منظمات المجتمع المدني بين الماضي والحاضر
صوت الأمل – أمل المحمدي
بهدف تحقيق المصالح والقيم المشتركة بين الدولة ومواطنيها، اُنشئت مُنظمات المجتمع المدني. وهي عبارة عن هيكل تنظيمي يعمل أعضاؤه بديمقراطيّة لتحقيق المصلحة بين السُلطات العامّة والمُواطنين، كما أنَّها جمعيات تطوعية غير ربحية وغير حكومية، وتكون جميع أنشطتها تطوعيّة جماعية يمارسها الأعضاء.
وتبرز هذه الأنشطة في تقديم الخدمات، أو دعم التعليم المستقل، أو التأثير على السياسات العامة, تشمل المنظمات غيرالحكومية، والنقابات العمالية، وجماعات السكان الأصليين، والمنظمات الخيرية، والمنظمات الدينية، والنقابات المهنية، ومؤسسات العمل الخيري.
وفي حديث لـلأستاذ عبد الكريم القاضي (مدرب تنمية بشرية من الحديدة) حول تعريف المنظمات بأنَّها مؤسسات خيرية دولية تقوم بدعم الجانب الإنساني بوضع برامج تخدم المجتمع نوعاً ما حسب الاحتياج وبتنسيق مع مؤسسات محلية في الدول للوصول إلى الأهداف المرسومة .
نشأة منظمات المجتمع المدني اليمني
اختلفت النشأة لمنظمات المجتمع المدني في اليمن منذ الوحدة وحتى في الوقت الراهن من حيث عملها واستدامة مشاريعها, ففي مقال للدكتورة نادية السقاف (مديرة الأبحاث في أرابيا براين تراست ووزيرة الإعلام سابقًا) قالت فيه: “معلوم أنَّ المجتمع المدني كان ما يزال في بداياته الأولى في بعض المحافظات الجنوبية، وذلك بفضل الاتحادات والنقابات التي تم تأسيسها في إطار الدولة الاشتراكية في الستينيات والسبعينيات، في حين عرف الشمال وبعض المناطق الشرقية تواجد المجتمع المدني بشكل أساسي كونها مؤسسات خيرية ممولة من خلال تبرعات ذات طابع ديني”.
مضيفة: “يمكن القول أنَّ المرحلة الفاصلة في تطور المجتمع المدني اليمني قد بدأت في التسعينيات، وهي الفترة التي تميزت فيها الهيئات المجتمعية باكتساب طبيعة مؤسسية وهيكلة قريبة من تركيب المجتمع المدني بشكله المعاصر، وقد سمحت البيئة السياسية بعد الوحدة اليمنية في 1990م بالتعددية الحزبية، وفتحت المجال لمنح التراخيص لعدد كبير من منظمات المجتمع المدني، ليتجاوز عدد هذه المنظمات المسجلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية في أواخر التسعينيات أكثر من سبعة آلاف منظمة، تتلقى كل منها معونة سنوية صغيرة من قبل الحكومة وخلال تلك الفترة بدأت عدة منظمات دولية أيضاً بفتح مكاتب لها في اليمن، فساهمت بذلك في تطوير المنح القائمة على المشاريع التي يقودها المانحون”.
في تقرير للبنك الدولي صادر عام 2014م، يشير إلى أنَّ اليمن شهد زيادة في عدد منظمات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة، حيث تظهر الأرقام أنَّ عدد المنظمات في تلك الفترة أكثر من 8300 منظمة مسجلة في البلاد.
في عام 2021م قدّرت وزارة الشؤؤون الاجتماعية والعمل نهاية العام عدد منظمات المجتمع المدني بما يقرب من 13200منظمة مجتمع مدني في جميع أنحاء اليمن، ويشمل هذا الرقم المنظمات غير النشطة.
وتردف السقاف أنَّه بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الاهتمام الإعلامي العالمي الذي حظيت به اليمن عام 2011م، وبروز ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي متميزين بإجادة اللغتين العربية والإنجليزية، شجع ظهور اتجاه جديد في عمل المجتمع المدني، يعتمد بشكل أساسي على الفضاء الإلكتروني وهناك ناشطون منفردون كانوا يعيشون في الخارج، أو قد تعلموا في دول غربية تولوا قيادة هذه الحركة عند نشأتها.
إنَّ بروز الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، والانفتاح الإلكتروني الحاصل، مكنهم من تسليط الضوء على قضايا الشعب اليمني، بوصفها دعوة لتنشيط دور منظمات المجتمع المدني في مختلف الجوانب.
موقع الأمم المتحدة أخيرًا أشار إلى أنَّ هناك أكثر من 1500 منظمة من منظمات المجتمع المدني التي لديها برامج إعلامية قوية حول مختلف القضايا، ووفقاً لتقرير للأمم المتحدة منشور عام 2018م أوضح أنَّ مؤشرات استدامة المجتمع المدني خلال عام 2018م قدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحلول نهاية العام بما يقارب 13200منظمة مجتمع مدني في جميع أنحاء اليمن، ويشمل هذا الرقم منظمات غير نشطة أيضاً.
