متطلبات تشجيع الإبداع في اليمن ليصل للاختراع
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
أرادت إلهام أبو بكر أن يكون مشروع تخرجها فيلمًا بعنوان (بحر الظلمات) الذي يتناول قصة شغف شاب ورغبته في ابتكار يحمي الوطن العربي من أي اعتداء. تخرجت إلهام في كلية الفنون الجميلة من جامعة الحديدة عام 2015، وشكلت فريق عمل مكون من خمس صديقات بمستوى واحد؛ ليكون مشروع التخرج (فيلم بحر الظلمات) الخاص بهن مستعينات بزملائهن في التصوير والبطولة.
تقول إلهام: “بحثت عن فكرة تناقش عدم وعي المؤسسات بأهمية احتواء المبدعين ضمن كوادرها، بما فيهم المبتكرون وتشجيعهم على التطوير، وأن توفر لهم الإمكانات التي تساعدهم على تطوير ابتكاراتهم وضمان حمايتها في وقت قد تنتفع بهم الأمة فيه وتحقق نهضة في عدة مجالات”.
تدور أحداث الفيلم الذي حصل على درجة مميزة من قبل لجنة تقييم مشاريع التخرج في الكلية، حول رغبة شاب يعمل في إحدى المؤسسات بابتكار جهاز يصدر موجات من شأنها أن تحمي أجواء الوطن العربي من أي اعتداء، إلا أنَّ فكرة ابتكاره تتعرض للمصادرة؛ فيواجه الشاب المبتكر الذي يحاول استرجاع حقه الكثيرَ من المضايقات تنتهي بقتله.
متطلبات تشجيع الإبداعات لتصل للاختراع
في هذا السياق، يعلق إبراهيم خالد (رئيس نادي جونك ـــ قسم الاختراع ـــ بمؤسسة حضرموت للاختراع والتقدم العلمي)، أنَّ متطلبات تشجيع الإبداعات لتصل إلى الاختراعات تتمثل في إنشاء مؤسسات ومراكز وأندية للاختراع والابتكار، إلى جانب إنشاء مختبرات مجهزة وحديثة تمكن المخترع من تحويل اختراعه إلى منتج صناعي أولي.
مشيرًا في حديثه «لصوت الأمل» إلى أهمية تعزيز ثقافة الاختراع عن طريق نشر الأبحاث والمشاريع العلمية؛ ليتم تطويرها من قبل المخترعين، داعيًا إلى ضرورة تسجيل براءات الاختراع لأجل لملكية الفكرية، ووجود كادر متخصص في الاختراع والابتكار يحفز ويشجع ويوجه المخترعين، ويقوم بتطوير قدراتهم واختراعاتهم.
فيما يرى محمد علي (باحث في مجال علم البيانات والذكاء الاصطناعي)، أنَّ متطلبات تشجيع الإبداعات لتصل للاختراع هو تأهيل الإبداعات علميًا، وتوفير بيئة علمية، وبحثية مثل مصادر وأدوات في مجال اهتمام المبتكرين، أيضًا بيئة تعاونية بين المبدعين ذوي الاهتمام المشترك، وتوفير توعية المجالات المتاحة والتي يمكن أن يبدعوا فيها.
من جانبه يبين فضل الربيعي (رئيس مركز مدار للدراسات والبحوث)، أنَّ وعي المجتمع حول الاخترعات وأهميتها لا زال متدنياً، ولم يرتق الوعي بصفة عامة في بحث وتناول هذا الموضوع؛ بسبب عدم إدراك أهمية الابتكارات في حياة المجتمعات، بحيث يرى أنَّ تقدم كثير من البلدان ووصولها إلى مستوى التطور الذي تعيشه؛ جاء من خلال الاهتمام بالابتكارات والتشجيع على الاختراعات والاهتمام بالمبتكرين والموهوبين ورعاية أنشطتهم، وتوفير البيئة المناسبة لهذه الابتكارات.
يضيف الربيعي لـ”صوت الأمل”: “اعتمدت كثير من البلدان على البرامج العلمية والمناهج الدراسية التي تدفع المبتكرين وتشجعهم على اتخاذ خطواتهم الإبداعية، موفرة لهم المساعدات التي تساهم في صقل مواهبهم وابتكاراتهم العلمية، أما في اليمن فمناهج التعليم لم تراع ولم تُشبع بعدُ اهتمام المبتكرين ولم تتخذ -حتى الآن- روئ واضحة حول كيفية وآلية الاهتمام بالمبتكرين، للأسف لا يوجد الاهتمام المطلوب بالمبتكرين وتحفيزهم على إبداعاتهم الابتكارية”.
