الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرهما في مكافحة المخدرات
صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ
تلعب وسائل الإعلام المختلفة (مقروءة ومسموعة ومرئية) إلى جانب منصات التواصل الاجتماعي دورًا في محاربة تعاطي المخدرات، من خلال المساحات التوعوية التي تخصصها حول مخاطر هذه الظاهرة، وعواقبها على الفرد والمجتمع، ومن ناحية أخرى تلعب بعض تلك الوسائل دورًا بارزًا في التأثير على الكثير من الفئات، وتقودهم إلى الإدمان، من خلال برامجها ومسلسلاتها الهادمة، التي من شأنها الترويج لتعاطيها، وإفساد الأجيال، والقضاء على مستقبلها.
في اليمن اتجهت الوسائل الإعلامية المختلفة في أغلب برامجها لتغطية أخبار الصراعات في شتى المناطق اليمنية، وهمشت العديد من القضايا الاجتماعية، التي هي بحاجة لتخصيص مساحات كافية في تلك الوسائل لمناقشتها؛ بهدف إيجاد الحلول الجذرية، أو الحد من انتشارها، ومنها المخدرات التي توسعت تجارتها في المجتمع اليمني بشكل ملحوظ، خاصة في السنوات الأخيرة.
إعلامي يمني -فضّل عدم ذكر اسمه- قال: “إنّ المساحات المخصصة في الوسائل الإعلامية اليمنية بأنواعها لتناول هذه المشكلة، ليست على قدر المخاطر التي تشكلها المخدرات على حياة المجتمع، وإنّ هناك قصورًا إعلاميًّا في تناول هذه المشكلة، التي أصبحت ظاهرة تهدد الكثير من شبابنا، وتنذر بكوارث مستقبلية على حاضر اليمن ومستقبله”.
ويؤكد على أنّه لا بُدَّ من تسليط الضوء على هذه الظاهرة؛ من حيث مخاطرها الصحية، وخطورتها في ضرب قيم المجتمع، وما تسببه من كوارث اجتماعية واقتصادية وغيرها.
يقول ناشطون في المجال الإعلامي: “إنّ الوسائل الإعلامية تعدُّ أحد أهم الركائز الأساسية في محاربة هذه المشكلة، التي باتت تتوسع في المجتمع اليمني بشكل مخيف؛ إذ يمكن من خلال البرامج والمساحات المختلفة مناقشة هذه الظاهرة من جميع الجوانب؛ لكي توصل المعلومات الصحيحة حول مخاطرها إلى الفرد بشكل خاص، والمجتمع عمومًا”.
ويقول آخرون: “إنّ الحلول الجذرية التي ممكن تطرح لحل هذه المشكلة أو الحد منها، ممكن أن تناقش من خلال البرامج المتنوعة، التي تقدمها القنوات والإذاعات في البلاد، إلى جانب تناولها في الكتابات الصحفية، التي ممكن أن يتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من الفنون الإعلامية والصحفية المختلفة”.
دور الوسائل الإعلامية
بهذا الخصوص تقول سامية الأغبري (أستاذة الإعلام بجامعة صنعاء): “لم ألاحظ اهتمامًا بهذا الجانب في الوسائل الإعلامية اليمنية المختلفة، وإنّ منصات التواصل الاجتماعي قد أسهمت نوعًا ما في التوعية بمخاطر المخدرات من خلال الفلاشات وغيرها”.
وأكدت الأغبري أنّ في الصحف الإلكترونية اليمنية نادرًا ما توجد موضوعات تناقش هذه الظاهرة، وإنّما تتناول هذا الموضوع على شكل أخبار فقط، ولا توجد توعية حقيقية بهذا الجانب.
وتضيف: “بالنسبة للدراما لا توجد مسلسلات تلفزيونية يمنية اهتمت بالمراهقين ومتعاطي المخدرات، يمكن للوسائل الإعلامية اليمنية أن تسهم في التوعية بمخاطرها، بإيجاد مجالات مختلفة للشباب، مثل: التعليم، والترفيه، والتثقيف، خاصة أنّ الشباب يعيش فراغًا كبيرًا”.
وتتابع: “يجب أن تسهم الوسائل الإعلامية المختلفة في التوعية بمخاطر المخدرات، وذلك من خلال تقديم برامج توعوية، عن طريق أطباء متخصصين في هذا المجال، من خلال فلاشات وأفلام قصيرة، توضح بشكل غير مباشر خطورة المخدرات، ودخولها اليمن، وعمل تحقيقات استقصائية صحفية؛ توضح من أين تأتي المخدرات، وكيف ممكن مواجهة تجّارها”.
على النقيض تقول أروى راجح (إعلامية يمنية): “إنّ هناك جهودًا لا بأس بها، سواء عبر وسائل الإعلام اليمنية أو المهتمة بالشأن اليمني، في التوعية بأضرار المخدرات ومخاطرها، من خلال حملات للتوعية، كان آخرها الحملة التي أطلقتها قناة الغد المشرق تحت هاشتاج (المخدرات هلاك)، التي استهدفت المجتمع اليمني بكل فئاته، في التنويه والتوعية وإنتاج تقارير تلفزيونية وفيديوهات وبوستات، عبر حسابات القناة الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، للتوعية بمخاطر المخدرات، وضرورة القضاء على هذه الآفة”.
وتتابع: “ولكن لا يوجد للأسف ترابط وتضامن من كافة وسائل الإعلام اليمنية على تكثيف التوعية، والتفاعل بشكل موسع وموحد للقضاء على هذه الظاهرة، ومحاربتها بكل الطرق والوسائل، خاصة بعد انتشار معدلات الجرائم المرعبة والغريبة على مجتمعنا، مثل القتل العمد أمام النّاس، وقتل الأرحام، واغتصاب الأطفال، والكثير من الجرائم الغريبة على عادات مجتمعنا وقيمه”.
وترى راجح أنّ تكاتف وسائل الإعلام مع المجتمع كافة في التوعية ومحاربة المخدرات هو الأمل الوحيد في الحد من هذه الظاهرة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شبابنا الواقعين في دائرة الخطر.
في هذا الشأن يقول الأكاديمي علي الحاوري (أستاذ الإذاعة والتلفزيون- جامعة الحديدة): “إنّ الإعلام التقليدي والإلكتروني في اليمن له الدور الأساسي والمحوري في رفع الوعي الجماهيري، وخاصة لدى الشباب بمخاطر المخدرات، وكشف آثار المخدرات التدميرية على الفرد والمجتمع”.
ويضيف: “ومن أجل زيادة فاعلية وسائل الإعلام بشقيها التقليدي والإلكتروني في توعية الجماهير بمخاطر المخدرات، ينبغي مراعاة ما يأتي: أولًا: تنظيم حملات إعلامية منتظمة تقوم بها وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية؛ الحكومية والأهلية، وثانيًا: توجيه الجماهير عبر الميديا الاجتماعية لمساندة ودعم هذه الحملات”.
يواصل حديثه: “التركيز في الحملات الإعلامية الرسمية والأهلية والشعبية على مخاطر المخدرات في تدمير حياة الفرد في الدنيا والآخرة. والتركيز على أن مصير متعاطي المخدرات والمستأجرين بها هو الهلاك والنهاية المأساوية والمهينة، والحرص على أن تتضمن الحملات الإعلانية الخاصة بالتوعية بمخاطر المخدرات، وأن تتضمن محتوًى إعلاميًّا متنوعًّا، مثل: أفلام وثائقية، مقابلات، ندوات، أغاني شعبية، حلقات تلفزيونية”.
ويرى الحاوري أن يسهم خطباء المساجد والدعاة وأساتذة الجامعات في حملات التوعية بمخاطر المخدرات، من خلال استخدام منابر المساجد وقاعات الدراسة.
دور وسائل التواصل الاجتماعي
بهذا الخصوص يقول شادي إبراهيم (مدير إدارة إعلام فرع الهيئة العامة لحماية البيئة في الحديدة): “إنّ الدور الذي ممكن أن تلعبه أو تسهم فيه منصات التواصل الاجتماعي حول التوعية بمخاطر المخدرات، هو عمل برامج توعوية مكثفة؛ نصية ومرئية؛ كون منصات التواصل الاجتماعي أصبحت نقطة تجمع لشباب فيهم المدمن، وغير المدمن، ونقل واقع بعض الحالات، وما توصل إليها بسبب الإدمان”.
ويضيف في حديثه: “عمل فلاشات تمثيلية تخاطب المجتمع، حول الطرق التي يتم استهداف الشباب للغرق في بحر الإدمان دون علمهم، ومدى خطورة المخدرات، ويتم عرضها عبر وسائل الإعلام، من قنوات وإذاعات، وفي وسائل التواصل الاجتماعي. مؤكدًا أنّ الفلاشات التمثيلية، أو المشاهد التي تأتي من أرض الواقع، تكون أكثر تأثيراً على المجتمع”.
ويشير في حديثه إلى أهم الحلول والمقترحات الممكنة لمحاربة الظاهرة، وتتمثل في عمل دراسة شاملة عن الطرق التي أدّت إلى إدمان الكثير من الناس دون علمهم. مضيفًا: “هناك الكثير من الأشخاص لا يكون مدركًا أنّه مدمنٌ، وحين يكتشف ذلك، يجهل كيف وصل به الحال إلى الإدمان، ولا يعي الحلول المناسبة التي تساعده على التعافي”.
ويرى إبراهيم أنّ من الحلول -أيضًا- عمل برامج مكثفة؛ دورات لتفعيل برامج التوعية التلفزيونية والإذاعية للعاملين في تلك المؤسسات، إضافة إلى استهداف رواد المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، والناشطين، والتطرق من خلال تلك الأنشطة التدريبية إلى مخاطر الإدمان على الشباب، والفئات المختلفة في المجتمع.
يمكن لوسائل الإعلام أن تسهم بإيجاد رأي عام واعٍ بمخاطر المخدرات، يكون بمثابة المراقب والموجه والضاغط بالحرب على المخدرات، وذلك من خلال حملات إعلامية موجهة ومنسقة ومكثفة، تستهدف الفرد والأسرة والدولة والمجتمع.
71.3% يرون أن ظاهرة تعاطي المخدرات سببٌ رئيس في ارتفاع معدل الجريمة، لا سيما في البلدان التي تعاني من الصراعات
صوت الأمل – يُمنى احمد تعد المخدرات ظاهرة اجتماعية خطيرة وغير صحية، وصارت تنتشر في المجتمع…