الفقر والصراع يحرمان فتيات الريف من مواصلة تعليمهن
صوت الأمل – أحمد عمر
تعيش نسبة كبيرة من الفتيات في المناطق الريفية بالجمهورية اليمنية. تلك المناطق التي تعتمد على الحياة التقليدية، مثل الزراعة ورعي المواشي، التي تعد المرأة الركن الأساسي فيها للقيام بهذه المهام.
ويفتقر الريف اليمني إلى كثير من الخدمات الأساسية كالمدارس، لا سيما المدارس الخاصة بالفتيات. إضافة إلى قلة نسبة المعلمات فيه مما يترتب عليه وجود مُدرسين من الرجال في مدارس الفتيات بكثرة، وهذا يعد عائقًا أمام مواصلة بعض الفتيات لمراحل التعليم؛ فكثير من الأهالي يمنعون بناتهم من إكمال تعليمهن بحجة الاختلاط بين الجنسين في الفصول الدراسية.
جاء في تقرير لمنظمة اليونيسف في تقريرها الصادر في 4 يوليو عام 2021م ما يلي: “تجاوز عدد الأطفال المنقطعين عن الدراسة عام 2021م مليوني طفل من البنين والبنات ممن هم في سن التعليم، حيث يتسبب الفقر والنزاع وانعدام الفرص في توقفهم عن الدراسة، يعادل هذا الرقم ضعف عدد الأطفال المنقطعين عن الدراسة عام 2015م”.
ويقول ممثل اليونيسف في اليمن فيليب دواميل: “يعتبر الحصول على تعليم جيد من الحقوق الأساسية لكل طفل، بما في ذلك الفتيات والأطفال النازحين وذوي الاحتياجات الخاصة”. ويضيف: “يتسبب النزاع بآثار بالغة على كافة جوانب حياة الأطفال، غير أن إمكانية الحصول على التعليم يوفر لهم إحساسًا بالحياة الطبيعية حتى في ظل أقسى الظروف، كما يحميهم من شتى أصناف الاستغلال”.
واقع تعليم الفتاة في المناطق الريفية
حسب تقارير وزارة التربية والتعليم اليمنية للعام 2015/ 2016م للفئة العمرية من 6–17 عامًا من كلا الجنسين، فإن عدد الفتيات خارج مقاعد التعليم يتجاوز المليون فتاة، بما يمثل نسبة 32.06% لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي. ويعد هذا الرقم مؤشرًا خطيرًا على عدم التحاق الفتاة بالتعليم.
معوقات تعليم الفتاة في الريف
ذكرت منظمة اليونيسف في تقارير لها عددًا من العوامل الحاسمة تتعلق بالتحاق الفتيات في التعليم، وتكون أكثر بروزًا في المناطق الريفية.
ومما جاء في التقارير: “غالبًا ما يكون أول سبب لعزوف الفتيات اليمنيات عن الدراسة، التحاقهن بالتعليم في مرحلة عمرية متأخرة؛ بسبب بعد المسافة بين المنزل والمدرسة، ومثل هذا يؤثر سلبًا على التعليم، باعتبار أن مناهج الدراسة صممت لتطوير الطفل في الجوانب النفسية والاجتماعية، ودخول الفتاة المدرسة بسن كبير، يجعل بيئة التعليم غير متلائمة مع المرحلة العمرية”.
وتضيف اليونيسف: “أن الالتحاق المتأخر يمثل أيضًا مشكلة أخرى لتعليم الفتاة، وهي تقليص الزمن بين أول التحاق وبداية البلوغ، وهي المرحلة التي تؤدي إلى ترك المدرسة؛ بسبب الاختلاط، إلا في حال توافرت الترتيبات لفصل الفتيات عن الأولاد، إضافة إلى ذلك توجد مشكلة التسرب من المدرسة قبل إكمال المرحلة الثانوية؛ بسبب عدم إدراك المنافع والأغراض التي يمكن اكتسابها من الاستثمار في التعليم الثانوي والتعليم عمومًا”.
دور الحكومة في التعليم
ووفقاً لقانون التعليم لعام 1992م في اليمن، يُعد التعليم حقًا مشروعًا تكفله الدولة وتوفره -مجاناً- لجميع المواطنين ولمختلف المراحل التعليمية، بما في ذلك المناطق الريفية التي تشكل النسبة الأكبر من التركيبة السكانية. ويؤكد القانون على إلزامية التعليم لكل الفئات العمرية، وللفتاة بالذات.
