كيف يساهم القطاع الخاص في دعم الاختراعات والابتكارات لشباب اليمن؟
صوت الأمل – فاطمة رشاد
يحاول الشباب المخترعون والمبتكرون في اليمن لفت القطاع الخاص إلى الاهتمام بمشاريعهم الابتكارية التي يقومون بها، متطلعين إلى دعم سخي من الجهات التي قد تولي اختراعاتهم اهتمامًا كبيرًا لخدمة المجتمع الذي يعيشون فيه.
على العكس من ذلك، فوسط إصرار الشباب على تقديم أفكار للقطاع الخاص حول ابتكاراتهم، يتفاجئ البعض بوجود صعوبات جمة كعدم اقتناع الشركات الصناعية بالفكرة، أو تعرضها للضياع.
(المبتكر أحمد محمد) حاول تقديم اختراعه إلى إحدى الجهات المعنية –تحتفظ الصحيفة باسم الجهة-وأوضح أنَّه أضاع الكثير من الوقت في عملية البحث، ولم تتلق فكرته أي دعم؛ بسبب عدم اقتناع الجهة بالفكرة.
اخترعات بحاجة للدعم
(المخترع محمد أنور)، يبحث عمن يؤمن باختراعه من قبل الشركات الخاصة، يوضح لـ «صوت الأمل» بشكل مختصر تفاصيل بعض الاختراعات التي قام بها منذ عام 2020م إلى عام 2022م المتمثلة بـ Pnematic lung Machine)) الرئة الميكانيكية.
يعرف أنور اختراعه بأنَّه عبارة عن جهاز تنفس صناعي يعمل على الطاقة الكهربائية بفولتية صغيرة جداً تصل إلى 12 فولت، ومبدأ عمل الرئة: يعمل هذا الجهاز على تقنية التنفس بالضغط السلبي الخارجي
External negative pressure ventilation techniques))، وذلك عن طريق دفع الهواء إلى الرئتين من خلال التنفس الاصطناعي الذي يطلق عليه تهوية الضغط السلبي الخارجي (ENPV).
وعن آلية عمل الرئة الميكانيكية يذكر محمد أنور، بأنَّها شفط المنفاخ للهواء من الصندوق الذي كان المريض محكمًا فيه، مع انخفاض ضغط الهواء في الصندوق تتمدد رئتا المريض تلقائيًا مما يسحب الهواء النقي إلى الحجاب الحاجز.
مضيفًا: “عندما سمح المنفاخ للهواء بالعودة إلى الصندوق، ارتفع ضغط الهواء وانكمشت رئتاه بشكل سلبي، مما دفع الهواء للخارج منها، فيصبح صوت «أزيز» الهواء المنتظم من الرئة الميكانيكية هو الصوت المطمئن لتنفس المرضى، فالسبب الرئيس لدخول الهواء إلى الرئتين ليس ضغط الهواء وإنَّما تمدد الصدر”.
ويوضح المخترع محمد أنور أن أهم العناصر المؤثرة بالتحكم في جهاز الرئة الحديدية هي: ضبط زمن الاستنشاق لدى المريض، كمية الهواء التي يستنشقها، تواتر عملية التنفس، تركيز الأكسجين في الهواء الداخل، وقد تزداد نسبة الأكسجين في بعض الحالات عن النسبة الطبيعية في الهواء، مقدار الضغط الذي تنتفخ فيه رئة المريض، درجة حرارة ورطوبة الهواء.
ويتحدث محمد عن مميزات الرئة الميكانيكية قائلاً: “يعمل الجهاز على مدار اليوم ولا يتوقف بانقطاع التيار الكهربائي، لا يحتاج المريض إلى وضع أنابيب بلاستيكية من الأنف إلى الرئتين بل يتنفس ذاتيًا. تكلفة الجهاز بسيطة جدًا مقارنة بأجهزة التنفس الموجودة. ويعمل الجهاز كغرفة عناية مركزة للاعتناء بالمريض لأنَّه يحتوي على سرير معد بأحدث الأجهزة لمراقبة المريض».
