طاقات خامة وثراء معرفي.. المخترعون في اليمن ينتظرون الدفع بهم
صوت الأمل – حنين الوحش
طاقات وعقول شبابية تسعى لأن تخلق من المحنة منحة، ومن العجز قدرة، ومن اللاشيء شيئاً، ومن العدم وجوداً، ففي حين اتكلت الدولة والأفراد على الاستيراد الدائم للمعدات والأجهزة وغيرها من المنتجات، حاول بعض الشباب التفرد وخلق أنظمة وأجهزة لها نفس الاستخدامات، ولكن بجهود محدودة ومحلية تمكنها من القيام بنفس المهام.
وفي سياق الحديث عن الاختراعات والأجهزة قدم فريق من الشباب ـــ خريجي هندسة الميكاترونكس، جامعة صنعاء ـــ اختراعاً لجهاز الإنعاش القلبي يغطي الأخطاء اليدوية للمسعفين بخطوات آلية منتظمة.
أفكار إنسانية واختراعات منقذة
عبد الله المسوري (مهندس ميكاترونكس – جامعة صنعاء) صاحب العديد من الابتكارات والأجهزة، أهمها جهاز إنعاش قلبي ضغط (CPR DEVICE) الجهاز الذي بالرغم من أهميته الكبرى إلا أنَّه غير موجود في اليمن بعد.
يقول المسوري: «قررت أنا وفريقي المكون من خمسة أعضاء القيام بعمل جهاز للإنعاش القلبي بإمكانيات محدودة ومحلية وتكلفة أقل من تكلفة الأجهزة العالمية بشكل كبير وبامتيازات إضافية تمكنه من المنافسة».
مضيفًا: «أتت فكرة صناعة الجهاز لأنَّنا لاحظنا في الآونة الأخيرة زيادة نسبة الوفيات الناتجة عن توقف القلب المفاجئ، وقلة الخبرات في مجال الإسعافات الأولية للمريض، ومن خلال قيامنا ببحث على نسبة الوفيات وما هي الأسباب في العالم، وجدنا إحصائية من منظمة الصحة العالمية لِأكفاء المسعفين في أمريكا وجدوا أنَّ هناك نسبة أخطاء تؤثر على حياة المريض».
وفي هذا الصدد يقول المسوري: «قررنا العمل على جهاز يقوم المسعف من خلاله بوضع المريض المتوقف قلبه في الجهاز وتركيب الجهاز في مدة لا تتجاوز الـ 40 ثانية، ومن ثم يقوم المسعف بالضغط على أزرار التحكم ووضع الخيار المناسب لوضع المريض، وبعدها يقوم الجهاز بعمل ضغطات على صدر المريض بقوة ثابتة ومسافة ثابتة وعدد ضغطات ثابتة طوال الوقت على حسب المواصفات الموجودة في منظمة الصحة العالمية، ومن هذه العملية فإنَّه يقلل نسبة الأخطاء الموجودة في الإسعافات اليدوية».
وينوه المسوري أنَّ الفئة المستهدفة التي صُنع الجهاز لأجلها من عمر 12 سنة وما فوق، وهو قابل للتكبير والتصغير حسب حجم المريض.
موضحاً، أنَّ الجهاز يستخدم في سيارات الإسعاف ويمكن استخدامه في الأماكن العامة كالشوارع أو الأماكن التي لا يوجد فيها كهرباء؛ لأنَّ لها بطارية تخزين ولا تحتاج إلى كهرباء خارجية فالجهاز لديه بطارية طويلة الأمد تستمر لـخمس ساعات متواصلة وأسطوانة أكسجين يساعد على عملية الضغط يستمر لـثلاث ساعات، كذلك خفيف الوزن وقابل للنقل من مكان لآخر وسهل وسريع التفكيك والتركيب ويحتوي على احتياطات أمن وسلامة، من الناحية الكهربائية والناحية الميكانيكية وأيضاً من ناحية التحكم.