وأكدت الخطة الخمسية الأولى ((1996-2000م على تأمين التعليم الأساسي لجميع المواطنين، والتوسع في مختلف مراحل التعليم الأخرى، مع التركيز على التعليم الفني والمهني ورفع إمكاناته الكمية والنوعية بوصفه قاعدة التنمية الاقتصادية، كما استهدفت الخطة الخمسية تطوير التعليم الجامعي بما يتناسب مع احتياجات التنمية، حسب تقرير المركز الوطني للمعلومات.
تسرب فتيات الريف من التعليم
هناك أسباب عدة تقف وراء تسرب الطالبات في الريف اليمني من التعليم، لكن أهم هذه الأسباب هو الزواج المبكر؛ لأنه يحرم الفتاة من التعليم بإشغالها بمسؤولية تكوين أسرة والاهتمام بآخرين أكبر منها سناً وأصغر منها في حال أصبحت أمًا. وترصد التقارير وجدود حالات تتزوج فيها البنت الريفية في المرحلة الأساسية من التعليم، أي في سن الـ13 أو 14، وربما قبلها في حالات نادرة، أما في مرحلة الثانوية فترتفع هذه الحالات.
وخلال فترة الصراع وانقطاع الرواتب، شابَ العملية التعليمية في الريف بعض العثرات وصلت إلى درجة إغلاق بعض المدارس في بعض القرى، وخروج أغلب الطلاب من العملية التعليمية، ما عدا قلة منهم تمسكوا بالتعليم وباتوا يذهبون إلى قرى مجاورة للدراسة أو انتقلوا إلى المدن لأجل مواصلة التعليم.
التربوي أحمد عبيد (أستاذ في إحدى مدارس البنات بمديرية الضليعة غربي محافظة حضرموت) يقول لـ”صوت الأمل” إن أهم أسباب تسرب الفتاة الريفية عن التعليم هو عدم الوعي الكافي لدى الأهالي بضرورة تعليمها، ثم نوعية العادات والتقاليد التي تمنع الفتاة من القيام ببعض الأعمال، وعدم وجود الكادر النسائي في بعض المدارس الريفية، وهناك حجة الأهل القوية في أن على الفتاة دائمًا أن تقوم ببعض الأعمال المنزلية، مثل تربية الأطفال ورعي الأغنام وجمع الحطب وإحضار الماء، بوصفها مسؤوليتها الأولى والأهم من التعليم؛ ولذا فإن كثيرًا من الفتيات في الريف لا يلتحقن بالتعليم، أو لا يستطعن مواصلته لهذه الأسباب.
ويذكر عُبيد أيضًا أن الصراع المستمر منذ ثمان سنوات أثر على تعليم الفتاة من خلال عدة عوامل، أبرزها: زيادة حاجة الأهل إلى الفتاة من أجل توفير لقمة العيش، وصعوبة النفقة على التعليم، خاصة إذا احتاجت الفتاة إلى مصاريف الانتقال إلى الصفوف العليا؛ وشعور الأهل أنها لن تحصل على وظيفة. مؤكدًا أنه لا توجد احصائيات دقيقة لتسرب الطالبات الريفيات من المدارس، ولكن بالنسبة لمواصلة التعليم إلى الجامعة أو الثانوية العامة فضعيفة جدًا قد تصل إلى واحد في المائة. كذلك، يعد الزواج من ضمن أسباب انقطاع الفتاة عن مواصلة التعليم إلى المراحل العليا، ولكن بنسبة ضعيفة، بسبب قلة الفتيات اللائي يوصلن تعليمهن حتى المراحل العليا.
وبين قساوة الحياة الريفية وإكمال مراحل التعليم، تسببت النزاعات المستمرة في اليمن في إضعاف أمل الفتيات بالالتحاق بالتعليم ومواصلته لشق مستقبلهن بعيدًا عن الحياة التقليدية الصعبة.
استطلاع.. 90%: يوجد تمييز نوعي في نيل فرص التعليم باليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد توصلت نتائج استبيان إلكتروني نفذته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في…