تخصص المرأة اليمنية الأكاديمي تحدده العادات والتقاليد المجتمعية
صوت الأمل – هبة محمد
للتعليم الجامعي أهمية محورية في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للنساء، وفي تزويدهن بالأدوات الضروريّة؛ للحصول على حقوقهن المنهوبة، وعلاوة على ذلك، فإنّ له آثارًا مباشرة وغير مباشرة على تحديد أنواع الأدوار التي يمكن للمرأة أن تؤديها خارج المنزل.
ويعد التعليم الجامعي ضرورياً للفتيات؛ نظرًا لما يوفره من مرونة ومميزات تخدمهن، وتمنحهن فرص عمل في المجتمع، تمكنهن من العيش بكرامة والاعتماد على أنفسهن، بيد أنَّ هناك صعوبات واجهت المرأة اليمنية في التعليم الجامعي، وفرضت عليها تخصصات محددة؛ ارتباطًا بقيود فرضتها العادات والتقاليد كونها امرأة .
حصول المرأة اليمنية على شهادة جامعية ليس بالأمر الهين في اليمن، عائلات محددة –فقط-هي التي ترسل بناتها للدراسة في المدارس والجامعات، وتفرض عليهن تخصصات محدودة للدراسة؛ ولأنَّ التعليم العالي هو الطريق لتمكين للمرأة اليمنية “صوت الأمل” سلطت الضوء على التخصصات المتاحة والمسموحة للنساء في اليمن.
التخصصات الأكاديمية المتاحة والمفروضة على المرأة اليمنية
أثناء البحث والنزول الميداني التقت “صوت الأمل” ببعض الجهات المختصة بالتعليم الجامعي كان منهم الدكتور خالد الرعوي (أستاذ مساعد في جامعة إب)، والذي أفاد بأنَّ التخصصات المتاحة للمرأة اليمنية في تعليمها الجامعي، هي ذاتها المتاحة لشريكها الرجل دون اختلاف؛ والملاحظ أنَّ التخصصات في الجامعات والمعاهد اليمنية هي تخصصات علمية وإنسانية بمختلف الكليات والمعاهد، والتي منها التنافسية التي تخضع لـ(اختبارات القبول) كالطب والهندسة والحاسوب واللغة الإنجليزية وغيرها من التخصصات، ومنها التخصصات التي لا تخضع للتنافس لعدم الإقبال عليها من كلا الجنسين الذكور والإناث.
مضيفًا أنَّ من أهم الأسباب الرئيسة لإقبال المرأة وشريكها الرجل على التخصصات الخاضعة للمنافسة، هي الرغبة في الحصول على أعمال، ووظائف تعود عليهم وعلى أسرهم بالنفع والفائدة.
نجلاء محمد (مديرة مشروع المساحة الآمنة بمديرية العدين التابع لاتحاد نساء اليمن -فرع إب)، توضح أنَّ أغلب الفتيات يلتحقن بالتخصصات التربوية، وبعض المجالات الصحية، مؤكدة أن َّهناك تخصصات فُرضت على الفتيات؛ بسبب الوضع المعيشي للأسرة، وتوفر فرص العمل مثل: تخصص القبالة.
من جانبها حياة الكينعي (رئيسة اتحاد نساء اليمن – محافظة إب)، توضح أنَّ العادات والتقاليد تقف حجر عثرة أمام المرأة فى تخصصات الفضاء والعلوم العسكرية، إضافة إلى سيادة الفكر الذكوري في المجتمع الذى يقف فى وجه نجاح المرأة.
عوائق التخصص العلمي للمرأة
يبدو أنَّ اليمن –اليوم- بات يعاني أكثر من أي وقت مضى من ظاهرة “عدم المساواة بين الجنسين” في مجالات عدة، أهمها التعليم، وكل يوم تتوارى أحلام ومستقبل الملايين من اليمنيات، اللواتي وقعن تحت مقصلة الحرمان من التعليم؛ لأسباب تتعلق بنظرة المجتمع للمرأة والعادات والتقاليد وظروف أخرى أشد، تعاني منها البلاد-بحسب ناشطين-.
إضافة إلى ذلك، فإنَّ أرباب الأسر من الذكور الذين تتملكهم الأفكار التقليدية، يرفضون تلقي بناتهم وأخواتهم وبنات أخواتهم وبنات إخوانهم التعليم على أيدي معلمين من الذكور؛ مما يعمق الفجوة بين المتعلمين من الجنسين في اليمن، ناهيك عن المعوقات الثقافية والمالية التي تحول دون التحاقهن بالمدارس منها نقص المعلمات.
