‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الصناعات الحرفية في اليمن الموروثات اليمنية.. حِرَفية قيِّمة يقابلها النسيان

الموروثات اليمنية.. حِرَفية قيِّمة يقابلها النسيان

صوت الأمل – هبة محمد

لوحة جمالية تاريخية فريدة يرسمها الإنسان اليمني من خلال تميزه في الصناعات الحرفية بأنواعها المختلفة، حيث تتعدد الصناعات الحرفية في اليمن بحسب المنطقة ومدى توفر المواد الخام فيها، بالإضافة إلى الحس الفني والموهبة لدى الإنسان اليمني الذي أنتج مشغولات وحرف يدوية عرفت على مر العصور بتميزها وتفردها. هذا وقد عُدَّت الصناعات الحرفية وسيلة من وسائل التنمية الاقتصادية، ومصدراً من مصادر الدخل لعدد كبير من الأسر التي تنتج مشغولات وحرف يدوية وصناعات متميزة.

الصناعات الحرفية وأنواعها

يزخر الموروث الشعبي اليمني بالكثير من الصناعات والمشغولات اليدوية التي لا زالت محافظة على جمالها وطابعها الفني الأصيل. مدينة صنعاء إحدى أشهر المدن اليمنية في الصناعات والمشغولات اليدوية، هذا ما أكده أحد المواطنين الذين يعملون في التجارة ببعض هذه الصناعات الحرفية.

 يتحدث العم حسن عبد الله (تاجر قديم في الصناعات الحرفية في السوق القديم بمدينة إب) أنَّ هناك العديد من الصناعات الحرفية المتميزة، التي اشتهرت شهرة واسعة على مستوى اليمن والوطن العربي، أبرزها: صناعة الفضيات التي تعد من الصناعات الحرفية العريقة والأنيقة، ورمز إلى تمسك الإنسان اليمني بهويته وأصالته منذ القدم. مضيفاً: “أجود أنواع الفضيات هي الفضة البوسانية، وتعود تسميتها إلى هارون البوساني الذي اشتهر بالمتاجرة فيها، ثم تأتي بعدها الفضة البديحية، والفضة المنصورية، والأكوعية، وتليها الفضة الزيدية التي اشتهرت بصناعتها محافظة الحديدة وتصاغ بالزخارف النباتية”.

  مؤكداً على أنَّ أسواق الفضيات تتلقَّى إقبالاً ورواجاً كبيراً من خارج اليمن أكثر من داخله، ويتنافس الكثيرون على شراء الخواتم والسلاسل والأحزمة الفضية المنقوشة بأسعار باهظة. ويتابع القول: “يبرز نوع آخر من الصناعات الحرفية في اليمن، كالأواني الفخارية المصنوعة من الطين والحجر، وتسمى بالعامية “المدر والحرض” وتُستخدم لتقديم الوجبات اليمنية الشعبية، مثل: العصيدة، والسلتة، والسوسي، بالإضافة إلى صناعة المباخر الفخارية، والمدقات والمدايع والأطباق الخزفية التي تستخدم للزينة أحياناً، وأحياناً لتقديم الطعام فيها”. وذكر عبدالله أيضاً صناعة الجبن اليمني، وكوافي الخيزران، والبخور، الأباريق النحاسية المنقوشة بزخارف جميلة.

في السياق ذاته، أشار عبد القادر البغيلي (صاحب محل للفضيات والعقيق اليماني في محافظة إب) إلى أنَّ الفضيات القديمة كالبوسانية والزيدية بدأت بالاندثار والنسيان؛ لتحل محلها الفضيات التركية واليهودية. موضحاً أهمية الدور التي كانت تقوم به وزارة الثقافة من إقامة معارض تراثية تستعرض الصناعات الحرفية والأزياء اليمنية القديمة، وكانت تلقى رواجاً من قبل السياح الأجانب.

 من جانب آخر، أكد سمير العديني (أقدم تاجر في سوق الجنابي في محافظة إب) أنَّ اليمن اشتهرت بصناعة الجنابي التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، ويعدُّها اليمنيون رمزاً للرجولة والهوية اليمنية. وأشار إلى أنَّ صنعاء القديمة أقدم المحافظات شهرة في صناعة الجنابي التي تُصنع من قرن وحيد القرن، يرجح أنَّ تاريخ الجنبية يعود إلى 1300 سنة.

تحديات الصناعات الحرفية

أفاد حسن عبد الله (تاجر في صناعات حرفية متعددة) أنَّ أكثر الصناعات الحرفية القديمة قد عُدَّت جزءاً من الماضي وقلَّ الإقبال على شرائها؛ بسبب دخول الصناعات المستوردة ورخص ثمنها مقابل الصناعات المحلية. ويضيف: “عزف الكثير من العاملين في الصناعات الحرفية عن الاستمرار في العمل؛ نتيجة لانعدام المواد الأولية وارتفاع أسعارها، بالإضافة إلى دخول الصناعات الصينية والإيرانية والهندية، التي تعدُّ أرخص سعراً من المصنوعات الفخارية”.

بدوره يشير عبد الملك البغيلي (عامل في الصناعات الحرفية منذ 12 عاماً) إلى أنَّ العاملين في هذه الصناعات يواجهون  ممارسات تشويهية من قبل التجار المنافسين، من خلال بيع الصناعات التقليدية، كالملابس والأزياء اليمنية، والعقيق والفضة؛ فتنعدم ثقة الزبائن بالصناعات المحلية.

الموروثات القبيلة والصناعات الحرفية

هنا يؤكد وليد محمد (الذي يعمل في تجارة الأزياء اليمنية القديمة والفضة بأشكالها وأنواعها) أنَّ الكثير من النساء ينشأن على بعض المورثات القبلية التي ورثنها عن آبائهن وأجدادهن، فقد صار لزاماً على العروس في أسبوع زفافها أن ترتدي العصبة الفضية في مقدمة الجبهة، وأيضاً الزي اليمني القديم أو ما يعرف بالزي الصنعاني، وتوضع لها الأساور المصنوعة من الفضة في يديها، ويزين المكان الذي تُستقبل فيه العروس بالستارة الصنعانية القديمة مزينة بالقفشة أي (الكوفية المصنوعة من سعف النخيل، وتغطيها أيضًا بالستارة صنعانية).

بينما يوضح لنا أحد تجار الجنابي أنَّ الجنبية اليمنية تعدُّ موروثاً قبلياً، ورثه الرجال عن آبائهم وأجدادهم وتمسكت به معظم القبائل اليمنية بوصفه عرفاً قبلياً، فعندما يكون هناك خلاف كبير بين شخصين أو قبيلتين تُستخدم الجنبية رمزاً لحل الخلاف، بتقديمها للتعديل (التحكيم) بين الشخصين”. ويضيف: “تصاحب الجنبية المناسبات الاجتماعية والرقصات الشعبية، إذ يتراقص بها الناس على أنغام ما يسمى بالبرع أو الزامل الشعبي”. مشدداً في حديثه: “إننا بحاجة كبيرة لتطوير هذه الصناعات الحرفية والمحافظة عليها؛ لضمان بقائها واستمرارها”. ويؤكد على أهمية قيام الجهات المختصة بتوثيق جميع الصناعات الحرفية، ومسحها ميدانياً، وإقامة معارض التراث الحرفي ومنع استيراد المنتجات الخارجية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

92.5% يرون أنَّ الصراع يتسبب بشكل كبير في إعاقة الصناعات الحرفية في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد أجرت وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في مركز “يمن انفورميشن سنت…