تنخرط النساء في تهريب المخدرات وترويجها أكثر من تعاطيها
صوت الأمل – هبة محمد
يعدُّ انتشار المخدرات وسط النساء في اليمن قضية خطيرة ومقلقة، في بلد يعاني من صراع مسلح داخلي طويل الأمد، وهذا الصراع والاضطراب الذي يرافقه يسهمان في تفاقم مشكلة المخدرات في البلاد، وتعدُّ النساء في اليمن هدفًا سهلًا للتجار والمهربين؛ إذ تعاني الكثير منهنّ من الفقر والعوز، والظروف الاجتماعية الصعبة، وقد تلجأ بعض النساء إلى تعاطي المخدرات كوسيلة للهروب من الواقع الصعب الذي يعيشنه، وقد يتعرضْنَ للتجنيد أو الاستغلال من قبل العصابات المختصة في تهريب المخدرات وتوزيعها..
انتشار المخدرات وسط النساء
تعاني اليمن من انتشار جريمة المخدرات في المجتمع، ما بين تعاطي وتهريب وترويج، من مختلف الشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المرأة، التي تعدُّ أهم عنصر داخل المجتمع اليمني، هذا ما أكده العقيد غمدان أبو ذيبة (مدير إدارة حماية الأسرة في محافظة إب)، إذ قال: “تعدُّ المرأة اليمنية أساس صلاح المجتمع أو فساده، وهناك جرس يدقُّ ناقوس الخطر في استغلال النساء في التهريب والترويج للمخدرات، وهذه كارثة مجتمعية تتسبب في دمار شامل للمجتمع، أمام التكتم والصمت على القضايا التي تخص المرأة في تعاطي المخدرات؛ بسبب عادات وتقاليد المجتمع”.
ويواصل “وشهدت المدة الزمنية الأخيرة انتشارًا كبيرًا للشيش الإلكترونية، وسط النساء والرجال، وتعاطي شيش المعسّل في الوسط النسائي بمختلف الأعمار، التي قد يقوم بعض ضعفاء النفوس بخلطها بمواد مخدرة؛ تؤدي إلى إدمان المرأة دون علمها، وتصبح مدمنة على الشيشة يوميًّا، وتشتري من نفس التاجر، وامرأة واحدة تجرُّ معها العديد من النساء في جلساتهنّ اليومية، لتعاطي الشيشة المخلوطة بمواد مخدرة”.
ويرى غمدان أنّ المرأة الضعيفة قد تكون ضحية استغلال لبعض تجار المخدرات وغصْبها للعمل معهم، عن طريق التهديد بنشر صورها وتشويه سمعتها، أمام خوفها من أسرتها، التي لا تعلم عنها شيئًا، ولا تراقب ابنتها وما تمر به من استغلال، قد يجعلها تخوض في جريمة المخدرات.
ويقول عدنان يوسف (ضابط في الشرطة العسكرية): “تقوم بعض عصابات المخدرات بتشغيل النساء في توزيع وتهريب المخدرات؛ لأنّ المرأة إذا عبرت من النقاط الأمنية لا يقوم الرجل بتفتيشها؛ احترامًا لعادات المجتمع وتقاليده، وعدم وجود شرطة نسائية في النقاط الأمنية، يخلق سهولة الوصول بالنسبة للمرأة في تهريب الآفة الخطيرة والمدمرة، المخدرات، وهذا يجعل انتشارها في تزايد مستمر”.
ويشير يوسف أنّ أكثر ما ينتشر في الوسط النسائي هو تهريب المخدرات، أكثر من التعاطي، فالعديد من النساء تعمل في توزيع الحشيش المخدر للوسط المحيط بها، وفي مُدَّة قريبة جدًّا تمَّ القبض على امرأة وزوجها، من قبل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، كانت تقوم بتهريب المخدرات، وتوزيعها على المتعاطين من الشباب.
ويشير أيضًا أنّ البيانات والإحصاءات المحدودة المتاحة، تجعل من الصعب تقديم صورة دقيقة وشاملة لانتشار المخدرات بين النساء في اليمن، وقلة الموارد، والجهود المحدودة لمكافحة المخدرات في البلاد، تعيق جمع المعلومات، والتوعية، والعلاج المناسب لهذه المشكلة.
دوافع وأسباب انخراط النساء في المخدرات
يُجمع الكثير من المختصين والمهتمين بالشأن الاجتماعي أنَّ أهمَّ الأسباب وراء انخراط النساء والشباب في تعاطي المخدرات وتهريبها هو الإهمال الأُسري، وغياب الرقابة الأبوية. يقول العقيد غمدان: “يكون الإهمال الأُسري، الذي يشمل الإهمال العاطفي، والجسدي، والتجاهل، له تأثير سلبي على النمو النفسي والاجتماعي للنساء والشباب، فعندما يعاني الأشخاص من الإهمال الأُسري، فإنّهم قد يشعرون بالعزلة والإحباط، وقد يكونون أكثر عرضة للبحث عن وسائل للتهرب أو تخفيف الألم النفسي، ومن هنا قد يلجئون إلى تعاطي المخدرات، كوسيلة للتخلص من مشاعرهم السلبية”.
