عوائق حجبت المنافع بين القطاع الصناعي والمخترعين
صوت الأمل – حنين الوحش
يرى باحثون أنَّ ضعف قدرة الدولة على إصلاح بنية الصناعة من الناحية الأمنية والتشريعية والخدمية والمصرفية، أسهم في عدم توسع حجم القطاع الصناعي اليمني وظل ثابتًا في صناعات محددة منذ إنشائه.
تكشف دراسة «قطاع التصنيع في اليمن: فرص قليلة للتوسع» عن مساحة المنتجات في اليمن؛ إذ إن المسار المستقبلي لتنمية البلد يجب أن يركز على الفرص الجديدة في مجموعات المواد الغذائية والكيميائية والميكانيكية والكهربائية.
خطوات جريئة
وأوضحت الدراسة الصادرة في 2017م عن المركز اللبناني للدارسات أنَّ كتلة المواد الغذائية هي الأقرب للصناعة من حيث المسافة نظرًا للمعرفة والقدرات الإنتاجية للبلد، وأنَّها في المتوسط أقل تعقيدًا.
وقالت: «سيتطلب من اليمن خطوات جريئة لحل إخفاقات السوق التي تمنع البلاد من تطوير قدراته التنافسية في الصناعات الجديدة». مؤكدةً، على وجوب تركيز السياسة الصناعية على اختيار عدد من الصناعات أو المنتجات الجديدة التي تستهدف المدخلات العامة.
ضربات موجعة
يرى خبراء الاقتصاد أنَّ القطاع الصناعي ظل مهملًا من قبل القطاعين العام والخاص، وعانى الإهمال منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي في منتصف التسعينيات من القرن المنصرم، ولم يجد لنفسه مكانة في أجندة الدولة، إضافة إلى أنه لم يعد يحظى بنصيبه من موازنة الدولة، وقوبل ذلك بعدم اهتمام القطاع الخاص بالصناعة.
ضعف قدرة الدولة
يؤكد مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة -فضّل عدم ذكر اسمه- أنَّ ضعف قدرة الدولة تزامن مع انتهاج السياسات الاقتصادية، وضعف رقابة الأجهزة الأمنية، ودخول منتجات مهربة من منافذ غير رسمية ما جعل تكافؤ المنافسة في الأسواق بين السلع المهربة والمنتجات الوطنية غير عادل؛ كون المنتجات الوطنية محملة بالجمارك والضرائب الموجودة على المواد الخام.
مخاوف القطاع الخاص
يؤكد مخترعون أن القطاع الصناعي يتخوف من تبني أفكارهم، وتحويل الاختراع المجرد إلى منتج قابل للتسويق، وأن اقتحام مضمار الابتكار في اليمن يُعد مغامرة، -خاصة- في ظل غياب المقومات الاستثمارية الكفيلة بإنجاح المشاريع الاستثمارية الصناعية.
المخترع عبدالله المسوري (مخترع جهاز الإنعاش القلبي) يذكر أنَّه بذل قصارى جهده حتى الآن لإبداع شيء جديد يساهم في حل مشكلة بإمكانيات محلية ومحدودة. مضيفًا: «لن يكون هناك تنمية إذا لم يعط القطاع الصناعي الأولوية للاختراعات والعقول التي تعمل جاهدة؛ لخلق طرق للتنمية وحل مشاكل اجتماعية واقتصادية».
يرى القطاع الخاص أنَّ غياب الأمن والاستقرار هما المشكلة الرئيسة في حرمان هذا القطاع من الحصول على حقه الكافي من الاهتمام، إضافة إلى الحاجة إلى تحسين القوانين وتوفير الحماية الاقتصادية اللازمة والبنيوية؛ لتشجع وتطور المنتج الوطني.
يؤكد خبراء الاقتصاد أنَّ الحكومة هي المسؤول الأول في تأهيل الكوادر اليمنية والتنظيمية بطرق تتناسب مع قيام صناعة عملاقة في البلد تسهم في تحقيق النمو الاقتصادي، وتحد من الفقر والبطالة.
محدودية قدرات القطاع الخاص
يرى باحثون أنَّ محدودية قدرات القطاع الخاص في التطوير المؤسسي ومعايير الجودة واستخدام التقنيات الحديثة وتنمية قدراتها التنافسية، حدت من توسع هذا القطاع الحيوي الهام.
وضعت الحكومة والقطاع الخاص برنامجاً صُنع في اليمن على أساس يمتد إلى ثلاث سنوات، وكان الهدف منه تشجيع الصناعة الوطنية والتعريف بها، لكن هذا البرنامج تعثر؛ فبسبب ارتفاع أسعار الوقود انسحب المصنعين من البرنامج وأُجل إلى وقت غير مسمى، حتى تأتي حكومة موحدة تعمل ضمن رؤية اقتصادية شاملة.
مشاكل ومعوقات
مشاكل القطاع الصناعي كثيرة وتظل انعكاسًا لأوضاع البلاد التي تمس كل القطاعات بما فيها القطاع الصناعي.
وتُرجع سوزان عبد الله (نائب مدير إدارة العلامات التجارية)، تدني مساهمة القطاع الصناعي في النشاط الاقتصادي اليمني إلى ضعف البنى التحية مثل: شبكة الطرقات وتدني مستوى خدمات الموانئ، قلة الإمدادات اللازمة من الطاقة الكهربائية، عدم توفر إمدادات المياه بشكل يساعد على نمو الصناعات الإنتاجية، إضافة إلى تدني مستوى المهارة والمعرفة ونقص البرامج التدريبية.
وتضيف سوزان عبد الله أنَّ مشكلة المواد الخام من حيث ارتفاع أسعارها واحتكارها من قبل بعض التجار يؤدي إلى التلاعب بالأسعار وعدم ثباتها، إضافة إلى ضعف القاعدة التكنولوجية للصناعات القائمة، حيث تعد في معظمها صناعات ذات تقنية منخفضة، إذ تبلغ نسبتها حوالي 24% في حين لا تتجاوز نسبة الصناعات ذات التقنية العالية 5.5% ونسبة الصناعات التي لا تستخدم التقنيات الحديثة حوالي 32%.
نجاحات رغم التحديات
على الرغم من التحديات والمتغيرات التي واجهات مسار الصناعة الوطنية، فإنَّها قد اكتسبت قدرة تنافسية جيدة في السوق المحلية والسوق المجاورة، وغدت تمثل دورًا حاسمًا في الاقتصاد الوطني من خلال تغطية السوق المحلية بالسلع الاستهلاكية، ورفد خزينة الدولة بمبالغ طائلة، والمساهمة في مكافحة الفقر والبطالة.
المساهمة في الناتج المحلي
وقد شهد القطاع الصناعي خلال الفترة الماضية معدل أداء متواضع، وتركز في عدد محدود من الأنشطة الصناعية أهمها: الصناعات الغذائية والإنشائية.
ويُرجع اقتصاديون ضعف مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي إلى مشاكل هيكلية في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى العديد من المشاكل والصعوبات التي أعاقت نموه وتطوره في ظل صناعة يمنية حديثة النشأة.
وتتجه الحركة الصناعية نحو الصناعات التحويلية مثل المواد الغذائية والتبغ والنسيج والأخشاب والإسمنت والمعادن، وتشهد البلاد محاولات لتطوير هذه الصناعات ولاقتحام مجالات أخرى، لكنها مساعِ لا تزال محدودة؛ نظرًا للصعوبات التي تواجهها.
حلم لم يكتمل
لم تكن بداية الصناعة في اليمن متأخرة مقارنة ببعض الدول التي أصبحت الآن دولًا صناعية، وفقاً لما قاله أحد خبراء الاقتصاد بأنَّ في السبعينيات كان هناك اهتمام بالقطاع الصناعي كونها أداة تحوّل في الاقتصاد الوطني، إلا أنَّ ذلك الاهتمام بدأ يتلاشى من فترة إلى أخرى.
مؤكدًا، أنَّ اليمن كانت ستسبق كثيراً من الدول التي تشهد الآن ثورة صناعية، ويقول كنا نتوقع أنَّ كثيراً من صناعات العالم ستصحو على ضجيج الصناعات اليمنية، هذا الحلم لم يكتمل، وظل القطاع الصناعي مهملاً ويعمل بقانون لا يتماشى مع متطلبات العصر.
استطلاع لYIC : 54.1% من المخترعين اليمنيين يعانون من التهميش
صوت الأمل كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر مايو 2022م حول “ا…