ماهي أولويات منظمات المجتمع المدني تجاه المواطنين؟
صوت الأمل – فاطمة باوزير
منظمات المجتمع المدني هي القطاع الثالث في المجتمع، وهي أحد أهم الركائز التي تعتمد عليها المجتمعات المتحضرة بوصفها العين الثالثة التي ترصد الظواهر المجتمعية وتنقدها وتعالجها وفقاً لمصالح وقيم وأهداف مشتركة. وهي تشمل الجمعيات والمؤسسات التي ينشئها أفراد لغرض نصرة قضايا معينة، والنقابات العمالية، والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الخيرية .
ترصد صحيفة “صوت الأمل” آراء بعض الناشطين في القطاع المدني حول ما هي أبرز أولويات منظمات المجتمع المدني تجاه المجتمعات المحلية.
مراقبة أداء الحكومة
في صعيد الحديث عن أبرز أولويات منظمات المجتمع المدني تجاه المجتمع يؤكد نبهان عبد الله بن نبهان (رئيس ومؤسس منتدى السياسات العامة بساحل حضرموت) لـ”صوت الأمل” أنَّ على منظمات المجتمع المدني أن تكون الضامن والدافع نحو الحصول على الحريات والحقوق المدنية، فلا يقوم مجتمع دون وجود حريات وحقوق مدنية إنَّ الحريات المدنية تعطي حدوداً للحكومة حتى أنَّها لا تستطيع إساءة استعمال قوتها أو التدخل في حياة مواطنيها.
موضحًا أن الحريات المدنية تشمل حرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع، وحرية المعتقد، وحرية التعبير بالإضافة إلى ذلك الحق في المحاكمة وفق الأصول القانونية في محاكمة عادلة، وحق حمل السلاح، والحق في الخصوصية.
ويضيف بن نبهان أنَّ على منظمات المجتمع المدني أن تقوم بالتوعية للمجتمع بحقوقه وأن تراقب أداء الحكومة وأن تناصر القضايا المدنية وترفع الوعي بالقضايا المجتمعية.
قائلًا: “لكن للأسف منظمات المجتمع المدني حالياً تقوم بدور الحكومة في توفير الخدمات الأساسية، بل إنَّ دورها يقتصر في أحيان كثيرة على الدور الخيري –فقط- بتقديم الدعم المباشر والمعونات”.
تنمية المجتمع
وتذهب فاطمة محمد باعثمان (إحدى أبرز الناشطات في العمل المدني ورئيسة مؤسسة سما للتنمية) إلى أنَّ الجميع يعرف أنَّ منظمات المجتمع المدني، هي الجهات أو المؤسسات المساندة للسلطة والدولة، وهي شريكة في المجتمع وعملها هو تنمية المجتمع والنهوض به؛ لكي يكون المجتمع من المجتمعات الراقية الحديثة؛ لذلك فإنَّ باعثمان تشدد على هذه المنظمات بأن تكون أبرز أولوياتها هو التركيز على تنمية المجتمع حتى يصبح مجتمعاً متطوراً ومتقدماً عبر منظمات المجتمع .
وتأسف فاطمة باعثمان لانحدار الوضع الحالي لمنظمات المجتمع المدني قائلة: “ما نراه اليوم يقلل من عمل هذه المؤسسات فالعمل المجتمعي أصبح متجهاً إلى أمرين: الأعمال الخيرية والإغاثة، وهذا خطؤنا في منظمات المجتمع المدني، من أراد أن ينهض بمجتمعه ويوليه أولوياته في التطور والنهوض عليه أن يعمل مشاريع، أين المشاريع التنموية؟ أين البرامج التطويرية التي تنهض بها المجتمعات؟ البرامج ليست مجرد سلال غذائية لا تطور المجتمع؛ لذا لا بد من إيجاد مشاريع ولا بد من التوعية والتثقيف والتنمية الثقافية داخل المجتمع، وهذا أساس المسؤولية ومن أولويات المسؤولية الاجتماعية”.