وأضاف: ” كذلك غياب الرقابة الأبوية يمكن أن يؤدي أيضًا إلى زيادة احتمالية تعاطي المخدرات، عندما لا تكون هناك قواعد صارمة ورقابة من الوالدين، فإنَّ الشباب قد يجدون أنفسهم بدون توجيه واضح وقواعد محددة. قد يكونون أكثر عرضة للتأثر بالضغوط الاجتماعية، والتجارب السلبية، والتأثيرات الخارجية، التي تدفعهم نحو تجربة المخدرات”.
وتشير دكتورة الإرشاد النفسي أضواء محمد إلى أنّ هناك عواملَ أخرى تؤثر في تعاطي المخدرات، مثل الضغوط النفسية والاجتماعية، والتوافر السهل للمخدرات، والترويج والتسويق العنيف للمخدرات، والفقر، والبيئة المجرمة، والتعليم، والثقافة، والعوامل الوراثية؛ لذا من الضروري توخي الحذر في تصنيف العوامل المشتركة بين الأفراد الذين يتعاطون المخدرات، إذ تكون الأسباب متعددة ومتشابكة.
وتفصّل ذلك قائلة: ” قد يكون للضغوط النفسية والاجتماعية دورٌ كبيرٌ في دفع الشباب من الجنسين إلى تجربة المخدرات، وتتضمن هذه الضغوط، ضغوط العمل، والتوتر العائلي، والمشاكل العاطفية، والضغوط النفسية الناجمة عن الانتماء إلى مجموعات معينة، وكذلك عندما تكون المخدرات متاحة بسهولة في المجتمع، فإنّ الشباب يصبحون أكثر عرضة لتجربتها. يمكن أن يشمل ذلك التوافر في الأحياء العشوائية، والمدارس، والجامعات، والأماكن الترفيهية، والشوارع”.
وأضافت: ويمكن أن يؤدي الفقر وعدم وجود فرص اقتصادية للشباب إلى زيادة احتمالية تعاطي المخدرات. ويعدُّ تعاطي المخدرات في بعض الأحيان وسيلة للهروب من الواقع القاسي، والبحث عن متطلبات الحياة، وكذلك انتشار الأمية والجهل بين الشباب، يعرضهم لتعاطي المخدرات؛ لأنّ التعليم يلعب دورًا مهمًّا في تقليل احتمالية تعاطي المخدرات؛ فالشباب الذين يحظون بتعليم جيد وفرص تعليمية متاحة لهم، قد يكونون أكثر عرضة للتفكير النقدي، واتخاذ قرارات صحية بشأن تجربة المخدرات.
وأشارت أنّ من ضمن العوامل، ضعف التوعية بأضرار المخدرات، والتدابير الوقائية المتاحة، قد ينقص التوجيه والدعم للنساء لمواجهة تحدياتهنّ وتجنب تعاطي المخدرات، وأيضًا التوقعات الاجتماعية القائمة على التمييز والعنف الجنسي. وتعاطي المخدرات قد يُعَدُّ ملاذًا مؤقتًا للتخلص من هذه الضغوط أو تخفيف الألم.
حلول عاجلة
واقع الحياة الاجتماعية في اليمن ينذر بالكارثة أمام انتشار آفة المخدرات بين النساء والرجال، ويهدد بفساد المجتمع ودماره، وأمام هذه الكارثة يجب أن نضع حلولًا عاجلة لإنقاذ الشباب والمجتمع قبل فوات الأوان.
يقول عدنان يوسف: “لمكافحة هذه المشكلة، تتطلب جهودًا متكاملة وشاملة، تشمل التوعية والتثقيف بشأن المخاطر المرتبطة بتعاطي المخدرات، وتعزيز الوعي الصحي والنفسي لدى النساء، وتعزيز الفرص الاقتصادية والتعليمية لتحسين ظروف حياتهنّ، كما يجب تعزيز التعاون بين الحكومة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني؛ لتعزيز القدرات، وتوفير الدعم اللازم لمكافحة هذه الظاهرة”.
ويشير إلى ضرورة توظيف المرأة في النقاط الأمنية، ومواقع التفتيش؛ لكي تتمكن من التفتيش، والتحري مع النساء اللواتي يعملنَ على تهريب المخدرات في أماكن خاصة في جسدها، من أجل الحد من انتشار استخدام المرأة كطريقة سهلة لمرور تجارتهم.
فيما تقول الشرطية بلقيس الحوصلي: “لمعالجة الأسباب الجذرية لانتشار المخدرات بين النساء في اليمن، تتطلب إستراتيجيات شاملة، تركز على تعزيز الاقتصاد، وتحسين الظروف الاجتماعية والأمنية في اليمن، بالإضافة إلى تعزيز التوعية والتثقيف حول أضرار المخدرات، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للنساء المتأثرات، كما يجب تعزيز الجهود في مكافحة التجارة غير المشروعة للمخدرات، وتعزيز العدالة، وتطبيق القانون لمكافحة هذه الظاهرة”.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…