرشات الكلامية، النظرات الحادة، التلامس في بعض الأحيان، بل وحتى التحرشات والحركات ذات الإيحاءات الجنسية.
إلا أن الأسوأ من هذه التحرشات هي تعرض الكثير من النساء إلى محاولات اختطاف بواسطة سائقي الباصات أو سيارات الأجرة. فلقد سمعنا بالكثير من القصص التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي عن حالات اختطاف لنساء وفتيات صغيرات. بعض هذه الحالات تنتهي بمأساة حيث تقوم النساء برمي نفسهن خارج الحافلة أو سيارة الأجرة للنجاة، وهذا ما يؤدي إلى حصول الكثير من الأذى الجسدي من كسور وتشوهات، بل وقد يحصل في بعض الحالات أن تفقد النساء حياتهن جراء الحادث. فتخلت بعض النساء عن وسائل النقل وفضلت التنقل بالأقدام حتى لا تتعرض للمضايقات فيها، ورغم ذلك فهي لم تسلم من المضايقات من المارة في الشارع.
ولهذا السبب لجأت الكثير من النساء إلى اقتناء سيارة خاصة بها للتنقل بحثًا عن الأمن والحرية في التنقل، فنرى تزايد أعداد النساء اللاتي يقُدن السيارة بشكل ملفت جدًا بداخل المدن اليمنية ولاسيما الكبرى منها. ومع ذلك فلم تسلم المرأة التي تقود سيارتها الخاصة من المضايقات. فبالرغم من أن القانون اليمني لم يمنع النساء مطلقًا من الحصول على رخصة قيادة وقيادة السيارات، إلا أن العادات والتقاليد والثقافة المجتمعية كانت منذ فترة طويلة العائق الرئيسي أمام العدد الكبير من النساء اللاتي يجلسن خلف عجلة القيادة.
من جهة أخرى، فالنساء اللاتي يقدًن سياراتهن الخاصة تتعرضن للكثير من المضايقات من قبل السائقين الذكور لأسباب كثيرة، قد يكون أحدها الجهل ورغبة الشباب في فرد عضلاتهم أمامهن. من المضايقات التي تتعرض لها النساء أثناء قيادتهن للسيارة هي المضايقات الكلامية و (المعارضة بالسيارة) وتخويفهن أثناء القيادة. الكثير من حوادث السير التي ذهبت النساء ضحيتها كانت بسبب هذه المضايقات من قبل الشباب. نوع آخر من المضايقات يحدث للنساء أثناء قيادتهن هو التعرض لهن من قبل مسلحين وتهديدهن بالتصفية الجسدية ومحاولة إخراجهن من السيارة لسرقتها.
لذلك فالمرأة سواء استقلت وسائل المواصلات العامة أو سيارتها الخاصة فهي تتعرض دائما للمضايقات، وفي كثير من الأحيان تقف عاجزة أمام هذه المضايقات لا تجد من ينصفها.
حلول ومعالجات
يمكن التقليل من حوادث المضايقات التي تتعرض لها المرأة من خلال بعض الإجراءات التي يمكن سردها في السطور التالية:
- تشريع قوانين تفرض عقوبات رادعة للمتحرشين في وسائل المواصلات العامة.
- عمل حملات توعية مجتمعية مع تفاعل الجهات الحكومية المعنية بأضرار التحرش وبشاعة هذا الفعل وضرورة الإبلاغ عن أي متحرش وتحديد رقم مجاني للإبلاغ.
- توعية النساء وتأهيلهن بطريقة التصرف الصحيحة عند التعرض لأي نوع من أنواع المضايقات في وسائل المواصلات العامة أو الخاصة.
- تشجيع إنشاء شركات نقل وسيارات أجرة خاصة بالنساء وبكادر نسائي.
واخيرًا، يجدر القول بأن الجهات الحكومة ورجال المرور ونقاط التفتيش في الطرقات تشكل داعمًا حقيقيًا للمرأة، سواء أكانت تستقل وسائل النقل العامة أو تقود سيارتها الخاصة، فالجهات الحكومية ممثلة بإدارة المرور قد خصصت وحدة خاصة بكادر نسائي للقيام بعمليات استخراج رخصة القيادة والوثائق المتعلقة بالمركبات للنساء في محاولة منهم للتعامل بخصوصية أكثر معهن ولتجنيبهن الدخول في طوابير طويلة والاحتكاك مع الرجال.
من جهة أخرى، فإن رجال المرور والضبط المروري يتعاملون مع النساء في الشارع بكل احترام وتقدير، ولا يتم إيقافهن في نقاط التفتيش كالرجال أو طلب الأوراق الثبوتية، مع العلم بأن النساء أكثر التزامًا بالقواعد المرورية وقواعد السير.
63.6% من المشاركين في الاستطلاع قيَّموا خدمات قطاع النقل في اليمن بالضعيفة
صوت الأمل – يُمنى أحمد يعد النقل أحد العوامل الحيوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي …