كيف تناولت وسائل الإعلام اليمني قضايا الشباب؟
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
تُعنى وظائف الإعلام بمختلف وسائله بتعريف المواطنين بالقضايا الأكثر أهمية بالنسبة للمجتمع، كما تعمل على عرض مختلف الأفكار والنقاش حولها، إضافة إلى أداء دور مهم في عمليتي الرقابة والمساءلة للحكومات، بما يساعد المواطن على أداء دوره في المشاركة في اتخاذ القرار، إلى جانب العديد من الوظائف الأخرى.
ذكر معهد الجزيرة للإعلام أنَّ نسبة الشباب هي ما دون سن الـثلاثين-أي حوالي 65%- من السكان في العالم العربي، وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ حضور اهتمامات هذه الفئة في الإعلام العربي يبدو أقل من ذلك بكثير، وذلك عائد لأسباب متعددة منها تدني نسبة تمثيل الشباب في صناعة القرار السياسي وعدم مشاركتهم في إدارة المؤسسات الإعلامية بفاعلية.
الصراع هو النمط السائد في الوسائل الإعلامية اليمنية، فقد تغيبت الكثير من القضايا الحساسة لكثير من الفئات داخل المجتمع منها شريحة الشباب الذين يعيشون العديد من التحديات وتواجههم الكثير من المعاناة في بلاد يطحنه الصراع الذي تتراكم ويلاته، منذ آذار 2015 لتنشغل الوسائل الإعلامية بأحداثه وأخبار الجبهات وميادين القتال، وتبادل الاتهامات بين الأطراف المتصارعة من خلالها، فالشباب بحاجة إلى منابر إعلامية تناقش قضاياهم المختلفة، معاناتهم ونجاحاتهم وأمور الحياة المتعلقة بهم.
وعلى الرغم من وجود الوسائل الإعلامية المستقلة في اليمن التي تمتلك إمكانات كثيرة ومساحات، إضافة إلى أنَّ بعض هذه الوسائل الإعلامية -وهي ضئيلة جداً مقارنة بعدد الوسائل الإعلامية في البلاد- مخصصة لفئة الشباب وقضاياهم، فإنَّ أحداث النزاع قد طغى على تغطيتها حتى باتت وسائل إعلامية تتناول الجوانب السياسية للأحداث التي تدور في البلاد والعالم.
حسب ناشطين، فإنَّ الإعلام الذي يعطي لكل الفئات داخل المجتمع مساحات كافية دون نظرة دونية ويسلط الضوء بشكل متساوٍ على كل شرائح المجتمع، بإمكانه خلق إعلام مختلف عن الذي يتصدر المشهد حالياً في وسائل الإعلام اليمنية.
دور الإعلام اليمني في تناول قضايا الشباب
قال الإعلامي خليل القاهري: “إنَّ قضايا الشباب في وسائل الإعلام اليمنية تكاد تكون غائبة، فكل الوسائل دون استثناء لا تخصص حيزاً أو مساحات للشباب وقضاياهم، خاصة في ظل الصراع الراهن حيث تستأثر الحرب وتبعاتها وشؤون السياسة على 99% من اهتمام تلك الوسائل، بينما ليس هناك مثلاً برنامج ذاع صيته في وسيلة ما يناقش قضايا الشباب، ولا مساحة في صحيفة أو موقع تركز على قضاياهم”.
بينما ترى الصحفية فاطمة باوزير أنَّ المجتمع اليمني مجتمع فتي، مما يعني أنَّ القاعدة والشريحة الأساسية فيه هي فئة الشباب؛ لذلك لا بد أن تكون هناك مساحة كافية في وسائل الإعلام تختص بقضاياهم، وتشخيص مشكلاتهم ومساعدتهم على إيجاد الحلول وزيادة حجم البرامج التربوية والتعليمية والثقافية مع رفع الكفاءة المهنية للعاملين في المجال الإعلامي بحيث يعملون على مواكبة القضايا المهمة داخل المجتمع. وأكدت على ضرورة إعادة النظر في إعداد برامج إذاعية وتلفزيونية مدروسة فيما تتناسب مع فئة الشباب.
وأرجع الكاتب الصحفي في الشؤون الشبابية عادل ثامر أسباب ضعف أداء وسائل الإعلام فيما يخص تناولها قضايا الشباب إلى:
غياب أو قلة البرامج الإعلامية الشبابية المخصصة لفئتهم التي من المفترض أن تتناول كل قضاياهم. وعدم إدراج شريحة الشباب ضمن الخارطة البرامجية للإعلام المرئي والمسموع والمقروءة دون مراعاة وجود اهتمامات خاصة لدى شريحة الشباب التي تمثل 75% من السكان في المجتمع، أي النسبة الأكبر في المجتمع.
قلة الدراسات التي تناولت الأساليب والطرق التي تتناول بها وسائل الإعلام الحكومية والخاصة القضايا التي تخص الشباب، وقياس حجم التعرض لهذه الوسائل باختلافها (صحافة، إذاعة، تلفزيون). وكذا التعرف على الأنماط والعادات التي يستخدمها الشباب لإشباع حاجاتهم ورغباتهم، لا سيما أنَّنا نشهد محدودية القضايا والمواضيع التي تشغل اهتمامات الشباب ضمن ما تقدمه مختلف وسائل الإعلام الحكومية من برامج ومواد وغيرها.
عدم التعرف عن القضايا التي ينبغي على وسائل الإعلام المحلية الاهتمام بها والكشف عن تطلعات الشباب والتعرف على السلبيات والإيجابيات التي يرونها في وسائل الإعلامية المحلية من خلال قياس نسبة الرضا عند الشباب على مستوى أداء هذه الوسائل.
كل هذا ساهم في تغيب قضايا الشباب من وسائل الإعلام اليمنية بشكل كبير.
وأكد ثامر أنَّه يمكنه حل هذه الإشكالية من خلال الرجوع إلى مقاربة جامعة وشاملة تأخذ بعين الاعتبار وذلك بالرجوع إلى الجامعات اليمنية ومراكز البحث العلمي ومراكز قياس الرأي العام وغيرها من الشركات المتخصصة في قياس الرأي لعمل الدراسات الميدانية والمقابلات حول أداء وسائل الإعلام المحلية فيما يخص القضايا التي تهم الشباب ومدى تعرض الشباب اليمن لهذا القنوات المحلية الحكومية والخاصة، والخروج بتوصيات علمية وعملية يتم تناولها بشكل واسع وتطبيقها على كل وسائل الإعلام المحلية بهدف إدراج قضايا شريحة الشباب والبرامج الشبابية ضمن أولوياتها.
آراء شبابية
أظهرت آراء الكثير من الشباب -من خلال المقابلات التي أجرتها صحيفة صوت الأمل مع عدد منهم في مدن يمنية مختلفة- أنَّ الكثير من الشباب اليمني غير راضين عن الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام اليمنية في معالجة قضاياهم. من ضمن هؤلاء الشباب عاصم الصياد (30 عاماً) من مأرب الذي قال: “غالباً تهتم وسائل الإعلام اليمنية –كالتلفزيون- بنقل ما يدور على أرض المعارك والمستجدات الاقتصادية فقط؛ كون أغلبها سياسية، والبعض الآخر تهتم بعرض مسلسلات أو أغاني أو برامج فنية أو اجتماعية بينما البرامج الشبابية قليل جداً في خططها البرامجية ففي كل قناة تقريباً يوجد برنامج واحد فقط من خلاله يتم التواصل مع المبدعين أو الحوار معهم ونشر إبداعاتهم كقناة بلقيس ويمن شباب. وفي المقابل تنتشر المنصات الشبابية على فيسبوك (المدعومة من جهات خارجية)؛ لتهتم بقضايا الشباب من الجنسين وطاقاتهم وتوجيه الأنظار إليها من خلال المهرجانات والحملات الإعلامية ومشاريع رواد الأعمال والمناظرات”.
أما رنا الحبيشي ( 29عامًا) من الحديدة علقت حول أداء وسائل الإعلام اليمنية في ما يخص تناولها لقضايا الشباب قائلةً: “لم يكن الإعلام اليمني عادلاً في تناول قضايا جميع شرائح المجتمع، بل كان ولا يزال يهمش القضايا المجتمعية منها قضايا الشباب ومشكلاتهم، وأخيراً انشغل بأحداث الصراع وما يدور ليضع الشباب ومشكلاتهم على رف المهملات”.
وترى سعدية نجيب (28 عاماً) من تعز أنه وإن كانت بعض الوسائل الإعلامية -خصوصاً الصحف والمنصات الإلكترونية- تحاول تناول قضايا الشباب وتعطي هذه الفئة حقها في التناولات الإعلامية، فإنَّ القصور يكمن في أنَّ إدماج شريحة الشباب ضمن برامج الإعلام اليمني ضئيل جداً خصوصاً التلفزيون الذي يكاد يغيِّب تناولاته الإعلامية اتجاه شريحة الشباب وينشغل إلى حد كبير بتغطية أخبار الصراع.
فيما علقت منية مسعود من عدن: “اهتمام وسائل الإعلام اليمنية بالقضايا التي تهم الشباب ضعيف للغاية خصوصاً أنه لا يوجد مؤسسات إعلامية متخصصة في قضاياهم، ومع إنَّ أغلب موظفي المؤسسات الإعلامية هم من الفئة الشابة لكنَّ التركيز غالباً ما ينصب على المواضيع السياسية وإن تم تناول بعض القضايا التي تهم الشباب إلا أنَّه لا يرقى للمستوى المأمول وكثيراً ما يتم توظيفه لخدمة أجنده سياسية معينة بسبب غياب الإعلام المستقل والمتخصص”.
