الإعـــلام اليمني.. واقع وطمــوح
صوت الأمل – د. محمد هادي أخرش
عرَّف العالم الألماني أوتوجرت الإعلام بأنَّه التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت، وقد أشاد بهذا التعريف العديد من الخبراء والباحثين في مجال الإعلام والاتصال، وفي ذلك ما يشير إلى أنَّ الإعلام بوسائله المختلفة يجب أن يسير في فلك المجتمع ليحقق احتياجاته ويلبي مطالبه الملحة في شتى جوانب الحياة.
وعند التأمل في وضع الإعلام اليمني يمكن القول إنَّه -وبرغم العديد من السلبيات التي تكتنفه- يمثل تجربة مهمة لها خصوصيتها على مستوى المنطقة العربية؛ حيث ظهر متنوعاً في وجهات النظر والرؤى تجاه القضايا الفكرية والسياسية، وواكب العديد من المراحل التاريخية المختلفة، وهو محدود الإمكانات والكوادر، مع مروره بظروف استثنائية معقدة، مما أثر على أداء دوره تجاه جمهوره، رغم ما يملك من إرث تاريخي عظيم وثقافة أدبية جميلة، وبيئة متنوعة في طبيعتها وجغرافيتها .
فيما أخذ هذا الإعلام منحى خاص مع انتشار التطورات التقنية الحديثة؛ حيث برزت عشرات القنوات الفضائية اليمنية، وباقات إذاعية متنوعة في ظل الاستقطابات، والصراع الدائر بين الأطراف السياسية المختلفة، لتعمق –مع الأسف- مزيداً من الخلاف، وتعزز أكثر من ثقافة النزاع مما أثر ذلك بشكل سلبي وملفت على رسالة الإعلام اليمني، وضيَّق من مساحة عطائه الإيجابي، وحدَّ من شفافية خطابه، بل أدى به الحال إلى أن يشكل رسائل اتصالية مختلفة ومتضادة في أهدافها واتجاهاتها في أحيان كثيرة زادت من معاناة الناس وهمومهم، حتى علق أحد الباحثين في دراسة تم نشرها في المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، قائلاً: «لقد توسع واقع الصراع على الأرض ليشمل صراعاً من نوع آخر، صراعاً إعلامياً عبر الإعلام الفضائي، الأمر الذي يعكس حالة الاستقطاب السياسي، والتشتت الذي يعيشه الشارع اليمني بكل أطيافه المختلفة».
كما أنَّ المتابع لذلك الكم الكبير والمتنوع من المواد الإعلامية (صحفية، إذاعية، تلفزيونية، إلكترونية)، وبشقيها المؤيد أو المعارض، لما يدور على الساحة اليمنية، يجد أن الأساليب التحريضية والتعبوية هي المهيمنة على تلك المواد في الغالب، وهو ما ينتج عنه انحدار مستمر لمستوى الموضوعية في المضامين الإعلامية؛ إذ يبقى المضمون هو المقياس لمدى جودة ما يتم تقديمه للجمهور، ونادرًا تلك الوسائل الإعلامية التي تضمن توفير برامج نوعية، تتصف بكونها محل إجماع، دون النظر إلى مضمونها كونها محسوبة على هذا الطرف أو ذاك. ويمكن الإشارة هنا إلى أنَّ الكثير من القنوات أو الإذاعات المحلية يعاب عليها تركيزها في الإنتاج الإعلامي على تغطية الفراغ الموجود في خارطتها البرامجية ليس إلا، بعيداً عما يدور في واقع المجتمع وهمومه الحياتية.
انطلاقاً من الوضع القائم، يتوجب على الوسائل الإعلامية الوطنية (رسمية أو خاصة) وضع اعتبار لاحتياجات المواطن في الوضع الراهن، حيث أصيب الكثير بالإحباط جراء تدني الحيادية في العرض، وضعف المصداقية في التناول، والتهاون في مناقشة القضايا التي تؤرق المجتمع، فالإنسان اليمني بحاجة ماسة إلى وجود المعلومة الصحيحة، وإلى لغة إعلامية تفاؤلية تبعث الأمل، ودعم الإيجابية في حياته.
كما يتوجب الحال وضع استراتيجية إعلامية متوازنة تراعي الظروف الراهنة، وتعزز من قيم السلام الاجتماعي، وتشارك المواطن همومه واحتياجاته، مع وضع أولويات للقضايا والمشكلات الملحة لكل أفراد المجتمع، وهو ما يستدعي إجراء دراسات دقيقة ومتابعات عميقة للاستناد عليها في عملية الإنتاج الإعلامي، ومن ثم الإسهام في إيجاد حلول واقعية وواعية، بعيداً عن تجاوز المواطن الذي يمثل المرتكز الأساس في التنمية والتطوير والبناء للوطن، مع التوسع في تأهيل كوادر إعلامية واعية ومتخصصة، تتصف بمستوى عالٍ من المهنية، وتسهم في إرساء قيم التنمية والعدالة والمحبة في أوساط المجتمع اليمني.
استطلاع.. 29% للإعلام قدرة كبيرة على إحلال السلام وترسيخ السلم الاجتماعي
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر مار…