وتضيف باعثمان: “أغلب المؤسسات والجمعيات تعمل على موضوع الإغاثة والسلة الغذائية ومبررة ذلك أنَّ اليمن في صراع وهذا خطأ، اليمن واليمنيون بحاجة إلى مشاريع تنموية ونهضوية”.
فتح قنوات للحوار
عطيات باضاوي (ناشطة مجتمعية ومسؤولة المرأة والطفل بمؤسسة صح لحقوق الإنسان) تركز في حديثها لـ “صوت الأمل” على أولويات منظمات المجتمع المدني تجاه المجتمعات المحلية وهي الاهتمام بقضايا المجتمع وتوعيته بها خاصة المستجدة على الساحة.
تقول عطيات: “فتح قنوات للحوار مع الحكومة وتبني قضايا المجتمع يساهم في إشراك منظمات الجتمع المدني في صنع القرار”.
توعية الناس
يرى طلال باعبود (وهو شاب ناشط في مؤسسة أحفاد العباس للتنمية) أنَّ السعي لتوفير الدعم لعمل مشاريع تنموية للأسر المحتاجة هو ما يجب أن تعمل عليه منظمات المجتمع المدني في هذه الفترة الزمنية بالذات، إضافة إلى تنظيم هذا الدعم، ومراقبته للتأكد من استفادة الأسر من تلك المشاريع استفادة كاملة كون ذلك يساهم في تطوير المجتمع وسد الاحتياجات.
ويؤكد باعبود على أهمية أن تعمل منظمات المجتمع المدني على توعية المجتمع بالمخاطر المحيطة سواء من الممنوعات مثل: المخدرات وغيرها أو المخاطر السلوكية وكل ما يمس أمن وسلامة المجتمع، وعمل حملات توعوية لتوعية الناس بأهمية دور الجهات الأمنية التابعة للدولة، ووجوب التكاثف بين الناس لمساعدة تلك الجهات في أداء عملها في ظل الظروف الراهنة في البلاد.
ويضيف طلال في حديثه عن أولويات منظمات المجتمع المدني تجاه المجتمع: “تحسس معاناة الناس، والبحث عن المحتاجين، وعمل إحصائيات دقيقة للأسر الأشد فقراً وتكاثف المنظمات مع بعضها البعض لمساعدة تلك الأسر في عمليات مساعدة ومساهمة منظمة تضمن الوصول لأكبر عدد من الأسر”.
تعزيز وشراكة
أما ميرفت سعيد(متطوعة سابقة في منظمات المجتمع المدني وتدرس إدارة أعمال حالياً)، فهي ترى أنَّ على منظمات المجتمع المدني أن تتبع خططاً مدروسة وواقعية، وعلى هذا الأساس فإنَّ نجاح منظمات المجتمع المدني المحلية في سعيها لتعزيـز دورمؤسسات المجتمع المدني، يستدعي أن تعمل المنظمات نفسها علـى وضـع بـرامج ناهضة بهذه المؤسسات لتحقيق أهدافها وبرامجها في جميع المجالات، برامج واضحة ودقيقـة وبمشاركة واسعة من أعضاء هذه المنظمات.
مردفة “أيًا كان برنامج العمل أو الهـدف الـذي تسـعى المنظمات لتحقيقه، سياسياً وطنياً شاملاً مثل: النضال عن الحقوق الوطنية المشـروعة للشـعب، أو من أجل المشاركة في صنع القرار وزيادة نسبة مشاركة هذه المنظمات في الحياة السياسية، أو من أجل تمكين الشعب من امتلاك موارده الاقتصادية وحرية التصـرف بها، ومن أجل زيادة مساهمة المواطن في بناء اقتصاده الـوطني وزيـادة مسـاهمة مؤسسات المجتمع المدني في أسواق الاستثمار وزيادة مساهمتها في قوة العمل والناتج المحلي”.
ويؤيدها الرأي أحمد خالد(طالب قانون عمل لدى إحدى منظمات المجتمع المدني سابقاً) في أنَّ الدور حين يُطلب من منظمات المجتمع المدني القيام به، لا يعني مطلقًا أنَّ هذه المنظمات قد أصبحت جزءًا من الدولة أو الحكومة تأتمر بأمرها وتنفذ برامجها وقراراتها دون مراجعة أو محاسبة، بل إنَّ هذا الدور يجب أن يقوم على الاستقلالية التامة، بحيث تتمتع هذه المنظمات باستقلال بنيوي وتنظيمي واقتصادي، حتى تتمكن من أداء دورها نحو المجتمع بعيدًا عن هيمنة السلطة ورغباتها.
ويؤكد أحمد: “هذا الأمر يتطلب من السلطة السياسية وهيئاتها التنفيذية والتشريعية أن تتعامل مع منظمات المجتمع المدني، بصفتها كيانات مستقلة ذات هيئات خاصة مستقلة، وأهداف خاصة محددة، وأن تتعاون معها على هذه الأسس دون محاولة تقييدها أو تحييدها أواستغلالها وتحويلها إلى أداة أخرى من أدوات السلطة السياسية”.
مشيرًا إلى أنَّ على السلطة السياسية ومنظمات المجتمع المدني العمل على رفع نسبة مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في الحياة السياسية بأشكالها ومستوياتها المختلفة، ومشاركتها في رسم السياسات الحكومية وتعزيز مشاركتها في مواقع صنع القرار؛ وذلك من أجل تعزيز وضمان مجتمع الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية.
مستفيدات متمكنات
ويبدو أنَّ على الرغم من القصور في أداء منظمات المجتمع المدني على الصعيد الرقابي بوصفها مرآة للمجتمع، فإنَّها استطاعت في زمن ما أن تغطي ما لم تقدر الدولة على تغطيته بحسب أم سامح وهي إحدى المستفيدات من برامج التمكين الاقتصادي للنساء، والتي عملت عليها منظمات المجتمع المدني، حيث تقول أم سامح بأنَّها التحقت بإحدى دورات صناعة البخور والعطور في جمعية تنموية، واكتسبت لها مهنة تدر عليها دخلاً محترماً يقيها العوز والاحتياج للآخرين .
وعلى الصعيد ذاته تشكر هيفاء علي المنظمة التي قدمت لها دعماً مادياً لفتح مشروعها في صناعة المعجنات والأكلات البيتية، حيث تحصلت على مواد عينية وتدريب على إدارة المشاريع، لتبدأ مشروعها الخاص من بيتها في بيع المعجنات وغيرها من المأكولات.
وتشاركها ألطاف الحديث عن استفادتها من البرامج والمشاريع التنموية التي تقدمها منظمات المجتمع المدني حيث تدربت في أحد المؤسسات على (نقش الحناء) فهي تمتلك موهبة الرسم واستطاعت بعد الدورة أن تستفيد من المهارة التي تعلمتها في (نقش الحناء) في الدخول لسوق العمل وكما تقول : “مهنة في اليد خير من السؤال” .
أما أم محمد تشارك تجربتها في استفادتها من البرامج التدريبية والتأهيلية لمنظمات المجتمع المدني تقول: “قبل خمسة عشر سنة تعلمت الخياطة في إحدى الجمعيات الخيرية التي تقوم بتدريب النساء على الخياطة والتطريز، واشتريت لي ماكنة خياطة ومن يومها وأنا أمتهن الخياطة وأقوم ببيع خدماتي للنساء وأحصل على مردود جيد من ذلك”. وتعد برامج التمكين الاقتصادي للنساء من أهم البرامج التي تحصل منظمات المجتمع المدني المحلية على تمويل دولي فيها، وهي من أهم المداخل الأساسية لإرساء المساواة بين النساء والرجال والسعي للبحث عن سبل تحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية للمرأة، -خصوصاً- في الدول المنخفضة الدخل حيث يعمل 17% من النساء في مجال ريادة الأعمال، وتطمح 35% من النساء إلى أن يصبحن رائدات أعمال، ويعني هذا أن أكثر من نصف النساء في البلدان النامية يرين ريادة الأعمال طريقاً لتحقيق مستقبل أفضل بالمقارنة مع 25% في البلدان مرتفعة الدخل بحسب تقرير البنك الدولي في أبريل 2022م.
الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة
صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …