تهريب واختطاف الأطفال يتزايد مع استمرار الصراع وتدني مستوى المعيشي
صوت الأمل – فاطمة باوزير
في الوقت الذي لا تتوفر فيه بيانات عن عدد الأطفال المهربين في اليمن، يقرّ نشطاء ومسؤولون أنَّ تهريب الأطفال يعد من المشاكل المعقدة في اليمن، وقد فاقم الصراع من المشكلة مع موجات النزوح وسوء الأحوال المعيشية والتدهور الحاصل في الاقتصاد الوطني .
اختطاف قاصرين
تقول حكمة الشعيبي (مديرة دائرة الدفاع الاجتماعي وإدارة الحالة بمكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل) بأنَّ مشكلة اختطاف الأطفال موجودة في اليمن وبقوة في حضرموت، موضحة أنَّ إدارة الدفاع الاجتماعي بمكتب الشؤون الاجتماعية قد مرت بهم حالات اختطاف قاصرين تمكنوا من الوصول إليهم وعلاج هذه الحالات وتقفي أثر الأسر.
وأكدت الشعيبي لصحيفة صوت الأمل أنَّ أغلب حالات الاختطاف خلفها عصابات منظمة يكون لهم غرض من الأطفال، موضحة أنَّ الحالات التي عرضت عليهم كانت استغلالاً للأطفال عبر العمل القسري كالتسول ويتخلل هذا الاتجار استغلال من نوع آخر، ألا وهو الاستغلال الجنسي.
تقول حكمة: “آثار هذا الاستغلال وخيمة على نفسية الطفل، لو تنظرين كيف تكون حالات الأطفال الذين يأتون إلينا وقد تعرضوا للاختطاف، وضع مزري جداً”.
وتضيف الشعيبي: “أغلب الحالات الاختطاف تكون من محافظات أخرى ويأت بهم إلى حضرموت للتسول، وغالباً ما تكثر حالات الاختطاف في الفئة المهمشة والأسباب تتمثل في الحالة المعيشية الصعبة والظروف حتى أنَّ هناك أناس ليسوا من فئة المهمشين اضطروا إلى الدفع بأبنائهم للتسول والطفل عندما يخرج للعمل وهو صغير يتعرض للاستغلال”.
وترجع الشعيبي أسباب ازدياد حالات الاختطاف إلى الصراع والانفلات الأمني، حيث كانت هناك حالات قبل النزاع لكنَّها ازدادت حدتها بعد .
وعن الدور الذي تلعبه الجهات ذات الاختصاص تقول الشعيبي: “دورنا في الدفاع الاجتماعي عندما تأتي لنا مثل هذه الحالات نعمل على تقفي أثر الأسرة، وهذه الحالات عندما تأتي إلينا نعمل لها الإجراءات اللازمة، فنحن في الدفاع الاجتماعي لدينا فريق متكامل ومدرب على التعامل مع مثل هذه الحالات، لدينا أخصائيون اجتماعيون يقومون بالتعامل مع الحالة وعمل اللازم لها، ثم نعمل على تقفي أثر الأسرة ويكون ذلك من خلال عدة مهارات حيث يتم تقفي أثرها من خلال الطفل لونه وبشرته، فالطفل أحيانًا لا يعطي معلومة فقد يكون المختطف يقوم بتهديده ويكون الطفل خائفاً من الحديث للأمن والمختصين وكثير من الأطفال قمنا بإعادتهم لأهاليهم وذويهم”.
وتذكر حكمة قصة لحالة خطف واستغلال لطفلتين تقول: “آخر طفلتين قمنا بإرجاعهن (مريم وعائشة) اختطفهم رجل، إحداهن من الحديدة والثانية من صنعاء وعندما اختطفهم كانت أعمارهن ثلاث سنوات وخمس، وبعد النزوح نزحت عائلة إحدى الفتاتين لحضرموت وتعرفوا عليها في المكلا وهو يتسول بهن، وبلغوا عليه الأمن ودائرة الدفاع الاجتماعي بالمكتب، واكتشفنا أنَّ الكل كان من فئة المهمشين”.
تصف حكمة المعاناة والاستغلال الذي تعرضت له الفتاتين قائلة: “الفتيات درن الجمهورية كاملة للشحاتة، وتعرضن لكل أنواع الانتهاكات مدة خمس سنوات من الاختطاف، وعندما جلسوا معهن فريق المختصين لإدارة الدفاع وهن يحكين قصتهن قلن أموراً يدمى لها القلب حيث كان يقطع بهن الصحاري دون ماء، وعندما يطلبن الماء كان (يتبول) في علبة المياه ويعطيها لهن وفي تلك الخطوط من الصحاري كان إذا أراد أحد أن يمارس معهن الجنس يسمح لهم وهو أيضاً يمارس معهن”.
وعن الدور المنوط بهم كونهم جهة مختصة تقول حكمة: “نحن في الشؤون الاجتماعية والعمل لدينا شراكات مع مؤسسات داعمة لديها مراكز دعم نفسي، حيث قامت تلك المؤسسات بتدريب أسر أيام النزوح في بداية الصراع على تقفي أثر الأسرة، ولكن يجب أن تعزز البلاد بأنشطة وبرامج للأطفال –خصوصًا- من منظمات المجتمع المدني، هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون للاختطافات والأعمال الجبرية والذين يدخلون السجون؛ بسبب جنحة ما هي المنظمات التي تستهدفهم بأنشطة، وزارة حقوق الإنسان غائبة عن العمل، حتى إدارة الدفاع بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل دورنا بما فيه ناقص ونحتاج إلى منظمات دولية تدعمنا لتأهيل فريقنا لمتابعة هذه حالات الاختطاف” .
غياب الأمن والقضاء أحد الأسباب الرئيسة
يؤكد أحمد القرشي(رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة)، بأنَّ أسباب اختطاف وتهريب الأطفال يعود إلى غياب مؤسسات الأمن والقضاء في القيام بواجبها، أيضاً ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والنزوح؛ بسبب الصراع والسلطات التي لا تهتم كثيراً بالجوانب الأمنية للمواطن إلا ما تحول منها إلى قضايا رأي عام .
وينظر القرشي للحلول بأنَّها تكمن في تعزيز سلطات الأمن والقضاء والنيابة العامة ورفع وعي الأسر والعائلات في المدارس هي من أهم الحلول لمعالجة مشكلة الاتجار بالأطفال، والأهم من ذلك بحسب القرشي هو إيقاف النزاع، الذي سيحد كثيراً من الجرائم والانتهاكات بحق الأطفال سواءً التي كانت بصورة مباشرة على خلفية الصراع أم التي تكون بصورة غير مباشرة كالتهريب والاختطاف.
إنفاذ القانون أحد سبل الحل
إلى ذلك يوضح عارف مثنى العامري(الناطق الرسمي لوزارة حقوق الإنسان) أنَّـه ولظروف متعلقـة بالصراع لـم يتـم تنفيـذ سـوى مهمـة إصـدار القـانـون وعلقـت جميـع المهـام الأخـرى .
ويؤكد العامري أنَّ الفتـرة القـادمـة ستشهد أنشطــة نـوعيـه وذات طابع مسؤول يتواكب ويتنـاسب مـع متطلبـات مواجهـة جريمـة الاتجـار بالبشــر على مختلف الأصعـدة والمستـويـات، ويأتي في مقدمـة ذلـك العمـل إعــداد مشروع اللائحـة التنفيذية لقــانون مكافحة جرائم الاتجار بالبشـــر ـ والتي ستعـزز مسارات إنفـاذ القـانـون في الواقــع العملــي.
مضيفًا أنَّ مجمـوعـة هـذه الجهـود تــدل على أنَّ اليمن تعترف بوجود وبخطـورة وبتنـامــي جــرائــم الاتجـــار بالبشــر، وقــد وفرت سنوات الصراع بيئــة خصبة للتنظيمـات والعصـابـات مـن أجـل توسيـع نطـاق أعمـالهـم الإجراميـة التي تستهـدف الاتجـار بالبشـر مـن أي فئـة أو جنس أو نـوع أو عمـر، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر”.
الاتجار بالأطفال
نشرت منظمة العمل الدولية في تقرير لها على موقعها الرسمي ( ilo.org) أنه يوجد 264 طفلاً عاملاً في العالم، يعمل كثير منهم بدوام كامل في ظروف (بائسة وخطيرة).
وقد صنف التقرير البيئات التي يعمل بها أكثر من نصف الأطفال الضحايا ببيئات (خطرة) حيث يعانون من الاستعباد وغيره من أشكال العمل الجبري والأنشطة غير المشروعة بما في ذلك تهريب المخدرات والدعارة وكذلك التورط في النزاعات المسلحة .
ويوجد قرابة 9.2 مليون طفل عامل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 8.4% من الإجمالي العالمي، أودت بهم ظروف الفقر وانتشار البطالة وتدني جودة التعليم مما يؤدي إلى تسربهم المبكر من المدرسة ومعظم هؤلاء الأطفال يعمل في الزراعة، ونحو 57% منهم في أعمال خطرة بحسب التقرير .
وفي اليمن لم تكن لدى الحكومة اليمنية المقدرة على الإشراف على المحاكم وبالتالي فإنَّها لم تتمكن من حصر الجهود المتعلقة بمقاضاة المتهمين بجرائم الاتجار بالبشر أو إدانتهم، أو معاقبتهم خلال العام وعلاوة على ذلك فإنَّ الحكومة لم تتمكن من متابعة أي تحقيقات أو ملاحقات قضائية أو إدانات لمسؤولين حكوميين متورطين في جرائم الاتجار بالبشر بالرغم من وجود تقارير عن انخراط مسؤولين في الاتجار بالبشر في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء بما في ذلك الاسترقاق المنزلي للأطفال والنساء، وأفادت مزاعم عن تعمد مسؤولين حكوميين وأمنيين تجاهل جرائم الاتجار بالبشر التي تقع في مناطق مسؤولياتهم، إذ لم تقم الحكومة بإنفاذ أحكام مكافحة الاتجار بالبشر بشكل فعال قبل اندلاع النزاع بسبب نقص الموارد وكذلك جراء المصالح المالية للنخب التي استفاد العديدُ منها من العمالة القسرية بحسب تقرير في الصفحة الرسمية لــ (US embassy) صادر عام 2018م.
الاستغلال الجنسي
بحسب اتفاقیة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الطفل والمبرمة عام 1989م عُدَّ استغلال الأطفال جنسیاً من قبل البالغین جریمة عالمیة، حیث أشارت منظمة الیونیسیف إلى تحدید مفهوم الاستغلال الجنسي من خلال الأعمال الإباحیة للأطفال أو البغاء بمقابل مادي.
ينخرط الأطفال في اليمن في أسوأ أشكال عمالة الأطفال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي التجاري، ويرجع ذلك في بعض الأحيان للاتجار بالبشر والنزاع، بحسب استنتاجات وزارة العمل الأمريكية بشأن أسوأ أشكال عمالة الأطفال لعام 2019م.
كما ينخرط الأطفال في عمالة الأطفال في صيد الأسماك، وبينت البحوث أنه فيما عدا تجنيد الأطفال، لا تتوفر أدلة على وجود سياسة تتعلق بأسوأ أشكال عمالة الأطفال، مثل الاستغلال الجنسي التجاري والاتجار بالأطفال.
العمل القسري والعمل في الصناعة
يشتمل العمل القسري على تشغیل الأطفال في المصانع والمؤسسات وغیرها من المنشآت مستغلین الأطفال جسدیاً ومالیاً وبالتالي یتحقق لأصحاب العمل أكبر قدر من الربح وهذه الصورة أشبه ما تكون بالعمل القسري.
في عام 2000م أفادت وحدة مكافحة عمالة الأطفال في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أنَّ مسحاً حكومياً توصل إلى أنَّ هناك ما يقارب 421000 طفل عامل على الصعيد المحلي.
في عام 2002م أقرت الحكومة اليمنية قانون حقوق الطفل في اليمن الذي يحدد الحد الأدنى لسن العمل القانوني وهو 14 عاماً ولكن في الوقت الذي يحظر فيه القانون تشغيل الأطفال دون سن 15 عاماً في العمل الصناعي، لم يضع أية قيود على عمل الأطفال في المشاريع العائلية بغض النظر عن العمر .
التسول
برزت ظاهرة تسول الأطفال بشدة مع موجات النزوح التي طالت جميع محافظات الجمهورية، فتجد أطفالاً في الشوارع وعند بوابات المساجد والمستشفيات وفي كل مكان، متسولين يستخدمون أساليب الاستعطاف والتوسل والإلحاح وصل عددهم إلى سبعة آلاف طفل في صنعاء بحسب تقديرات المجلس الأعلى للأمومة والطفولة ومنظمة اليونيسيف .
والتسول عند الأطفال منه ما هو جبري يندرج تحت جريمة الاتجار بالبشر، حيث العصابات التي تتاجر بالأطفال وتدفعهم للتسول بحثاً عن المال كما وضحت ذلك حكمة الشعيبي المسؤولة في إدارة الدفاع الاجتماعي بمكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل .
وفي تقرير وزارة العمل الأمريكية عن أسوأ أشكال عمالة الأطفال في اليمن لعام 2019م يوصي الخبراء الحكومة اليمنية بتبني سياسة تعالج كافة أشكال العمالة ذات الصلة مثل الاستغلال الجنسي التجاري والاتجار بالأطفال، وتوسيع نطاق البرامج لتحسين حصول الأطفال على التعليم المتكافئ، لا سيما بالنسبة للأطفال الناجين من الاسترقاق الوراثي والأطفال من فئة المهمشين، إضافة إلى وضع برنامج لإعادة تأهيل ودمج الأطفال المنخرطين في النزاع المسلح والأطفال المنخرطين في أنماط أخرى تعد من أسوأ أشكال عمالة الأطفال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي التجاري وصيد الأسماك .
استطلاع .. (37.7%) أغلب ضحايا الاتجار بالبشر من الأطفال!
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه مركز يمن انفورميشن سنتر للبحوث و…