فيما يؤكد المهندس مازن أحمد فرحان (مسؤول التحكم الصناعي _ عضو اللجنة الإشرافية لاختيار الاختراعات والابتكارات من المجلس البريطاني) أنَّ الاهتمام والتشجيع للاختراعات وتطويرها ومنحها الدعم المادي والمعنوي وتجهيز ميزانية خاصة بها وتوفير جميع التسهيلات للمبتكرين، من أهم متطلبات تشجيع وظهور الإبداعات لتصل للاختراع.
متطلبات تشجيع الإبداعات في اليمن
وفقًا لموقع المخترعين العرب “موهوبين”، الإبداع هو أفكار جديدة ومفيدة ومتصلة بحل مشكلات معينة أو تجميع وإعادة تركيب الأنماط المعروفة من المعرفة في أشكال فريدة، ولا يقتصر الإبداع على الجانب التكنيكي؛ لأنه لا يشمل تطوير السلع والعمليات المتعلقة بها وإعداد السوق وحسب؛ بل يتعدى أيضًا إلى الآلات والمعدات وطرائق التصنيع والتحسينات في التنظيم ذاته، ونتائج التدريب والرضا عن العمل بما يؤدي إلى ازدياد الإنتاجية.
يقول محمد يحيى (الباحث في مجال علم البيانات والذكاء الاصطناعي): “إنَّ الإبداع، حالة إنسانية لها أرضيتها ومتطلباتها، وهو ليس حالة عرضية، بل سياق إنتاجي يحتاج إلى عناية ورعاية واهتمام”.
مؤكدًا، أنَّ المبدع يحتاج إلى رؤية جادة من قبل الدولة في الاستثمار لـ رأس المال البشري، من خلال تنمية البحث العلمي وتشجيع الإبداع من خلال إيجاد بيئة علمية وبنية تحتية –خاصة- في الجانب العلمي، وأنَّ الدول العلمية المتميزة في التعليم هي أكثر الدول تسجيلًا لبراءة الاختراع.
يرى الباحث يحيى أنَّ الإبداع يحتاج إلى رعاية الموهوبين والمخترعين، بداية من اكتشافهم في مراحل مبكرة، وتوفير مدارس خاصة بهم، وانتهاءً برعاية إبداعاتهم واختراعاتهم، وإيجاد مؤسسات لتسجيل الحقوق العلمية وحقوق الملكية للمبدعين والباحثين، إلى جانب دعم البحث العلمي، وأشار إلى أنَّ اليمن ومؤسسات التعليم العالي فيها ممثلة بالجامعات تفتقر إلى البحث العلمي والبنية التحتية التي تشجع أو توفر للباحثين والموهوبين المتطلبات الأساسية، واللازمة لتنفيذ أفكارهم ومقترحاتهم.
من جهته يقول مازن أحمد (عضو اللجنة الإشرافية لاختيار الاختراعات والابتكارات من المجلس البريطاني): “إن متطلبات تشجيع الإبداعات في اليمن تكمن في النزول الميداني والتعرف والبحث عن الإبداعات والمبدعين، وتقديم الإرشاد لهم واختيار لجان متخصصة ذات كفاءة وخبرة في اختيار أهم هذه الإبداعات لجميع الفئات والأعمار”.
هجرة عدد من المخترعين
يذكر خالد الكلدي (رئيس نادي جونك، قسم الاختراع بمؤسسة حضرموت للاختراع والتقدم العلمي)، أنَّ السبب الحقيقي في هجرة المخترعين ليس في عدم مقدرتهم على تسجيل اختراعاتهم بمكاتب الملكية الفكرية وبراءات الاختراع، بل في عدم حصولهم على بيئة محفزة ومشجعة تمكنهم من تطبيق فكرتهم على أرض الواقع، وعدم حصولهم على الدعم الكافي لتحويل اختراعاتهم من إطار واقعها العملي إلى إطار الواقع الاقتصادي والتجاري، الذي ينتفع به المخترع وينتفع به الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وهذا ما أكده فضل الربيعي (رئيس مركز مدار للدراسات والبحوث)، بأنَّ انعدام البيئة المناسبة في مجتمعنا دفع بالبعض من المبتكرين إلى الهجرة؛ للبحث عن مجتمعات تساعدهم على ممارسة إبداعاتهم واختراعاتهم.
(المبتكر مروان الصوفي)، يرد على سؤال سبب هجرة بعض المبتكرين والمخترعين إلى الخارج بقوله: “قد يقدرنا الأشخاص أو الدول الأخرى وقد نتلقى الدعم الذي لم نتلقه في اليمن لذلك يلجأ العديد إلى السفر خارج البلاد”.
استطلاع لYIC : 54.1% من المخترعين اليمنيين يعانون من التهميش
صوت الأمل كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر مايو 2022م حول “ا…