امتيازات الـ CPR DEVICE عن الجهاز العالمي
ومن ناحية الامتيازات التي تميزه عن الجهاز العالمي يقول المهندس عبد الله المسوري: «تمت إضافة خيار ثالث لطريقة الضغط بينما العالمي يحتوي على خيارين فقط، إضافة إلى زيادة استمرارية البطارية لـخمس ساعات بينما الجهاز العالمي يصل إلى 40 دقيقة فقط، وتقليل تكلفة الجهاز بتكلفة تقريبية تصل إلى 4000$، بينما الجهاز العالمي (LUCAS) فتصل تكلفته إلى 15900$».
وفي الحديث عن واقع الاختراع في اليمن يدلل المسوري بمثل شهير يقول: «الحاجة أم الاختراع؛ ولأنَّ الإمكانيات بالنسبة لليمنيين محدودة، يحاول المواطن اليمني توفير شيء يسهل له تلبية احتياجاته وبإمكانيات بسيطة، وبالرغم من السلبيات الناتجة عن الصراع إلا أنَّ هناك إيجابيات كثيرة، جعلت من الوطن بيئة لإنتاج المبدعين، وهناك توجهات من الدولة تهتم بتطوير المشاريع وتحويلها إلى منتجات والتوجه للاكتفاء الذاتي، والقادم أفضل».
منظار تشخيصي لأعماق الآبار
وفي جانب آخر من الاختراعات كان لـ(المبتكر مروان الصوفي خريج المعهد التقني الصناعي – تعز) ابتكار منفذ آخر وهو جهاز عبارة عن (منظار تشخيصي لأعماق الآبار) من وجهة نظر الصوفي كان لا بد من ابتكار جهاز هكذا كونه يعالج إحدى القضايا المحلية والمجتمعية، المبتكر مروان ابتكر منظاراً تشخيصياً يقوم بفحص وقياس وصيانة أعماق الآبار، مبدأ عمله يشبه عمل المنظار التشخيصي الطبي، ولكن ابتكاره خاص بالآبار والمشاكل المتعلقة بها.
وفي الحديث عن تفاصيل الابتكار وكيف بدأ، يقول الصوفي بأنَّه قام بتكوين فريق من 11 شخصًا -كان هو قائدهم- قاموا بدراسة السوق المحلية وما تحتاجه، ومن ثم بدأوا بالنزولات الميدانية إلى الشركات الصناعية وشركات ومحلات بيع المعدات الصناعية والزراعية، وإلى المزارعين وشركات الحفر ومكتب مشروع المياه، وما صادفهم أنَّ السوق يحتاج إلى آلة تقوم بفحص الآبار وتحديد المشكلة.
وحول أهمية المنظار التشخيصي للآبار يقول الصوفي: «تكمن أهمية الابتكار في أنَّه يقوم بكشف أعماق الآبار من وجود تهجفات أو انحناءات أو سقوط بعض معدات الحفر أو سقوط الأشخاص. تم تصميمها مع الابتكار، لكنَّها لم تنفذ حتى اللحظة بسبب ظروف أسرية ناتجة عن موت والدي وإعالة أسرتي وعدم تلقي الدعم الكافي لها».
وعن سؤال «صوت الأمل» للصوفي حول الخدمة التي سيقدمها الاختراع في حال تم تطويره يقول مروان: «أعتقد أنَّ العالم أجمع قد شهد على حادثة الطفل المغربي الذي توفي في البئر، وقد كانت الحادثة في 2022م، كان العالم أجمع يطالب بتقنية أو بطريقة لانتشال الطفل من عمق البئر؛ فمشروعنا من أهدافه معالجة مثل هذه القضايا وحلّها».
مضيفًا: «الشيء الآخر، تقليل مخاطر الاختناق في الآبار لفني الصيانة إلى جانب تقليل تكلفة صيانة الآبار، وإدراك صاحب البئر للمشكلة بنفسه وعدم عبثية قليلي الخبرة في هذا المجال».
مشاكل ومعوقات
وعن المشاكل التي تواجه المخترعين، يقول (المهندس عبد الله المسوري): «إنَّ من أبرز المشاكل التي يواجهها المبدعون هو عدم توفر القطع محلياً، ومنع استيراد أغلبها، وكانت هذه هي أكثر صعوبة واجهتنا في اختراع جهاز الإنعاش، وأيضاً الإمكانيات المادية تشكل عقبة أمام شراء الاحتياجات وتوفيرها فقد تم تصميم جهاز الـ CPR) DEVICE) أكثر من مرة بسبب عدم وجود قطعة ووجود البديل مما أجبرنا على تغيير التصميم بما يتوافق مع البدائل».
