عمالة الأطفال.. وجهود المكافحة في اليمن
صوت الأمل – عبداللطيف علي الهمداني (خبير ومدرب وطني في مجال حماية ورعاية الطفل)
حرص المجتمع الدولي على حماية ورعاية حقوق الإنسان عامة والطفل خاصة؛ فقد اعتمد -من خلال الأمم المتحدة- الكثيرَ من المواثيق والصكوك والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية ورعاية الأطفال سواءً في الظروف العادية أو حتى في الحالات الطارئة، وعلى سبيل الذكر لا الحصر اعتمد المجتمع الدولي الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة عام 1989م، واتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 المتعلقة بالسن القانوني للعمل، المعتمدة من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في العام 1973م، ورقم: 182 المتعلقة بحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، المعتمدة من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في العام 2000م.
عند حديثنا عن الطفولة فهي المرحلة العمرية للإنسان منذ الحمل حتى بلوغه سن الثامنة عشر من عمره, وذلك حسب الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وكذلك قانون حقوق الطفل اليمني لسنة 2002م.
فهذه المرحلة العمرية الممتدة لسن بلوغ الثامنة عشر، تعد من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان, وهي المرحلة التي يمكن من خلالها تحديد وجهته ومستقبله من خلال ما يغرس فيه وما ينشأ عليه؛ وتعد ذات علاقة طردية في حياة الإنسان فكلما زاد الاهتمام وتوفير البيئة المناسبة للطفل (الحماية، الرعاية، الصحة، التعليم، توفير الاحتياجات، التشجيع والتحفيز …إلخ)؛ زادت نسبة تطور إمكانية وضع الطفل في المكان الصحيح بعد تحديد قدراته مما يكفل له مستقبل جيد يجيد هو اختياره، والعكس صحيح فكلما زادت نسبة المخاطر للإنسان في هذه المرحلة العمرية (الأمراض الصحية، الأمية، التفكك الأسري، العمالة، العنف، الإساءة، الاستغلال والإهمال …)؛ زادت نسبة التوهان والضياع والصعوبة الشديدة في قدرته على تحديد ماذا يريد أن يكون في المستقبل.
هناك كثير من المشاكل والظواهر التي تواجه الطفولة في مختلف دول العالم وخاصة العالم الثالث, الذي ما زال يعاني الكثير من الظروف الصعبة، أهمها تردي الأوضاع المعيشية الناتج عن الأزمات، ومن هذه الدول اليمن؛ ومن المشاكل والظواهر التي تعاني منها ظاهرة عمالة الأطفال المنتشرة والمهددة لإمكانية الحصول على مستقبل زاهر لتلك البلدان.
إنَّ عمالة الأطفال من أهم وأبرز الظواهر التي تحتاج للوقوف والنظر إليها بتمعن كبير لما لها من آثار ونتائج وخيمة على الطفل والأسرة والمجتمع، وتلك الآثار ناتجة عن أسباب متعددة ذات علاقة أيضاً بالطفل والأسرة والمجتمع ويجب على الجميع الحديث عنها ودراستها ومحاولة معالجتها.
فأسباب ودوافع عمالة الأطفال كثيرة ومتعددة منها أسباب اجتماعية كالتفكك الأسري، الجهل ونقص المعرفة عند الأبوين، العادات والتقاليد والثقافة السائدة ورفقاء السوء، ومنها أسباب ودوافع اقتصادية كالفقر، قلة فرص العمل، تدني نسبة التنمية الأساسية، وأيضاً أسباب تربوية كالتسرب المدرسي بسبب تعرض الأطفال للمعاملة السيئة أو للعقاب البدني في المدرسة؛ عدم توفير فرص عمل للخريجين، تدني العائد الاقتصادي والاجتماعي من التعليم، إجبار الإناث على ترك المدرسة لمساعدة أمهاتهم في الأعمال المنزلية.
وأخيراً أسباب ودوافع قانونية كوجود ثغرات قانونية وضعف المساءلة القانونية سواء على أصحاب العمل أو أولياء الأمور الذين يدفعون أولادهم للعمل وترك المدرسة، أيضاً غض الطرف وعدم محاسبة المسؤولين عن عمالة الأطفال، وعدم متابعة ومراقبة تنفيذ الالتزامات التي فرضها القانون على أصحاب العمل الذين يلجؤون إلى استخدام الأطفال؛ لكونهم عمالة رخيصة بأجور متدنية.
وبالنسبة للآثار السلبية الناتجة عن عمالة الأطفال فهي تحد من النمو البدني والجسمي للطفل؛ نتيجة المجهود الزائد الذي يقوم به خلال ساعات العمل الطويلة، وأيضًا تقلل من النمو الفكري للطفل؛ نتيجة ارتباطه العقلي بعمل روتيني يومي لا يتيح له التفكير خارج إطار دائرة عمله، ناهيك عن الأضرار الصحية والنفسية التي قد تلحق به –خاصة- إذا كانت تلك الأعمال غير مناسبة لعمره وقدرته الجسمية، أما عن الآثار التي قد تلحق بالأسرة فأهمها ما قد تواجهه تلك الأسرة من أعباء اقتصادية؛ جراء مواجهة ومعالجة الآثار الصحية والبدنية التي لحقت بالطفل، أيضًا فإنَّ تلك الأسرة قد قللت من فرص تحسين أوضاعها الاقتصادية بسبب دفعها لطفلها إلى سوق العمل بدلاً عن التحاقه بالصفوف الدراسية.
إنَّ مواجهة ظاهرة عمالة الأطفال في كل بلد تحتاج لتضافر الجهود من جميع المختصين في مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية والدولية، بما في ذلك اتخاذ كل التدابير والإجراءات التي من شأنها تقليل المخاطر الناتجة عن عمالة الأطفال إن لم يكن الحد منها، وعلى سبيل الذكر لا الحصر من تلك التدابير والإجراءات: تطوير التشريعات الوطنية لمحاسبة ومعاقبة كل من تسول له نفسه استغلال الأطفال في العمل –خاصة- الأعمال الخطرة، تفعيل وتطوير آليات الرقابة وفرق التفتيش على أرباب العمل، وضع سياسات وبرامج عمل وطنية لتعزيز القدرات المؤسسية الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة بمكافحة عمالة الأطفال، الاهتمام بالتعليم وتحسين جودته بما في ذلك اتباع واستخدام الأساليب التربوية البديلة للعقاب، تطوير وتحسين برامج الدعم الاقتصادي للأسر الفقيرة والمعوزة.
29% يرون أن الحل لظاهرة عمالة الأطفال هي فرض عقوبات على أهاليهم ومستأجريهم للعمل
صوت الأمل – يُمنى أحمد أجرت صحيفة “صوت الأمل”، في النصف الأول من شهر أغسطس للع…