وإذا كانت بعض منظمات المجتمع المدني اليمني قد تلاشت بكل بساطة، فإنَّ منظمات أخرى قد اكتسبت المزيد من القوة؛ من خلال احتراف فن جمع التبرعات، مستفيدة من الازدهار السياسي في التسعينيات، حيث طورت تجربتها من مجرد مؤسسات خيرية تعمل على التبرعات، إلى منظمات محلية ووطنية تنفذ مشاريع تنموية وخلال تلك الفترة أخذت هذه المنظمات المدنية في التنوع والتوسع لتشمل مراكز الأبحاث، والمنظمات المتخصصة في قضايا المرأة، والمنظمات المعنية بالأقليات، والمنظمات المتخصصة في التنمية الريفية، والمبادرات الشبابية، ومنظمات حقوق الطفل، والمؤسسات الإعلامية، وحتى المنظمات المعنية بالمياه والبيئة.
وفيما بقيت عدة منظمات ملتزمة بأجنداتها التنموية وطورت منظمات أخرى عملها لترتكز على الحقوق والعمل السياسي، وهكذا تطورت أنشطة منظمات المجتمع المدني ذات الطابع السياسي، لتبدأ تدريجياً بأعمال المناصرة لحقوق الإنسان والمطالبة بالحكم الرشيد، وفي أوائل الألفية الثالثة أصبح لدى اليمن برلمان للأطفال، وتقارير ظل منتظمة صادرة عن المجتمع المدني موازية للتقارير الحكومية، وموفدون عن هذا المجتمع المدني إلى الأمم المتحدة، وتجمعات دولية أخرى متنوعة، بالإضافة إلى أمثلة عديدة عن جهود لجهات غير حكومية غايتها تطوير المجتمع اليمني.
وعلاوة على ما سبق، فقد تحدثت السقاف إلى أنَّ واقع منظمات المجتمع المدني أدى إلى انعدام الاستقرار في اليمن وتراجع المشاريع التنموية، فيما دفع بمبادرات الإغاثة المحلية لشغل الحيز الأكبر من عمل المجتمع المدني، والذي بات اليوم مرتبطاً بتحديات دولة غارقة في الأزمات، ورغم أنَّ بعض مبادرات الإغاثة كانت مدعومة من قبل منظمات إنسانية دولية، فقد تشكلت عدة منظمات محلية للإغاثة على المستوى الداخلي، وذلك يعد استجابة ضرورية للثغرات الناتجة عن تداعي الدولة.
مكونات منظمات المجتمع المدني اليمني
تتكون منظمات المجتمع المدني اليمني من مجموعة من الأفراد المنفصلين عن الدولة وسوق العمل، والمهتمين بالمجال الاجتماعي، وتكون مبادئها التوجيهية لإطار عمل الأمم المتحدة مستقلة لا تشمل الجمعيات الربحية أو مؤسسات الأعمال، ومن أشكال مُنظمات المجتمع المدني؛ المنظمات غير الحكومية، والمُنظمات الشعبيّة، والشُركاء الاجتماعيون.
الموسوعة الحرة أشارت إلى أنَّ الميزة المشتركة التي تجمع بين منظمات المجتمع المدني كافة، على شدة تنوعها، فهي تتمثل باستقلالها عن الحكومة والقطاع الخاص، أقله من حيث المبدأ، وهذا الطابع الاستقلالي هو ما يسمح لهذه المنظمات بأن تعمل على الأرض وتضطلع بدور هام في أي نظام ديمقراطي.
أهداف منظمات المجتمع اليمني
يُجمع الخبراء في التنمية على أنَّ منظمات المجتمع أهدافها وحلولها وأفكارها متطورة ومُستدامة لحل مشكلة الفقر والعديد من المشاكل؛ وذلك لدعم الناس وإخراجهم من الفقر، وتساهم في توطين أهداف التنمية المستدامة ومراقبة تقدمها، إذ وضعت المجتمعات المدنية على عاتقها تحقيق أهداف التنمية بكفاءة، وربطها مع السياسات المحلية والوطنية, وتستخدم منظمات المجتمع المدني كفاءتها وحضورها الفعال في البيئة الاجتماعية المحلية؛ لتحسين مستويات المعيشة الشعبية في الدول النامية، وتقديم الخدمات ومعرفة ردود فعل المواطنين، تجاهها وتعزز تمكين دور المرأة الاقتصادي من أجل تغيير المناخ، وتوفر منظمات المجتمع المدني الخاصة بالنساء شبكات اجتماعية تُساعدهن على التعاون والعمل مع بعضهن البعض كونهن أفراداً في المُجتمع.
وفيما يخص منظمات المجتمع المدني في اليمن تختص في مجال الرعاية الاجتماعية والتنمية البشرية والدفاع عن الحقوق والحريات والتي تهدف إلى التخفيف من الأوضاع الراهنة ومحاربة الفقر والدعم في مجال التعليم والصحة والمجال التوعوي .
خالد الشميري (ناشط ميداني في مجال الأعمال الإنسانية) يؤكد أنَّ منظمات المجتمع المدني لها أهميتها الخاصة في تقديم الدعم للدول المحتاجة؛ وذلك لرفع المعاناة عن الأشخاص والتقليل من الوضع المأساوي التي تعيشه البلاد في ظل هذا التحول الذي سببه الصراع في اليمن, فلم يكن هناك ظهور لمنظمات المجتمع المدني في فترة الاستقرار السابق لليمن إلا بوجود نادر, أما في هذه الفترة كثرت وكثرت برامجها وذلك لتطبيق بعض أهدافها وهي دعم الفقر والتخفيف من المعاناة.
استطلاع .. 56% الفساد الإداري من أهم المعوقات التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني في اليمن
صوت الأمل – يُمنى أحمد يرى 56% من المشاركين في استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر م…