ويواصل محمد: “إلى جانب الرئة الميكانيكية قمت باختراع مولد الطاقة المجانية Free Energy Generator ، الذي يعرف بأنَّه أحد المولدات المستخدمة في إنتاج تيار كهربائي بقدرة إنتاجية تصل إلى نصف ميجا وات، دون الحاجة إلى أي مصدر من مصادر الوقود كالبترول أو الديزل أو الغاز أو أي مصدر آخر من مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة أمواج البحر، يعمل هذا الجهاز على مبدأ تقنية تحويل الطاقة الحركية المختزنة في عجلة دولاب التوازن إلى طاقة كهربائية Flywheel storge energy، وذلك عن طريق ربط جاهز AC motor بجهاز Alternator”.
وبحسب محمد أنور، يتميز المولد بتوليد الطاقة الكهربائية دون أي تكاليف لمصادر التشغيل، وهو سهل التشغيل فهو يعمل بضغطة زر، صديق للبيئة ويولد تياراً كهربائياً دون أي مخاطر بيولوجية وملوثات للبيئة، سهل الصيانة الخاصة بالمولد، وسهولة التصميم والتركيب للمولد؛ فهو يعطي عزم دوران عالٍ جدًا وكذلك أداء ديناميكي أفضل، و يعمل المولد على مدار اليوم ولا يتوقف.
لم يتوقف أنور عن اختراعاته، بل واصل في عمله إلى عام 2022م، التي تمثلت بالكثير من الاجتهادات. وما يزال حلمه يكبر لكي يجد من القطاعات الخاصة التي تهتم بدعم الشباب المبتكر والمخترع من يتبنى اختراعاته.
داعم للاختراعات
هناك شركات خاصة تعد داعماً وشريكاً قوياً في القطاع الخاص، كشركة هائل سعيد والتي تقوم بدعم المبتكرين والمخترعين وتحاول كذلك الاستفادة من اختراعاتهم، منهم بعض الطلاب خاصة طلاب قسم الهندسة وطلاب المعاهد المهنية والفنية.
يوضح موسى المحيا (خريج كلية الهندسة تخصص هندسة ميكانيكية -جامعة عدن)، تجربته هو وزملاؤه (سامي الجعفري، وثيق علي قاسم، محمد سالم)، بأنهَّم بذلوا قصارى جهدهم للخروج بعدد من الابتكارات، قائلاً: “الابتكارات التي قمنا بها هي عبارة عن ثلاثة مشاريع، المشروع الأول: صناعة وتطوير كسارة أحجار مصنع الأسمنت (Jaw Crusher Machine)، حيث تمت صناعة الآلة بنموذج مصغر، وكان ذلك مشروع تخرجنا من كلية الهندسة لعام 2021م أنا ومجموعة من الزملاء، تمت مناقشة المشروع من قبل لجنة المناقشة وقيَّمته بامتياز، وتبنته (الشركة الوطنية للأسمنت)، ويأتي ذلك بعد التدريب والتأهيل وجمع المعلومات والاستفادة من الخبراء والمهندسين والفنيين في الشركة”.
أما المشروع الثاني، الذي قُدِّم من قبل موسى وفريقه، عبارة عن عدادات أكياس الأسمنت في الشركة الوطنية حيث تم طرح الفكرة إلى إدارة (الشركة الوطنية للأسمنت) وتم الترحيب والقبول بتلك الفكرة والأمر بالبدء في عمل تجربة للمشروع، فتم عمل تلك التجربة منذ شهر ونصف، وفحصها ولم يتبق سوى آخر خطوة سيتم تنفيذها خلال الأيام المقبلة؛ فقد تم تقييم التقرير لعمل تجربة تلك الفكرة بامتياز من قبل رئيس قسم التحكم والأجهزة في الشركة الوطنية للأسمنت.
ويتابع المحيا حديثه لـ «صوت الأمل»: “والمشروع الثالث الذي قُدّم إلى الشركة الوطنية للأسمنت هو التخلص من الأكياس التالفة، حيث تم عرض وطرح الفكرة إلى الإدارة الفنية في الشركة، وتم قبول تلك الفكرة وهم حالياً في صدد البحث عن الأجهزة التي تم اختيارها لتنفيذ المشروع”.
وكأي مبتكر واجه فريق موسى المحيا عدة صعوبات يلخصها بقوله: “لم يكن من السهل قبول ابتكاراتنا لدى الشركة الوطنية للأسمنت، ولم يكن عمل تلك الابتكارات سهلاً لقد كانت الصعوبات التي واجهتنا أثناء تنفيذ مشاريعنا تتمثل في قلة الإمكانيات لشراء بعض المواد؛ بسبب ارتفاع سعرها، والظروف التي نعيشها، وعدم توفر بعض المواد التي أدخلناها في تصميم المشروع، حيث كنا نقوم بتصمم بعض المواد ثم يتم النزول إلى السوق لشرائها فلا نجدها، أو قد نجدها بسعر خيالي ولا نستطيع شراءها؛ الأمر الذي يضطرنا إلى تغيير التصميم، وهذا أجهدنا كثيراً وأخذ مننا وقتاً أكثر من اللّازم إلى جانب عدم وجود بعض الأجهزة التي اقترحنا طلبها لعمل هذا المشروع مما أدى إلى تنفيذ التجربة بالأجهزة المتوفرة في الشركة».
ويؤكد المحيا على أهمية دعم القطاع الخاص لهذه الإبتكارات، وأنَّ الشركة الوطنية المتمثلة بمجموعة هائل سعيد تسعى إلى دعم الشباب المبتكرين، والاستفادة منهم بشكل كبير ولم يكن نموذج الابتكار الوحيد الذي تم قبوله من قبل شركة الوطنية فهناك الكثير من الشباب الذين يساهمون في دعم وتحسين جودة الصناعات في الشركة.
المعهد التقني
عصام عبده (مستشار في وزارة التعليم الفني والتدريب المهني )، يقول: “نحن في المعهد الفني نحاول أن نخلق فرص شراكة بين القطاع الخاص في رفدها وإمدادها بمخرجات المعهد من عدة مجالات تخدم الجانب الصناعي بشكل خاص؛ فمخرجات المعاهد الفنية والمهنية، تفيد سوق العمل وكذلك تكون مشاريع التخرج داعمة للكثير من الشركات الخاصة والقطاعات الحكومية، ونحن دائمًا ما نطالب بدعم هذه المشاريع والاستفادة منها ليس –فقط- من قبل القطاعات الخاصة بل وحتى الحكومية ولدينا شراكات سابقة مع جهات وشركات من خارج اليمن نقوم برفدها بمخرجات المعاهد اليمنية التي يستفاد منها”.
معالجات
لكي نصل إلى خلق شراكة بين القطاعات الخاصة في دعمها والاستفادة من مخرجات الكليات والمعاهد اليمنية في مجالات الابتكارات والاختراعات، لا بد أن يتم جذب الشركات الخاصة إلى ما يخترعه ويبتكره الشباب، وأن يكون هذا الاختراع مساهماً في عملية التصنيع والتنمية لكي يتم الاستفادة منه.
إنَّ حل مشكلة القطاع الخاص يتمثل بالابتعاد عن الاستيراد من الخارج وتشجيعه إلى النظر لمخرجات اليمن ودعمه لها من خلال عمل مقرات ومراكز خاصة في تطوير الاختراعات والابتكارات والاستفادة منها وجعل هذه الابتكارات والاختراعات منافسة في الأسواق الدولية تحت مسمى (صنع في اليمن)، فكرة دعم هذه الابتكارات تحتاج إلى شجاعة ومخاطرة من قبل القطاع الخاص ولكن لا بد من الإيمان القوي بقدرات عقل الشاب اليمني الذي يحاول أن ينافس العالم بأفكاره الإبداعية القادرة على الاختراع والابتكار.
استطلاع لYIC : 54.1% من المخترعين اليمنيين يعانون من التهميش
صوت الأمل كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر مايو 2022م حول “ا…