صناعة الكوافي موروث ثقافي يواجه عدداً من التحديات
صوت الأمل – أفراح أحمد
انتشرت صناعة الكوافي الحرفية المتوارثة عبر الأجيال في أغلب المحافظات اليمنية، ولا سيما في ضواحي مدينة الحديدة وأريافها التهامية، وتعدُّ هذه الصناعة مصدر دخل لعدد كبير من السكان، واعتمدت بعض الفتيات هذه الحرفة؛ للوصول إلى الاستقلال المادي.
في سنوات سابقة لاقت صناعة الكوافي رواجًا وإقبالًا واسعًا، ولكن سرعان ما تبدد ذلك، فمنذ اندلاع شرارة الصراع وزيادة حدته تدهورت هذه الحرفة بشكل كبير، وضعف مستوى الإنتاج؛ نظراً لنقص المواد الخام (الخيوط والإبر) وارتفاع أسعارها؛ لارتفاع تكلفة النقل والاستيراد.
الكوافي صناعة حرفية تقوم بها الفتيات
تقول صفية علي (ذات الـ34عاماً، وإحدى العاملات في هذه الحرفة): “منذ أعوام كثيرة وأنا أعمل في حياكة الكوافي، هذه الحرفة اكتسبتها من والدتي وجدتي، وأصبحتُ اليوم متقنة لها وأعلمها لغيري”. توقفت صفية عن صناعة الكوافي؛ بسبب عدم توفر الإمكانيات اللازمة لصناعتها. وتؤكد أنَّ ارتفاع أسعار المواد هي العقبة التي واجهتها ومنعتها من الاستمرار. وأوضحت سعاد أحمد (أحد ساكني مديرية اللحية) أنَّ حرفة حياكة الكوافي هي حرفة الفتيات والنساء في اللحية، وحتى كبار السن يعملون بها؛ كونها العامل الأساسي في دخلهم اليومي.
كيفية صناعة الكوافي وأنواعها
أشارت سعاد في حديثها عن مراحل صناعة الكوافي قائلة: “بالخيط والإبرة نبدأ بعمل دائرة صغيرة تسمى بلغة صناع هذه الحرفة (زنجير)”. وتضيف: “بالخطوة التالية نقوم بوضع خيط رفيع؛ ليربط الخيط الأول بالذي يليه، وتستمر هذه العملية حتى تصل الكوفية إلى دائرة متوسطة، ومن ثم نقوم بتطريز الخيوط بأشكال فنية مميزة”.
وأوضحت الفرق بين الكوافي الشرقية والكوافي الحجازية من حيث الصناعة، فالكوافي الشرقية تُصنع من الخيط الرفيع، بينما الحجازية تُصنع من الخيوط السميكة. وأفادت بوجود أنواع أخرى من الكوافي، أبرزها: تلك التي تصنع بسعف النخيل، المنتشرة كثيراً في مناطق تهامة، ويستخدمها المزارعون والعمال في لتغطية رؤوسهم؛ حماية لهم من حرارة الشمس.
مشاكل حرفة الكوافي
“ما كان يُصدَّر إلى الخارج بلغت نسبته 70% من إجمالي الإنتاج، بينما بلغ الاستهلاك المحلي 20%”، هذا ما أكدته صفية علي حول نسبة الاستهلاك المحلي والدولي للكوافي المصنوعة بأيدٍ يمنية. مشيرة إلى عدد من التحديات التي تواجه صانعي الكوافي، أهمها انخفاض مستوى الإنتاج الناتج عن نقص في المواد الخام (الخيوط، والإبر)، بالإضافة إلى توقف تصدير هذه المنتجات من الكوافي؛ بسبب الصراع القائم في بلادنا.
وحول العائد المادي من بيع الكوافي تقول: “إنَّ العائد المادي من صناعة هذه الكوافي قليلٌ جداً مقارنتها بكمية العمل والتعب لإنتاجه، فلو افترضنا أنَّ في الأسرة الواحدة امرأتين تقومان بحياكة الكوافي فإنَّ كل واحدة منهما ستنتج من ثلاث إلى أربع كوافي في الأسبوع، تباع الواحدة منها بـ3500 ريال يمني”. موضحة أنَّ هذه الحرفة لها مخاطر صحية؛ نظراً للتعامل مع الإبر الحادة، والتي قد تسبب بعض الجروح الطفيفة، بالإضافة إلى ضعف النظر عند التقدم بالعمر، وتلف أعصاب اليد.
حلول واستراتيجيات لإنعاش هذه المهنة
يقول الصحفي الاقتصادي كمال الشاوش: “بالنسبة للصناعات الحرفية في اليمن، فقد أخذت منحنى جيداً، يتمثل بدعوة الناس إليها؛ كونها موروثاً ثقافياً، وشيئاً من تراث بلادنا، فبعد أن كانت تُستخدم نادراً بدأت الآن بالتجدد عن طريق استخدامها في الأعراس والمناسبات، مثل الملابس والأزياء وكوافي القش”. وأضاف الشاوش: “بالنسبة للاستراتيجية لإنعاش الصناعات الحرفية في اليمن، والتي تعد صناعة الكوافي جزءاً منها، فمن الضروري إيجاد معارض؛ لتسويق وعرض هذه المنتجات، إضافة إلى تسجيلها بجعلها علامة تجارية وليست مجرد اجتهادات منزلية فقط”.
مؤكداً أنَّ هذه المسؤولية يجب أن تنطلق من صندوق دعم التراث ووزارة الثقافة؛ كونهما يلعبان دوراً مهماً في الحفاظ على الموروث الثقافي. وتابع القول: “كما أنَّه من المهم لمثل هذه المشاريع والمهن الحرفية أن تُعفى من الضرائب والرسوم التي تطلبها الدولة؛ لتشجيعها وتأكيد حضورها في الساحة وتسهيل عمليات تصديرها، وتنفيذ الاستراتيجيات التي من شأنها أن تُسهم في حضور هذه المهنة وتعافيها؛ ليعود لها رونقها وجمالها كما كان في السابق”.
92.5% يرون أنَّ الصراع يتسبب بشكل كبير في إعاقة الصناعات الحرفية في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد أجرت وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في مركز “يمن انفورميشن سنت…