وهناك بعض المعوقات التي تعيق الفتاة عن الالتحاق ببعض التخصصات العلمية كالهندسة المعمارية وغيرها من الأقسام والتخصصات التي تحتاج إلى جهد بدني، ونزول ميداني واختلاط بالرجال.
الدكتور أكرم عطران(عميد كلية التعليم المستمر في جامعة إب) أوضح أنَّ تعليم المرأة -في العالم كله- أصبح مساويًا تمامًا لتعليم الرجل في كافة المجالات، وذلك يدل على عدم وجود أي معوقات لتعليم المرأة غير المعوقات الثقافية والاجتماعية فحسب.
مضيفًا أنَّ في اليمن قد لا نجد أنَّه من المقبول اجتماعيًا انخراط المرأة في أعمال شاقة كبعض مجالات التعليم الفني والمهني مثل: (الميكانيك) والكهرباء وغيرها، أو ما يتطلب انتقالاً وتواجداً ميدانياً مع الرجل كالهندسة المعمارية وهندسة الجسور والطرقات وغيرها، وكذلك ما لا يتناسب مع الطبيعة الأنثوية للمرأة كالمجال الأمني والقضاء.
ويردف عطران أنَّ تعليم المرأة اليمنية قد يكون ضرورة في كثير من المجالات الأخرى كالمجالات الطبية والتعليمية والأدبية وغيرها من المجالات النظرية أو الإدارية، التي لا تتطلب منها جهداً بدنياً شاقاً. مشيرًا إلى أنَّ تعليم المرأة لا يقف أمامه أو يقيده عقل ولا قدرات ولا دين وإنما هو ارتباط بالعرف والثقافات الاجتماعية.
“اختيار تعليم الذكر أهم من الفتاة”
تروي أميمة قاسم (مواطنة من مديرية العدين بمحافظة إب) قصتها المؤلمة مع حرمان أسرتها لها من التعليم بقولها: “أخرجتني أسرتي من المدرسة عندما وصلت إلى الصف السادس أساسي؛ لأسباب تتعلق بعادات اجتماعية تحظر على الفتاة الاختلاط بالطلاب في صف واحد، لأنَّه لا يوجد فصول تعليمية خاصة بالفتيات” وبعد أن كبرت أميرة، شعرت أنَّها بحاجة للقراءة والكتابة غير أنَّ الظروف لم تسمح لها بذلك.
عللت قاسم مبدأ التمييز بأنَّ غالبية الشعب اليمني ينجبون كثيراً؛ مما أدى إلى ارتفاع نسبة المواليد، ولهذا بات من الصعب توفير احتياجات ولوازم الدراسة، لهذا يكون خيار تعليم الذكر أهم من الأنثى.
أرقام مفزعة
في المقابل، تظهر إحصائيات رسمية في تقرير لوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية لعام 2017م، أنَّ نسبة الإناث في المرحلة الأساسية بلغت 42%، مقابل 16% في المرحلة الثانوية، ما يؤكد أنَّ الأسر تمنع بناتها من مواصلة التعليم.
وفي ذات التقرير، بالنسبة للتعليم الجامعي تقدّر نسبة الفتيات 7.5% مقابل 18% من الذكور، وتكشف هذه الأرقام تمييزًا على أساس الجنس في التعليم.
آراء مختصين أوضحت أنَّ مسببات الفوارق بين الجنسين، فيما يتعلق بالتعليم في اليمن، لا تقتصر على الفقر وحسب، بل وعلى استمرار ممارسة الأعراف الثقافية المُمَايزة التي ترسخ الاختلافات في الوصول إلى التعليم، وأيضًا على الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية؛ فالأطفال اليمنيون في الريف، سواء كانوا فقراء أو غير ذلك، محرومون من التعليم. ويضاف إلى الأسباب أعلاه عدم توفر مدارس خاصة بالفتيات، وقلة عدد المعلمات، وضعف الاهتمام الأسري بأن تواصل الفتيات تعليمهن؛ إذ تبرز المخاوف المتعلقة بالسلامة والشرف والسمعة لدى الفتيات المراهقات، إلى جانب التقليد المتعلق بالزواج المبكر، أمام القيمة الإيجابية للتعليم.
الأستاذة نجلاء محمد (موجهة الأنشطة في مكتب التربية ومديرة مشروع المساحة الآمنة التابع لاتحاد نساء اليمن)، توضح أنَّ من أبرز عوائق التخصص العلمي للمرأة اليمنية العوامل الاقتصادية والظروف المعيشية للأسرة، حيث إنَّ بعض التخصصات العلمية، -خاصة- الطب والهندسة بحاجة إلى دعم مادي أكبر، ودخل الأسر الفقيرة لا يسمح للفتيات بالدراسة فيها، وأيضًا الصراع وانقطاع الرواتب دفع الكثير من الفتيات للبحث عن مجالات أبسط من التخصصات العملية، وأسرع للحصول على الشهادة الجامعية.
وتضيف الأستاذة نجلاء أنَّ من العوائق الزواج المبكر الذي يمنع الفتاة من اختيار التخصص العلمي، والالتحاق بعدة مجالات تعليمية، وأنَّ التثقيف الأسري ضروري للنهوض بواقع أفضل ولا بد من توعية رب الأسرة بأنَّ المرأة كالرجل متساوية في الحقوق والواجبات.
وذكرت محمد أنَّها قامت بتسجيل ابنتها في تخصص الكهرباء والهندسة، وكانت الفتاة الوحيدة التي تدرس هذا المجال، وأنَّ والدها شجعها ومنحها كل الحقوق في اختيار تخصصها، وذلك يعود إلى التثقيف الأسري والوعي.
إسراء سعد الدين (طالبة بكالوريوس سنة رابعة صيدلة في المعهد الصحي- إب)، تقول لـ”صوت الأمل”: “على الرغم من أنَّ عدد الجامعات في اليمن قد ازداد تدريجيًا، فإنَّ التحاق النساء بالتعليم الجامعي لا يزال منخفضًا للغاية”.
مضيفة أنَّ ثلث الملتحقين بالتعليم العالي كانوا من الإناث. ولا بد أنَّ هذه المعدلات قد انخفضت خلال الأعوام الستة الماضية منذ بداية الصراع، وفضلاً عن ذلك، فإنَّ معظم الطالبات يدرسن ضمن تخصصات محدودة؛ تحاشيًا لبيئات تعليمية يكون فيها اختلاط بين الجنسين. على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر باختيار التخصص، تفضّل معظم العائلات أن تسجل بناتها في مجال التربية والتعليم؛ وذلك لأنَّ عملهن معلماتٍ في المستقبل يرجح أن يكون بعيدًا عن الاتصال بالرجال. وفي المقابل، عدد قليل جدًا من النساء يسجلن في تخصصات السياسة العامة على وجه التحديد. مع أنَّ إتاحة مثل هذه التخصصات للمرأة سيكون من شأنه رفع مستوى المشاركة السياسية للنساء.
تفضل معظم الأسر اليمنية ذات الدخل المتوسط تعليم أبنائها الذكور، وليس الإناث، بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ القيود الاجتماعية تمنع سفر المرأة وحدها لاستكمال تعليمها إلى مدن أخرى داخل أو خارج اليمن، بحسب إسراء.
حلول أكاديمين
“الحلول لمعالجة تخصص المرأة الأكاديمي الذي قد ينحصر في مجالات محددة، تحتاج إلى دراسات وأبحاث علمية، يتم وفقاً للنتائج التي يُتوصل إليها تحديد الأسباب الرئيسة وسبل معالجتها”، هذا ما أكده الدكتور خالد الرعوي (أستاذ مهارات الاتصال والتواصل في جامعة إب) لـ”صوت الأمل”.
مضيفًا أنَّ من ضمن الحلول: نشر الثقافة في أوساط المجتمع ومحاربة الجهل والأمية، معالجة المشاكل الاقتصادية وتدهور المستوى المعيشي الناتج عن الصراع المستمر في اليمن، إنشاء كليات بتخصصات مختلفة خاصة بالمرأة، دعم وتشجيع المرأة على مواصلة تعليمها، دعم النساء للالتحاق بالتخصصات العلمية والإنسانية، التوعية الأسرية بأهمية المساواة بين الذكور والإناث في فرص الالتحاق بالتخصصات العلمية.
استطلاع.. 90%: يوجد تمييز نوعي في نيل فرص التعليم باليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد توصلت نتائج استبيان إلكتروني نفذته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في…