وكان رأي جمال علي -من مأرب- أنَّ تناول الوسائل الإعلامية اليمنية تجاه قضايا الشباب ضعيف للغاية ويكاد يكون منعدم “للأسف وسائل الإعلام المحلية لا تفرد مساحة خاصة للشباب وقضاياهم على شاشاتها وبهذا نطالب في الاهتمام بقضايا الشباب وتأهيلهم وحث الجميع لذلك؛ كونهم عماد الدولة وقوتها”.
عبد الرحمن الشميري (27 عاما) من الحديدة يرى أنَّ تناول قضايا الشباب في وسائل الإعلام اليمنية ضعيف إما بسبب انشغالها بأحداث الصراع أو بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تتناول الكثير من القضايا الشبابية.
فاطمة علي (اسم مستعار حسب طلبها) من شبوة تقول: “وجد الشباب اليمنيين وسائل التواصل الاجتماعي ليعبروا فيه عن مشاكلهم ونجاحاتهم بعد أن رأوا الوسائل الإعلامية منشغلة عن قضاياهم ومشكلاتهم بل أصبحت الكثير من القضايا الشبابية تناقش ويتم حلها في وسائل التواصل المختلفة”.
صدام حسين من مأرب يقول: “برأيي أنَّ أداء وسائل الإعلام ضعيف في بلادنا بخصوص تناول القضايا والمشاكل التي تهم الشباب، والذي بدوره ساعد في تغييب وعي الشباب وإضعاف دورهم في إحداث تغيير لوضعهم على مستوى المجتمع والوطن”.
سعيدة عبد الله (33 عاماً) من صنعاء تقول: “إنَّ المؤسسات الإعلامية المخصصة لفئة الشباب يجب عليها عدم الانشغال بمواكبة تطورات الصراع والتوجه نحو الشباب الذي هو بحاجة لصرح إعلامي يناقش قضاياه المتراكمة ومعالجتها وذلك من خلال وضعها على طاولة النقاش أمام المعنيين وليعرفها العالم”.
التحديات التي تواجه الشباب
ترى مروة العريقي رئيس تحرير منصة هودج أنَّ العائق المادي من أهم التحديات التي تواجه الشباب في العمل مع الوسائل الإعلامية حيث تقول: “هذه هي المشكلة التي تعيق الشباب في أن يكون لديه وسيلة إعلامية، بأن يمتلك حضور إعلامي بالإضافة إلى سبب آخر وهو استغلال الشباب كونها طاقات جديدة من قبل رؤوس الأموال للعمل متطوعين برواتب متدنية”.
وتضيف العريقي” يتحجج رؤساء الأموال بعدم وجود خبرة لبعض الشباب، فكيف لهؤلاء الشباب أن يمتلكوا خبرة دون أن يعملوا، فرؤساء الأموال لا يكتفون بحصول الشاب على مؤهل بل يطالبون بالخبرة وهذا مجرد استغلال”.
وذكرت العريقي أنَّ من التحديات أيضاً “أنه لا توجد المؤسسة التي تحتضن هؤلاء الشباب بحيث إنَّها تصقل مهاراتهم وتبني خبرتهم، وترى أنَّ المؤسسات الموجودة تعمل من أجل المال فقط لا يهمها تحقيق أهداف تنموية ولا أهداف وطنية وبالتالي يتم بخس العاملين فيها”.
إحدى الخريجات من قسم الإعلام في جامعة الحديدة (فضلت عدم ذكر اسمها) تحدثت عن التحديات التي تواجه الشباب في العمل مع وسائل الإعلام، قالت: “عدم وجود مؤسسات إعلامية مستقلة، يمارس فيها الشباب نشاطهم الإعلامي بحرية ودون قيود يفرضها عليهم توجُّه تلك المؤسسات، خصوصاً أنَّ الأطراف المتصارعة تربط العاملين في المؤسسات الإعلامية بالانتماء إلى سياسة القائمين على تلك المؤسسات”.
وأضافت: “أنَّ هجرة الكثير من الوسائل الإعلامية إلى خارج البلاد جعل الوصول للعمل مع تلك المؤسسات صعباً ومكلفاً ما يدفع الكثير من الشباب المتخصصين في المجال الإعلامي إلى العمل في مهن بعيدة عن تخصصاتهم، إضافة إلى عدم إعطاء أولوية كافية للشباب، في إدارة المؤسسات الإعلامية ومنحهم فرصة المشاركة في تطويرها”.
يقول الإعلامي خليل القاهري في معرض رده عن أهم التحديات التي تواجه الشباب: «واجه الشباب قطيعة مع وسائل الإعلام سواء في تبني قضاياهم أو في التعبير عنها. طموحات الشباب وآمالهم مغيبة ومعاناتهم وتفكيرهم وتوجهاتهم حبيسة واقعهم بسبب تلك القطيعة».
استطلاع.. 29% للإعلام قدرة كبيرة على إحلال السلام وترسيخ السلم الاجتماعي
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر مار…