جهود المجتمع المدني لمكافحة زواج القاصرات لا تكفي في ظل غياب القانون
صوت الأمل – أحمد عُمر
في البلدان التي تشهد اضطرابات سياسية واقتصادية، يحدث اختلال في المنظومة الأمنية بمختلف المناطق، وتقل نسبة الإيمان بحقوق الشعوب؛ مما يُلزم المنظمات الحقوقية للتدخل، وعمل اتفاقيات مع حكومات تلك الدول لحماية الفئات المستضعفة.
اليمن إحدى الدول التي تنشط فيها المنظمات الدولية والمحلية التي تتبنى مناصرة الفئات المظلومة كالمرأة والطفل، أكثر الفئات تضررًا في المجتمع اليمني من مشاكل عدة ومنها الزواج المبكر.
وظاهرة زواج القاصرات ليست وليدة الحظة في اليمن، ولكن مع دخول البلاد في صراعات بين المكونات المحلية خلال السنوات الماضية؛ فإن ذلك على انتشارها ليأتي دور المنظمات في حماية الفتيات والتوعية بمخاطر الظاهرة على حدٍ سواء.
الدور الحكومي في مكافحة الظاهرة
لقد بلغ الجدل ذروته حين وُضع “زواج القاصرات” تحت النقاش في قاعة البرلمان العام 2010؛ إذ دعا بعض أعضاء مجلس النواب للمطالبة بإقرار قانون يحدد سنّ الزواج بثمانية عشر عامًا؛ للتصدي لفكرة الزواج المبكر، وما يترتب عليها من مخاطر صحية ونفسية واجتماعية. وفي مقابل رأي آخر يعدّ القانون -في حال إقراره- مخالف للشريعة الإسلامية وتعديًا على حريات الشعب اليمني.
فيما لم يحدد قانون الأحوال الشخصية في الجمهورية اليمنية الموحدة والمعدّل في العام 1999م سِنَّ الزواج، على الرغم من تحديد قانون الأحوال الشخصية في جنوب اليمن قبل وحدة الشطرين مايو 1990 سن الزواج بستة عشر عامًا، وفي شمال البلاد بخمسة عشر عامًا.
وفي الثالث من نوفمبر عام 2021، شاركت اليمن في الندوة الإقليمية عن الزواج المبكر والقسري للفتيات في المنطقة العربية، في لقاء عقد عبر الاتصال المرئي (الزوم) وفقا للوكالة اليمنية سبأ .شارك الفريق -الممثل للجمهورية اليمنية- في مداخلات عن زواج الفتيات القاصرات باليمن الذي أدى إلى تسربهن من التعليم، إضافة إلى تبيين الأخطار الصحية الناتجة عن الزواج المبكر. وتحدث ممثلو اليمن عن جهود الحكومة ومساعيها الحثيثة في نشر الوعي لدى المجتمع، وتعريفهم بالآثار النفسية والأخطار الصحية الناجمة عن زواج الفتيات في سن مبكر.
إلى جانب ذلك، أشارت الأمينة العامة المساعدة للأمانة العامة لجامعة الدول العربية الدكتورة هيفاء أبو غزالة -وفقا للوكالة اليمنية- : إلى “أن الندوة تهدف إلى وضع حد لزواج الأطفال، وتأتي تنفيذا للتوصيات الصادرة عن المنتدى الإقليمي عن تمكين الفتيات الذي عقد في ديسمبر من العام 2020م، وتندرج في إطار سلسلة من الندوات المتخصصة؛ لكسب أكبر قدر من الإهتمام، والخروج بأفضل الممارسات في سبيل القضاء على هذه الظاهرة”.
وفي ذات السياق، أصدر مدير شرطة محافظة تعز في 25 يناير عام 2021 تعميمًا ذا طابع حكومي حصلت صحيفة “صوت الأمل” على نسخة منه، يقضي بمنع زواج القاصرات اللاتي لم يبلغن سن الزواج ومعاقبة المخالفين، واصفًا زواج القاصرات بالظاهرة السيئة. ووجه التعميم مدراء أمن المديريات وأقسام الشرطة وعقال الحارات بمنع زواج القاصرات، وبتحمل المسؤولية، كلٌ في نطاق اختصاصه.
