‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الإنتحار في اليمن معالجة الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل سيسهم في الحد من الانتحار

معالجة الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل سيسهم في الحد من الانتحار

صوت الأمل – أفراح بورجي

هناك جملةٌ من الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار، وهناك الكثير من المتطلبات التي لا بد أن تتوفر وتُفعلَّ في اليمن للحد منه؛ لهذا وجدت المعالجات لتخفف وطأة الضغوط النفسية التي يعيشها المنتحر قبل أن يهوي بروحه وينهي وجوده.

وبهذا الخصوص، يقول الصحفي والباحث في الشؤون الاجتماعية نبيل العامري: “إن الأسباب الرئيسة لظاهرة الانتحار تنطلق من مجموعة من العوامل المختلفة والمتباينة، أسرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، وأحيانًا قد يكون الانتحار نتاجًا لأسباب صحية أو نفسية، فضلا عن ضعف الوازع الديني عند من يقدمون على مثل ذلك. والحديث عن ظاهرة الانتحار أمر يطول الحديث عنه من ناحية تصنيفها وعواملها والنظريات المتشابكة حول تفسيرها وسبل معالجتها”.

ويواصل العامري قائلاً: “إن علاج ظاهرة الانتحار والحد من انتشارها موضوع شائك ومعقد جدا؛ نظرا لتعدد الأسباب المؤدية إليه، واختلافها من شخص لآخر، ومن ثم فإن المتطلبات اللازمة والحلول لهذه العوامل ربما يسهم في التقليل من انتشارها بشكل كبير. توجد مجموعة وسائل لعلاج هذه الظاهرة التي قد تتمثل في: نشر ثقافة التأقلم والتآلف بين أفراد المجتمع وجعلهم يتعاملون مع بعضهم البعض ومع المحيطين بهم بصورة إيجابية، وهذا يتم من خلال إدخالهم في دورات إرشادية ونفسية تنمي لديهم تقدير الذات وحب الآخرين، واتخاذ الأسلوب الصحيح في التعامل مع المحيطين بهم داخل الأسرة وخارجها، لا سيما ونحن نعيش في عصر العولمة الذي ينشر ويروج لأفكار تشجع على الانتحار، وبالتالي تبرز أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به وسائل الإعلام المحلية في تقديم البرامج الوقائية والعلاجية للتخفيف منها خاصة تلك المتعلقة ببرامج الخدمة الاجتماعية في مجال العقيدة، وكذا نشر الثوابت والمبادئ الدينية والأخلاقية التي تحرم الانتحار، والعمل على تعزيز ثقافة الرضا والقناعة لدى أفراد المجتمع وأنهم قادرون على تخطي العقبات والمشكلات التي تواجههم مهما كانت صعوبتها”.

وأردف قائلا: “من المتطلبات اللازمة لمكافحة هذه المشكلة أيضًا تفعيل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية من خلال الاهتمام بالنشء والمراهقين ورعايتهم وعدم إدخالهم في المشكلات الأسرية أو مع المحيطين، ونشر ثقافة التسامح بين أفراد الأسرة، لا سيما الذين يعانون من مشاكل، بالإضافة إلى دور رجال الدين والعلماء في تعزيز المبادئ والقيم التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف والمتمثلة في إعداد الفرد إعدادًا كاملاً في كل الجوانب الشخصية والأسرية والاجتماعية وغيرها”.

وأفاد العامري موضحًا: “ويأتي دور الدولة في معالجة ظاهرة الانتحار من خلال تفعيل دورها في تنمية الواقع الاقتصادي وتقديم الرعاية الصحية لكل الأسر الفقيرة، وإقامة مراكز استشفائية لمعالجة المرضى والأفراد الذين حاولوا الانتحار، وتدعيم دور مؤسسات المجتمع المدني؛ لأنها الأقرب للطبقات الشعبية والأكثر احتكاكا بها، بالإضافة إلى إنشاء مراكز الخدمة الاجتماعية على أن يضطلع الإخصائيون الاجتماعيون فيها بمهام البحث في المشكلات التي تعرض عليهم من قبل الأسر وتشخيصها وإيجاد الحلول المناسبة لها”.

متطلبات مكافحة الانتحار من الجانب الاجتماعي

من جهته، يقول محمود البكاري (أستاذ علم الاجتماع): “بالنسبة للانتحار فهو يعد ظاهرة اجتماعية غاية في الخطورة؛ لأنها تعبر عن وجود خلل في بنية المجتمع تدفع بالفرد إلى الإقدام على إنهاء حياته باعتبار ذلك أنسب الطرق وأيسرها للتخلص من ضغوط وأعباء الحياة التي لا يستطيع تحملها ولا مقاومة أثقالها وأوجاعها. وكلما تعقدت ظروف الحياة المعيشية والاقتصادية والاجتماعية زادت نسبة الانتحار، لا سيما في أوساط الشباب مع تفشي ظاهرة الفقر والبطالة”.

ويتابع الدكتور البكاري: “ولعل من أهم عوامل ومتطلبات مكافحة ظاهرة الانتحار هو معالجة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة في المجتمع، ومنها: إيجاد فرص العمل ونشر الوعي لدى الشباب بأهمية العمل على تحقيق أهدافهم، وعدم اليأس والاستسلام للظروف الصعبة كما يجب على الدولة أن تقوم بواجباتها في تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص للجميع. ولكي يتمكن كل فرد من تحقيق ذاته، يجب على المجتمع المدني أن يسهم في تنفيذ مشاريع هادفة؛ لتحقيق التنمية الاجتماعية ومعالجة ظواهر الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل للشباب”.

متطلبات مكافحة ظاهرة الانتحار من الجانب النفسي

إن مكافحة أي ظاهرة تبدأ من معالجة أسبابها؛ ولهذا تؤكد نورا عبد الغني -أخصائية نفسية- على ضرورة تقديم الخدمات النفسية والاجتماعية للحد من مخاطر الانتحار عن طريق إنشاء مراكز العلاج النفسي الإكلنيكي، وتقديم الدورات التدريبية للشباب لمناقشة الأوضاع، وتوعيتهم للحد من العنف المنزلي، ومنع استعمال المواد المخدرة، بالإضافة إلى الحد من فرص الحصول على وسائل تسهل الانتحار، وإيجاد فرص عمل للشباب للحد من البطالة كونها أحد الأسباب النفسية التي يتعرض لها الإنسان وتدفعه إلى إنهاء الحياة.

وبينت عبد الغني أن القيام بعمل توعية إعلامية وتثقيفية لتوضيح كيفية التعرف على المنتحر والسلوكيات التي يقوم بها في حال أراد الانتحار يعد من أهم  الحلول لمكافحة ظاهرة الانتحار.  وجدير بالذكر أن هناك أربع مستشفيات للصحة النفسية فقط في اليمن، وهي تابعة للجهات الحكومية ومتوزعة على أربع محافظات (صنعاء، عدن، تعز، الحديدة).

متطلبات مكافحة ظاهرة الانتحار قانونيًا

المعلوم أن واقعة الانتحار محرمة شرعًا وقانونًا، هكذا تقول القواعد الأخلاقية. ويستنكر القانون هذه الظاهرة، والمجتمع بشكل عام يستهجنها. وبخصوص القوانيين اليمنية ذات العلاقة بظاهرة الانتحار تقول المحامية حسناء عقلان: “في القانون اليمني نشهد غيابًا كبيرًا فيما يخص جريمة الانتحار، التي يكون المتسبب فيها -في أغلب الأحيان- شخصًا آخرَ غير المنتحر؛ فلا يتضمن القانون اليمني أي نصوص مباشرة عن الانتحار، سوى ما جاء في المادة (269) من القانون رقم (12) بشأن الجرائم والعقوبات لعام 1994، والمادة (61) من القانون رقم (21) بشأن الجرائم والعقوبات العسكرية”.

وأوضحت أن ما جاء في المادة (269) يشير إلى أنه “إذا تسبب فعل الاغتصاب بفتاة ما وأدى ذلك إلى انتحارها، فإن الجاني يعاقب بالحبس لمدة ثلاث سنوات ولا تتجاوز خمسة عشر سنة”، بينما تناولت المادة (61) من قانون الجرائم العسكرية أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر كل شخص شرع في الانتحار”. وهذا في رأيها غير كافٍ، داعيةً ررأيها داعيةً إلى ضرورة تحديث هذه القوانين بما يشمل جرائم العصر، ولا سيما الجرائم الإلكترونية التي تسببت معظمها في انتحار الكثيرين في السنوات الأخيرة.

من جهته يقول المحامي علي راشد: “المتطلبات أو الحلول كثيرة، منها ما يتعلق بواجبات الدولة من توفير حياة كريمة للمواطنين حتى لا ينغلق أمامهم السبيل ويشعرون بالعجز من القيام بواجباتهم تجاه أسرهم، فيضطرون للانتحار الذي يعد في هذه الحالة هروبًا من مواجهة الواقع المرير. ومنها ما يتعلق بالعلماء والخطباء الذين يتوجب عليهم توعية الناس بخطورة هذه الظاهرة وتبيين أنها محرمة شرعًا وأنه لا يجوز الانتحار بأي حال من الأحوال، وأيضا توعية الشباب للحد من الأسباب. ومنها ما تتركه المواقع (تأثير الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي) التي تحفز الشباب وتدفعهم إلى الانتحار بدافع تقليد ما يشاهدونه فيها”.

ويردف راشد قائلاً: “المسؤولية مشتركة، ويجب على الدولة أن تقوم بواجبها تجاه المواطن، وعلى المسجد أن يقوم بواجب التوعية، وعلى المدرسة أن تقوم بوظيفتها التربوية، وعلى الإعلام أن يوعي الناس حول خطورة الانتحار في المجتمع وأنه سيعود على أهله بالخزي”.

الابتزاز الإلكتروني طريق نحو الانتحار

يفتقر القانون اليمني إلى تجريم عمليات الابتزاز الإلكتروني. ووفقا لتقرير حديث صادر عن منظمة سام المحلية بعنوان “الابتزاز الإلكتروني.. الظاهرة والحل”، بتاريخ 7 ديسمبر عام 2022، فإن الابتزاز الإلكتروني يؤدي بالكثير من ضحاياه إلى الانتحار. وقد طالبت المنظمة الدولة اليمنية بتشريع قوانين صارمة ضد مرتكبي هذه الجريمة، ليكون أحد الحلول التي تقدمها الحكومة لمكافحة ظاهرة الانتحار والقضاء عليها. جاءت هذه المطالبات بعد إقدام الناشطة اليمنية سارة علوان على محاولة الانتحار أواخر العام المنصرم نتيجة لتعرضها لابتزاز إلكتروني وشغلت قضيتها الرأي العام محليًا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

85% يرون أن استمرار الصراع هو المسبب الرئيس لانتشار ظاهرة الانتحار في اليمن

صوت الأمل – يمنى أحمد غالبًا ما تتسبب الصراعات والنزاعات المسلحة في بعض البلدان بحالة من ف…