مضيفًا، أنَّه حتى الآن لديه أكثر من جهاز لم يستطع تسجيلهم في براءة الاختراع لأنَّهم يحتاجون إلى مبالغ مالية حالياً يعجز عن سدادها، ويؤكد على ضرورة التغلب على مثل هذه الصعوبات وغيرها من خلال إيجاد البدائل محلياً.
فيما يرى (المبتكر مروان الصوفي)، أنَّ عدم توفر ورش خاصة للمبتكرين لتطبيق أي فكرة، وعدم توفر الدعم المادي بالإضافة إلى صعوبة استيراد القطع في حال عدم توفرها محليًا بسبب الصراع هي من أهم العراقيل التي تواجه المبتكرين والمخترعين في اليمن.
دعم وتمويل
وحول الدعم والتمويل المقدم للمسوري وفريقه أوضح بأنَّه لم يتم تمويلهم مادياً، وحتى يتم اجتياز هذه المشكلة والبدء بتطبيق الاختراع، تم تكوين المجموعة من خمسة أفراد حتى يتم تقاسم التكاليف.
وأشار إلى أنَّ هناك سبلاً أخرى للدعم قُدمت لهم وهي عن طريق المسابقات، مثل (مسابقة رواد أعمال شو) عام 2021م التي تم الحصول فيها على المركز الثالث كونها أفضل فكرة مشروع، وأيضاً مسابقة رواد الابتكار الموسم الرابع التي أقامتها الهيئة العليا للتكنولوجيا والابتكار وتم الوصول فيها إلى المرحلة قبل الأخيرة.
وفي الفترة القادمة سيتم إضافة امتيازات أخرى ونضعها في أهدافنا، وبعدها سيتم عرضها على الجهات المختصة لتمويلها وإنتاج أكثر من جهاز.
أما الصوفي فيوضح لـ»صوت الأمل»، أنَّه يمتلك –حاليًا- ورشة خاصة لصيانة الأجهزة الإلكترونية في منطقة القاعدة في محافظة إب، وهي مفتوحة لأي طالب أو شخص يحاول أن يبتكر أو يطبق أي فكرة أو يحتاج إلى أي استشارة، حتى على مستوى الفعاليات التي تقام في المدارس يعمل على تقديم المساعدة لهم قدر الإمكان -حد قوله.
موضحًا، أنها مبادرة منه على تشجيعهم، حتى على مستوى المعلمين إذ يتم تقديم بعض القطع الخاصة للإلكترونيات مثل: المقاومات والترنس والدايودات والمكثفات والملفات والإيسيات وأي قطعة قد يحتاجها المدرس بالمجان، حتى يتسنى له تعليم طلابه وإيصال فكرة واضحة لهم؛ بسبب عدم توفر معاملاً للمدارس توفر لهم أبسط المتطلبات التعليمية.
توصيات للنهوض بواقع الاختراع في اليمن
من وجهة نظر المسوري للنهوض بواقع الاختراع ودعم وتشجيع المخترعين لا بد من اتخاذ خطوات وعمل زيارات من الجهات المختصة للجامعة ومشاهدة مشاريع الطلاب سواء كانوا طلاب هندسة أو غيرهم والعمل على تبني مشاريعهم وتطويرها وتقديم الدعم للمبدعين حتى لا يتم عمل مشاريع أو أجهزة دون السعي لتطويرها أو البحث عن داعم لتمويلها.
أما المبتكر الصوفي، فيؤكد على ضرورة أن يتم احتضان المبتكرين وتشجيعهم من قبل الدولة، وأنه فخورٌ بما توصل إليه هو وزملاؤه المبتكرون من إنجاز.
استطلاع لYIC : 54.1% من المخترعين اليمنيين يعانون من التهميش
صوت الأمل كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر مايو 2022م حول “ا…