كذلك نفذ قسم تعليم الفتاة، بمكتب التربية والتعليم بمديرية الحالمين بمحافظة لحج (جنوب البلاد) في 25 نوفمبر عام 2020م، فعالية توعوية حول مخاطر الزواج المبكر المعروف بـ”زواج القاصرات”، وتبعاته وأضراره الصحية والنفسية على مستقبل الفتيات، وتضمنت الفعالية مسرحية هادفة نفذتها طالبات المدرسة بحضور رسمي.
دور المنظمات للتصدي لزواج القاصرات
في عام 2016م، دشن صندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) البرنامج الدولي لتسريع العمل من أجل القضاء على زواج الأطفال، في 12 دولة الأكثر معاناة من الانتشار العالي والعبء الثقيل لزواج الأطفال منها اليمن.
ويدعم البرنامج الدولي الأسر؛ لإبراز المواقف الإيجابية، وتمكين الفتيات لتولي شؤونهن المستقبلية. وكذلك يقوي البرنامج الخدمات التي تمكن الفتيات من القيام بذلك، ويقوم بالتصدي للأسباب الكامنة التي تؤدي إلى استمرار زواج الأطفال، والمناصرة من أجل القوانين والسياسات التي تحمي حقوق الفتيات. وفي أثناء ذلك تم إبراز أهمية استخدام البيانات المحكمة لتنوير تلك السياسات.
وفي تعاون مشترك بين الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية لمكافحة زواج القاصرات، دشنت منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة “يونيسيف” ومنظمة انترسوس الإيطالية بالتعاون مع السلطات المحلية لمحافظات عدن ولحج وأبين والضالع، ونشطاء منظمات المجتمع المدني المحلي وفروع اتحاد نساء اليمن ورش عمل توعوية بتلك المحافظات في نوفمبر عام 2014م وفقًا لـ بيانات “المركز الوطني للمعلومات”.
وبحسب البيانات ذاتها، نُفذت ورشة عمل في عدن بنفس العام؛ لإكساب المشاركين فيها معلومات علمية وتوعوية وإرشادية حول الآثار السلبية المترتبة عن حالات الزواج المبكر، ووضع الحلول الاجتماعية؛ للحد من الظواهر التي تلحق الضرر النفسي والصحي والجسدي بحالات زواج القاصرات .
وفي تصريح صحفي خاص لـ “صوت الأمل” قال رئيس مؤسسة صح لحقوق الإنسان أحمد اللحوري: “تولي المؤسسة اهتمامًا متكاملًا حول الطفل والمرأة. وقد نفذنا عدة دورات توعوية لحماية الطفولة من زواج القاصرات في السنوات الماضية بالتعاون مع اتحاد نساء اليمن ومؤسسة الأمل”.
مشيرًا إلى أن من أسباب انتشار ظاهرة الزواج المبكر تراجع السلك التعليمي والتربوي والاجتماعي الذي لم يكن له دور فعال في مكافحة زواج القاصرات، على حد تعبيره.
واستبعد رئيس مؤسسة “صح” لحقوق الإنسان، التي تعتبر مؤسسة محلية غير ربحية، أن يكون الفقر هو السبب الرئيس خلف انتشار ظاهرة الزواج المبكر في اليمن، وإنما يعتبر الفقر أحد أسباب انتشارها في الآونة الأخيرة. إن المساعي الحكومية ومساعي منظمات المجتمع المدني لن تمنع وحدها -وفقًا لآراء مختصين- من ظاهرة زواج القاصرات، ما لم يصادق البرلمان اليمني على قانون يحدد سنًا معينًا للزواج، وفرض العقوبات الرادعة بحق المخالفين.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …